الإفراط في التفكير يسبب القلق؟!

تفكر كثيرًا ولا تصل إلى حلول مناسبة لمشاكلك؟!
تفكر كثيرًا وتشعر بالتعب والإجهاد والإحباط؛ بسبب عدم إيجاد حلول فعلية لما يواجهك من مشاكل؟!
تُرهَق من فكرة التفكير نفسها، وتؤجل اتخاذ القرارات في مسائل مصيرية تتطلب منك المواجهة بشجاعة؟!
إذًا عليك الحذر، ومحاولة الحد من هذه الضغوطات النفسية؛ لئلا تتعرض لاضطرابات بسبب الإفراط في التفكير، الذي قد يكون سببًا رئيسًا لمعاناتك القلق المرضي أو الاكتئاب أو المرض العضوي.
سنعرف سويًا في هذا المقال حقيقة ما تتعرض له من صعوبات التفكير واتخاذ القرارات المصيرية، والأضرار التي تطرأ على جسمك وعقلك.
وسنتعرف أيضًا إلى بعض العلاجات والطرق للتخلص من التفكير الزائد.
النساء أم الرجال؟
يُلاحَظ أن معظم من يتعرض لمثل هذه المشاكل سيدات، بنسبة أكبر كثيرًا من الرجال؛ إذ يتعرضن لضغوطات عصبية ونفسية كثيرة تثير مشاعر الخوف والقلق لديهن.
نتيجة أم سبب؟
اختلف الباحثون فيما بينهم في كون القلق نتيجة أم سببًا للإفراط في التفكير، ورجح معظمهم أن الإفراط في التفكير يسبب القلق والخوف المرضي للإنسان.
يُلاحَظ أن الإفراط في التفكير يكون بسبب مشكلتين رئيستين، وهما:
- الانشغال بالماضي، وتمسكك بعاداتك وأفكارك بما فيها من معاناة ومشاكل وصعوبات.
- الانشغال بالمستقبل وكيفية تحقيق الأحلام الكبيرة رغم الصعاب.
أجمع المصابون بهذه الاضطرابات على معاناتهم من أمور عدة، وأهمها:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

- عدم القدرة على السيطرة على مشاعر القلق والخوف.
- القلق الدائم من التعرض لمواقف يصعب التصرف واتخاذ القرارات فيها.
- القلق والتوتر الدائم من تذكر أخطاء الماضي.
- النسيان والفوضى وعدم إتمام المهام.
- القلق والخوف من عدم القدرة على النوم؛ لرفض العقل الاستسلام للراحة والتوقف عن التفكير.
- التفكير المستمر في كلام المحيطين والمعاني المقصودة من ورائه.
- تغير في الشهية؛ إما بالإفراط في تناول الطعام، أو بالامتناع عنه لفترات طويلة.
- الخوف من المستقبل وما يخفيه من تقلبات وصعوبات.
يتضح لنا مما سبق أن الإفراط في التفكير يسبب القلق بأشكال مختلفة ومتنوعة، وهو النتيجة الحتمية له.
أضرار الإفراط في التفكير على الجسم
يؤسفني إخبارك أن هناك أضرارًا كثيرة قد تتعرض لها بسبب إفراطك في التفكير، منها النفسي ومنها العضوي.
الأضرار النفسية والعقلية لكثرة التفكير
- إصابتك بالكآبة والحزن والقلق بصفة عامة.
- الشعور بالخوف المستمر من تصرفات الآخرين وأحاديثهم.
- التفكير السلبي الذي يؤدي دائمًا إلى العجز عن اتخاذ القرارات.
- صعوبة إيجاد الحلول المناسبة لمواجهة مشاكل الحياة.
- إصابتك بالأرق، الذي يؤدي مع تكراره واستمراره إلى حدوث مشاكل وأمراض جسدية.
الأضرار العضوية والمرضية لكثرة التفكير
الإفراط في التفكير يسبب القلق المستمر، الذي يدفع الجسم إلى إفراز هرمونات القلق والخوف، مثل هرمون “الكورتيزول”.
يتسبب “الكورتيزول” في اضطراب نسب السكر والدهون في الدم؛ مما يؤدي إلى:
- تسارع ضربات القلب.
- الدوار والغثيان.
- الصداع.
- عدم القدرة على التركيز.
- آلام العضلات وتشنجاتها.
- جفاف الفم وصعوبة البلع.
- التعرق.
- فقدان الطاقة.
- الإصابة بالقولون العصبي واضطرابات المعدة.
علاج الإفراط في التفكير والقلق

