هل يفسد اكتئاب الحمل فرحتك؟ اعرفي كيف تتغلبين عليه!

اعتدلت في جلستها، ثم قالت:
«ليس سهلًا على الإطلاق أن تشعري بالحزن الشديد والتعاسة في فترة يتوقع الجميع فيها أنكِ أسعد كائن على سطح الأرض!
كنت سعيدة جدًا عندما علمت أني حامل، ولكن سعادتي هذه ما لبثت أن انزوت، وحل مكانها حزن دفين لا أعلم من أين أتى!»
انتهى حديثها، لكن الحديث عن اكتئاب الحمل لم ينتهِ!
عزيزتي، ندرك جيدًا ما تشعرين به في هذه الفترة الحساسة من حياتك، ولْتعلمي أنكِ لست وحدك؛ فاكتئاب الحمل ليس حالة نادرة الحدوث بل شائعة، وتعانيها الكثير من النساء.
لذا؛ خصصنا سطور هذا المقال لندعمك ونساندك، ونخبرك كل ما تحتاجين معرفته عن اكتئاب الحمل وأسبابه وأعراضه، وكيف تتعاملين معه بالطرق الصحيحة.
الاكتئاب
هو اضطراب نفسي يتسبب في شعور الشخص بمزيج من المشاعر السلبية، مثل: الحزن الشديد والتعاسة واليأس وفقدان الشغف بالحياة.
تنتاب هذه المشاعر الأشخاص في أوقات مختلفة من حياتهم، وهي رد فعل طبيعي للتغيرات التي تحدث لهم أو للمشكلات والصعاب التي يواجهونها.
لكن، إذا كانت تلك المشاعر شديدة للغاية، واستمرت مدة طويلة، حتى أعاقت صاحبها عن ممارسة حياته الطبيعية؛ فهنا يعدها الأطباء اضطرابًا نفسيًا يستلزم التدخل الطبي لعلاجه.
هل اكتئاب الحمل أمر طبيعي وشائع الحدوث؟
نعم يا عزيزتي، اكتئاب الحمل طبيعي وشائع الحدوث أكثر مما تتخيلين، فطبقًا لبعض الدراسات تُشَخص نحو 13% من النساء بالاكتئاب في أثناء حملهن.
بالإضافة إلى أن نحو 37% من الحوامل يشعرن بالاكتئاب وأعراضه في فترة ما من حملهن، حتى وإن لم يذهبن إلى الطبيب ويُشخصن به، وقد تستمر معهن أعراض الاكتئاب إلى ما بعد الولادة.
وقبل أن نتطرق إلى أسباب هذا الاكتئاب، دعينا نعرف أولًا ما الفئات الأكثر عرضة للإصابة به.
العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة باكتئاب الحمل
من الممكن أن تصاب أي حامل بالاكتئاب، لكن يوجد بعض العوامل التي تلعب دورًا في زيادة فرص الإصابة به.
ستصبحين أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في فترة الحمل إذا:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- شُخصتِ سابقًا بالاكتئاب، أو بأحد اضطرابات القلق، أو بأي اضطراب مزاجي آخر.
- كان أحد أفراد عائلتك يعاني الاكتئاب.
- كنتِ تتعرضين لضغوط عصبية زائدة في تلك الفترة، مثل: الانفصال أو صراعات مع شريك الحياة، أو مشكلات في العمل، أو أزمات مالية.
- حدثت لكِ بعض المضاعفات الصحية بسبب الحمل.
- كان حملك غير مخطط له.
- لم تحصلي على الدعم المناسب من شريك الحياة أو أفراد أسرتك.
- كنتِ مصابة بمرض السكري، أو لديكِ اضطرابات في الغدة الدرقية.
- كنتِ تعيشين وحدك، وليس معكِ من يرعاكِ أو يهتم بك.
لكن السؤال الأهم الذي قد يتبادر إلى أذهاننا الآن هو: لماذا قد يسبب الحمل الاكتئاب؟
أسباب اكتئاب الحمل

لا يوجد سبب محدد يؤدي إلى إصابة النساء الحوامل بالاكتئاب، لكن يوجد عوامل متنوعة قد تشترك في حدوثه، منها:
- التغيرات الهرمونية والجسمانية
تتعرض النساء الحوامل لتغيرات هرمونية حادة، وتعد هذه التغيرات السبب الأول لإصابة النساء باكتئاب الحمل في الشهور الأولى.
فمن المعروف أن الهرمونات تؤثر تأثيرًا مباشرًا في كيمياء المخ التي تتحكم في العواطف والمزاج.
لذلك؛ قد تؤدي التغيرات الحادة التي تشهدها الهرمونات في تلك الفترة إلى إصابة بعض النساء بأعراض اكتئاب الحمل في الشهر الأول، وقد تستمر معهن هذه الأعراض حتى الشهر الثالث من الحمل.
إضافة إلى التغيرات الهرمونية، هناك تغيرات جسمانية يشهدها جسد المرأة في أثناء الحمل، تبدأ هذه التغيرات في الظهور بوضوح بدءًا من الشهر الخامس تقريبًا، وتزداد كثيرًا في الشهور الأخيرة من الحمل.

