أهمية قضاء الوقت مع العائلة | استثمار رأس ماله الحب والألفة!

ارتفعت الأصوات بتساؤلات كثيرة حول حال البيوت في عصرنا الحالي، في ظل تلك الهجمة التكنولوجية التي غزتها!
فكثير من البيوت ساد فيها أنين الوحدة، كثيرون هم من يجتمعون تحت سقف واحد، لكنه اجتماع أجساد بلا أرواح!
إن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت تواصلنا وهميًا وأصابت أرواحنا بالتنافر!
عزيزي القارئ…
لا شك أنك تدرك كيف أصبحنا سجناء شاشات تلتف حولنا كالأخطبوط، تسحبنا رويدًا رويدًا بعيدًا حتى عن أحب الناس إلينا!
فصرنا نعيش داخل دوامة لا نعرف متى الخلاص منها أو كيف!
عزيزي القارئ…
لن تجد في مقالي مقترحات عن كيفية إضافة ساعات إلى يومك لتتمكن من إنجاز مهامك؛ فهيهات أن يحدث ذلك!
لكني -يا عزيزي- جئتك بنصيحة أمين مجرِّب…
إن تحديد الأولويات مع إدراك أهمية قضاء الوقت مع العائلة لهو سلاحك المتين في وجه دوامة الحياة.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
رافقني رحلتي بين سطور هذا المقال؛ فحتمًا ستجد ما يثلج فؤادك.
العائلة

إنها كلمة ليست تتكون من حروف تُكتب أو تُقرأ أو يبحث في معناها عبر صفحات المعجم؛ إنها كلمة تنبض بمشاعر الحب والانتماء.
وعائلة المرء هي وطنه الحقيقي؛ فمهما شرَّق الإنسان أو غرَّب فلن يجد خيرًا من حضن أسرته الدافئ.
وقديمًا قالوا: «رب أخ لك لم تلده أمك!»، فمن الناس من هم لنا بمنزلة القلب من الجسد، أرواحهم تسري في شراييننا سريان الدم فيها؛ مع أنه لا صلة دم بيننا!
فقد يجد أحدنا في أصدقائه أو معلميه أو جيرانه أو زملائه عائلته المحبوبة.
والحب بين أفراد الأسرة أعمدته الرحمة والألفة والأمان والاحترام المتبادل.
الأسرة هي الدعم والسند في الضراء والسراء، هي الحافز على المضي قدمًا في الحياة رغم كل الصعاب.
العائلة والعلاقات الاجتماعية

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، يميل إلى الونس؛ ومن هنا كانت نقطة الانطلاق…
شخصان يقرران بدء حياة جديدة معًا بالزواج وتكوين أسرة سعيدة، تكبر الأسرة مع الوقت ويزيد عدد أفرادها، وتجمعهم رابطة الحب والألفة.
وتُعد العائلة أهم العلاقات الاجتماعية؛ فهي مصدر الأمان وتلبية الاحتياجات المعنوية والمادية، وبدونها يشعر الإنسان بالشتات.
والوالدان هما شمس هذه العلاقة، يمدان أبناءهما بكل احتياجاتهم اللازمة لنموهم الجسدي والعقلي والمعنوي.
وبدفء مشاعرهم وبالحب والإيمان تنضج بذور القيم والأخلاق لدى الأبناء.
ويُكوِّن الوالدان نوعين من العلاقات الأسرية:
- علاقات فردية بينهما وبين كل ابن على حدة.
- علاقات جماعية بين كل أفراد الأسرة بعضهم مع بعض.
أهمية قضاء الوقت مع العائلة
على الرغم من أن العزلة عن الناس كثيرًا ما تخدم التأمل والإبداع والإلهام، لكن فوائد قضاء الوقت مع العائلة لا يمكن تجاهلها.
أظهرت الأبحاث أن قضاء وقت مع العائلة أمر مهم لكل أفرادها، وله تأثير إيجابي محفز، خصوصًا إذا كانت السعادة مقصد الجميع.
تحدث أحد خبراء السعادة موضحًا أن المال أو غيره من ماديات لا يجلب السعادة مثلما يعتقد كثير من الناس؛ ولكن السعادة الحقيقية توجد وسط العائلة، ذلك هو الاستثمار الحقيقي.
فإذا سأل سائل: ما أهمية قضاء الوقت مع العائلة؟!
يمكننا إجابة السؤال بجمل بسيطة لكنها عميقة، نوجزها في قسمين رئيسين:
- أهمية قضاء الوقت مع العائلة لجميع أفرادها.
- أهمية قضاء الوقت مع العائلة للأبناء.
أولًا: أهمية قضاء الوقت مع العائلة لجميع أفرادها
١. تعزيز الصحة العقلية والنفسية لأفراد العائلة
أظهرت الدراسات أن التواصل الاجتماعي الواقعي أفضل من ذاك الافتراضي (الإلكتروني أو الشبكي)؛ فهو يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق وغيرهما من الاضطرابات النفسية.
وأظهرت أيضًا أن وجودك بالقرب من أشخاص تحبهم ينمي مشاعر إيجابية تدعمك لمواجهة تحديات الحياة.
٢. تعزيز الثقة بالنفس
قضاء وقت مع العائلة يؤدي إلى تعزيز الثقة بالنفس لدى جميع أفرادها؛ وذلك عند شعور كل من الآباء والأبناء بالتقدير والدعم والاحترام.
فالروابط الأسرية القوية تُشعر الجميع بالانتماء؛ وتصقل القدرة على التكيف والمرونة في مواجهة صعوبات الحياة، ومن ثَم يكون النجاح والفلاح.
وقضاء الوقت مع الوالدين خاصة سبب قوي في بناء احترام الطفل لذاته وتنمية مهاراته وخبراته، بشرط أن يطبق الوالدان أساليب تربوية سليمة.
٣. تعزيز الصحة الجسدية

