ترياق الأمراض النفسية

التوتر العصبي والاكتئاب | إياكَ أن تغرق!

تك توك تك توك تك توك…

اهدئي! إنه صوت عقارب الساعة.

ولكن لِمَ أشعر وكأنه طبول تدق فوق رأسي!

رأسي! الذي تتصارع داخله الأفكار مثل الأمواج المتلاطمة؛ أفكر فيما آلت إليه حياتي بعد انفصالي عن زوجي، وكيف انفضَّ الجميع من حولي، فتلك تخاف أن أحسدها، وهذه تخاف أن أخطف زوجها، والأخرى تراني أصبحت كئيبة؛ فصرت أدفن نفسي في عملي.

عملي! الذي أصبح عبئًا إضافيًا عليّ؛ يكلفني مديري بمزيد من الأعباء الوظيفية بدعوى أن حياتي فارغة!

أصبحت أعاني التوتر العصبي والاكتئاب إثر تلك الصعاب التي أواجهها، وأُنهكت قواي فلم أعد أتحمل الخوف والقلق الذي يعشش في أركان حياتي.

سنتحدث في السطور القادمة عن التوتر العصبي والاكتئاب، وأسبابه وعلاجه، وسنتطرق أيضًا إلى علاج القلق والخوف والتفكير، فتابع معنا هذا المقال. 

التوتر

يعد التوتر جزءًا من استجابة الجسم الطبيعية تجاه التهديد “القتال أو الهروب”.

يشعر الجميع بالتوتر من آنٍ لآخر، ويراه الكثير منا مفيدًا لأداء المهام؛ فالتوتر يبقيك يقظًا ومتحفزًا.

إذ يجعلك التوتر تحسِّن أداءك، وتحشد أعضاء جسدك للانتهاء من المشروع قبل موعده النهائي، أو المذاكرة قبل الامتحان، أو الاستعداد قبل المقابلة التي ستؤديها لنيل الوظيفة.

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

ولكن عندما يصبح التوتر متواصلًا ومستمرًا؛ فإنه يؤثر سلبًا في حياتك، بل ويعطلها، وقد يؤدي في النهاية إلى إصابتك بالاكتئاب أو القلق أو الخوف. سنذكر لاحقًا أفضل علاج للقلق والتوتر والخوف.

العلاقة بين التوتر العصبي والاكتئاب ( Stress and depression)

يؤدي التوتر العصبي إلى تحفيز استجابة جسدك تجاه الإجهاد.

وعندما يكون التوتر العصبي مستمرًا؛ فإنه يؤدي إلى ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول “هرمون التوتر”، وانخفاض مستوى السيروتونين وبعض الناقلات العصبية الأخرى في الدماغ التي تنظم العمليات البيولوجية في الجسم مثل: النوم والأكل والرغبة الجنسية والمزاج وغيرها.

ولذا عندما تتعرض إلى حادث جلل، أو موقف عصيب يثقل كاهلك، وتعجز عن التحرر من المشاعر السلبية التي تجتاحك؛ فإنك معرض للإصابة بالتوترِ العصبي والاكتئاب.

يؤثر التوتر العصبي والاكتئاب في حالتك المزاجية وعاداتك الإيجابية وقدرتك على التأقلم مع المتغيرات المحيطة بك؛ الأمر الذي يؤدي إلى شعورك بالقلق والخوف، وتفاقُم أعراض الاكتئاب لديك.

العلاقة بين التوتر العصبي والاكتئاب

أسباب التوتر العصبي والاكتئاب

لا أحد ينجو من التوتر؛ فكثير من المواقف التي نواجهها في حياتنا تدفعنا إلى الشعور بالضغط العصبي، وتحفز استجابة أجسادنا تجاه الإجهاد.

نذكر أمثلة من تلك المواقف اليومية:

  • فقدان الوظيفة.
  • وفاة أحد المقربين.
  • التعرض لاعتداء جسدي.
  • الكوارث الطبيعية، مثل: الزلازل أو البراكين.
  • حوادث الطرق.