تؤثر هذه التغيرات الجسمانية سلبًا في نفسية المرأة، لأنها غالبًا ما تعوق حركتها وتسبب لها نوعًا من الإجهاد والتعب والضعف، وقد تجعل بعضهن غير راضيات عن شكلهن، وكلها أسباب قد تؤدي إلى الإصابة باكتئاب الحمل في الشهور الأخيرة.
- العوامل الجينية
كما ذكرنا سابقًا، فإن وجود تاريخ مرضي للإصابة بالاكتئاب أو بأحد الاضطرابات المزاجية في العائلة يزيد احتمالية إصابة المرأة بالاكتئاب في فترة حملها.
علامات الإصابة باكتئاب الحمل
التغيرات المزاجية في أثناء الحمل أمر طبيعي ولا تدعو إلى القلق، لكن هناك علامات تنذر بأن التغيرات المزاجية التي تشعرين بها قد تكون اكتئابًا وليست تغيرات عادية، وربما تستدعي التدخل الطبي لعلاجها.
من ضمن هذه العلامات، أن:
- تنتابك أفكار انتحارية.
- تشعري بالحزن والاكتئاب طوال الوقت.
- تفقدي الأمل في كل شيء، وتشعري بانعدام القيمة.
- تشعري بالذنب الشديد.
- تشعري بالارتباك والتشوش، وتجدي صعوبة في التركيز في مهامك اليومية، أو لا تستطيعي اتخاذ القرارات المهمة في حياتك.
- تعزفي عن ممارسة أنشطتكِ العادية التي كنتِ تمارسينها سابقًا.
- تبكي كثيرًا دون سبب.
- تعاني اضطرابات ومشكلات ملحوظة في نمط نومك المعتاد.
اكتئاب الحمل وتأثيره في الجنين
السؤال الأهم الذي يشغل بال النساء في هذه الفترة هو: هل اكتئاب الحمل يؤثر في الجنين؟
في الحقيقة، اكتئاب الحمل قد يؤثر تأثيرًا سلبيًا في صحة الحامل، ومن ثَمَّ صحة جنينها.
فالحامل التي تعاني أعراض اكتئاب غالبًا ما تهمل الاهتمام بصحتها، على سبيل المثال:
- فهي لا تحصل على القسط الكافي من الراحة، ولا تنام عددًا كافيًا من الساعات.
- ولا تتناول الأدوية والفيتامينات التي يصفها لها الطبيب على مدار الحمل.
- وكذلك لا تتناول كميات كافية من الطعام الصحي.
- قد تلجأ إلى بعض العادات الصحية الخاطئة، مثل: التدخين أو تعاطي المواد المخدرة.
بالتأكيد، كلها عوامل تؤثر سلبًا في صحة الجنين، وقد وجدت دراسة أجريت عام 2015 أن الأمهات اللواتي يعانين مشكلات نفسية -كالاكتئاب- في فترة الحمل يكن أكثر عرضة للولادة المبكرة، وغالبًا ما يكون وزن الأطفال ضئيلًا وقت الولادة.
اقرأ هنا عن: الحالة النفسية للحامل وتأثيرها في الجنين.
هل اكتئاب الحمل يستمر بعد الولادة؟

قد يزول اكتئاب الحمل بعد الولادة.
لكن في كثير من الأحيان، تصبح الأم التي تعرضت لاكتئاب الحمل أكثر عرضة للإصابة لاكتئاب ما بعد الولادة.
هل اكتئاب الحمل له علاقة بنوع الجنين؟
لا، ليس له علاقة بنوع الجنين، لكنه يرتبط بعوامل محددة سبق لنا ذكرها في هذا المقال.
والآن، هل من حلول لهذا الاكتئاب؟!
علاج اكتئاب الحمل
إليكِ بعض النصائح التي قد تساعدكِ على التغلب على اكتئابك في فترة الحمل، وتخفيف حدة التغيرات المزاجية التي تشعرين بها في تلك الفترة:
- اطلبي الدعم ممن حولك: إذا كنتِ ترزحين تحت وطأة الضغوط والمهام المطلوبة منك، فلا بأس بطلب المساعدة ممن حولك.
كذلك إذا كنتِ بحاجة إلى دعم نفسي فتحدثي مع عائلتك وأصدقائك بصراحة، وأخبريهم عن طرق الدعم المناسبة التي تحتاجينها في تلك الفترة.
- اهتمي بصحتك: احصلي على القسط الكافي من الراحة، وتناولي طعامًا صحيًا، وتجنبي العادات الغذائية الخاطئة؛ لأن ذلك سيحسن مزاجك وسيجعلك أكثر قدرة على تحمل صعاب حملك.
- مارسي الرياضة: مارسي بعض التمارين الرياضية الخفيفة بانتظام، ولا بأس بأن يكون لكِ تمشية يومية في الهواء الطلق؛ فرؤية المساحات الخضراء تلعب دورًا مهمًا في تحسين المزاج والتخلص من التوتر والقلق.
- تجنبي الوحدة: أحيطي نفسك دائمًا بأشخاص إيجابيين يهتمون لأمرك، وشاركي معهم مشاعرك ومخاوفك، سيوفر لكِ هذا نوعًا من الدعم النفسي المطلوب، وستستفيدين كذلك من تجاربهم وخبراتهم.
- اذهبي إلى طبيب مختص: لا تترددي في الذهاب إلى طبيب نفسي، إذا لم تُجدِ معكِ النصائح السابقة نفعًا.
ختامًا، عزيزتي…
لا تشعري بالذنب أو العار إذا كنتِ تعانين اكتئاب الحمل، فالأمر ليس بيدك. لكن عليكِ أن تتعلمي كيف تواجهين هذا الأمر وتتغلبين عليه، حتى تصلي بجنينك إلى بر الأمان.