كثيرًا ما يكون قضاء الوقت مع العائلة سببًا في تعلم عادات إيجابية بناءة تدعم الصحة البدنية والنفسية، فمثلًا:
- مشاركة الطعام البيتي يتيح الاعتياد على تناول الطعام الصحي.
- تساعد المشاركة في الأنشطة الخارجية (مثل الألعاب الجماعية أو رياضة المشي) على تحسين اللياقة البدنية، ولهذا كله أثر بالغ في تحسين صحة القلب والمخ وتقوية المناعة.
٤. تقوية الروابط الاجتماعية
قضاء وقت مع العائلة يعزز شعور أفرادها بالانتماء، ما يجعلهم سعداء ويشعرهم بالاكتفاء فلا يلجؤون إلى صداقات سوء لتحتويهم.
والتفاهم الحادث بين أفراد العائلة يضفي جوًّا من الألفة والتراحم، ومن ثم تنشأ علاقات أسرية سوية مليئة بالدعم والسند في كل زمان ومكان.
وينبغي للوالدين احتواء ابنهما المراهق، والاستبصار بمشكلاته في مرحلته العمرية الحرجة تلك، ومساعدته على حلها إلى جانب منحه المفاتيح اللازمة لخوض غمار الحياة.
٥. تعلم حل المنازعات بفاعلية
كونك فردًا من عائلة لهو أمر ماتع، ولكن أحيانًا قد تواجهك صعوبات لا يمكنك تنحيتها جانبًا، هنا يكمن سر سعادة البيت واستقراره في الحفاظ على الهدوء وتعاون الأطراف في حل النزاعات.
وبذلك يسهم قضاء الوقت مع عائلتك في تعلم مهارات التواصل والتفاوض والتناقش الصحية والبناءة.
أهمية قضاء الوقت مع العائلة للأبناء
١. مساعدة الأبناء على التقدم الدراسي

