إدمان الكذب | Pathological Lying

أنا لا أكذب ولكني أتجمل!
هل سألت نفسك يومًا كيف بدأ الكذب؟
ربما لم يعرف العالم الكذب، لكنه ظهر دون مقدمات كما هو الحال في فيلم اختراع الكذب – The Invention of Lying.
الذي يحكي قصة مجتمع كامل لم يعرف الكذب من قبل، جميع من فيه يتحدثون بمنتهى الصدق والشفافية، مما سبب الكثير من المعاناة لبطل الفيلم، الذي رفضته الكثير من النساء خوفًا من إنجاب طفل قبيح مثله، هكذا أخبروه بكل صدق!
وهو بنفسه أخبر والدته أنها ستموت قريبًا بسبب هذا المرض الذي تعانيه!
كانت حياته لا تعرف الكذب، حتى ذلك اليوم الذي ذهب فيه إلى البنك، لكن النظام كان معطلًا، لذا؛ سألته الموظفة عن مبلغ المال الذي يرغب في سحبه من حسابه الشخصي، فهو بكل حال لن يكذب كما هو حال الجميع!
لكنه لم يعرف ما الذي دهاه، إذ كذب لأول مرة في حياته وطلب منها مبلغًا أكبر بكثير من الذي يملكه، وصدقته هي وأعطته المبلغ الذي طلبه.
من بعد تلك الواقعة، لم يستطع البطل التوقف عن الكذب أبدًا، إذ أدمنه! فكان يكذب على جميع من حوله، وكانوا يصدقونه، حتى أنه أخبرأصدقاءه أنه زنجي -على الرغم من كونه أبيض البشرة- لكنهم صدقوه!
ظل هذا الشخص يكذب حتى فقد ثقة جميع من حوله!
إدمان الكذب مرض!
يُعرف إدمان الكذب بين علماء النفس بأنه كذب مرضي، إذ يظل الشخص يكذب حتى يدمن الكذب ولا يستطيع التوقف عنه، فيصبح كاذبًا بشكل لا إرادي دون سبب واضح!
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
يميل الكاذب غالبًا إلى الكذب حتى يبدو بمظهر البطل أو لكسب قبول المحيطين به أو تعاطفهم معه، وربما يكذب بلا هدف وبلا قدرة على السيطرة على الأمر!
يُعرف الكذب اللا إرادي بأنه عرض جانبي لبعض الأمراض النفسية مثل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ولكنه قد ينتج أيضًا عن بعض الصدمات أو إصابات الرأس أو ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم، أو للوصول إلى بعض المصالح الشخصية.
أثبتت دراسة أُجريت في عام 2016 أنه كلما زاد عدد الأكاذيب التي يرويها الشخص، أصبح الكذب أكثر سهولة!
صفات مدمن الكذب
لا توجد دراسات توضح أسباب الكذب المرضي، إلا أن هناك بعض السمات الشخصية التي تميز مدمني الكذب، مثل:
- أكاذيبهم بلا فائدة واضحة:
هناك من يكذبون لتفادي موقف محرج أو لتجنب الوقوع بمشكلة، لكن مدمني الكذب يكذبون عادة دون وجود سبب واضح؛ فهم اعتادوا الكذب لمجرد الكذب!
- يروون قصصًا درامية ومعقدة ومليئة بالتفاصيل:
على الرغم من المبالغة في رواية القصص وكثرة تفاصيلها وتعقيداتها، فإنها تبدو مقنعة للغاية في كثير من الأحيان، فهم بارعون في رواية هذا النوع من القصص المليء بالتفاصيل.
- يصورون أنفسهم كأبطال أو ضحايا:
من أسباب الكذب المعروفة لدى مدمني الكذب محاولة كسب تعاطف الآخرين أو إعجابهم أو قبولهم، لذا؛ يضعون أنفسهم دائمًا موضع البطل أو الضحية.
- يصدقون أكاذيبهم:
عندما تستمع إلى القصص التي يرويها الكاذبون، يبدو لك أنهم يصدقون ما يقولون، بل ويتفاعلون معه!
ويعتقد علماء النفس أن الكاذبين أنفسهم قد لا يعون أنهم يكذبون، فهم يكذبون كثيرًا لدرجة أنهم لا يستطيعون التفرقة بين الحقيقة والكذب.
لا يُظهر مدمنو الكذب علامات تدل على كذبهم -مثل تجنب تلاقي العينين أو التوقف عن الحديث فترات طويلة- فهم سريعو التفكير وممثلون بالفطرة!
نصائح «ترياقي» للتعامل مع مدمني الكذب
قد يكون من الصعب التعرف إلى الشخص الكاذب، لكن حينما تعرف بكذب شخص ما يصبح من الصعب التعامل معه.
إليك بعض النصائح عند التحدث مع مدمني الكذب:
- لا تدع غضبك يسيطر عليك، كن داعمًا ولطيفًا وحازمًا في نفس الوقت.
- إذا واجهت الكاذب بشأن كذبه سينكر ذلك بالتأكيد، وربما يعبر عن غضبه واستيائه من هذا الاتهام!
- تذكر أن الأمر لا يتعلق بك، فهو -في أغلب الأحيان- يفتقر الثقة بالنفس وربما يكون مصابًا بأحد اضطرابات الشخصية.
- أظهر دعمك لهذا الشخص عند مواجهته، وذكره بأنك تتقبله على حقيقته.
- توقف عن الحديث معهم عندما تلاحظ كذبهم، وأخبرهم أنك لا تريد مواصلة الحديث إذا استمروا بكذبهم.
- أظهر اهتمامك ودعمك لهم واقترح المساعدة الطبية.
لا تفقد الأمل عندما تتعامل مع شخص يعاني الكذب المرضي، فقط ساعده على التواصل مع طبيب نفسي؛ لعلاج السبب الرئيس لكذبهم سواء كان اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أو الاكتئاب أو القلق.
قد يحتاج الأمر الكثير من الوقت، فأظهر دعمك لهم، وساعدهم على العلاج.