وداوِني بالتي كانت هي الداء!…
قالها أحد الشعراء القدامى حين أراد أن يخرج من غم الواقع ويدخل إلى عالم السرور الكاذب، أراد أن يتداوى بالمخدر رغم أنه قد يسبب له الداء!
فرق كبير بين أن تتناول المخدر بهدف تسكين ألم لا يحتمل، وبين تناول نفس المخدر بهدف الشعور بسعادة غريبة مريبة والهروب إلى عالم وهمي تشعر فيه أنك في قمة المثالية والكمال. هكذا هي جميع المخدرات!
تختلف أنواع المخدرات، وطرق استخدامها، وفعاليتها، ولعل واحدا من أهم الأدوية المخدرة هو الأفيون.
ما هو الأفيون؟
يعد الأفيون أحد أقوى الأدوية المخدرة، يحصل عليه من عصارة نبات الخشخاش، ويُستخرج منه عدد من القلويدات التي لها أهمية علاجية كبيرة.
تقطع كبسولة نبات الخشخاش حتى يخرج منها مادة مطاطية بيضاء تتحول إلى اللون البني بعد تعرضها للهواء، ثم تجمع هذه المادة بعد أن تتماسك وتكون جاهزة للاستخدام واستخراج القلويدات.
يعود استخدام الأفيون إلى آلاف السنين قبل الميلاد، فقد كان يستخدمه الإغريق والرومان في تسكين الآلام الشديدة.
بينما استخدمه المصريون والآشوريون والأوروبيون والأمريكان، وكان يطلق عليه “نبتة المتعة” لما يسببه من إحساس بالنشوة والسعادة.
قلويدات الأفيون
يحتوي الأفيون على مجموعة من القلويدات التي تعطيه تلك الخواص المخدرة مثل:
- كودايين: يستخدم في تسكين الآلام المتوسطة أو الشديدة.
- مورفين: يستخدم في تسكين الآلام المتوسطة أو الشديدة سواءً الحادة أو المزمنة.
- بابافيرين.
- ثيبان.
توجد بعض الأدوية التي تصنع من قلويدات الأفيون مثل:
- فنتانيل: يمتلك الفنتانيل خواص مخدرة أكثر من المورفين بحوالي (50-100) مرة.
- ترامادول.
- ميثادون.
- كارفنتانيل.
- هيروين.
تأثير الأفيون على الإنسان
رغم قدرة الأفيون الشديدة على تسكين الألم إلا أن له بعض التأثيرات على جسم الإنسان. يختلف تأثير الأفيون من شخص لآخر طبقا للآتي:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- عمر الشخص، ووزنه، وصحته الجسدية.
- عدد الجرعات التي تناولها وتركيزها.
- توقيت تناول الجرعات وتعاقبها من عدمه.

ينقسم تأثير الأفيون على الإنسان إلى نوعين:
- تأثيرات نفسية تتمثل في الآتي:
- الشعور بالنشوة.
- الاسترخاء.
- الشعور بالدوار.
- التسكين الشديد للألم.
- تأثيرات فسيولوجية: يمكن أن يتفاقم تأثير الأفيون فيؤدي إلى الإصابة ببعض المشاكل الخطيرة، وقد يُحدث ذلك خللاً في آلية عمل المخ، مما يؤدي إلى تقليل إنتاج مسكنات الألم الطبيعية في جسم الإنسان وكذلك الدوبامين الذي يجعل الإنسان يشعر بمزاج جيد.
يمكن أن يكون له بعض التأثيرات الأخرى على الجسم كالتالي:
- الشعور بالغثيان والقيء.
- ضعف جهاز المناعة.
- انخفاض معدل التنفس.
- احتمالية التعرض للأمراض المناعية أو العدوى البكتيرية.
- احتمالية التعرض للإصابة بالتهاب الكبد.
- الهلوسة.
- الاختناق.
- فقدان الوعي.
- خطر حدوث جلطات.
إدمان متعة الأفيون
يتناول أحدهم الجرعة الأولى، فيشعر بسعادة مطلقة ونشوة ليس لها مثيل.
ومن ثم يأتي في الغد المظلم فيتناول الأخرى ظناً منه أنه ما زال مسيطرا على الأمر.
وبعد ذلك يأتي اليوم الثالث فيشعر برغبة في تناول المخدر أقوى من سابقتها، إنه فقط يريد… بدون أي مبرر آخر!
يأتي اليوم الرابع، والخامس، والسادس، إلى آخره من الأيام التي تزيد الوضع سوءًا. يبدأ الجسم في التعود على الجرعة الصغيرة التي كان يتناولها صاحبنا في البداية، فلا يستجيب لها، حيث إنها لم تعد تعطيه النشوة!
يزيد الجرعة تدريجيا، فتحدث النشوة.
يستمر فترة على هذه الجرعة الأكبر ثم لا يستجيب الجسم لها، فيضطر لزيادة الجرعة لبلوغ نفس النشوة، وهكذا يحدث تأثير الأفيون على الإنسان.
إدمان الهيروين
يعد الهيروين أو الداي أسيتيل مورفين أحد المنتجات المصنعة من المورفين وهو من أقوى المواد المخدرة.
يشعر متعاطي الهيروين بنشوة عالية، واسترخاء شديد، وتسكين قوي لجميع آلام الجسد بسبب تأثيره على الجهاز العصبي المركزي.
