اضطراب ما بعد الصدمة.. ألا يا قلب اتئد!

في التاسع من أبريل الماضي، بينما نحن عائدون من مطار القاهرة الدولي بعد أفضل عطلة قضيتها مع زوجتي، كانت الكارثة!
رجل في أوائل الثمانينيات يمر أمام السيارة بشكل سريع أفقدنا السيطرة على المكابح، وكان لابد أن نتفاداه وإلا سيموت!
لكن الحقيقة أن الأبشع قد حدث! ارتطمت السيارة بجذع نخلة كبير ثم توالت بعدها أحداث لا أقوى على ذكرها الآن.
أحداث.. أفقدتني أقرب شخص لي في الوجود.. زوجتي!
مأساة حولتني من إنسان طبيعي إلى رجل هش ضعيف لم يعد يقوى على تحمل أي شيء. مأساة أصابتني باضطراب ما بعد الصدمة، وأكثر قليلاً!
لكنني الآن قد تجاوزت الأمر، لنقل أنني عدت إلى نفسي أو عادت إليّ نفسي. لذا أود أن أخبرك كل شيء عن هذه المرحلة كي أساعدك على تجاوز الأمر وعيش حياة أفضل.
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟
إن اضطراب ما بعد الصدمة هو أحد الحالات العقلية والنفسية التي يمكن أن يصاب بها الفرد بعد تعرضه لحدث مؤلم مثل فقدان شخص عزيز أو الإصابة بأحد الأمراض الخطيرة أو الاعتداء الجسدي والجنسي.
يشعر الفرد بالخوف الشديد والتوتر وعدم الأمان -حتى وإن كان في وضع آمن- بشكل لا يمكنه من التأقلم مع الأوضاع المحيطة!
يمكن أن يطلق على هذه الحالة في بعض الأحيان اضطراب كرب ما بعد الصدمة.
لا تبتئس في كل الأحوال يا صديقي. فالنور موجود في آخر النفق!
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
أسباب اضطراب ما بعد الصدمة
قد يصاب الفرد بهذا الاضطراب بسبب:
- التعرض لأحداث مؤلمة وعنيفة.
- عوامل وراثية، مثل: التاريخ العائلي للإصابة بالقلق والاكتئاب.
- بعض التغيرات في كيمياء المخ واستجابته للمؤثرات المحيطة.

أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
تظهر أعراض هذا الاضطراب عند البعض في غضون شهر من حدوث المؤثر، بينما تظهر عند البعض الآخر بعد سنوات.
تنقسم الأعراض إلى أربعة أقسام:
توارد الذكريات مثل:
- توارد ذكريات الحادث بشكل مؤلم على العقل.
- تخيل الأحداث كما لو كانت تحدث الآن.
- رؤية الأحلام المزعجة والكوابيس باستمرار.
- تملك المشاعر السلبية من الفرد وتعامله بشكل سلبي مع كل ما يذكره بالحادث.
مشاعر التجنب مثل:
- تجنب التحدث أو التفكير في كل ما يتعلق بالحادث.
- تجنب الاحتكاك بالأشخاص أو زيارة الأماكن المرتبطة بالحادث.
المشاعر والأفكار السلبية مثل:
- فقدان الأمل.
- التفكير بسلبية تجاه النفس والآخرين.
- صعوبة الحفاظ على العلاقات.
- الشعور بالعزلة عن الأهل والأصدقاء.
- نسيان بعض الأحداث.
- فقدان الرغبة في عمل أي نشاط ممتع.
- فقدان الثقة.
تغيرات في ردود الفعل الجسدية والعاطفية مثل:
- استمرار الشعور بالخوف والقلق.
- التأهب دوماً لوجود خطر قريب.
- وجود صعوبة في النوم والتركيز.
- الاندفاعية والعدوانية تجاه الآخرين.
- الشعور بالذنب.
- الاتجاه لجلد وتدمير الذات عن طريق تناول الكحول أو الممنوعات.
الأمر مؤلم أجل.. لكن صبراً آل ياسر!
اضطراب ما بعد الصدمة والأطفال
يمكن أن يتفاعل الأطفال بشكل مختلف مع اضطراب ما بعد الصدمة خاصة الأطفال أقل من 6 سنوات كالتالي:
- تخيلهم للحادث في صورة لعبة يقومون بها.
- تراودهم بعض الأحلام المزعجة والمخيفة التي تخص الحادث أو لا تخصه.
- قد يفقدون القدرة على الكلام.
- ويمكن أن يصابوا بالتبول اللاإرادي.
بل يمكن للأطفال أكبر من 6 سنوات والمراهقين أن تتملكهم فكرة الانتقام!