وينشأ التوتر العصبي والاكتئاب عندما تظل عالقًا، ويظل جسدك مستجيبًا تجاه ذلك التهديد.

يؤثر نمط الحياة التي تعيشها في مستويات التوتر لديك، ولذا فإن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتوتر العصبي والاكتئاب، مثل:

  • تناول الكحول.
  • الاستهلاك المفرط للكافيين.
  • التدخين.
  • عدم ممارسة الرياضة.
  • العمل فترات طويلة دون راحة.
  • عدم تناول طعام صحي متوازن.
  • قضاء كثير من الوقت في مشاهدة التلفاز أو ممارسة ألعاب الفيديو.
  • عدم النوم بشكلٍ كافٍ.
  • كثرة التعرض إلى الضغوط اليومية.

أعراض التوتر العصبي والاكتئاب

تشمل أعراض التوتر العصبي والاكتئاب:

  • مشكلات في النوم.
  • الشعور بالإرهاق.
  • مشكلات في الذاكرة.
  • صعوبة في التركيز.
  • تغير عادات الأكل.
  • القلق.
  • سرعة الغضب والانفعال.
  • عدم القدرة على التعامل مع الضغوط اليومية.
  • العزلة والانسحاب الاجتماعي.
  • صعوبة اتخاذ القرارات.
  • الشعور بالذنب أو بالسوء تجاه نفسك.
  • أفكار انتحارية.
  • التفكير المفرِط، سنتحدث لاحقًا عن علاج القلق والخوف والتفكير.

نصائح تساعدك في علاج التوتر العصبي والاكتئاب

هناك بعض النصائح التي قد تعينك على علاج التوتر العصبي والاكتئاب، نذكر منها:

واظِب على ممارسة الرياضة

تساعدك ممارسة الرياضة يوميًا مدة نصف ساعة على الأقل في التخلص من الضغط العصبي.

نصائح تساعدك في علاج التوتر العصبي والاكتئاب

تُحسِّن التمارين الرياضية من المزاج، وتحفِّز إنتاج الهرمونات والناقلات العصبية في الدماغ؛ ولذا فإنها تخلِّصك من التوتر.

ابنِ علاقات اجتماعية قوية وداعمة

لا تكن وحيدًا، كن قويًا بمن حولك ممن يحبونك؛ فالعلاقات الاجتماعية الداعمة لك هي أفضل علاج للقلق والتوتر والخوف.

لن يتركك من يحبك وحيدًا لمواجهة تلك الضغوط التي تحاصرك، بل سيمد لك طوق النجاة لينتشلك منها.

ولذا عندما تحاصرك الهموم، لا تعاني في صمت، ولا تركن إلى الوحدة وتعزل نفسك عن الآخرين؛ لكن تحدث مع صديق تثق به، وأخرِج له مكنونات صدرك.

تناوَل طعامًا صحيًا متوازنًا

يمدك الطعام الصحي المتوازن بالعناصر الأساسية والفيتامينات التي يحتاجها جسدك، لتتمتع بصحة جيدة.

يسبب نقص بعض الفيتامينات تقلبات مزاجية، والشعور بالقلق والتوتر، إضافة إلى المشكلات الجسدية الأخرى.

وينبغي لك أن تحد أيضًا من استهلاكك من الكافيين؛ لتقلل من مستويات التوتر.

نَم جيدًا

احصل على قسطٍ كافٍ من النوم؛ فأنت تحتاج إلى ثماني ساعات من النوم الهادئ كل ليلة.

الإقلاع عن الكحول

يلجأ بعض الأشخاص إلى استهلاك الكثير من الكحول لمواجهة التوتر العصبي والاكتئاب، ولكن للكحول تأثيرًا سلبيًا في المزاج والصحة النفسية.

