اتخاذ القرار والتردد في علم النفس| وجهان لعملة واحدة

تباطأت عقارب الساعة؟! أم إنها لا تتحرك؟!
صوت زحفها على تلك الرقعة من الأرقام يرهقني!
في ليلٍ أبى النوم أن يداعب جفنيَّ…
كيف هذا؟! وما كل هذه الحيرة؟!
طالما ظننت أني حاسمة قوية؛ أجيد ترتيب أموري واتخاذ قراراتي…
فلِمَ أجدني في هذه اللحظة أتخبط وأرتطم بصخورٍ مؤلمة؟!
ليتني أستطيع أن أثبت قدميَّ على تلك الصخور وأتخذ القرار!
عزيزتي…
عزيزي…
نقف جميعًا حائرين أحيانًا بين قرارات بسيطة وأخرى مصيرية.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
سنتحدث في طيات هذا المقال عن التردد واتخاذ القرار في علم النفس، وكل ما يرهقك في هذا الشأن؛ لنطمئن ونجد الحلول.
اتخاذ القرار في علم النفس مهارة
تمتلئ يومياتك بقرارات تتراوح بين بسيطة ومصيرية، قرارات من وقت أن تفيق على ضوء الصباح إلى أن تغلق جفنيك مساءً.
قد يبقيك الصراع مع قرار مهم مستيقظًا طوال الليل، وقد ينتابك شعور بالارتباك لمجرد حيرتك في اختيار ملابس تناسب حضور احتفال مهم…
وكم من أشخاص يواجهون صعوبة في اتخاذ القرارات المهمة!
عزيزي القارئ…
لا يوجد شخص بائس أكثر ممن اعتاد التردد في حياته.
اعلم -يا عزيزي- أنك إذا قررت ألا تقرر أو تأخذ قراراتك بيدك؛ أصبح التردد قرارك الافتراضي!
حينها تكون قد تنازلت بكامل إرادتك عن قوتك في الاختيار، وأضعت فرصًا لطالما حلمت بها وتمنيتها.
لا تقلق رغم شعورك بصعوبة اتخاذ القرار في كثير من الأوقات؛ فالأمر ليس كما يبدو لك، إنه يشبه تعلم القيادة أو أي مهارة جديدة في بدايتها.
يُعد اتخاذ القرار في علم النفس مهارة بإمكانك تعلمها وتحسين أدائك فيها، كأي مهارة مكتسبة.
أمَّا نقص الثقة في قدراتك فهو مجرد طريقة تفكير وليس حقيقة عليك تصديقها؛ فلا تصف نفسك بالمتردد أو المقصر.
إن الصراع مع التردد كالوقوع في الوحل، لا متعة فيه.
تراجع خطوة للخلف ودقق في الأمر؛ وأعد ترتيب أوراقك، وأخبر نفسك أن بإمكانك أن تصبح شخصًا حاسمًا.
دعني أساعدك…
كل ما عليك هو التعرف إلى بعض النقاط المهمة التي توصل إليها علماء النفس:
- سبب صعوبة اتخاذ القرار في علم النفس.
- الجوانب المضيئة والمظلمة للتردد.
- إستراتيجيات اتخاذ القرار وطرقه.
- كيف تصبح حاسمًا في 5 خطوات؟
ما سبب صعوبة اتخاذ القرار في علم النفس؟
- يتردد كثير من الأشخاص عندما يواجهون اختياراتهم ويجبرون على اتخاذ القرار؛ وذلك لخوفهم.
- قد يكون الخوف من الفشل، أو اتخاذ قرار خاطئ، أو حتى من عواقب النجاح!
- ربما كانت عقدة الكمال عقبة في اتخاذ القرار في علم النفس.
- يهتم بعض الأشخاص بنظرة الآخرين لهم واعتقاداتهم؛ مما يعرقل مسيرة اتخاذ القرار.
- قد يكون من أهم أسباب ترددك وصعوبة اتخاذ القرار في علم النفس؛ جهلك بهذه المهارة وعدم ممارستها لأنك لم تواجه قرارت مهمة أو مصيرية في حياتك، أو لكونك شخصية اعتمادية.
الجوانب المضيئة والمظلمة للتردد
وجد علماء النفس للتردد وجهين متضادين؛ طيبٌ وقبيح.
حين يطل عليك بوجهه الطيب، يمنحك التروي والتمهل للتعامل مع الأمور وتحليلها قبل اتخاذ القرار وحسم الموقف؛ يصبح حينها مكسبًا وجانبًا مضيئًا يحميك من الوقوع في شِبَاك التسرع والاندفاع.
أمَّا حين يطل عليك بوجهه القبيح مكشرًا عن أنيابه؛ فاحذر منه!
فأنت عندما تكون كثير التردد في أمورك صغيرها وكبيرها باستمرار؛ قد تخسر أشياء تأملها، أو تفوتك فرصًا انتظرتها طويلًا.
إستراتيجيات اتخاذ القرار وطرقه
هل رمي عملة معدنية في الهواء يحدد القرار؟!
حتمًا -يا صديقي العزيز- لن نترك قراراتنا لعملة معدنية، فطرق اتخاذ القرار في علم النفس تعتمد على التجارب والدراسات.
إستراتيجيات اتخاذ القرار وطرقه في الحالات الواضحة المباشرة