مضاعفات اضطراب ما بعد الصدمة
يمكن أن يصاب الشخص بعدد من المضاعفات إثر تعرضه لاضطراب ما بعد الصدمة مثل:
- الاكتئاب.
- القلق.
- تناول الكحول والممنوعات لنسيان الأمر.
- ظهور بعض الأفكار والميول الانتحارية.
صديقي الحزين أعلم أن قلبك يعتصر من الألم، لكن حاول ألا تقف عند هذه المرحلة واطلب المساعدة الطبية فوراً.
تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة
يمكن للطبيب أن يشخص الحالة إذا استمرت الأعراض على الأقل لمدة شهر.
كما قد يمر المريض بعرض واحد من كل قسم من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة -السابق ذكرها- ويسبب هذا العرض صعوبات في نواحي حياته المختلفة، والأعراض كالتالي:
- توارد الذكريات.
- مشاعر التجنب.
- الأفكار والعواطف السلبية.
- التغيرات في ردود الفعل الجسدية والعاطفية.
علاج اضطراب ما بعد الصدمة
يحاول الطبيب النفسي علاج اضطراب ما بعد الصدمة عن طريق:
العلاج النفسي وينقسم إلى:
العلاج المعرفي السلوكي: هنا يتحدث الطبيب مع المريض بهدف إخراج الطاقة السلبية الموجودة بداخله.
يحاول معرفة الذكريات والمخاوف التي تتوارد على ذهنه ويطمئنه شيئاً فشيئاً نحوها.
العلاج بالتعرض: يهدف هذا العلاج إلى تعريض المريض لنفس أحداث المؤثر في محاولة لمواجهتها مرة أخرى وقتل الخوف منها.
إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة: هذه هي إحدى التقنيات التي يستخدمها الطبيب النفسي، فيجمع بين العلاج بالتعرض وبعض حركات العين التي تساعد المريض على خوض الأحداث مرة أخرى ولكن بردة فعل مختلفة.
تهدف كل تقنيات علاج اضطراب ما بعد الصدمة إلى مساعدة المريض على تخطي المرحلة وعيش حياة أفضل وتكوين علاقات جيدة.
اقرأ أيضا: كل ما تود معرفته عن العلاج المعرفي السلوكي
العلاج الدوائي
يمكن أن يصف الطبيب النفسي بعض الأدوية مثل:
- مضادات الاكتئاب؛ لعلاج اكتئاب ما بعد الصدمة مثل: السيرترالين والباروكسيتين.
- مضادات القلق.
ملحوظة: لا تُؤخذ هذه الأدوية إلا تحت استشارة الطبيب.

نصائح للتعايش مع اضطراب ما بعد الصدمة
الآن وبعد أن عرفت كل تفاصيل اضطراب كرب ما بعد الصدمة، دعني آخذ بيدك لبعض النصائح التي يمكنها أن تساعدك:
- بدايةً، حاول الذهاب إلى الطبيب النفسي في أسرع وقت.
- تعلم كل شيء عن اكتئاب ما بعد الصدمة حتى تتفهم وضعك.
- عد إلى ممارسة تلك الهوايات والأنشطة التي كانت تضفي على حياتك البهجة.
- مارس بعض التمارين الرياضية خاصة تمارين اليوجا والتأمل.
- حاول قضاء العطلة مع أحد أصدقائك المقربين.
- اطلب الدعم من الآخرين، وأخبرهم عن الأشياء التي تذكرك بالحادث حتى لا يتطرقوا إليها.
- ضع بعض الأهداف الحياتية واجتهد للوصول إليها.
- اصبر قدر الإمكان على نفسك، ستتحسن لا محالة، لكن بالتدريج.
- لا تهرب من الواقع عن طريق الكحول أو الممنوعات، لأنها ستزيد الأمر سوءاً.
- تجنب عوامل التوتر والقلق.
- إذا أحسست بأي شيء يمكن أن يعيدك لذكريات الحادث تحول عنه سريعاً إلى أي نشاط مبهج.
وتأكد أنك ستعود إلى طبيعتك الجميلة المشرقة قريباً.
كيف تعامل مريض اضطراب ما بعد الصدمة
قد تجد في محيطك الخاص من يعاني اضطراب ما بعد الصدمة، حينها يمكنك أن تساعده كالتالي:
- تفهم حالته قدر الإمكان.
- استمع إليه قدر طاقتك، اجعله يشعر أنك تدرك تماماً كل المشاعر والذكريات التي تراوده.
- اعرض عليه الذهاب إلى الطبيب النفسي.
- حاول البعد عما يذكره بالحادث.
- تقبل وجود هذا الشخص في حياتك حتى لا تصاب بالقلق والإحباط الذي يراوده.
حسناً. مررتُ بحادث أثر في نفسي كثيراً، لا أدري حينها ما أصاب قلبي إلا أنه كان منفطراً.
حاولت أن أنهض مرة أخرى، فشلت في محاولة وثانية وثالثة، لكنني نجحت في الرابعة!
لذلك أحاول مساعدتك يا صديق، لا تيأس فالفرج آت بعد كل هذا الضيق.
ممتاز..زادكم الله توفيقًا..لي ملاحظتان: (ارتطمت السيارة بجزع نخلة كبير) بجذع وليس بجزع ما جاء بالمقال…(عوامل وراثية، مثل: التاريخ العائلي للإصابة بالقلق..) لم أفهم سبب وضع الفاصلة هنا علمًا بأنها لم توضع في المواضع المماثلة.