جرِّب تقنيات الاسترخاء

تساعدك تقنيات الاسترخاء المختلفة في علاج القلق والخوف والتفكير، وتشمل:

  • ممارسة اليوجا.
  • التأمل.
  • التاي تشي.
  • التنفس العميق.
  • التخيل الموجَّه أو استحضار ذكريات تبهجك.

يساعدك الاسترخاء في استعادة التوازن في حياتك، ويحسِّن من مزاجك، ويقلل من مستويات التوتر لديك.

خصِّص بعض الوقت لنفسك

لكي تستمتع بهواياتك المفضلة، أو تقرأ كتابًا مسليًا، أو تتعلم مهارة جديدة، أو تقوم برحلة للاستجمام والابتعاد عن أجواء العمل.

اكتب مشاعرك

احتفظ بمفكرة، ودوِّن بها مشاعرك. قد يساعدك هذا في معرفة ما يحفِّز لديك مشاعر التوتر؛ لتتجنبه.

علاج التوتر العصبي والاكتئاب

إذا لم تفيدك النصائح السابقة للتغلب على التوتر العصبي والاكتئاب؛ فلا تتردد في الذهاب إلى الطبيب النفسي.

العلاج السلوكي المعرفي

يعد هذا العلاج فعالًا للتغلب على التوتر العصبي والاكتئاب؛ فيساعد المريض في فهم مشاعره وأفكاره ومخاوفه، ويتعلم كيفية التعامل مع الضغوط أو الأحداث التي تحفِّز لديه استجابة التوتر.

يساعده أيضًا في التفكير بشكل إيجابي تجاه تلك الضغوط التي يتعرض لها؛ فالتفكير السلبي يضخِّم من تأثير التوتر العصبي.

الأدوية

تُستخدم بعض الأدوية لعلاج الاكتئاب المصاحِب للتوتر العصبي، مثل:

  • مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، مثل: سيتالوبرام.
  • مثبطات الأوكسيداز أحادي الأمين، مثل: أيزوكاربوكسازايد.

نصائح تساعدك في علاج القلق والخوف والتفكير

يزيد التفكير المفرِط من مستويات التوتر لديك؛ وهو ما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والخوف.

قد تساعدك النصائح التالية للحد من التفكير المفرِط:

  • كن إيجابيًا! عندما تستحوذ عليك الأفكار والمشاعر التي تحاصرك، وتسبب لك التوتر، فاستحضر الذكريات السعيدة والأفكار المبهجة.
  • حرِّر نفسك من المشكلات، وتوقف عن التفكير المفرِط؛ فالانغماس بها كفيل أن يغرقك فيها.
  • مارِس التأمل الذهني؛ لتشتت انتباهك عن تلك الضغوط.
  • نَم جيدًا، وتناول طعامًا صحيًا.
  • لا تستغرق كثيرًا من الوقت في التفكير عند شروعك في أداء مهمة ما، ركِّز على النتيجة، ولتبدأ فورًا بدلًا من الانتظار والتفكير في كل جانب منها؛ لكي تمنع عقلك من الشرود الذي يؤثر في أدائك.

نشعر جميعًا بالتوتر من حينٍ لآخر جرَّاء الضغوطات اليومية التي نواجهها في البيت والعمل؛ ولذا كن متيقظًا حتى لا تستحوذ عليك، وتكون سببًا في إصابتك بالاكتئاب.

المصدر
Stress and DepressionDepression and Stress ManagementHow to Stop Stress-Induced Overthinking, According to Mental Health ExpertsStressed Or Depressed? Know The Difference
اظهر المزيد

د. أمل فوزي

أمل فوزي، صيدلانية، أعمل في الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية. أعشق الكتابة، وأجيد البحث، أستمتع بكتابة المقالات الطبية بأسلوب سلس وبسيط، هدفي الارتقاء بمستوى المحتوى الطبي العربي، ونشر العلم من مصادره الموثوقة لينتفع به القارئ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى