التنافس الاجتماعي | التنافس الإيجابي طريقك إلى النجاح

أقامت المدرسة حفلًا لتكريم الطلاب المتفوقين في كل صفوف المراحل التعليمية، وكنت أنا المشرف المنظم لفقرات الحفل.
ومن خلال معرفتي بالطلاب المتفوقين، لاحظت ما بينهم من تنافس شديد وغيرة تكاد تصل إلى الحقد والكراهية!
لم يعجبني تفكيرهم بهذه الطريقة، ولا هذه المشاعر السلبية التي تملأ قلوبهم.
فقررت أن أخصص فقرة من فقرات الحفل للتحدث معهم عن مفهوم “التنافس الاجتماعي”، وأهميته، وما المقصود بأن التنافس الاجتماعي سلاح ذو حدين.
إليكم هذا المقال عن “التنافس الاجتماعي” و”التنافس الإيجابي”.
مفهوم التنافس الاجتماعي
المنافسة هي صراع مستمر غير شخصي ولا واعي بين الأفراد والجماعات في أثناء التفاعل الاجتماعي.
ومن أبرز صورها: الصراع الدائم بين المخلوقات على البقاء.
ويظهر هذا الصراع بعنف بين الحيوانات وبعضها من أجل الحياة، لكنه أقل عنفًا في المجتمع البشري؛ إذ يكون من أجل العيش والمناصب والسلطة والحكم.
والمنافسة نزعة فطرية وغريزة طبيعية في كل المخلوقات للوصول إلى هدف ما أو عدة أهداف، وغالبًا ما تكون بين فردين أو أكثر.
أهمية التنافس الاجتماعي
المنافسة الاجتماعية ذات أهمية كبيرة في المجتمع، مثلها مثل التعاون بين الأفراد، خاصة إذا كانت المنافسة شريفة وإيجابية وتؤدي في النهاية إلى تقدم المجتمع.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ومن فوائد المنافسة الاجتماعية:
- مصدر قوي للتحفيز:
المنافسة هي دافع الرغبة في التفوق، أو الحصول على منحة أو مكافأة، أو الفوز بجائزة أو زيادة التقدير.
فهي تحفز الإنجاز من خلال رفع مستويات الطموح.
غالبًا ما يُظهر الفرد جدًّا واجتهادًا أكبر عند وجوده في منافسة بينه وبين أفراد مجموعته، على عكس عمله بمفرده دون تفكير في المنافسة.
تهدف المنافسة إلى تحسين وضع الفرد وزيادة إنتاجيته، بدلًا من بقائه خاملًا.
- المنافسة تزيد التقدم:
تؤدي المنافسة العادلة إلى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والرفاهية العامة؛ لأنها تحفز الأفراد والجماعات على بذل قصارى جهدهم لإشباع رغباتهم في الحياة.
لكنها، إذا كانت غير عادلة فهي لا تحقق التقدم الاجتماعي، وإنما تكون نتائجها سلبية، مثل العصبية والمنازعات والاحتكار.
وأيضًا قد تخلق المنافسة الشرسة اضطرابات عاطفية غير ودية بين الأفراد أو الجماعات.
وقد تؤدي شراسة المنافسة على الحكم والسلطة إلى المجاعات والفقر على الرغم من توفر الموارد؛ لأنها تكون محتكرة لصالح فئة قليلة -وهي الفئة صاحبة السلطة والحكم.
لذلك؛ فإن النظام الاجتماعي الناجح هو الذي يحقق توازنًا بين القوى التنافسية والتعاونية بين أفراده، وهذا ما يفسر قولنا “التنافس الاجتماعي سلاح ذو حدين”.

يمكن تقسيم التنافس حسب نتائجه وأهميته إلى:
- التنافس الإيجابي.
- التنافس السلبي.
التنافسُ الإيجابي
تحدث المنافسة الإيجابية عندما نتنافس مع الآخرين بطريقة تبرز أفضل ما فينا، بحيث يشارك كل منا في صنع النجاح وتحقيق الأهداف.
ويتعلق الأمر بتحدي أنفسنا وتحفيز الآخرين لإخراج أفضل ما لدينا من مهارات وإمكانات لتحقيق الفوز.
بالطبع قد نفوز أو نخسر، لكن الفوز أو الخسارة ليسا هما الدافع، ولا قيمتنا كبشر تحددها النتيجة.
تعزز المنافسة الإيجابية النمو والعزيمة والارتقاء بأنفسنا وفريقنا إلى المستوى الأعلى، لا يشغلنا فشل الآخرين أو نجاحهم، ولا يكون أكبر همنا الفوز بأي ثمن.
فوائد التنافس الإيجابي:
- تحديد دور الأفراد ومكانتهم في المجتمع:
تحديد مميزات كل فرد ومهاراته وقدراته، فهذا يساعد على وضع كل فرد في مكانه المناسب، ومن ثم الحصول على أفضل النتائج.
- مصدر دافع وتحفيز:
المنافسة مصدر تحفيز للأفراد وتزيد من الكفاءة الفردية، فهي تحفز الناس على تحقيق أهدافهم والحصول على التقدير، والفوز بالمناصب في المجتمع.
- تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي:
المنافسة الصحية والعادلة ضرورية لرفاهية الإنسان، فهي تحفزه على البحث عن الاختراعات العلمية التي تحقق له الراحة.
اقرأ أيضًا: المنافسة في العمل.
التنافس السلبي
تحدث المنافسة السلبية عندما يتنافس الشخص مع الآخرين بطريقة غير سليمة لتحقيق الفوز على حسابهم، معتمدًا في نجاحه على فشلهم.
المنافسة السلبية هي لعبة محصلتها النهائية “صفر”.
يستند الأفراد فيها على فكرة الفوز والخسارة، بمعنى أنه “إذا فزنا فنحن (جيدون)، وإذا خسرنا فنحن (سيئون)”.
وفكرة أن نكون أفضل من الآخرين وأن ننظر إليهم نظرة احتقار؛ تخلق مشاعر سلبية وتقلل الثقة والاحترام بين أعضاء الفريق الواحد أو بين المجموعات.
وقد تتبلور هذه الفكرة في ثلاثة أشكال، هي:
- شخص واحد يتنافس ضد شخص آخر في نفس الفريق.
- شخص واحد ضد الفريق بأكمله.
- فريق واحد يتنافس ضد فريق آخر داخل المجتمع.
نتائج التنافس السلبي:
- تؤدي المنافسة السلبية إلى الإحباط والتعصب لشيء ما دون تحقيق فائدة أو نجاح.
- تؤدي المنافسة السلبية إلى الاحتكار وتدهور الاقتصاد؛ نتيجة احتكار فئة قليلة من الناس السلع والمناصب لأنفسهم ولذويهم فقط.
- تزيد المنافسة غير العادلة حدة الصراع والنزاعات بين الأفراد للحصول على أهدافهم، حتى لو بطرق غير سلمية أو مشروعة.

نضرب لك مثالًا للتفريق بين التنافسِ الإيجابي والتنافس السلبي؛ لكي تفهم الفرق بينهما:
لو افترضنا أنك تنوي التدريب في أحد النوادي الرياضية، واتفقت مع صديقك أن يذهب معك. في البداية، كان الأمر تعاونيًّا بينكما ومشجعًا لكليكما.
التنافس هنا إيجابي؛ لأن وجود رفيق في التمرين يخلق الدعم والتحفيز.
ماذا لو اخترنا بعض الأنشطة، مثل الجري أو التنس، وأضفنا شيئًا من المنافسة بينكما؟
إذا تنافست بطريقة سلبية سيكون همك الأكبر هو “كيف أحقق الفوز بالمركز الأول بأي طريقة كانت؟”.
وإذا ازدادت المنافسة، فقد تتعرض للتوتر والقلق في أثناء التمرين وقبله.
وبعد نهاية التمرين، ربما تكون سعيدًا بالفوز بالمركز الأول أو تعيسًا لإخفاقك في السباق.
إليكم بعض الطرق لتشجيع التنافس الإيجابي:
يمكن استخدام هذه الإرشادات لتشجيع التنافس الإيجابي في المشاريع والشركات، مثل:
- إظهار الإنجازات الفردية، وتوضيح كيف يمكن للآخرين الاستفادة منها، ومن ثم نجاح الفريق بشكل جماعي.
- تنفيذ برنامج الأصدقاء، الذي يساعد أعضاء الفريق على التعلم من أقرانهم بطريقة إيجابية وتعاونية.
- تعليم كل أفراد المجموعة أن النجاح الحقيقي هو نجاح المجموعة ككل، وليس فقط الإنجازات الفردية.
- المكافأة تكون جماعية على نجاح الفريق، مع دعم الشخص المتميز منهم ومكافأته.

لدينا جميعا القدرة على المنافسة الإيجابية والسلبية، ومع ذلك، لا يوجد مجتمع تنافسي مطلقًا ولا متعاون مطلقًا.
لكن النظام الاجتماعي الجيد يجب أن يحقق توازنًا بين القِوَى التنافسية والتعاونية. ويجب أن تكون المنافسة صحية وعادلة دائمًا، عندها فقط يمكن أن يكون التنافس مفيدًا للتقدم الفردي ورفاهية المجتمع.