اختبارات

اختبار كونرز لقياس فرط الحركة وتشتت الانتباه

لاحظت “سها” أن طفلها كثير الحركة ومشتت الانتباه أغلب الوقت، وقد وجد صعوبة في تكوين صداقات مع أقرانه عندما ذهب إلى المدرسة. 

عندما عرضته على الطبيب، اشتبه في أن الطفل يعاني اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، لكنه طلب بعض الفحوصات الإضافية ليتأكد من تشخيصه، وكان اختبار كونرز أحد تلك الفحوصات المطلوبة. 

ماذا يعني اختبار كونرز؟ وكيف يعمل؟ وما مدى دقته وكفاءته؟ 

هذا ما سنعرفه في السطور القادمة.

 لكن -في البداية- دعونا نلقي الضوء على هذا الاضطراب الذي يُقلق جميع الآباء والمربين في عصرنا الحالي. 

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

هو اضطراب يعاني فيه المريض فرطًا في النشاط واندفاعًا في الحركة، وقد يجد صعوبة كذلك في تركيز انتباهه على مهمة واحدة، أو البقاء ساكنًا فترة من الوقت. 

قد يصيب هذا الاضطراب الأطفال أو البالغين، لكنه يمثل في الأطفال تحديًا كبيرًا، خاصةً للآباء والمتعاملين مع الطفل من معلمين وغيرهم.

في بعض الأحيان، يصعب تمييز ما إذا كانت تصرفات الطفل الحركية تصرفات طبيعية، أم تدل على وجود مشكلة سلوكية ما لديه. 

وقد أدى ذلك إلى الإفراط في تشخيص الأطفال بهذا الاضطراب في عصرنا الحالي؛ نتيجة لسوء التقييم، وعدم فهم السمات الطبيعية لمراحل عمر الطفل المختلفة.

اقرأ هنا أيضًا عن فوائد النشاط الحركي للأطفال.

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

ولمَّا كانت دقة تشخيص هذا الاضطراب أمرًا بالغ الأهمية، لأن الخطأ فيه قد يؤثر تأثيرًا عميقًا في حاضر الطفل ومستقبله، حرص المختصون على ابتكار وسائل ومقاييس تشخيصية متنوعة، لكي تسهل على المختص النفسي مهمة التشخيص، وتقلل من احتمالات الخطأ. 

من ضمن تلك الوسائل اختبار كونرز، موضوع مقالنا اليوم.

هيا بنا لنتعرف إليه أكثر.

ماذا يعني اختبار كونرز؟

اختبار كونرز (أو اختبار فرط الحركة وتشتت الانتباه) هو مقياس يُطلِق عليه المختصون اسم “مقياس كونرز لتقييم السلوك الشامل”. 

يساعد مقياس كونرز الأطباء على تشخيص «اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه» للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة إلى الثامنة عشرة. 

يساعد هذا المقياس أيضًا على الفهم الجيد لبعض المشكلات السلوكية والاجتماعية والأكاديمية لهؤلاء الأطفال. 

عندما يشتبه الأطباء في إصابة الطفل باضطراب فرط الحركة، فإنهم يستخدمون هذا الاختبار، لكي يساعدهم على تحديد مدى حدة الأعراض، وما المشكلات الناجمة عنها. 

يوجد ثلاثة نماذج من اختبار فرط الحركة وتشتت الانتباه:

  • واحد للآباء.
  • وآخر للمعلمين.
  • وتقرير ذاتي يملؤه الطفل بنفسه، إذا كان قادرًا على ذلك.

كيف يعمل اختبار كونرز لتشتت الانتباه وفرط الحركة؟

كيف يعمل اختبار كونرز لتشتت الانتباه وفرط الحركة؟

تحتوي نماذج هذا الاختبارعلى مجموعة من الأسئلة، تهدف إلى رصد أي اضطرابات عاطفية أو اجتماعية أو أكاديمية يعانيها الطفل، ومن ثَمَّ تمثل الإجابة عن تلك الأسئلة نوعًا من التقييم الشامل لسلوك الطفل وحالته. 

إذن…

ماذا يقيس اختبار كونرز؟

صُمم اختبار كونرز للأطفال والمراهقين ليكون شموليًا. لذا؛ فبإمكانه تقييم العديد من العلامات السلوكية، مثل:

  • فرط الحركة.
  • السلوك العدواني.
  • ممارسات العنف المحتملة.
  • التصرفات القهرية.
  • الصعوبات التي يواجهها الطفل داخل الفصل.
  • الصعوباتُ التي يواجهها الطفل مع مادة الرياضيات تحديدًا.
  • الصعوبات التي يواجهها الطفل مع اللغة.
  • قلق الانفصال.
  • الاضطراب العاطفي.
  • المشكلات الاجتماعية.
  • الكمالية. 

أنواع اختبار كونرز 

يتواجد اختبار كونرز للأطفال والمراهقين في نسختين؛ نسخة قصيرة، وأخرى طويلة. 

تستخدم النسخة الطويلة منه في التقييم المبدئي لحالة الطفل أو المراهق، أما النسخة القصيرة فتستخدم لمتابعة أنماطه السلوكية بعد ذلك. 

تهدف الأسئلة التي تطرحها النسخة الطويلة إلى التحقق من:

يحرص الطبيب على أن يملأ كل من الآباء والمعلمين والطفل النموذج الخاص بهم، من أجل رسم صورة شاملة وواضحة عن حالة الطفل، ومن ثَمَّ يصبح بإمكانه تحديد إذا ما كان الطفل يعاني حقًا من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أم لا، ومدى سوء الحالة. 