هناك طرق علاج متنوعة للتغلب على الإفراط في التفكير والسيطرة على مشاكله. ولكن قبل التطرق إلى هذه الطرق بالتفصيل يجب اتباع الآتي:
- كن مدركًا لمعاناتك من الإفراط في التفكير؛ لأنه بداية حل هذه المشكلة.
- لا تفكر في عواقب الأمور السيئة أكثر من اللازم.
- فكر في كيفية حل الأزمات بحكمة وهدوء.
- ثق في نفسك وفي إمكاناتك وخبراتك السابقة للخروج من الأزمات.
- نظم وقتك، وضع خطة لإنجاز المهام؛ لكى تنجح في السيطرة على التفكير الزائد.
- وجِّه أفكارك إلى حلول عملية ممكنة.
- قم بأعمال مفيدة، واملأ أوقات فراغك بأفكار وأفعال إيجابية، مثل: القراءة وممارسة الرياضة وتطوير ذاتك.
- فكر بإيجابية؛ لتنجح في التخلص من القلق.
- هيئ الظروف الملائمة لحل المشكلات، ولا تستسلم لها.
- ناقش ما يدور بداخلك مع المحيطين بوضوح؛ لكي تضع المشكلات في حجمها الطبيعي وتُسرع من إيجاد حلول مُرضية لجميع الأطراف.
- كن صاحب إرادة قوية، ولا تستسلم لمشاعر الخوف والضعف.
- تمسك بالرغبة في النجاح في التغلب على التفكير الزائد؛ لأنه أساس التخلص من الأزمة.
- يساعد الاسترخاء وتناول المشروبات المهدئة ليلًا على النوم بعمق؛ لتقليل فرص التوتر والقلق ومنح الجسم قدرًا كافيًا من الراحة.
- تناول غذاءً صحيًا متوازنًا؛ ليمد الجسم بجميع العناصر الضرورية اللازمة لتنشيط المخ والحفاظ على الذاكرة، مثل: الخضروات، والفواكه، والأسماك، واللحوم.
والآن، دعنا نوضح طرق علاج الإفراط في التفكير والقلق الناتج عنه:
أولًا: العلاج الدوائي
- تستخدم العلاجات المحتوية على مادة “البوسبيرون” في علاج بعض الحالات.
- يصف الطبيب بعض المهدئات، مثل “بنزوديازيبين”، الذي يتمتع بخواص مهدئة ومنومة ومضادة للقلق ومرخية للعضلات.
- تستخدم “حاصرات مستقبلات بيتا” أيضًا في بعض الحالات؛ إذ إنها تعمل على حصر هرمون الأدرينالين.
يُفرز (الأدرينالين) بكثرة عند تعرض الإنسان للضغوط العصبية المستمرة، ومن الممكن أن يتسبب في الإصابة بالأزمات القلبية.
يجب العلم أن استخدام هذه الأدوية لا بد أن يكون تحت إشراف طبي.
ويجب الالتزام بالجرعات التي يوصي بها الطبيب، وكذلك بمدة العلاج؛ لأن تناول هذه الأدوية لفترات طويلة يسبب الإدمان.
ثانيًا: العلاج النفسي
- أثبتت جلسات التحدث مع الطبيب النفسي المنتظمة فاعليتها في السيطرة على أعراض القلق الناتج عن الإفراط في التفكير.
- العلاج السلوكي المعرفي من أكثر العلاجات المؤثرة في مثل هذه الحالات؛ لأنه يساعد المريض على العودة إلى الأنشطة التي يتجنبها بسبب خوفه وقلقه.
- يلجأ الطبيب في بعض الأحيان إلى مواجهة المريض بما يخاف تدريجيًا؛ ليتدرب على السيطرة على مخاوفه.
ثالثًا: العلاج الغذائي

- المغنيسيوم: يرخي العضلات، حيث إن القلق يسبب التشنجات بعضلات الوجه والرقبة؛ مما ينتج عنه صداع شديد.
يتوفر في السبانخ واللوز والكاجو والمشمش المجفف.
- فيتامين (ج): يساعد في إعادة مستوى هرمون الكورتيزول (الذي يرتفع في حالات الخوف والقلق كما أوضحنا سابقًا) إلى مستواه الطبيعي، ويساعد في مقاومة الجسم للإرهاق.
يتوفر في البرتقال والجوافة والفراولة والفلفل.
- الزنك: هو من العناصر المهمة في مواجهة التقلبات المزاجية.
يتوفر في منتجات الألبان والبيض والمكسرات واللحوم الحمراء.
- الأوميجا 3: يحافظ على مستوى هرمون الأدرينالين، ويضبط نسبته في الدم عند الانفعال أو التعرض لنوبات الخوف والقلق.
يوجد بكثرة في أسماك الماكريل والسلمون والمحار والتونة.
- حمض الفوليك: يعمل على تحسين الذاكرة والحد من أعراض الاكتئاب.
يوجد في الخضروات الورقية، مثل الخس والسبانخ. ويتوفر أيضًا في الفاصوليا والكرنب، والقرنبيط، والفراولة، والفلفل الرومي.
- فيتامين ب 12: يساعد في تنشيط الذاكرة. وعند تناوله بانتظام يحسن من حالات الاكتئاب.
يتوفر في الكبد والكلى وسمك الماكريل والسلمون وصفار البيض والجبن.
- فيتامين ب 6: يساهم في إنتاج مادة الدوبامين، وهي مادة سحرية تساعد في السيطرة على أعراض الاكتئاب.
يتضح لنا مما سبق أن الإفراط في التفكير يسبب القلق حقًّا. ولكن عند نجاحك في السيطرة على هذه المشاعر السلبية؛ ستشعر بفرحة التخلص من القلق، ولذة الحياة بدون قيود نفسية أليمة.
بقلم د/ هبة محمود