استيقظ ماهر بصعوبة في الصباح في موعده المعتاد ليستعد للذهاب إلى عمله في شركة بالقطاع الخاص. جلس على طرف السرير مهموما يحدث نفسه بأنه لا يرغب في الذهاب إلى العمل، صارح نفسه بأنه أصبح يكره العمل والزملاء.
هناك ظلام يحل على روحه عند ذهابه للشركة، لا يدري متى تسلل هذا الشعور إلى نفسه. تضرر ماديا من تكرار تغيبه عن العمل وأراد أن يبحث عن حل لهذه المشكلة.
يعاني ماهر من الاكتئاب في مكان العمل الذي يشعره بقبضة خانقة تحيط بعنقه عند ولوجه لمقر الشركة، ولذلك شخصه الطبيب النفسي بأنه اكتئاب بسبب ضغط العمل المتزايد.
الضغوط الناجمة عن العمل
يدور الشخص في عجلة العمل يوميا ويتحمل مجهودا بدنيا أو ذهنيا في سبيل المال، ثم يشعر مع الوقت بعدم الرغبة في مواصلة العمل.
يبدأ الشخص في التغيب عن العمل مع استمرار هذا الضغط. أما إذا ذهب للعمل فلا يكون منتجا كما كان من قبل.
لا يكون سبب الاكتئاب هو العمل ومسئولياته فحسب، بل أحيانا تكون الأسباب متعلقة بالشخص نفسه مثل: الافتقار إلى المرونة وتنظيم الوقت.
تعال نتعرف على أسبابه بالتفصيل….
ما هي مسببات الاكتئاب في مكان العمل
- العمل لا يناسبني
يشعر الشخص بالاكتئاب عندما يكون مقتنعا بأن قدراته أكبر من عمله، أي أن هذا العمل يحجمه ولا يليق بإمكانياته.
- أكره العمل
ذلك الشخص الذي لا يقتنع بمقولة “إن لم تعمل ما تحب، فأحب ما تعمل”.
يكون هذا الشخص عرضة للإصابة بحالة الاكتئاب في مكان العمل لكراهيته طبيعة العمل ومتطلباته.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- سجن العمل
يتعامل الشخص مع مكان ومواعيد العمل كسجن يضطر للخضوع له ساعات طويلة يوميا، ويرى في العمل تقييدا لحريته.
- التزامات خانقة
يجد الموظف أن التزامات العمل بلا جدوى وأنها فقط تضغط على أعصابه، مثل: الالتزام بهيئة أو أوقات أو أسلوب معين في التعامل مع العملاء.
- متطلبات الوظيفة
الجودة وتحقيق الهدف والأرباح هي الذرائع التي يدفع بها أصحاب العمل في وجه الموظفين دائما، ويطلبون سيلًا من الواجبات تحت هذه الشعارات.
لا يدرك أصحاب العمل أنهم يطلبون أمورا مستحيلة أحيانا، أو غير منطقية أو تضغط على الموظفين لتنفيذها في إطار الوقت المحدد.
تجعل هذه الطلبات والالتزامات الشخص عرضة للإصابة باكتئاب بسبب ضغط العمل.
- إنهم لا يقدرون تعبي
عندما يتعب الموظف ويعمل باجتهاد ثم يتجاهله رئيسه في العمل ولا يقدم له تشجيعا ماديا أو معنويا. من السهل أن نتوقع أن يصاب هذا الشخص بالاكتئاب في مكان العمل.
- العمل أم أسرتي
تتطلب الكثير من الوظائف قضاء ساعات طويلة في موقع العمل، كما يستمر العمل في المنزل في أغلب الأحوال.
يؤدي هذا إلى اختزال الوقت المخصص للأمور الاجتماعية كمراعاة الأهل من كبار السن، أو الأطفال الصغار.
يشعر الشخص مع الوقت بالتشتت والتقصير في أداء دوره تجاه الأسرة والعائلة؛ فتزل قدمه في بئر الاكتئاب في مكان العمل.
- الراتب لا يكفيني
عندما يعمل الشخص بجد فإنه ينتظر المقابل المادي الكافي الذي يغنيه عن سؤال الناس ويكفيه مطالب أسرته.
أما أن يعمل على أكمل وجه ثم لا يجد المقابل والتحفيز المناسبين؛ فهذا ما يجعله يعزف عن الاجتهاد ويعرضه للاكتئاب.
- المكان جديد
يشعر البعض بالرهبة والغربة في أماكن العمل الجديدة مما يعرضه للإصابة باكتئاب العمل الجديد إذا لم يتصرف بطريقة سليمة.
- المتنمرون
أن يقابل الموظف يوميا مديرا أو زميلا يتهكم عليه ويؤذيه نفسيا. من شأن هذا أن يشعره بالضآلة ويجعله يكره العمل.
اكتئاب العمل الجديد
يعاني أغلب البشر من القلق من الانتقال لعمل جديد وهو ما يجعل الشخص مترقبا وشاعرا بعدم الأمان في الفترة الأولى.
