عام

الثقة بين الطبيب والمريض| كيف آتَمِن الطبيب على أسراري؟!

(هبة) شابة عشرينية، مرت في حياتها بأحداث صعبة أثرت على صحتها النفسية؛ مما اضطر أهلها لاصطحابها إلى طبيب نفسي ، وبالفعل شُخصت حالة (هبة) بالاكتئاب الحاد.

وللبدء في رحلة علاجها النفسي؛ طلب منها الطبيب المعالج زيارته بشكل دوري ليتناقش معها حول أمور حياتها المسببة للاكتئاب، من أجل فهمها واختيار طريقة علاج مناسبة لحالتها.

لكن (هبة) لم تقتنع بذلك، محدثة نفسها قائلة: 

“كيف أبوح بأسراري وآلامي، وأصبح كالكتاب المفتوح أمام الطبيب؟!، لا يُعقل هذا أبدًا!

فلقد مر على سمعي شكاوى حول تعامل الطبيب مع المريض دون مهنية؛ كانتهاك حرمة جسده، أو استغلاله عاطفيًا، أو ابتزازه بالمعلومات التي أفصح عنها له!

وإذا لم يحدث ذلك لا يستمع إليه كفاية، بل ويفرض عليه نصائح وطرقًا علاجية دون التأكد من مناسبتها له.

إذا أجبرني أهلي على الذهاب إلى الطبيب النفسي؛ سأخترع قصصًا وأكاذيبَ، حتى لا أعرض نفسي لخطر الابتزاز أو الاستغلال.”

مخاوف المرضى من جلسات العلاج النفسي

هذا تفكير بعض المرضى النفسيين عن جلسات العلاج النفسي؛ نتيجة لما سمعوه عن أطباء لا يتمتعون بالمهنية والأخلاق.

تدور مشكلة هؤلاء المرضى حول “الثقة بين الطبيب والمريض”، وهي مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الطبيب النفسي وغيره من الأطباء في التخصصات المختلفة.

الثقة بين الطبيب والمريض حجر الزاوية في العلاج النفسي

 تساهم الثقة بين الطبيب والمريض في تحسين حالة المريض النفسي؛ إذ يتمثل دورها في توطيد علاقة الطبيب بالمريض وإقناعه بالإفصاح عما بداخله من مشاكل نفسية ومشاعر مضطربة للتنفيس عن نفسه ولمساعدة الطبيب في تشخيص حالته.

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

إذا وثق المريض في طبيبه النفسي، يستمع لنصائحه السلوكية والدوائية؛ مما يساهم في إنجاح العلاج النفسي تدريجيًا.

كيف يتعامل الطبيب النفسي مع المريض لكسب ثقته؟

كيف يتعامل الطبيب النفسي مع المريض لكسب ثقته؟

هناك مهارات عديدة يلجأ إليها الطبيب النفسي من أول زيارة للمريض؛ ليترك عنه انطباعًا طيبًا، ومن ثم تزداد الثقة في علاقة الطبيب النفسي بالمريض.

من أهم هذه المهارات:

١. البدء بتعريف نفسه

الطبيب النفسي البارع هو من يكسب ود وثِقة مريضه من أول جلسة؛ فتعريف الطبيب بنفسه وشرح دور الطبيب النفسي في مساعدة المريض بطريقة لطيفة وهادئة يبث الأمان في قلب المريض.

٢. التواصل الفعال مع المريض

حرص الطبيب على التواصل بصريًا وسمعيًا مع المريض (حتى لو لم يكن المريض مهتمًا ويأتي مرغمًا)؛ يعطيه انطباعًا باهتمام الطبيب بحالته ويحاول مساعدته للتعافي من مرضه. 

فمثلًا إذا اضطر الطبيب أن يُحيد بنظره عن المريض لتدوين ملحوظاته؛ فعليه إخبار المريض بأنه منصت جيدًا له.
ولكن كتابة الملاحظات مهم جدًا في رحلة العلاج.

٣. تقييم الموقف جيدًا وفهم طبيعة المريض

الطبيب النفسي الذكي هو من يفهم لغة جسد المريض وإن لم يتفوه، وهل هو بحاجة إلى الاقتراب المكاني منه للإنصات له أم لا.

فإذا شعر الطبيب أن المريض يُعاني قلة الاهتمام وأنه بحاجة إلى من يسمعه جيدًا ويُصدقه؛ في هذه الحالة يجلس الطبيب على مقربة منه وكله آذان صاغية، مع مراعاة المسافة الشخصية المناسبة بينهما.

