علامات تشير إلى التأخر العقلي

اليوم أكمل طفلي (مازن) عامه الأول، لقد كان عاما مبهجًا…
(مازن) هو أول طفل لي؛ لذلك فما أحب وقع مرور هذه الأيام على قلبي، وأنا أرى أول قرة عين لي يكبر أمام عيناي يومًا تلو الآخر.
وكعادة كل شيء جميل أنه لا يكتمل، لفت انتباهي منذ فترة تأخر مازن في النطق والكلام، وأنه لا يحاول أن يحبو ولا يحاول السير، مثل: أبناء صديقاتي الذين في نفس عمره.
ذهبت به إلى طبيب مختص لمتابعة حالته ومحاولة معرفة السبب، وبعد إجراء العديد من الفحوصات ومتابعة لتصرفات مازن وردود أفعاله، صارحني الطبيب بأن مازن يعاني التأخر العقلي.
سنتحدث في هذا المقال عن التأخر العقلي، وأنواعه، والعوامل التي تتسبب في حدوثه، وكيفية معالجته والحد من تطوره.
ما هو التأخر العقلي؟

يُطلق عليه أيضًا التخلف العقلي، لكن هذا الاسم لم يعد يستخدم كثيرا.
يحظى الأشخاص الذين يعانون التأخر العقلي بمستوى ذكاء أقل من المتوسط، وانخفاض ملحوظ في القدرات العقلية لديهم، كما أنهم يستطيعون تعلُّم مهارات جديدة، ولكن بوتيرة بطيئة مقارنة بالأشخاص الطبيعيين.
يعاني الأشخاص ذوو التأخر العقلي بعض القيود والتأخر في بعض المهارات المهمة للتعايش، مثل:
- الأداء الفكري: يُطلق عليه أيضًا مستوى الذكاء (IQ)، وهو قدرة الشخص على التعلم والتحليل وحل المشكلات واتخاذ القرارات.
- التكيف الاجتماعي: هي المهارات المهمة التي تستخدم من أجل التعايش اليومي، مثل: القدرة على التواصل الفعال، والتفاعل مع الآخرين، والاعتناء بالنفس.
يصنف التأخر العقلي إلى أربعة مستويات:
- بسيط
- معتدل
- شديد
- عميق
ما علامات التأخر العقلي؟
يوجد العديد من العلامات التي تشير إلى التأخر العقلي، أهمها:
- تأخر التدحرج، الجلوس، الزحف، أو السير
- تأخر الكلام أو وجود مشكلات بالحديث
- البطء في تعلم بعض المهارات المهمة، مثل: تدريب النونية، وارتداء الملابس، وتناول الطعام
- صعوبة في تذكر الأشياء والأحداث
- عدم القدرة على ربط الأفعال بالعواقب المترتبة عليها
- عدم القدرة على التفكير بمنطقية
- صعوبات بالتعلم
- انعدام حب المعرفة والفضول
- مستوى الذكاء (IQ) أقل من 70
التأخر العقلي عند الأطفال:
ربما يكون لدى الأطفال ذوي التأخر العقلي الشديد أو العميق بعض المشكلات الصحية الأخرى، مثل: التشنجات، والقلق، والتوحد، ومشكلات بالسمع والبصر.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
وإذا كان طفلك يعاني التأخر العقلي ستلاحظين بعض السلوكات غير المعتادة عليه، مثل:
- العدوانية
- الاستقلالية
- الابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية
- السعي لجذب الانتباه
- السلبية
- العناد والتعنت
- انخفاض الثقة بالنفس
- الاندفاع
- الاكتئاب خاصة في مرحلة البلوغ
- التشتت وعدم الانتباه
أسباب التأخر العقلي:
في حالة حدوث أي شيء غير طبيعي يتداخل مع تطور الدماغ (المخ) الطبيعي، قد يؤدي ذلك إلى التأخر العقلي.
ليس هناك سبب محدد لحدوث الإعاقة الذهنية، لكن الأسباب الأكثر شيوعًا تتمثل فيما يأتي:
- عوامل وراثية، مثل: متلازمة داون، أو متلازمة الكروموسوم إكس الهش.
- مشكلات في أثناء فترة الحمل، مثل: إدمان الكحوليات، أو تعاطي المخدرات، أو الإصابة بمرض ما، أو تسمم الحمل.
- مشكلات في أثناء الوضع، مثل: نقص الأكسجين لدى الطفل، أو عدم اكتمال نموه.
- تسمم الرصاص أو تسمم الزئبق
- الإعياء الشديد في مراحل الطفولة المبكرة، مثل: التهاب السحايا أو السعال الديكي أو الحصبة.
- سوء التغذية أو المشكلات الغذائية
- إصابة خطيرة في الرأس
- لا شيء مما سبق! سبب التأخر العقلي لدى ثلثي الأطفال غير معروف.
هل من الممكن تجنب التأخرِ العقلي عند الرضع قبل الولادة؟
نعم، من الممكن تجنب بعض المشكلات التي تسبب التخلف العقلي، والتي من أشهرها متلازمة الكحول الجنينية.
- يجب على الحامل ألا تشرب الكحوليات، وأن تحصل على رعاية جيدة قبل الولادة، وتتناول الفيتامينات الهامة لصحتها وصحة جنينها، وأن تأخذ التحصينات الصحية الهامة التي تقلل حدوث أي إعاقة ذهنية.
- قبل الإنجاب: يجب على العائلات التي لديها مشكلات وراثية إجراء فحوصات جينية للتأكد من احتمالية حدوث أي مشكلات للجنين.
- في أثناء الحمل: تُجرى بعض الفحوصات للكشف عن أي مشكلات ذهنية أو عقلية.
مع العلم أنه بالرغم من احتمالية اكتشافها، فلا يمكن علاجها في هذه المرحلة.
كيف يمكن تشخيص التأخرِ العقلي عند الأطفال؟
كي يُشخص طفلك بالتأخر العقلي، يجب أن تكون مهاراته الفكرية والتكيفية أقل من المتوسط.
يجري الطبيب المتابع تقييمًا من ثلاثة جوانب تشمل:
- مقابلة شخصية معك
- ملاحظات على سلوك طفلك
- اختبارات معيارية
سيمر طفلك باختبارات ذكاء قياسية مثل: اختبار ذكاء ستانفورد – بينيه، الذي سيساعد الطبيب على معرفة مستوى ذكاء طفلك (IQ).
ربما يجري الطبيب اختبارات أخرى لقياس السلوك التكيفي لطفلك، ومقارنته بأطفال آخرين من نفس الفئة العمرية.
تقييم حالة الطفل ستتضمن زيارة للعديد من المختصين والأطباء من أقسام مختلفة:
- مختص نفسي
- مختص أمراض مخاطبة
- مختصٌ اجتماعي
- مختص أعصاب
- مختص علاج طبيعي
من الوارد أيضًا أن يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات المعملية والأشعات التصويرية لمعرفة حالة الطفل بصورة دقيقة، مثل:
- تحليل صورة دم كاملة
- تحليل بول
- أشعة على المخ
- مخطط كهربية الدماغ
تُستخدم هذه النتائج بعد ذلك من جانبك، ومن جانب الطبيب، ومن جانب إدارة المدرسة؛ لمتابعة حالة الطفل، ومعرفة أفضل الطرق لمساعدته، وتنمية مهاراته.
علاج التأخرِ العقلي عند الرضع:
تتوفر العديد من برامج التدخل المبكر للرضع والأطفال في مرحلة مبكرة من العمر؛ إذ يعمل فريق كامل من المتخصصين على خطة فردية لخدمة الأسرة، تحدد هذه الخطة الاحتياجات الخاصة للطفل وما الخدمات التي ستساعده على عبور هذه المرحلة الصعبة.
تشتمل خطة التدخل المبكر على:
- معالجة النطق
- علاج مهني
- علاج طبيعي
- الاستشارة العائلية
- التدريب بأجهزة خاصة
- نظام غذائي
علاج التأخرِ العقلي البسيط عند الأطفال

يحق للأطفال -في سن الدراسة- ذوي الإعاقة الذهنية الحصول على تعليم خاص بالمجان داخل المدارس العامة.
تتعاون العائلة مع العاملين بالمدرسة على وضع برنامج تعليمي فردي للطفل؛ يحدد احتياجات الطفل، والخدمات التي سيحصل عليها داخل المدرسة.
الهدف من التعليم الخاص، والبرنامج التعليمي الفردي هو مساعدة الطفل على التكيف مع المجتمع والبيئة المحيطة، ومساعدته على الوصول إلى أفضل مستوى من حيث:
- مهارات التعلم
- المهارات الاجتماعية
- المهارات الحياتية
ماذا أفعل لمساعدة ابني الذي يعاني التأخرِ العقلي؟

- معرفة كل شيء عن الإعاقة الذهنية، وكل التفاصيل الخاصة بحالة طفلك؛ إذ إن إلمامك بجميع المعلومات الهامة سيساعد طفلك على تخطي هذه المرحلة.
- شجعي طفلك على الاستقلالية، وتجربة أشياء جديدة، وقدمي التوجيه اللازم عند الحاجة، وأعطيه مردودًا إيجابيًّا عند تعلم مهارة جديدة.
- تشجيع طفلك على المشاركة في الأنشطة الجماعية.
- ابقى على اتصال دائم بمدرسين طفلك حتى تتمكني من متابعته، وتعزيز ما يتعلمه في المدرسة بالتدرب في المنزل.
- التعرف على آباء آخرين لديهم أطفال يعانون إعاقة ذهنية؛ من الممكن أن يكونوا مصدرًا هامًّا للنصائح والدعم المعنوي.
لا تقلقي سيدتي، إصابة ابنك بالتأخر العقلي ليست نهاية العالم! أطفال كثيرون مروا بهذه الحالة في بداية عمرهم، وبمساندة عائلتهم والمجتمع أصبحوا أشخاصًا يافعين ذوي شأن عظيم بمجتمعهم.
بقلم د/ كيرلس بهجت