تستغرق النسخة الطويلة من أسئلة اختبار كونرز لتشتت الانتباه نحو 90 دقيقة لإكمالها، أما النسخة القصيرة والتي يُطلق عليها اسم «مؤشر كونرز السريري – Conners Clinical Index» فتستغرق نحو 5 دقائق. 

يحتوي مؤشر كونرز السريري على خمسة وعشرين سؤالًا، وقد صُمم لتقييم حالة الطفل على مدار الوقت، إذ يُستخدم غالبًا لمتابعة سلوك الطفل، وتقييم مدى استجابته لدواء معين، أو لنظام علاجي محدد. 

ماذا تعني نتائج اختبار كونرز؟

تترجم إجابات الأسئلة الموجودة في النماذج الثلاثة للاختبار (نموذج الآباء ونموذج المعلمين والتقرير الذاتي للطفل) في شكل نقاط، تُسمى بـ “T-scoring”. 

يقارن المختص النفسي النقاط التي حصل عليها من الاختبار بنقاط الأطفال الآخرين في نفس الفئة العمرية للطفل، ومن ثَمَّ يصبح بإمكانه تحديد ما إذا كان الطفل يعاني اضطراب فرط الحركة أم لا. 

انتبه عزيزي الأب أو المعلم، فهذا التقييم يجب أن يُجرى بواسطة المختص النفسي فقط، وليس أي شخص آخر، ولا يستخدم كذلك للتقييم الذاتي، لأنه إذا أُجري بواسطة غير المختصين، فقد يؤدي إلى خطأ التشخيص، ومن ثَمَّ الإضرار بالطفل وأسرته، والتأثير سلبًا في مستقبله.

يعد الطفل طبيعيًا إذا كانت نقاط الاختبار أقل من 60، أما إذا ارتفعت النقاط إلى فوق الـ 60، فذلك يعني أن الطفل يعاني مشكلات سلوكية أو اجتماعية أو أكاديمية بدرجة ما، تعتمد هذه الدرجة على مقدار ارتفاع النقاط.

تصنيف نتائج اختبار كونرز:

  • نقاط أعلى من 60 تعني أن الطفل يعاني مشكلة سلوكية مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
  • نقـاط أعلى من 60 وأقل من 70 تعني أن الطفل يعاني درجة متوسطة الحدة من الاضطراب. 
  • نقاط أعلى من 70 تعني أن الطفل يعاني درجة شديدة الحدة من الاضطراب. 

بعد ذلك، يحدد المختص النفسي خطة العلاج بناءً على التشخيص الذي حصل عليه من نتائج اختبار كونرز. 

هل اختبار كونـرز فعَّال بدرجة كافية؟ 

في الحقيقة، مثله مثل جميع المقاييس النفسية الأخرى، فإن اختبار كونرز يخضع لبعض القيود التي قد تقلل من فعاليته وكفاءته. 

فطبقًا للجهات المختصة المعنية بتحليل مدى دقة مثل هذه الاختبارات، حصل مقياس كونرز على معدل دقة يساوي 78%. 

السبب في هذا أنه من الصعب ضمان موضوعية هذه الاختبارات النفسية؛ فغالبًا ما يؤثر العامل الشخصي في نتائجها، إذ يعتمد التقييم بالأساس على إجابات حصل عليها من أشخاص مختلفين في الشخصيات والطباع والمعتقدات؛ ما يعني أن العامل البشري قد يؤثر بشكل كبير في نتائج هذه الاختبارات. 

لذا؛ ينصح دائمًا بعدم الاعتماد على مقياس واحد (أو طريقة واحدة) لتشخيص أي اضطراب نفسي.

وفي حالتنا هذه، ينصح دائمًا باستخدام مقياس كونرز جنبًا إلى جنب مع بعض الوسائل التشخيصية الأخرى، مثل:

  • اختبارات مدى الانتباه (Attention Span Tests)
  • اختبارات كونرز 3 للتقييم المستمر (The Conners 3 for continuing assessment)
  • قائمة التحقق من أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD symptoms checklist)

 سيساعد ذلك -بلا شك- على تقليل الخطأ، وتجنب سوء التشخيص، وتكوين صورة شاملة عن مشكلات الطفل السلوكية، والطرق العلاجية المناسبة للتعامل معها. 

ختامًا، يمكننا القول أن اختبار كونرز ليس مثاليًا تمامًا، لكن عند استخدامه بطريقة صحيحة من قِبل المختصين، فقد يوفر للآباء طريقة مناسبة لفهم سلوكات أطفالهم، ومن ثَمَّ التعامل معها بفاعلية، بما يحقق مصلحة الطفل في النهاية. 

المصدر
Conners Scale for Assessing ADHDHow does the Conners rating scale work?Conners Scale for ADHD AssessmentEverything You Need to Know About ADHD
اظهر المزيد

د. سارة شبل

سارة شبل، طبيبة أسنان وكاتبة محتوى طبي، شغوفة بالبحث والكتابة منذ الصغر، أسعى إلى تبسيط العلوم الطبية وأتوق إلى إثراء المحتوى العلمي العربي، لكي يتمكن يومًا ما من منافسة نظيره الأجنبي بقوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى