ترياق الطفل
أخر الأخبار

التوحد عند الأطفال.. سامحيني لأني مختلف

سامحيني يا أمي، لا أستطيع النظر مطولا إلى عينيك الجميلتين، ولا أن أمنحك ابتسامة ترد إليك روحك بعد ليلة سهر طويلة.

أنا أحبك كثيرا ولكن لا أستطيع التعبير كما يجب، لا تستهويني الألعاب التقليدية والأغاني التي تطرب الأطفال في عمري، لا أستطيع التحدث بعد ولا أن أناديك أمي.

أعرف أنك متوترة جدا ولا تعرفين ما عليك فعله، ولكن اطمئني يا أمي سأوضح لك ما هو التوحد عند الأطفال لكي تستطيعي التعامل معي بأفضل طريقة.

أنواع التوحد عند الأطفال

أعرف يا أمي أنك تسمعين الكثير من العبارات لوصف التوحد عند الأطفال مثل اضطراب الطيف التوحدي واسبرجر وأسماء أخرى، هذه الأسماء ما هي إلا أنواع قديمة للتوحد مقسمة حسب درجات التوحد عند الأطفال و اعراض التوحد عند الأطفال.

لكن في عام 2013 قرر علماء علم النفس ضم الأنواع تحت مرض اضطراب الطيف التوحدي ليشمل الأنواع كلها.

قسم التوحد قديما إلى خمسة أنواع وهم:

  • التوحد الكلاسيكي: النوع الأشهر والذي يمكن اكتشافه بشكل مبكر من عمر الشهرين.
  • متلازمة أسبرجر: وهنا تكون حدة المرض متوسطة ومعدل الذكاء مرتفع بالإضافة إلى مشاكل في التواصل الاجتماعي.
  • متلازمة ريت: تظهر بعد عمر 8 شهور.
  • الانحلال الطفولي: يظهر بعد تمام الطفل العامين ويبدأ في التدهور تدريجيا.
  • اضطراب النمو الشامل.

أعرف أنك تفكرين الآن في اضطراب طيف التوحد وكيف يمكن تشخيصه؟

تشخيص التوحد عند الأطفال هنا يعتمد على علامات، وجود عدد منها يؤكد التشخيص ولا يمكن ذلك إلا بالعرض على طبيب مختص.
اقرأ أيضًا: متى أحتاج إلى طبيب نفسي؟

فلنتحدث قليلا يا أمي عن علامات التوحد عند الأطفال

التوحد عند الأطفال

هناك علامات مبكرة للتوحد قد تظهر في الأشهر الأولى وتحديدا قبل تمام 18 شهرا واكتشاف العلامات مبكرا وسؤال المختصين يساعد كثيرا في العلاج، ومن هذه العلامات المبكرة:

  • لا ينتبه عند ذكر اسمه في عمر السنة.
  • لا يشير إلى الأشياء ليبدي اهتمامه بها مثل الطائرة عند عمر 14 شهرا.
  • لا يمارس الألعاب التخيلية التمثيلية مثل ألعاب العرائس.
  • ضعف التواصل البصري.
  • لا يفهم مشاعر الآخرين ولا يبدي مشاعره المختلفة.
  • تأخر في الجانب اللغوي.
  • يجيب على الأسئلة بإجابات غير مناسبة.
  • يقدس الروتين والنظام، وأقل تغيير في روتينه يزعجه كثيرا.
  • الرفرفة باليدين، واللف في دوائر، وتعمد خبط الرأس أو الجسد بصورة متكررة.

المهارات الاجتماعية

من أبرز المشكلات التي تميز التوحد عند الأطفال ضعف التواصل الاجتماعي منذ الصغر.

فكما ذكرت فإن المتوحد لا يستجيب لذكر اسمه ولا يتواصل بصريا ولكن هناك أعراض أخرى تخص الجانب الاجتماعي:

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

  • يتفاعل فقط عند الاحتياج لشيء ما.
  • لا يعطي تعابير صريحة بوجهه مثل الفرح والحزن وغيرها.
  • لا يتفهم المساحة الشخصية للأشخاص.
  • يتجنب اللمس والتواصل الجسدي بشكل عام.
  • لا يستطيع فهم مشاعر الآخرين أو التعبير عن مشاعره. 

في السن الصغير لا تنتظري مني التصفيق أو الاستمتاع بألعاب الاختفاء والظهور أو التلويح عند الوداع.

أعرف أنك تتساءلين الآن عن تأثير التوحد عند الأطفال على تكوين الصداقات فيما بعد، يختلف الأمر من حالة لأخرى فقد يستطيع الطفل التواصل مع عدد قليل من الأشخاص عندما يكبر وقد يفضل التواجد وحيدا حسب درجة التوحد ونوعه.   

يمكن تحسين بعض المهارات الاجتماعية مع الوقت والتدريب لتحقيق الحد الأدنى من التواصل مع الآخرين والإسهام في دمج الطفل اجتماعيا، وذلك قد يستغرق وقتا يا أمي لكن أعرف أنك ستصبرين علي وتساعديني.

السؤال التالي لديك هو متى سأتحدث إليك؟ دعيني أخبرك قليلا عن

المهارات اللغوية

المهارات اللغوية تتفاوت كثيرا بين الأطفال فقد يتحدث الطفل بكلمات بسيطة في عمر العام والنصف وقد لا يتحدث مطلقا في سن متقدم حتى أن بعض الحالات تتحدث ببعض الكلمات ثم تتوقف عن ذلك فيما بعد.

دعينا نتفق أن التوحد عند الأطفال يسبب تأخرا لغويا يختلف من طفل لآخر ويجب متابعته مع طبيب مختص ومساعدة الطفل على التطور والتعبير بالكلام ومن علامات التوحد عند الأطفال في الجانب اللغوي:

  • تكرار بعض مقاطع الحروف.
  • ذكر بعض الكلمات في غير موضعها: أنا بدل أنت مثلا.
  • الرد بإجابات غير مناسبة على الأسئلة الموجهة إليه.
  • لا يشير ولا يستجيب للإشارة.
  • التحدث بصوت نمطي نسبيا يمكن تشبيهه بصوت الإنسان الآلي.
  • لا يمزح ولا يفهم المزاح.
  • لا يستطيع ممارسة التمثيل أو الألعاب التخيلية.

لا أحتاج لتذكيرك يا أمي أن هذه الأعراض لا يجب أن تجتمع معا في نفس الشخص وأن درجاتها تتفاوت كثيرا حسب الحالة.  

تصرفات مميزة للطفل المصاب بالتوحد

هناك بعض التصرفات غير المألوفة التي قد تلاحظينها بسبب التوحد عند الأطفال أريد أن أذكر بعضها حتى لا تندهشي منها مثل:

  • وضع الألعاب دائما في صفوف.
  • اللعب باللعبة بنفس الطريقة كل مرة دون أي تغيير.
  • حب أجزاء الألعاب مثل العجلات وتدويرها وحدها لمدة طويلة.  
  • الطفل المتوحد شديد التنظيم ويكره تغيير هذا النظام.
  • يفضل الحركات التكرارية.
  • يفضل الروتين الثابت ويقدسه.
  • يكرر بعض الحركات بجسده مثل رفرفة اليدين.

بعض هذه الأفعال عادية وتحدث لكثير من الأطفال ولكن المقصود التكرار الزائد، سأذكر لك يا أمي أمثلة توضح ما أقصد:

الحركات التكرارية مثل لف العجلات في الطفل العادي قد تستغرق دقائق ويقطع الفعل بأي لعبة ثم يكرره، لكن في حالة التوحد عند الأطفال التكرار يستمر دون انقطاع لمدة طويلة جدا.

عندما ذكرت الروتين والنظام قد تعتقدين أنه أمر هين ولكن في حالات التوحد فإن أي تغيير بسيط جدا في روتين اليوم كتأخر حافلة المدرسة أو موعد الفطور كفيل بإدخاله في نوبة غضب شديدة.

من التصرفات التي تعد غريبة بعض الشيء أيضا هو ارتباط الطفل بفعل معين في وقت ما مثل مشاهدة فيديو كل يوم في الساعة الخامسة ويجب الالتزام بذلك وإلا يتأثر روتين اليوم.

لا تقلقي يا أمي سنعتاد معا على هذا الروتين ونحاول اجتياز مواقفنا الصعبة معا.

قد ذكرت لك ما لا يستطيع المتوحد فعله ولكن الآن أذكر لك ما يتقنه الطفل المتوحد ويفعله كالطفل العادي وأحيانا أفضل.

مهارات الطفل المتوحد

فيما يتعلق بالحركة كالمشي فلا يؤثر التوحد عند الأطفال عليها، كما أن بعض الأطفال يملكون قدرات هائلة على الحفظ والتذكر وتركيب القطع الصعبة، قد يستطيع القراءة بشكل جيد جدا في عمر مبكر، يمكنه أحيانا حل المسائل الرياضية الصعبة، لا يمكن عادة التنبؤ بقدرات الطفل المتوحد، ولكن مساعدته ومحاولة تطوير مهاراته يساهم في اكتشاف قدرات مذهلة لديه.

أخيرا أحدثك عن:

علاج سمات التوحد عند الأطفال

عند متابعتك لحالة طفلك منذ الصغر مع طبيب مختص فإنه يحدد العلاج الذي يحتاجه حسب درجة الحالة ويشمل العلاج:

  • جلسات للتحدث مع الطفل (تخاطب).
  • تعديل سلوكي وتنمية مهارات.
  • يمكن اللجوء لبعض الأدوية.

أمي الحبيبة، لقد حباك الله طفلا مختلفا يحتاج منك إلى جهد زائد في فهمه وتعليمه وتربيته، ولكن في الفترة الأخيرة هناك الكثير من النماذج المشرفة والمصابين بالتوحد، وجميعهم بلا استثناء وصلوا لما هم فيه بفضل دعم أهلهم. أنا أنتظر منك الدعم وأعدك ألا يخيب ظنك في أبدا يا أمي، ورغم عدم قدرتي على التعبير عن هذا فإني أحبك كثيرا.

إمضاء: طفلك المختلف.

اظهر المزيد

د. رحاب مجدي

رحاب مجدي، صيدلانية، كاتب ومراجع محتوى طبي ومحاضر في أكاديمية بن سينا الكتابة والبحث عن المعلومات الطبية هواية قديمة لذا فإن العمل في المجال يسعدني ولا أشعر أني مجبرة على العمل بل استمتع به

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى