الانفصال | الطريق نحو الطلاق!

«راجع نفسك يا ولدي، الطلاق حلال، ولكنه أبغض الحلال عند الله!»
هكذا بدأ الشيخ حديثه معنا في جلسة طلاقنا، لكنه لم يكن يعرف أنه يوثق سنوات الانفصال بيننا بعقد رسمي فقط!
لقد بنينا عوائق عديدة، في سنوات من الانفصال العاطفي والنفسي، حتى أصبحنا مجرد غريبين يعيشان تحت سقف واحد، وها قد حانت النهاية!
قبل أن ينسدل الستار على زواجي، دعوني أقص عليكم حكايتي…
فرحة البدايات… ثم؟!
فستان أبيض…
زوج ومنزل الأحلام…
أحلامي البسيطة، التي لم أعد العدة الصحيحة لتستمر على أرض الواقع بعد أن تحققت!
منذ بدء ارتباطي بزوجي لم أستطع الوصول إلى أرض حوار ملائمة بيننا؛ كان كلانا عنيدًا متمسكًا برأيه دون نقاش، تمامًا مثل الثيران المتناطحة، كانت خلافتنا تشتعل وتستمر ولا تخمد!
عام بعد عام، شعرت أننا نعاني الانفصال على كافة الأصعدة؛ فكريًّا ونفسيًّا وعاطفيًّا… يسبح كل منا في فلك منفرد، ويعزف لحنًا بائسًا!
ما الفرق بين الانفصال والطلاق؟
الانفصال معناه الانقطاع والابتعاد، ومع طول مدته وتراكم آثاره يحدث الطلاق. فالفارق بينهما أن الانفصال ليس بوثيقة رسمية، بينما الطلاق يوثق بورقة يكتب بها نهاية الجفاء.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
لكل شيء علامات ومقدمات، فدعيني أشرح لك أسباب الانفصال بين الزوجين وعلاماته.
ما علامات الانفصال بين الزوجين؟
حتى لا تقعي في خطئي، سأعرض عليك علامات إذا لاحظتها في حياتك الزوجية فتوقفي فورًا وعودي خطوة إلى الخلف، وحاولي حل الأمور حتى لا تتفاقم المشكلات.
من علامات الانفصال بين الزوجين:
1. ليس لديكما حلم مشترك ولا تعملان معًا كفريق.
حتى لو كان الحلم تربية أبناء صالحين أو تحقيق هدف خاص بأي منكما.
2. خلافات غير منتهية.
الكثير من الخلافات المعلقة التي تشتعل ولا تنطفئ.
3. ندرة المشاعر الإيجابية.
لم تعودا تضحكان معًا، وليس لديكما أي كلام حلو لتبادله، لم يعد بينكما سوى الجدال.
4. لا مجال للتسامح.
تتعمدان إيذاء بعضكما ولا تتسامحان أبدًا.
5. فقدان الرغبة في الحديث أو حتى الجدال.
فكلاهما لم يعد مجديًا.
6. كل منكما لديه حياة منفصلة.
لا تتشاركان نجاحكما في حياتكما، كل منكما لديه ما يحتفل به بمفرده.
7. ترى نصف الكوب الفارغ.
لم تعد ترى أي إيجابيات في شريك حياتك، وتسأل نفسك “لماذا تزوجته؟”.
8. لا احترام متبادل.
عند الجدال تتعديان الخطوط الحمراء، وتؤذيان بعضكما بالقول، فلا يوجد حديث طيب بينكما.
9. تشعر بالوحدة، ولا تشعر بالسعادة في وجوده.
10. جف نبع العواطف.
لا تهتمان ببعضكما عاطفيًّا ولا نفسيًّا، ولا تقضيان وقتًا خاصًّا معًا.
11. تبحث عن الأسباب لتتجنب لقاء شريكك.
لا رغبة لديك في لقائه ولا التعامل معه.
12. “لماذا ما زلتما معا؟!”
سؤال متكرر تسمعه من جميع من حولك.
13. “عليَّ الرحيل!”
نداء داخلي مستمر، لإنقاذ روحك من علاقة مدمرة.
14. كل شيء صعب.
لا يمر يوم دون أن تشتعل النار الراكدة تحت الرماد بسبب الخلافات المتلاحقة لأسباب تافهة.
15. تعيشان كشريكي سكن، يسود الصمت بينكما!
لا عواطف، ولا علاقات، ولا مشاعر.
كل تلك -وغيرها من علامات الانفصال بين الزوجين- تدق ناقوس الخطر في العلاقة الزوجية. فعلى الزوجين التنبه إلى ظهورها، ومحاولة تجاوزها لتستقيم حياتهما.
لقد وصل زواجي إلى حال أنني وزوجي لم نعد نتحدث إلا فيما ندر، ولو تحدثنا تشاجرنا. أصبحت الحياة باردة وعرفت أن…
الصمت بين الزوجين أقصر طريق إلى الطلاق

