التوتر عند الأطفال | استنزاف لطاقة الابن والأم!

في ظل الاجتماع العائلي الدافئ مساء الجمعة في بيت العائلة، حيث الشباب يتحاورون حول آخر مباريات كرة القدم، والبنات تتحدثن عن آخر صيحات الموضة في الملابس ومستحضرات التجميل، والسيدات تشاهدن حلقات مسلسلهن المفضل، ظل طفل واحد ملتصقا بأمه لا يريد اللعب مع بقية الأطفال.
كانت أم (جاسر) محرجة من خجل طفلها الزائد وتوتره، وتخاف أن يؤثر ذلك على حياته عندما يدخل المدرسة.
التوتر عند الأطفال أمر شائع في معظم بيوتنا، تختلف أسبابها وفقًا لسن الطفل؛ فالتوتر عند الأطفال حديثي الولادة يختلف عن التوتر عند الأطفال في سن السنتين.
سنتناول في مقالنا أسباب التوتر عند الأطفال وفقًا لمرحلتهم العمرية، وعلامات مقلقة لعصبية الأطفال، ونصائح للتعامل مع التوتر العصبي عند الأطفال والحد منها.
التوتر عند الأطفال حديثي الولادة… حيرة تواجه الأم حيال رضيعها!
تفرح الأم الحديثة بوصول طفلها سالمًا للدنيا، لكنها بعد فترة قليلة تتفاجأ بأعراض غريبة على طفلها، كصراخه المستمر طوال اليوم أو امتناعه عن الرضاعة، فتتعجب الأم وتتساءل عن أسباب عصبية طفلها.
هناك أسباب كثيرة وراء التوتر العصبي عند الأطفال في عمر السنة، منها:
- مشاكل بالجهاز الهضمي أو الحموضة.
- التهابات الأذن الوسطى الناتجة عن الرضاعة في وضع خاطئ.
- ابتلال الحفاضة.
- عدم حصول الرضيع على قدر كافٍ من الرضاعة.
- بداية التسنين.
هناك أسباب أخرى تتعلق بالبيئة المحيطة بالطفل، مثل ولادته لأم عصبية تواجه صعوبات كثيرة في حياتها، إذ يشعر الجنين بالحالة النفسية للأم وهو في رحمها، ويسمع صراخها وبكاءها، ومن ثَمَّ، يكتسب العصبية والتوتر منها.
التوتر عند الأطفال في عمر السنتين
ينمو الطفل في هذه السن وتتولد لديه مخاوف جديدة من الأشياء المحيطة به لعدم معرفته بها؛ ففي هذه السن يميز الخطر ويدركه. فمثلًا، من أهم مخاوف الطفل في هذه السن:
- الحشرات.
- الحيوانات، مثل: الكلب، والأسد، والثعبان،
- النار.
قد يأخذ التوتر عند الأطفال في عمر السنتين محورًا آخر، ألا وهو الخجل من الغرباء والخوف منهم؛ الأمر الذي يولد التوتر داخل الطفل، وينعكس ذلك على تصرفاته العصبية التي تشمل البكاء والتشبث بالأم.
التوتر عند الأطفال في سن ثلاث سنوات
في هذه المرحلة العمرية، تختلف طريقة تفكير الطفل ونظرته للأمور.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
تتميز هذه المرحلة بحب الطفل لنفسه، وسعيه إلى لفت أنظار الآخرين له محاولًا التعبير عن مشاعره. وعندما يفشل في هذه المهمة، يغضب ويثور على المحيطين به.
تُعَدُّ هذه النقطة من أبرز أسباب التوتر عند الأطفال في سن ثلاث سنوات، وهناك عوامل أخرى تزيد من توتر طفلك في هذه السن، منها:
- مرور طفلك بتجربة نفسية قاسية، مثل: موت أحد الوالدين، أو التعرض للاستغلال الجسدي والجنسي، أو تعرضه للتنمر في المدرسة.
- تقليد أحد أفراد الأسرة في قلقه من أي موقف، خاصة إذا كانت خلافات الأب والأم لا تنتهي.
- الخوف من الانفصال عن الأم والأب، والذي يحدث غالبًا في أول يوم للحضانة والمدرسة، إذ يشعر الطفل بفقدان الأمان.
- قلق الطفل من المواقف الحياتية والخبرات الجديدة المقبل عليها، مثل اشتراكه في لعبة رياضية، أو التعرف على أصدقاء جدد.
- إصابة الطفل بإعاقة جسدية أو ذهنية تُفقِده ثقته بنفسه.
التوتر عند الأطفال… متى أقلق من توتر طفلي؟