أوضحت الدراسات تميُّز الطفل الذي يقضي وقتًا أطول مع والديه دراسيًّا، وتحسن قدرته على تعلم مهارات التواصل وتقديره أهمية التعليم والتعلم.
وأضافت أن متابعة الوالدين لأبنائهما، ومشاركتهم في فهم المهام المدرسية وتقديم الدعم لأدائها على الوجه الأمثل؛ ينشئ أبناء متفوقين شغوفين بطلب العلم.
٢. تقليل خطر حدوث المشكلات السلوكية
وذلك بتوفير وقت كاف لتوجيه الأبناء إلى السلوكات الإيجابية والنقد البناء وغرس القيم؛ مما يساعد على السيطرة النفسية للوالدين على الطفل وتقويم سلوكه.
كما أن مشاركة الوالدين للأبناء في ممارسة الأنشطة خارج المنزل وداخله، يساعد على تخلصهم من المشاعر السلبية الدفينة التي قد تنتج قرارات وتصرفات خطأ؛ فتحميهم من الانجراف نحو انحرافات سلوكية، مثل: إدمان المخدرات أو العنف.
٣. الاقتداء بالوالدين في تعلم مهارات مستقبلية مثل الأبوة والأمومة
إن رعايتك لأبنائك تزرع بداخلهم ذكريات يحصدون ثمارها في تعاملهم مع إخوتهم وفي منازلهم مع أبنائهم مستقبلًا.
٤. انتقال العادات والتقاليد
قضاء وقت طويل مع العائلة يسهم في غرس العادات والتقاليد في نفوس الأبناء وانتقالها عبر الأجيال.
ومن ثم ينبغي للأهل الحرص على استغلال التجمعات العائلية في غرس القيم الفاضلة والعادات والتقاليد الحسنة في نفوس أبنائهم ومن ثم في المجتمع، ومن ذلك:
- احترام الكبير والعطف على الصغير.
- مساعدة المحتاجين.
- الصدق والأمانة.
- الحفاظ على البيئة.
- آداب الحديث.
عوامل تؤثر في قضاء الوقت مع العائلة
على كل أب وكل أم مراعاة عدة عوامل مؤثرة لتتأتى فوائد قضاء الوقت مع العائلة، منها:
- الاهتمام بجودة الوقت وليس مدته:
أعطِ العائلة من وقتك كيفًا لا كمًّا فقط، فكم من وقت يضيع بلا فائدة! وكم من ساعات تهدر ووقت يحسب على أفراد العائلة دون مشاركة تذكر!
ومن هنا يأتي التوكيد على ضرورة التشارك والتفاعل الحقيقي بين أفراد الأسرة.
فكثيرًا ما نجد الأبناء مجتمعين أمام شاشة التلفاز جنبًا إلى جنب بينما يمسك كل واحد منهم هاتفه الذكي أو حاسوبه المحمول، ولا ينظر أحدهم إلى وجه الآخر أو يحادثه… فأي تفاعل هذا؟!
- الاهتمام بالجلوس مع كل ابن على حدة:
داعب أطفالك وحاورهم بشكل فردي، فهذا يوطد العلاقة بينكما ويسهم بفاعلية في رفع الروح المعنوية ويزيد الثقة بالنفس.
لا ينبغي أن تنتظر تدهور علاقتكما وحدوث التباعد العاطفي بينكما لتبدأ في التحرك لإصلاحها، وتذكر أن “الوقاية خير من العلاج”.
جيد أن يشعر الابن أن والديه يخصصان وقتًا له وحده، دون الانشغال بأداء أي مهام داخل المنزل أو خارجه، وبالتأكيد مع غلق الهاتف المحمول.
- تعاون الأب والأم في ذلك الوقت الفردي:
يختلف الوقت الذي يقضيه الابن مع والديه كلًّا على حدة، وهذا الاختلاف من مصادر القوة في شخصية الابن.
فلا شك أنه سيتعلم من أمه أشياء ومن أبيه أشياء أخرى، تكمل بعضها بعضًا.
أفكار لقضاء وقت ممتع مع العائلة

- اقضِ وقتًا ممتعًا مع عائلتك في أثناء تناول الطعام حتى ولو وجبة واحدة يوميًّا.
- ممارسة الرياضة معًا داخل البيت أو خارجه، وبذلك تجمع بين العادات الصحية والاستمتاع مع العائلة.
- الاستمتاع بالتنزه مع أفراد عائلتك والتسامر وحل الألغاز معًا.
- اقرأ كتابًا لصغارك، لتنمي لديهم مهارة القراءة والخيال وحب المعرفة.
- التخطيط لنزهة طويلة ولو مرة واحدة شهريًّا أو في العطلة الصيفية.
- غلق الهواتف المحمولة في أثناء الاجتماع مع العائلة.
- الاستمتاع بتحضير الطعام معًا.
- تنظيف المنزل وإعادة ترتيب قطع الأثاث، إذ يشعر ذلك أفراد العائلة بالمتعة والتجديد.
- شارك مع أسرتك في الأعمال الخيرية، مثل زيارة دور الأيتام.
علم أبناءك أن سعادتهم في مساعدة الآخرين.
- ساعد أبناءك على أداء المهام المدرسية، إذ يزيد ذلك من ثقتهم بأنفسهم ومواجهة مخاوفهم الدراسية، ويتيح لك اكتشاف نقاط ضعفهم ونقاط قوتهم.
عزيزي القارئ…
لا شك أن العائلة نعمة تستلزم الشكر، ووجود أشخاص تحبهم ويحبونك كنز لا يقدر بثمن، وليس أجمل من قضاء الوقت مع من نحب، فاسعد بهم ليسعد الجميع!
وتأكد أن الوقت الذي تقضيه مع عائلتك لهو استثمار يستحق أن يوضع على رأس أولوياتك بلا ندم.