نموذج الميزة الواحدة
يعتمد اتخاذ قرارك على ميزة واحدة فقط دون الالتفات للمتغيرات والمميزات الأخرى لاختيارك.
يُستخدم هذا النموذج في القرارات البسيطة والواضحة، لكنه لا يفيد في القرارات الأكثر تعقيدًا.
مثال: شراء منتج لأنه الأرخص سعرًا (تقييم المنتج بميزة السعر)، وتجاهُل المتغيرات الأخرى (الجودة أو العلامة التجارية أو سمعة المنتج).
نموذج الميزة المضافة
يعتمد على مراعاة جميع المميزات والصفات المهمة في اختياراتك المحتملة، وتقييم كل اختيار بطريقة نقاط تعتمد على المزايا والعيوب، ومنها تحدد الاختيار الحاصل على أعلى تقييم.
يستخدم هذا النموذج في القرارات الأكثر تعقيدًا، ولكنه ليس الأفضل على الإطلاق؛ إذ يحتاج وقتًا للتقييم.
هذا النموذج لا يصلح إن داهمك الوقت.
مثال: إذا أردت اختيار مدرسة لابنك، ولديك اختياران:
مدرسة قريبة من بيتك ومصروفاتها الدراسية ذات قيمة عالية، ومدرسة قليلة التكلفة ولكنها تبعد عن بيتك. فأي المدرستين تختار؟
ستتخذ القرار وفقًا لأولوياتك وما تفضله، وتقييم كل ميزة، وتختار المدرسة ذات النقاط الأعلى.
نموذج استبعاد الخيارات المتاحة
اقترح أحد علماء النفس نموذجًا يعتمد على تقييم الخيارات المتاحة بوضع مجموعة من المعايير، وتقييم كل خيار على حدة من حيث أهمية المعايير.
وبذلك تستبعد الخيارات التي لا تتوافق مع معاييرك ورغباتك، حتى تصل في النهاية إلى خيار واحد فقط.
إستراتيجيات اتخاذ القرار وطرقه في الحالات الصعبة والمعقدة
وجد علماء النفس أن هذه الطرق يلجأ لها العقل في المواقف المعقدة التي لا يمكن التنبؤ بعواقبها مباشرة.

نموذج الإرشاد التوافري (الأحداث المماثلة)
نبني هنا قراراتنا على تَذكر أحداث مماثلة حدثت في الماضي لأشخاص نعرفهم أو سمعنا عنهم؛ وقتها نبني تقديراتنا للأمور.
فإذا توافرت هذه التجارب والأمثلة وكانت سلبية؛ ترددنا وزاد التفكير قبل اتخاذ القرار.
أما إذا لم يتوافر في عقلك تجارب؛ فإن الإقدام على اتخاذ القرار يصبح أسهل.
نموذج الإرشاد التمثيلي
وفيه نقارن أنفسنا حاليًا في حدث أو سلوك معين بأنفسنا في مراحل سابقة كنموذج أولي.
كيف تصبح حاسمًا في 5 خطوات؟

الخطوة الأولى: انسَ الخوف
إذا كان الخوف سببًا في عدم اتخاذ القرار؛ فابحث عن سببه، واكتبه، وافترض حدوثه وكيف ستتعامل معه.
فإذا وجدت حلًا لخوفك، ضعه جانبًا، واتخذ القرار الأفضل لك.
الخطوة الثانية: استمع إلى مشاعرك
يلجأ الأشخاص الذين يعانون من صعوبة اتخاذ القرار إلى الإفراط في التحليل؛ إذ تأتي عليهم أوقات مهما كان مقدار المعلومات أو المنطق يصعُب القرار.
إن كنت منهم؛ فإنه يلزمك تحديد فترة زمنية للتفكير والبحث، ثم حدث نفسك وقيم خياراتك، وصدق حدسك، والبديل ذو التقييم الأعلى عليك اختياره.
الخطوة الثالثة: تدرب على الأمور الصغيرة
تدرب على اتخاذ قرارات سريعة في أمورك اليومية الصغيرة، مثل: اختيار طعام الغداء أو وسيلة التنقل.
فإن ذلك سيجعلك أكثر براعة وسرعة.
ولا تؤجل الأمور الكبيرة، وامنح نفسك فترة زمنية محددة للوصول إلى القرار.
الخطوة الرابعة: اسأل نفسك “هل الأمر مهم بعد 10 سنوات من الآن؟”
قد تكون الإجابة “لا”، أما إن كانت “نعم”؛ أخبر نفسك أن الكثير من القرارات يمكن التراجع عنها.
كن واقعيًا في اتخاذ قرارك ولا تضخم الأمر.
الخطوة الخامسة: تعلم الثقة بنفسك
اذكر نقاط قوتك، واستخدمها في اتخاذ قراراتك وتحقيق أهدافك.
ولكن لا تنشد الكمال.
في النهاية عزيزي القارئ، معرفتك بالقرار الصحيح لا تعني قدرتك على تنفيذه. كن صديق نفسك، واتخذ قرارك بنفسك.