
نتزوج فنكون في أسعد لحظات العمر.
ننطلق بكل طاقتنا في كل مكان وتنطلق معنا أحلامنا وطموحاتنا لتحلق عاليا جدا.
وبعد عدة أشهر.. “مبروك، المدام حامل!” هكذا قالها الطبيب ليجعل الزوجين في حالة عارمة من السرور.
ثم تمر الأشهر ويمر معها تعب الحمل وثقله لتأتي لحظة الوضع. تلك اللحظة الفارقة بين ما كان وما سيكون!
ومع أول صرخة للطفل يعرف الوالدان ما في الطريق من أمل يرونه في عيون الرضيع، وألم المسئولية الكبيرة.
يعود الزوجان للمنزل مع صراخ الطفل المستمر، وبكائه الشديد، ورغبة جامحة لكليهما في النوم بدون جدوى!
يكاد عقل الزوج يطير فيخرج ليتنفس بعض الهدوء تاركاً الأم بين البكاء والصراخ لتصل إلى ما يدعى باكتئاب ما بعد الولادة!
ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
يعد اكتئاب ما بعد الولادة حالة تصيب الأمهات الجدد، وقد تصيب بعض الأمهات بعد ولادة الطفل الثاني أو الثالث. تشعر الأم حينها بالحزن والاكتئاب والإحباط وفقدان الأمل، وغيرها من الأعراض. وذلك بسبب الوضع الجديد وما يصاحبه من مسئوليات الطفل، وانعدام المساحة الخاصة تقريباً، والإرهاق الجسدي بسبب الولادة.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
توجد بعض العوامل التي تؤدي إلى اكتئاب ما بعد الحمل مثل:
العوامل الجسدية:
- انخفاض مستوى هرموني الإستروجين والبروجستيرون بعد الولادة.
- اختلاف عادات النوم بسبب الطفل.
- عدم الحصول على التغذية السليمة.
- وجود بعض المشاكل الصحية مثل فقر الدم.
العوامل النفسية:
- ظهور بعض المشاكل الصحية للطفل.
- غياب الدعم العائلي.
- زيادة الأعباء المالية.
أنواع اكتئاب ما بعد الولادة
لا شك أن المسئوليات الجديدة تأتي بتغيرات نفسية جديدة حتى يتأقلم الفرد، لذلك يمكن لغالب النساء أن يصبن بالاكتئاب ما بعد الولادة والذي تختلف شدته من امرأة لأخرى كالتالي:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
الاكتئاب الخفيف بعد الولادة: هو حالة طبيعية تصيب معظم النساء بعد الوضع مباشرة، تستمر لمدة أسبوع إلى أسبوعين ثم تختفي. يصاحب هذه الحالة بعض الأعراض مثل القلق، والضعف العام، وفقدان الراحة الجسدية بشكل كبير.
الاكتئاب بعد الولادة: هو حالة أشد من سابقتها، يمكن أن يستمر هذا النوع لمدة أشهر بعد الولادة مما يستدعي التدخل الطبي للتخلص منه. يمكن أن تشعر الأم بعدد من الأعراض مثل التقلبات المزاجية، والقلق، والتوتر بشكل يمنعها من أداء مهامها اليومية.
يمكن أن تصاب الأم ببعض الحالات الأخرى مثل:
ذهان ما بعد الولادة: وتلك حالة أقوى، يمكن أن تحدث بعد الولادة بحوالي 3 أشهر، تظهر فيها بعض الأعراض على الأم مثل الهلوسة، وسماع أصوات غير موجودة، وفقدان القدرة على النوم، والشعور بالغضب بالإضافة إلى بعض السلوكيات الغريبة.
الوسواس القهري بعد الولادة: تريد الأم أن يكون الطفل في أفضل حال. تهتم كثيرا بالنظافة والترتيب ورعاية الطفل لدرجة تصل بها إلى الوسواس القهري.
تستدعي هذه الحالات التدخل الطبي العاجل قبل أن يتفاقم الأمر.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
يمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على الوالدين خاصةً الأم كالتالي:
- الشعور بفقدان السيطرة على الوضع.
- فقدان القدرة على التأقلم.
- تقلبات مزاجية.
- البكاء الكثير.
- الشعور بالتقصير والذنب.
- الشعور بالصداع.
- آلام المعدة.
- حدوث زغللة عند الرؤية.
- تغير عادات النوم.
- فقدان الرغبة الجنسية.
- فقدان الشهية.
- فقدان الرغبة في مقابلة الأشخاص.
- الشعور بالإرهاق.
- قلة التركيز.
- حدوث نوبات من الفزع.
مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة
يمكن أن يتسبب اكتئاب ما بعد الولادة في ظهور بعض المشاكل النفسية والأسرية إذا لم يُعالج كالآتي:
- يمكن أن يسبب للأم اكتئابًا حادًا في المستقبل.
- يمكن أن يسبب اكتئابًا للأب بسبب كثرة التعامل مع الأم وهي محبطة.
- قد يسبب بعض المشاكل للطفل الرضيع مثل كثرة البكاء، ومشاكل في التغذية والنوم، وأيضاً صعوبة في تعلم اللغة.
اكتئاب الرجال ما بعد الولادة
إن اكتئاب ما بعد الولادة ليست حالة خاصة بالنساء فقط بل يمكن أن يصاب بها بعض الرجال. تزداد نسبة القلق عند الآباء بعد وضع الطفل الأول بالأخص ولمدة عدة أسابيع تالية. يرجع الاكتئاب بعد الولادة عند الرجال إلى عدة عوامل مثل زيادة التوتر، واضطراب عادات النوم، ووجود مسئوليات وأعباء جديدة.
يمكن أن تزداد نسبة تعرض الآباء لاكتئاب ما بعد الولادة في حالة إصابة الأمهات بالاكتئاب.
اكتئاب ما بعد الولادة القيصرية
قد يصاب بعض النساء باكتئاب ما بعد الولادة القيصرية بسبب الآثار الناتجة عن العملية الجراحية. تشعر بعض النساء بمشاعر الغضب والضيق وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى الشعور بالندم لعدم ولادة الطفل بشكل طبيعي.
هذا بالإضافة إلى آلام الجرح والأثر الدائم الذي يتركه في الجسم.
قد تحتاج بعض النساء في هذه المرحلة إلى العلاج النفسي للتخلص من الاكتئاب بعد الولادة القيصرية.
الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة
يمكن الوقاية من هذه الحالة كالتالي:
خلال الحمل: يمكنِك إخبار الطبيب إذا كان لديكِ أي تاريخ مرضي سابق بالإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، أو الاكتئاب عموما، أو إذا كنتِ تشعرين ببداية أعراض الاكتئاب.
بعد الولادة: حاولي المتابعة مع الطبيب بشكل منتظم، حتى إذا ظهرت أي أعراض تمكنتِ من معالجتها بشكل مبكر.
كيفية التخلص من اكتئاب ما بعد الولادة
يعتمد علاج ما بعد الولادة على شدة الحالة كالتالي:
علاج الاكتئاب الخفيف ما بعد الولادة
يمكنك التخلص من اكتئاب ما بعد الولادة الخفيف من خلال الطرق التالية:
- حاولي الحصول على أكبر قدر من الراحة.
- اطلبي المساعدة ممن حولك.
- حاولي تخصيص بعض الوقت للعناية بنفسك.
- حاولي التعلم من خبرات الأمهات الأخريات.
علاج اكتئاب ما بعد الولادة
يعتمد الطبيب في التخلص من الاكتئاب بعد الولادة على الطرق التالية:
- مضادات الاكتئاب: قد يصف الطبيب بعض مضادات الاكتئاب للأم للتقليل من أعراض الاكتئاب مثل الفلوكسيتين، والباروكسيتين، والفينلافاكسين.
- العلاج الهرموني: يمكن أن يصف الطبيب بعض الهرمونات للأم في حالة انخفاض مستوى الإستروجين بشكل كبير.
- العلاج النفسي: يحاول الطبيب في هذه المرحلة التحدث إلى الأم لمعرفة أسباب إصابتها بالاكتئاب. كما أنه يحاول مساعدتها في التأقلم على الوضع الجديد، وحل المشاكل التي تؤرقها، وكذلك التفكير في الأمور بشكل إيجابي.
نصائح للحصول على حياة ممتعة بعد الولادة
إليكِ عزيزتي الأم وإليك عزيزي الأب كيفية التخلص من اكتئاب ما بعد الولادة باتباع النصائح التالية:
- التفكير الإيجابي بشأن الولادة وأنها منحة كبيرة ولكنها تتطلب قدرًا معينًا من المسئولية.
- إدراك أن أول فترة بعد الولادة هي الأصعب، وكلما كبر الطفل كلما كانت الحياة أيسر.
- الهدوء والابتعاد عن مصادر التوتر قدر الإمكان.
- اتباع نظام غذائي صحي متوازن وتجنب الأطعمة السريعة التي تفقد الجسم صحته ونشاطه.
- الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم.
- تنظيم الوقت والمهام وتأجيل أي شيء غير هام لوقتٍ لاحق.
- طلب الدعم من أفراد العائلة.
- تجنب الوحدة قدر الإمكان ومحاولة زيارة بعض الأشخاص المقربين للترفيه عن النفس.
- ممارسة بعض التمارين الرياضية خاصةً تمارين اليوجا والتأمل.
- ممارسة أحد الهوايات مثل القراءة أو الرسم.

أجل، إن إنجاب الأطفال ومن ثم مسئولية رعايتهم الكاملة ليس بالأمر اليسير، بل إنه يحتاج إلى الكثير من الجهد والعناء لتنشئة الأبناء.
قد يكون اكتئاب ما بعد الولادة مرهقا ومزعجا للأم، لكن تذكري أن لكل شيء نهاية، وأن الاستعانة بالطبيب أو تطبيق النصائح المختلفة ستحسن من الأعراض المزعجة التي تشعرين بها لتكملي تجربة الأمومة المميزة بدون شبح الاكتئاب.