ما أكثر ما تتحدثان عنه؟
المال؟
أم المستقبل؟
أم الأولاد؟
توقفا، وتبادلا أطراف الحديث للتعبير عن مشاعركما؛ فهذا الحديث يحفز جوًّا من الحميمية بينكما، فتتماسك علاقتكما بدرجة أكبر.
ما أهمية تبادل الحوار بين الزوجين؟
تبادل الحديث العميق المعبر عن المشاعر له العديد من الفوائد، ومنها:
- يشعرك بشريكك ويجعلك تتعاطف معه، لأنك فهمت مشاعره.
- يمنع الشعور بالاستياء، إذ يمنع شعور شريكك بأن “لا أحد يفهمه، وأن أمره لا يعني أحدًا”.
- يقلل تصاعد الخلافات، فتعرف كيف تتعامل مع شريكك في غضبه وفي أثناء المشكلات.
- يحدث جوًّا من التناغم بينكما ويوطد علاقتكما.
- ستفهم شريك حياتك: كيف يعبر عن نفسه، وكيف يفكر؛ وحينها تستطيع أن تتعامل معه في كل أحواله وتلتمس له الأعذار.
والآن، هل علمت أهمية الحوار بين الزوجين؟
ومن هنا تدرك أن الصمت بين الزوجين أقصر طريق للطلاق!
إن الصمت نوع من الانفصال العقلي عن شريكك، فلا تجدان أرضًا مشتركة للحوار ولا سبيل لإنهاء الجدال وتقريب وجهات النظر.
سقطت اللبنة الأولى من عش الزوجية، وهي “الحوار“…
من بعدها ستسقط اللبنة الثانية “العواطف“!
ما علامات الانفصال العاطفي بين الزوجين؟

العاطفة واحدة من أهم لبنات الزواج… فما الزواج إن جفت العواطف، ونضب فيض المشاعر بين الزوجين؟!
لذا؛ عندما يحدث “الانفصال العاطفي” بين الزوجين، يكون المسمار الثاني الذي يدق في نعش زواجكما.
متى أعلم بحدوث الانفصال العاطفي؟
هناك علامات تنذر بحدوث الطلاق العاطفي بين الزوجين، ومنها:
- توجيه الانتقادات اللاذعة المدمرة، وأنت تعلم أنها تصيب هدفها.
- تفريغ توترك في شريك حياتك دون أن تحاول إيجاد طريقة لتخفيف ذلك التوتر، بل أحيانًا تجعله مصدر كل توترك.
- تعامله كطفل لا يعرف مصلحته وتأخذ دور الناصح دومًا، مما يحدث ضغطًا شديدًا عليه، ويحاول أن يجاري توقعاتك دون جدوى.
- تنشغل بأي شيء آخر عندما تكونان معًا، -مثل: الانشغال بالهاتف أو وسائل التواصل- يشعر شريكك أنه غير مهم.
- “إنه موجود للأبد مهما فعلت!”
هذا التفكير الأناني يجعلك تشعر أن شريك حياتك كأثاث المنزل يبقى للأبد.
- لا تشاركه لحظات نجاحه، وتشعره أن أمره لا يعنيك ونجاحه يخصه وحده.
- تتوقفان عن الجدال، وهذه علامة مهمة على حدوث الانفصال!
فهل تعلم أن الشجار يعني أنك لا تزال تبالي بأمره؟!
- شريكك ليس على قائمة اهتماماتك، ولكن يأتي بعد قائمة طويلة من المهام -إذا تذكرته!
- لا تخططان للخروج معًا، وبردت علاقتكما الخاصة.
هنا يزداد الوضع سوءًا وتصلا إلى مرحلة الطلاق العاطفي، فأنتما تعيشان معًا بلا مشاعر اهتمام حقيقة، لربما أنتما معًا بسبب الأولاد أو لأي سبب آخر لا يعلمه سواكما.
عندها، تنهار اللبنة الثالثة في زواجكما، ويحدث “الانفصال النفسي” بينكما!
ما الانفصال النفسي بين الزوجين؟

{وجعلنا بينكم مودة ورحمة}
وإذا ذهبت المودة والرحمة، فلماذا سيبقى زواجكما قائمًا؟!
والنفس تهفو إلى من يؤنسها، فإذا ذهب الأنس… فما يُبقى النفس سعيدة؟!
أنتما معًا… لكنكما لستما معًا!
فكل منكما يسبح في عالمه الخاص، ولا تتقاطع مداراتكما!
ومن ثم ينعدم التواصل والحوار بينكما، وتنضب العواطف والمشاعر؛ فيحدث الانفصال النفسي بين الزوجين.
يهرب الأنس من علاقتكما وتفقدان القدرة على الاستمرار، ويحدث الطلاق النفسي بينكما؛ فتكونان جسدين يعيشان تحت سقف واحد بلا روح.
هنا يدق المسمار الثالث في نعش زواجكما، فعاجلًا أم آجلًا سيزهد أحدكما هذه الحياة التي يشعر أن روحه تختنق فيها، ويقرر أن يأخذ قرار الطلاق، موثقًا الانفصال “العقلي” و”النفسي” و”العاطفي” بينكما بورقة رسمية تعلن أنكما تخليتما عن زواج انهدمت لبناته، وسيق نعشه إلى قبره!
وها أنا أمسك بتلك الورقة بين يدي، لا أدري أأبكي أم أفرح؟!
الكثير من المشاعر المتضاربة، والكلمات الحبيسة، والأفكار المتصارعة!
هل أخطأت؟ اللهم نعم، في الكثير.
هل أنا نادمة على طلاقي؟ اللهم لا.