أسباب اكتئاب العمل الجديد
- عندما يرغب الشخص في إثبات وجوده وكفاءته في العمل بسرعة فتجده يعمل بأقصى جهده مما يستنزف طاقته بسرعة.
- إذا كان الموظف يخشى من مكائد الزملاء ومكرهم أو يتوقع منهم الشر ومحاولة الإطاحة به والوقيعة بينه وبين رؤسائه.
- بعد المسافة بين مكان العمل والمنزل: فيكون الشخص تحت ضغط للالتزام بالمواعيد، ما يجعله يصل العمل مجهدا في الأغلب.
التعامل الصحيح مع الاكتئاب في مكان العمل
يقول المبدأ أن الاعتراف بالمشكلة هو أول خطوات حلها. يجب أن يعرف الشخص أنه بين براثن الألم النفسي ولابد من اتخاذ خطوات للخروج من الأزمة.
ما الذي يساعدك في تخفيف ضغط العمل عليك؟
- الطبيب النفسي
من حسن الحظ أن هناك علاجا للاكتئاب، وأن من يخرج من بين براثنه يرى الشمس مشرقة من جديد.
لا ينحصر العلاج في مضادات الاكتئاب فقط، بل إن هناك علاجا نفسيا وجماعيا وغير هذا من طرق العلاج النفسي.
- أنت أولا
لابد لكل شخص أن يعمل بكد واجتهاد ولكن وهو في أفضل حال.
من المؤكد أن الشخص الذي يعمل وهو مرهق أو مريض لن يؤدي المطلوب منه كما ينبغي. لماذا؟
لأن الإجهاد النفسي والجسدي سيرفع فرصة حدوث أخطاء في العمل، مما سيترتب عليه انخفاض أدائه وتعرضه لجزاءات.
من شأن هذا أن يعجل بشعوره بالاكتئاب في مكان العمل لأن العمل يصبح وقتها مرتبطا بالعجز والخطأ والعقاب.
- خذ استراحة
من المفيد جدا أن يحصل الشخص على استراحة لدقائق يجدد فيها نشاطه خلال العمل ويعيد النشاط والطاقة لعقله وجسده.
يستغل هذه الاستراحة في قراءة القرآن أو التنفس بعمق أو عمل تمرين خفيف. كما يمكنه الاكتفاء بالصمت والتأمل قليلا.
- ضع خطة
يتحتم على الموظف أن يعمل وفقا لخطة حسب أولوياته بدلا من العشوائية. يساعد النظام وترتيب الخطوات على العمل بسرعة وكفاءة.
- وقفة مع المديرين..
يسعى الرؤساء دائما للتطوير؛ مما يجعلهم يأمرون مرؤوسيهم بتنفيذ خطط مضغوطة، ويلقون عليهم بأحمال ثقيلة تنوء بها الجبال.
يجب أن يحافظ الموظف على تنفيذ الأمور الأكثر أهمية وبنظام، لكن ماذا إن تكرر تكليف المدير له بأمور تفوق قدرته؟
يستطيع أن يتوجه لرئيسه أو لقسم الموارد البشرية بطلب تنظيم أو تخفيف للعمل وتوضيح أهمية ذلك ومردوده الإيجابي على العمل.
إن العمل المكثف لفترات طويلة يشعر الفرد أنه مغمور بالعمل تماما، ويجعله عرضة للإصابة بالإرهاق الوظيفي الذي يؤثر على إنتاجيته.
الوقاية من الاكتئاب بسبب ضغط العمل
تبدأ الوقاية من الاكتئاب في مكان العمل بتقبل أن هناك متطلبات والتزامات مطلوب تنفيذها ما دامت في حدود المعقول.
ماذا إذا شعر الموظف بالضيق من العمل؟ هنا يجب أن يعرف الفرق بين الضيق والاكتئاب.
يجب أن يدرك التغير في حالته النفسية، ويعرف ما إذا كان هذا غضبا وضيقا أم اكتئابا؛ ليتخذ الخطوات المناسبة للحل.
إذن ماذا يفعل الشخص عند بداية الشعور بالضيق ليمنع نفسه من الاكتئاب بسبب ضغط العمل؟
- الحفاظ على الأسلوب الصحي في النوم والتغذية.
- ممارسة الرياضة بصورة يومية، وتكفي أبسط التمارين -مثل المشي- في التخفيف من الأحمال النفسية.
- التحدث مع أحد أصدقاء العمل عن الضغوط وكيفية التعامل معها والتخفيف من وطأتها.
- ممارسة هواية محببة عند الشخص.
- أن يقدم الشخص صحته النفسية والجسدية على العمل.
- مناقشة الرئيس في العمل (فقط إذا وجدته أمرا مناسبا).
- التوجه إلى الاختصاصي النفسي عند الشعور أن هذا الضيق يمتد ليمنعه من أداء العمل بالصورة المطلوبة.
- التعرف على كيفية الوقاية من القلق والتوتر العصبي وعلاج الاكتئاب بطرق طبيعية وتنفيذها.
إذن
الاكتئاب في مكان العمل هو أمر يحدث فعلا وله أسباب متعددة ويحتاج للحكمة في التعامل معه، ويجب التنبه له وعلاجه.
