الأخصائي النفسي الإكلينيكي

(إيمان) فتاة عشرينية، تُعَدُّ الركن الآمن لصديقاتها؛ فدائمًا ما تقدم لهن الدعم المعنوي وقت احتياجهن إليه، وهي بارعة في جعلهن ينظرن إلى نصف الكوب المُمتلئ.
التحقت (إيمان) مؤخرًا بقسم علم النفس في كلية الآداب، لتبدأ رحلتها في تحقيق الهدف الذي لطالما حلمت بالوصول إليه؛ فهي تريد أن تصبح أخصائية نفسية إكلينيكية.
ولكن، مَنْ هو الأخصائي النفسي الإكلينيكي؟ وما واجباته وسماته؟ وهل هناك مهارات معينة يجب أن يتحلَّى بها؟
سيدور حديثنا في هذا المقال عن كل ما يخص هذه المهنة.
مَنْ هو الأخصائيُ النفسي الإكلينيكي؟
الأخصائي النفسي الإكلينيكي هو الشخص القادر على التشخيص الإكلينيكي للاضطرابات النفسية والعقلية، بالإضافة إلى تحديد طُرق العلاج المناسبة لمَنْ يعانون هذه الاضطرابات.
يمُرُّ الأخصائي النفسي الإكلينيكي بالعديد من المراحل التعليمية والتدريبات العملية التي تؤهله للتعامل مع المرضى النفسيين، وقد تمتد هذه المراحل لقرابة 8 سنوات من الدراسة والتدريب والممارسة العملية.
ولا بُدَّ من حصوله على درجة الماجستير في علم النفس السريري -على الأقل- حتى يستطيع ممارسة مهامه.
وقد يصل الأمر إلى ضرورة حصوله على درجة الدكتوراة، خاصة إذا كان يريد التخصص في مجالات محددة، مثل الإرشاد الزواجي، أو علاج المثلية الجنسية.
واجبات الأخصائيِ النفسي الإكلينيكي
يتمثل دوره في تشخيص الاضطرابات والأمراض النفسية، ومعرفة أسبابها بناءً على التاريخ المرضي والعوامل البيئية المحيطة التي تؤثر في الصحة النفسية للمرضى، بالإضافة إلى وضع الخطط العلاجية لهم.
ومن أهم الطرق العلاجية التي يتبعها الأخصائي النفسي:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- العلاج المعرفي السلوكي.
- العلاج الجدلي السلوكي.
- العلاجُ التحليلي النفسي.
- العلاج النفسي الداعم.

ويمكن تلخيص واجبات الأخصائي النفسي الإكلينيكي في عدة نقاط، وهي:
- التعرف إلى الاضطرابات النفسية، والعاطفية، والسلوكية.
- القدرة على تشخيص الاضطرابات والأمراض النفسية.
- إخضاع المريض للاختبارات النفسية المختلفة، للمساعدة على التشخيص.
- وضع الخطط العلاجية وتطويرها بما يتناسب مع المريض.
- مساعدة المريض على تحديد أهدافه، وحثه على تحقيقها، من خلال الجلسات النفسية الإرشادية والسلوكية والمعرفية.
- إجراء الجلسات النفسية الجماعية والأسرية والزوجية.
- توجيه المريض للمشاركة في مجموعات الدعم.
- المشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية المتعلقة بمجال علم النفس السريري.
- المشاركة في إجراء الأبحاث العلمية، ومتابعة آخر المستجدات فيما يتعلق بالأمراض النفسية وطُرق العلاج.
أدوات الأخصائيِ النفسي الإكلينيكي التي تساعده على التشخيص
يعتمد التشخيص الإكلينيكي للاضطرابات والأمراض النفسية على مجموعة من الأدوات التي يجب أن يمتلكها الأخصائي النفسي الإكلينيكي، وتتمثل هذه الأدوات في:
- الاختبارات النفسية: وتُعَدُّ من أهم أدوات التشخيص الإكلينيكي؛ فهي تكشف عن سلوك الفرد وكيفية تعامله مع المواقف المختلفة، بالإضافة إلى كشف مشاعره وانفعالاته، بجانب موقفه من العلاج النفسي.
- المقابلة أو الجلسات الفردية: وهو أمر ضروري جدًّا، إذ يساعد على فهم المريض عن قرب، وإدراك مشاعره تجاه ذاته، وتجاه مَنْ حوله.
- دراسة الحالة: ويُقصَد بها معرفة جميع المعلومات العامة الخاصة بالمريض، مثل: الحالة الصحية الجسدية، والحالة الاجتماعية والأسرية والدراسية، وغيرها.
وتساعد هذه المعلومات على ربط الحالة العامة للمريض بالمشكلات النفسية التي يعانيها، وتأثيرها فيه.
توجَد العديد من الوسائل الأخرى بجانب الأدوات السابقة، والتي تساعد على التشخيص، مثل لغة الجسد والتواصل البصري.

