اضطراب الشخصية العدوانية السلبية

كم تمنيت أن يكون سندي… أن أحتمي به من نوائب الدهر وصعوبات الحياة… ألا يكون حملًا يثقل كاهلي…
ولكن، ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!
إنه أخي!
الذي تمنت أمي ولادته ليكون سندًا لي ولإخوتي، ولكنه دائمًا ما يتصرف معنا بطريقة سلبية، ولا يعبر عما يشعر به بصدق، ولكن يبرع في إظهار مشاعره السلبية تجاهنا بطريقة غير مباشرة؛ فهو مثالًا لـ “الشخصية السلبية العدوانية”.
وكم تعبنا من ذلك السلوك السلبي العدواني الذي يعاملنا به جميعًا… فهل يعاني أخي اضطرابًا ما؟!
سنتحدث في السطور القادمة عن اضطراب الشخصية العدوانية السلبية، وعلامات السلوك السلبي العدواني، وكيفية التعامل مع الشخصية السلبية العدوانية.
وسنتطرق أيضًا إلى الشخصية العدوانية، وخصائص السلوك العدواني، وطرق علاج العدوانية عند الكبار؛ فتابع معنا هذا المقال.
اضطراب الشخصية العدوانية السلبية (PAPD)
يعد اضطرابُ الشخصية العدوانية السلبية اضطرابًا طويل المدى؛ تبعًا لجمعية علم النفس الأمريكية (APA).
ويعد هذا الاضطراب حالة مزمنة، ويصعب التعامل معها؛ إذ يعاني مريض اضطراب الشخصية العدوانية السلبية من الازدواجية تجاه ذاته والآخرين.
يُعبِّر مرضى اضطراب الشخصية العدوانية السلبية عن أفكارهم ومشاعرهم بطريقة سلبية أو غير مباشرة؛ وهو ما يخلق تناقضًا وازدواجية بين ما يتفوهون به وما يفعلونه.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
يُنكر مريض هذا الاضطراب مشاعره الحقيقية، ولا يعبر عنها بصدق، بل يراوغ ويماطل الآخرين ويتهرب من الحديث عما يزعجه، ويتفنن في إبراز مشاعره السلبية بطريقة غير مباشرة.
مثال: يختلق صاحب الشخصية السلبية العدوانية الأعذار المتكررة لتجنب الحديث مع أحد الأشخاص؛ كأحد أنواع التعبير عن غضبه واستيائه دون الإفصاح عما يشعر به.
ودائمًا ما ينكر مريض اضطراب الشخصية العدوانية السلبية غضبه، بل يزعم مرارًا وتكرارًا أنه بخير، ولكن يبدو الغضب جليًا في سلوكاته وتصرفاته.
ووفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية؛ فإن “السلبية” في هذا الاضطراب تشير إلى المقاومة المستمرة التي ينتهجها صاحب الشخصية السلبية العدوانية لأفكار الآخرين ومقترحاتهم، والاتصاف بسلوكات مغايرة لِما يتوقعه الآخرون منه، وبالطبع لا يعبِّر مريض هذا الاضطراب عن ذلك مباشرة.
يواصل المريض بهذا الاضطراب السلوك السلبي العدواني تجاه الآخرين على الرغم من قدرته على التكيف، وتعلم سلوكات إيجابية جديدة.
عادة ما يؤثر اضطراب الشخصية العدوانية السلبية سلبًا في العلاقات الاجتماعية، والعمل، وغيرها من مناحي الحياة المختلفة.
تعد الشخصية السلبية العدوانية عبئًا على مَن يتعامل معها؛ فمن الصعب أن تتعامل بأريحية مع مَن لا يعبر بصدق عما يشعر به تجاهك، بل يراوغ ويتفنن في التعبير عما يشعر به بطريقة سلبية… تؤذي ولا تنفع!