يُعَدُّ التوتر عند الأطفال أمرًا طبيعيًا في هذه السن الصغيرة، وهى بمثابة “آلية دفاعية” من الطفل في مواجهة البيئة المحيطة به.
كلما اكتشفت الأم التوتر عند طفلها مبكرًا، تمكنت من التحكم فيه بشكل أسرع، وتعليم طفلها أساليب التحكم في توتره.
لكن هناك علامات مقلقة، إذا لاحظتها الأم على طفلها -خاصة إذا كبر وأصبح في الثامنة من عمره، ولا يزال يعاني بسببها- ينبغي لها استشارة الطبيب. ومن أبرز هذه العلامات:
- منع التوتر طفلك من الانخراط في الأنشطة العائلية والمدرسة، معتقِدًا أنه سيكون محط سخرية الآخرين.
- إيجاد صعوبة في تكوين صداقات مع الأطفال في سنه.
- ازدياد رغبته في البقاء بالمنزل، وإيجاد حجج للغياب من المدرسة والتمارين بالنادي، لخوفه من مواجهة الآخرين.
- تخبط ساعات نومه، واحتياجه لأحد والديه عند ذهابه للنوم.
- الالتزام الشديد بروتينه اليومي، وأي تغيير فيه يثير عصبيته وغضبه.
- ملاحقة الأم في كل خطوة تخطوها والتشبث بساقها، حتى إنه قد يريد الدخول معها الحمام!
كلما اكتشفت الأم العصبية عند طفلها مبكرًا، تمكنت من التحكم فيها بشكل أسرع، وتعليم طفلها أساليب التحكم في عصبيته.
دور الأم في مواجهة التوتر عند الأطفال وعلاجه

الطفل المتوتر في أمسِّ الحاجة للدعم القوي والتفهم من الوالدين تجاه مخاوفه وقلقه، وعدم لومه على عصبيته ومخاوفه. بل على النقيض، يجب أن يجدا حلولًا مبدعة في تغيير تفكير الطفل ونظرته للأمور.
لا شك أن الأم هي الداعم الأقوى لطفلها. لذا، إليكِ أبرز النصائح للتعامل مع طفلكِ العصبي وتقويم سلوكه:
١. تجاهلي بعض تصرفات طفلك
عندما يشعر الطفل بأنه ليس تحت الأنظار طوال الوقت، يتنفس الصعداء ويقل توتره وعصبيته؛ فالسماح لطفلكِ بالخطأ والتعلم من أخطائه يُكسِبه الثقة في نفسه.
٢. أثنِي على تصرفات طفلكِ الإيجابية
بجانب تقويم سلوكات طفلكِ الخاطئة، امدحي تصرفاته الإيجابية، حتى يكررها ثانية ليلفت الأنظار إليه.
وعلى النقيض، انتقاد تصرفات طفلكِ السلبية قد يدفعه إلى تكرارها للفت الانتباه إليه. لذا، تجاهل بعض السلوكات يفيد في هذه الحالة.
٣. اعرفي السبب وراء توتر طفلك
تحدَّثي معه عن مخاوفه، وتأكَّدي من أنها طبيعية، فمثلًا إذا كانت مخاوفه تركك له في المدرسة، أخبريه بأنها فترة مؤقتة ثم تجلبينه معكِ للمنزل، وتقضيان وقتًا ممتعًا سويًا.
٤. تحدَّثي مع طفلكِ وساعديه على الوصول للمصطلحات المناسبة لمشاعره
يواجه الطفل في صغره صعوبة في إيجاد المصطلح المناسب للتعبير عن مشاعره، على الرغم من ثراء خياله.
وهنا، يأتي دور الأم في طرح أسئلة مفتوحة لطفلها، وطلب الوصف الدقيق لمشاعره، مع مساعدته على الوصول للمصطلحات التي يعجز عن طرحها.
٥.مارسي مع طفلكِ لعبة الانفصال المؤقت
حتى لا يشعر بالغربة والتوتر الشديد عند تركه في المدرسة، أو عند أفراد عائلتك.
فمثلًا، اخرجي -أو اجعليه هو يخرج- من الغرفة مع ضبط المنبه لمدة عشر دقائق، وعندما يرن عودي إليه وضميه إلى صدرك، وأطرِيه بكلمات إيجابية، مثل: “كم هذا التصرف شجاع!” أو “هذا تصرف ذكي”.
هذه اللعبة تُفهِمه أن هناك أوقاتًا ننفصل فيها عن أهلنا ونعود إليهم مرة أخري، وتفيد بشكل كبير في أول يوم للمدرسة.
٦. جهِّزي طفلكِ للمواقف الجديدة
مثل: مقابلة أصدقاء جدد في منزلكم، أو الالتحاق بمدرسة جديدة، وذلك بشرح المواقف التي ستواجه طفلكِ، وطبيعة المكان، وكيفية التصرف مع الآخرين، مع التأكيد عليه بإخباركِ بكل ما يحدث معه.
٧. علِّمي طفلكِ الانتباه إلى أعراض التوتر والتعامل معها بشكل سليم
من أبرز أعراض التوتر عند الأطفال: سلس البول، والارتجاف، وبطء التنفس، واحمرار الوجه، وسرعة نبضات القلب.
بمجرد مرور طفلكِ بهذه الحالة، اطلبي منه التنفس العميق، والانسحاب إلى ركن معين بالمنزل به ما يحبه من هوايات لتقليل غضبه؛ تلك العادة توفر على طفلكِ الكثير من الغضب والعصبية المؤذية لصحته.
٨. لا تستهيني بمشاعر طفلكِ من الخوف أو التوتر
لشعورك بأن مخاوفه غير مبررة، ولحرصك على أن يكون شجاعًا؛ بل تفهَّمي مخاوفه وادعميه نفسيًا.
مجمل القول…
انتبهي لحالتك النفسية -عزيزتي الأم- قبل الانتباه لنفسية طفلك؛ فأنتِ أقرب الناس إليه، وأنتِ التي يكتسب منها طباعه وصفاته.
يظهر أثر حالتك النفسية فيه منذ نشأته في رحمك، وحتى في سن مراهقته وشبابه، فلا تهمليها!