مهارات الأخصائيِ النفسي الإكلينيكي
هناك مجموعة من المهارات الأساسية التي يجب أن يكتسبها الأخصائي النفسي حتى يستطيع أداء مهامه على أكمل وجه، وتشمل:
- الفهم الجيد لطبيعة الاضطرابات والأمراض النفسية، وكيف يمكن أن تصيب الأشخاص في مختلف الأعمار.
- العلم بكيفية التعامل مع هذه الاضطرابات، وكيفية تشخيصها، ووضع الطُرق المناسبة لعلاجها.
- القدرة على إجراء الاختبارات النفسية، وتحديد الملائم منها، للوصول إلى التشخيص الصحيح.
- القدرة على إنشاء شبكة واسعة من العلاقات الفعالة مع الزملاء، والتعاون معهم، واستشارة الأكفاء منهم.
- فهم التنوع الفردي والثقافي والاجتماعي، ومدى تأثير العوامل المحيطة في المرضى.
- الوعي بالمبادئ الأخلاقية المهنية.
- السعي لتطوير المهارات الذاتية.
- فهم التخصصات المختلفة ذات الصلة بعلم النفس الإكلينيكي.
- القدرة على إجراء الأبحاث العلمية.
سمات الأخصائي النفسي الإكلينيكي
أصدرت جمعية علم النفس الأمريكية مجموعة من السمات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الممارس لهذه المهنة، وتشمل:
- اهتمامه بالمرضى، ورغبته في مساعدتهم ودعمهم دون وجود نية للسيطرة عليهم أو توجيههم لأفكار معينة يتبنَّاها.
- أن يسيطر على مشاعره ورغباته، ولا يجعلها تؤثر في عمله.
- تقَبُّله الاختلاف الثقافي والاجتماعي والديني، وأن يكون متسامحًا ويقف على مسافة واحدة من جميع الأفكار والمعتقدات، وألَّا يجعلها تؤثر في طريقة تعامله مع المرضى.
- أن يكون واثقًا بنفسه وقراراته، حتى يكسب ثقة المريض به.
- القدرة على التحصيل الأكاديمي، ومتابعة كل ما هو جديد في علم النفس الإكلينيكي.
- القيادة والمرونة، والذكاء الاجتماعي.
- المثابرة والتحمل، والإحساس بالمسؤولية.
- اللباقة، والأصالة، وسِعة الحيلة.
- القدرة على الموازنة بين عمله وبين حياته الشخصية، وعدم إهمال الجانب الترفيهي في حياته، حتى لا ينعكس ذلك بالسلب على العمل.
من المهم أن نتذكر أن هذه المهنة تهدف -في الأساس- إلى جعل حياة المرضى أفضل، وتقديم الدعم النفسي الكامل لهم، بغض النظر عن حجم مشكلاتهم النفسية.
ولهذا، فلا بُدَّ أن يتحلَّى الأخصائي النفسي الإكلينيكي بالصبر والتعاطف، والتعاطف معناه إحساسه بمشكلات المرضى كما يشعر بها المرضى أنفسهم.
المسار التعليمي لمهنة الأخصائيِ النفسي الإكلينيكي | الشهادات والتراخيص

يُعَدُّ الحصول على شهادة البكالوريوس في علم النفس أول خطوة في المسار التعليمي لمزاولة المهنة.
ثم تأتي خطوة الالتحاق بالدراسات العليا في علم النفس السريري، والحصول على درجة الماجستير.
بعد الحصول على درجة الماجستير، تبدأ مرحلة التدريب العملي الإكلينيكي تحت إشراف أخصائي يمارس المهنة بالفعل.
ويمكن خلال هذه الفترة استكمال الدراسات العليا، والحصول على درجة الدكتوراه في علم النفس السريري، وهو أمر مطلوب في بعض البلدان للحصول على ترخيص مزاولة المهنة.
تختلف اللوائح والقوانين الخاصة بمزاولة المهنة من مكان لآخر. لذا، يجب معرفة شروط الحصول على الترخيص في المكان الذي تريد العمل فيه.
أماكن عمل الأخصائيِ النفسي الإكلينيكي
بعد الحصول على ترخيص مزاولة المهنة، يستطيع الأخصائي النفسي الإكلينيكي العمل في المدارس، والجامعات، والمستشفيات النفسية، والعيادات الخاصة، بالإضافة إلى مراكز إعادة التأهيل، بجانب أنه يستطيع العمل بمفرده في مركز خاص به.
الفرق بين الأخصائي النفسي الإكلينيكي والطبيب النفسي
الفرق الأساسي يكمن في أن الطبيب النفسي هو طبيب في المقام الأول، بمعنى أنه يستطيع وصف الأدوية للمرضى النفسيين، وهذا ما لا يستطيع فعله الأخصائي النفسي الإكلينيكي.
ويمكننا توضيح وتلخيص الفرق من خلال المقارنة الآتية:
- الطبيب النفسي:
- حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة.
- يتلقَّى تدريبًا إكلينيكيًّا لمدة عام بعد الحصول على الشهادة.
- يمُرُّ بعدها بفترة تدريب لمدة ثلاث سنوات على تشخيص الأمراض العقلية، والاضطرابات النفسية.
- يستطيع وصف الأدوية للمرضى.
- يمكنه توفير العلاج النفسي غير الدوائي.
- الأخصائي النفسي الإكلينيكي:
- حاصل على بكالوريوس علم النفس.
- يحصل على شهادة الماجستير والدكتوراه في علم النفس السريري.
- يمُرُّ بفترة تدريب إكلينيكي لمدة عام أو عامين.
- لا يستطيع وصف الأدوية للمرضى.
- يوفر العلاج النفسي غير الدوائي.
إن الدور الذي يلعبه الأخصائيُ النفسي الإكلينيكي بالغ الأهمية؛ فكثير من المشكلات الحياتية -التي تجعلنا في ضغط مستمر، وتؤثر في سعادتنا وصحتنا النفسية- قد يكمن حلها في استشارة نفسية لدى الأخصائي النفسي الإكلينيكي.
ولعلك عزيزي القارئ -بعد معرفة كل ما يخص هذه المهنة العظيمة- تطمح في تقديم الدعم النفسي، والتخفيف من معاناة الكثيرين من حولك!