هل هو مرض؟
لا يعد اضطراب الشخصية العدوانية السلبية تشخيصًا طبيًا…
ولكن تضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية وصف هذا الاضطراب كأحد التشخيصات المقترحة، ووصفه بأنه “اضطراب الشخصية السلبية”.
ولكن لم يتضمن الإصدار الخامس هذا الاضطراب كتشخيص مقترح.
اقترح العديد من العلماء أن اضطراب الشخصية العدوانية السلبية هو أحد السمات الشخصية، واقترح آخرون أنه أحد الأنماط السلوكية الديناميكية، بينما يرى آخرون أنه متلازمة شخصية.
أسباب اضطراب الشخصية العدوانية السلبية
يعد السبب الدقيق للإصابة باضطراب الشخصية العدوانية السلبية غير معروف، ولكن قد تسهم العوامل البيئية والجينية في تطوير السلوك السلبي العدواني.
يرى العديد من الباحثين أن السلوك السلبي العدواني عادة ما يبدأ في مرحلة الطفولة؛ وذلك بسبب إساءة معاملة الوالدين، وعقاب الطفل عند محاولة التعبير عن غضبه واستيائه.

ولذا، فإن الأسباب المحتملة للإصابة بهذا الاضطراب:
- عوامل جينية.
- النشأة في بيئة مسيئة.
- الإهمال والعقاب القاسي في مرحلة الطفولة.
- اضطراب علاقة الطفل بوالديه.
وقد تؤدي الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية إلى الاتصاف بسلوكات تشبه السلوك السلبي العدواني، ونذكر منها:
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- اضطرابات القلق.
- الضغط العصبي.
- الاكتئاب.
- اضطراب السلوك.
- اضطراب العناد الشارد (اضطراب التحدي المعارض).
- الاضطراب الثنائي القطب.
- اضطراب الشخصية الفصامية.
- شيزوفرينيا.
- إدمان الكحول.
- انسحاب الكوكايين من الجسم.
ولذا، يجب استبعاد الإصابة بأحد الاضطرابات النفسية السابقة، قبل تشخيص الإصابة باضطراب الشخصية العدوانية السلبية.
علامات السلوك السلبي العدواني
هناك فجوة كبيرة بين سلوكات صاحب الشخصية السلبية العدوانية وبين ما يقوله؛ وهو الأمر الذي قد يثير غضب المحيطين به، ويسبب الكثير من المشاحنات في البيت والعمل.
في كثير من الأحيان، قد لا يدرك الشخص ذلك السلوك السلبي العدواني الذي يتصف به.
ونذكر من علامات السلوك السلبي العدواني:
- انتقاد الآخرين.
- سرعة الغضب.
- التسويف والتأجيل.
- أداء المهام -التي يرفضها- بطريقة فوضوية وغير فعالة.
- التصرف بعدائية.
- السخرية من الآخرين.
- العناد الشديد.
- لوم الآخرين.
- الشعور بعدم الكفاءة وتدني احترام الذات.
- إظهار الاستياء من مقترحات الآخرين ومطالبهم.
- تعمد ارتكاب الأخطاء.
- التصرف ببرود تجاه الآخرين.

كيفية التعامل مع الشخصية السلبية العدوانية
يعد التعامل مع تلك الشخصية تحديًّا صعبًا للمحيطين به، وخاصة إن كان هذا الشخص يرى أن سلوكه طبيعي.
فهو يتعمد عدم البوح عما يعتمل داخله من مشاعر سلبية؛ لتجنب إيذاء الآخرين، ولكنه لا يدري أن تلك المشاعر السلبية تنعكس سلبًا على سلوكاته وتصرفاته.
قد تضطر إلى إخبار ذلك الشخص عن أفكارك واحتياجاتك باستمرار؛ كي تشعر بتحسن طفيف في ردود أفعاله.
ولكن، عليك اللجوء إلى أحد المعالجين النفسيين؛ ليساعدك على فهم كيفية التعامل مع الشخصية السلبية العدوانية، وكيف تسهم في تحسُّن سلوكاته.
علاج اضطراب الشخصية العدوانية السلبية
يعد العلاج النفسي فعالًا في علاج اضطراب الشخصية العدوانية السلبية؛ إذ يساعد الطبيب المريض على التعرف إلى السلوك السلبي العدواني الذي يتصف به، وكيفية تغييره إلى سلوكات أخرى إيجابية.
يساعد العلاج النفسي المريض على التغلب على مشاعر الغضب والاستياء وتدني احترام الذات التي تسهم في الإصابة بهذا الاضطراب.
قد يساعدك -أيضًا- التدريب التوكيدي على إدارة السلوك السلبي العدواني، وذلك من خلال تعلم كيفية التعبير عن أفكارك واهتماماتك ومشاعرك بطريقة فعالة.
الشخصية العدوانية
الشخصية العدوانية هي أكثر الشخصيات انزعاجًا، وهي في حالة حرب دائمة مع أي شيء قد يتعارض مع رغباتها.
عادة ما يكون السلوك العدواني عنيفًا، ويهدف إلى انتهاك القيود -كما يراها الشخص العدواني- التي تقف عقبة في تحقيق ما يطمح.

قد يتسبب السلوك العدواني في إيذاء عاطفي أو جسدي للآخرين، وعادة ما يؤدي إلى انهيار العلاقات الاجتماعية.
صفات الشخص العدواني
تعد العدوانية والاندفاع والقدرة على إيذاء الآخرين أهم صفات الشخص العدواني.
وتشمل خصائص السلوك العدواني الأخرى:
- القدرة على السيطرة على الآخرين، وفرض القواعد عليهم.
- حب ممارسة السلطة.
- الانضباط الذاتي فيما يتعلق بتحقيق الأهداف.
- القدرة على تحديد الأهداف، والسعي في سبيل تحقيقها.
- التنافس.
- المغامرة.
- القسوة.
ويتسم الشخص العدواني بالثقة الزائدة بالنفس والقدرة على التعبير عن نفسه واقتناص الفرص، ولديه القدرة على الهجوم على الآخرين في سبيل تحقيق رغباته.
وقد يراه مَن حوله شخصًا قاسي القلب وغير عاطفي، وأكثر قدرة على إثارة المشكلات.
علاج العدوانية عند الكبار
ينبغي التعرف إلى الأسباب التي أدت إلى السلوك العدواني الذي يتصف به الشخص.
يعد العلاج النفسي وخاصة العلاج السلوكي المعرفي فعالًا؛ إذ يساعدك على التعرف إلى السلوك العدواني الذي تظهره تجاه الآخرين.
ويساعدك أيضًا على التحكم في سلوكك العدواني، والتعرف إلى عواقب أفعالك، والتغلب على المشاعر السلبية التي تستحوذ عليك.
ويعد العلاج بالكلام خيارًا آخر، قد يوصى به لعلاج العدوانية عند الكبار.
قد ينصح الطبيب -في بعض الأحيان- باستخدام مضادات الصرع، مثل: الفينيتوين؛ لعلاج السلوك العدواني.
يعد التعامل مع المصاب باضطراب الشخصية العدوانية السلبية تحديًا صعبًا على المحيطين به.
فهو يعبِّر عن أفكاره ومشاعره بطريقة سلبية تتعارض مع ما يتفوه به؛ وهو ما يخلق تناقضًا كبيرًا بين أفعاله وأقواله.
ولذا، عليك أن تدرك أنك مسؤول عن سلوكك مع الآخرين، وأنك قادر على تغيير تلك السلوكات السلبية، وتعلم سلوكات أخرى إيجابية.
شكرا على هذه المعلومات القيمة من التعريف إلى الأسباب ومن الأسباب إلى التعامل والعلاج شكرا على الجهود المبذولة
جزاك الله كل خير على هذ ا الموضع علىدقته وتفاصيله