تنتشر صناعة الهيروين بشكل أساسي في أفغانستان، يصنع الهيروين الخام على شكل مسحوق أبيض اللون، لكن قد يغش ببعض المكونات الأخرى التي يمكنها أن تجعل لونه بنيا كالتالي:
- السكر.
- اللبن البودرة.
- النشا.
- الكينين.
- الإستركنين أو بعض المواد السامة.
يمكن تعاطي الهيروين في إحدى الصور التالية:
- الحقن الوريدي وهو أكثر الطرق التي تؤدي إلى الإحساس بالنشوة.
- التدخين.
- الاستنشاق.
- التناول عن طريق الفم.
- تناوله في صورة تحاميل.
تأثير الهيروين على جسم الإنسان
يمكن أن يسبب إدمان الهيروين عددا من المضاعفات الجسدية كالتالي:
- تثبيط الجهاز التنفسي.
- انسداد الأوردة.
- تكوُّن خراج في مناطق مختلفة من الجسم.
- الإصابة بالالتهاب الرئوي.
- الإجهاض.
- التهاب أغشية وصمامات القلب.
يمكن أن تظهر بعض الأعراض على المدمن في حالة تناول جرعة زائدة مثل:
- الدوار الشديد.
- زرقة الشفتين والأظافر.
- ضيق حدقة العين.
- انخفاض معدل التنفس.
- انخفاض معدل النبض.
- الدخول في غيبوبة.
ويمكن أن يؤدي تناول جرعة زائدة من الأفيون إلى الموت إن لم تتدخل المساعدة الطبية بشكل عاجل.
الأدوية المضادة للأفيون: هي أدوية يمكن للطبيب استخدامها كي يوقف تأثير الأفيون في حالة زيادة الجرعة مثل:
- نالتريكسون: يستخدم في حالة زيادة جرعة الأفيون العلاجية.
- نالوكسون: يستخدم في حالة زيادة جرعة الأفيون الناتجة عن الإدمان.
مضاعفات الإدمان على الإنسان
يمكن أن يسبب الإدمان عددا من المضاعفات النفسية والجسدية كالتالي:
- تعود الجسم على المخدر.
- فقدان القدرة على إيقاف تعاطيه.
- الرغبة في تناوله رغم تدهور الأحوال الصحية.
- تدهور الأحوال الاجتماعية والوظيفية.
- بذل الأموال الكثيرة بل والاتجاه إلى الجريمة في بعض الأحيان للحصول على المخدر.
- النوم لفترات طويلة.
- ظهور أعراض الانسحاب عند محاولة الإقلاع عن إدمان المخدر.
علاج إدمان الأفيون
ينقسم علاج الإدمان إلى 3 أقسام كالتالي:
- إزالة السموم من الجسم: يحاول الطبيب المعالج في هذه المرحلة إزالة المخدر من جسم المريض تدريجيا. يعاني المريض في المقابل من بعض أعراض الانسحاب التي تحدث نتيجة محاولة التخلي عن المخدر، تختلف باختلاف نوع المخدر، وتركيز الجرعات، وفترة استخدامه.
تظهر الأعراض كالتالي:
- القلق والأرق.
- الرعشة والتشنجات.
- الشعور بالغثيان والقيء.
- التعرق.
- آلام في العضلات.
- الإسهال.
- الإرهاق الجسدي والعقلي.
- العلاج بالأدوية وينقسم إلى:
- العلاج البديل: وهي بعض منتجات الأفيون الأخرى الأقل خطورة من المخدر الذي سبب الإدمان، ويعطيها الطبيب بجرعات أقل كبديل مؤقت للمخدر حتى يتخلص الجسم منه تدريجياً مثل: الميثادون والبيوبرينورفين.
- علاج الأعراض: يصف الطبيب بعض الأدوية التي تقلل من أعراض فترة الانسحاب.
- برامج التأهيل النفسي: يحاول الطبيب تأهيل المريض نفسيا عن طريق:
- مجموعات الدعم حتى يشعر المريض بمساندة بشرية وتشجيع من حالات مشابهة.
- إعادة التأهيل المهني حتى يتمكن المريض من ممارسة حياته الطبيعية بعد التعافي.
- العلاج النفسي للمريض فيساعده الطبيب في هذه المرحلة على التخلص من تأثير الأفيون النفسي وكذلك بعض المشاكل التي أدت إلى الإدمان في المقام الأول.

و لا شك أن ممارسة الرياضة وبعض الهوايات ستفيد كثيرا في تخطي مرحلة الإدمان.
الداء والدواء.. وجهان لعملة واحدة، يمكن أن تستخدم عقارا لتسكين بعض الآلام الشديدة، ويمكن على النقيض أن تستخدمه لتذهب إلى طريق الهلاك النفسي والجسدي والاجتماعي. كذلك تأثير الأفيون ومنتجاته. يمكنك أن تتعافى بها أو أن تدمنها، وفي كل الأحوال يمكنك أن تمسك بزمام الأمور مرة أخرى، توقف عن تناول المخدر، اطلب المساندة الطبية والاجتماعية، ثم عد لحياتك بنفسية وصحة جسدية أفضل، لتنعم بالجمال الحقيقي وتعيش السعادة الواقعية.