أما إذا كان المريض شخصية قلقة خجلة، فمن الأفضل أن يستمع إليه الطبيب من على مسافة أبعد قليلًا؛ حتى لا يتوترَ المريض، ويُفصحَ عما بداخله بارتياح.

٤. أمانة الطبيب مع المريض

هنا يظهر دور الطبيب النفسي في توفير المعلومات حول الجلسات العلاجية، وفقًا لطبيعة المريض.

بعض المرضى يريدون فقط معرفة (المختصر المفيد) عن حالتهم ومواعيد الزيارات القادمة.

وبعضهم الآخر يسألون في (كل صغيرة وكبيرة)، ويحبون الاستفاضة في شرح حالتهم، وفهم الهدف من كل زيارة وهل تحقق أم لا.

المعالج النفسي المتميز هو من يبث الراحة والطمأنينة في نفوس مرضاه على اختلاف شخصياتهم.

مع مراعاة الأمانة في مدى تقدم أو تأخر رحلة علاجهم النفسي؛ مما يساهم لاحقًا في تقوية علاقة الطبيب بالمريض وتدعيمها بالثقة.

٥. سؤال الطبيب للمريض عن توضيح لما يقوله

من أهم المهارات في علاقة الطبيب النفسي بالمريض حرص الطبيب على استيضاح النقاط المبهمة في حديث المريض.

فهو يُشعِر المريض باهتمام الطبيب وحرصه على صحته؛ ما يترتب عليه زيادة الثقة بين الطبيب والمريض.

٦. معاملة المريض على أنه حالة منفردة

من أهم المهارات الداعمة للعلاقة بين المعالج النفسي والمريض.

فبعض الأطباء يعاملون المرضى على أنهم مجرد حالة مكررة نتيجة لروتينية عملهم ومقابلتهم لحالات مشابهة -من وجهة نظرهم- كثيرة.

لكن الحقيقة أن في الطب النفسي كل حالة متفردة عن الأخرى، وقد تأتي بتصرفات غير متوقعة. 

لذلك من الأفضل أن يكون تعامل الطبيب مع المريض النفسي وفقًا لظروف المريض المحيطة به وشخصيته وتجاربه.
حتى لا ينفر المريض منه أو يُصاب بالإحباط لعدم تفهم الطبيب له.

٧. تصديق المريض في كل حكاياته

وصف المريض للأعراض التي يمر بها -سواء كانت هلاوس أو ضلالات- للمحيطين به، ثم اصطدامه بردود فعل منهم بعدم تصديقه؛ من التجارب المؤلمة للمريض النفسي، فكيف إذا تكررت هذه التجربة مع الطبيب؟!

الطبيب الحاذق يُشعر المريض بأنه يفهم كل ما يمر به المريض ويصدقه في كل ما يقوله.

مع توضيح أنه سيكون بجانبه للخلاص من هذه المحنة. 

٨. احترام رغبة المريض بعدم الإفصاح

يتعرض الطبيب النفسي في أثناء الجلسة العلاجية لرفض المريض الإجابة عن سؤال معين، وقد يرفض المريض استكمال الجلسة.

ينبغي للطبيب تدارك الموقف جيدًا بحكمته، وبدلًا من إظهار التذمر من المريض يسأله عما يُضايقه في الجلسة.
ويُخبره بأنه إذا لم يرغب في الإفصاح عن شيء ما؛ سيحترم رغبته ويتفهم الأمر.

هذا ما يترتب عليه كسب ثقة المريض، وتوطيد العلاقة بين المعالج النفسي والمريض.

كيف أعرف أن هذا الطبيب ثقة؟

كيف أعرف أن هذا الطبيب ثقة؟

الثقة بين الطبيب والمريض تحتاج إلى مواقف من الطبيب تُثبت أنه مخزن أسرار المريض، وأن هدفه الأول والأخير هو مصلحة المريض.

لاختيار طبيب محل ثقة ومريح في تعامله؛ إليك هذه المعايير:

١. احترام الطبيب لقوانين مهنته الأخلاقية

من أهم المواقف الموطدة للثقة بين الطبيب والمريض مراعاته لأخلاقيات مهنته وضوابط العلاقة العلاجية في العلاج النفسي، ومن أبرزها:

  • احترام أسرار المريض وخصوصيته، وعدم الإفصاح عنها لأي شخص مهما كان.
  • البعد عن إنشاء علاقة مع المريض خارج إطار العلاقة العلاجية، كاستغلال المريض عاطفيًا أو جنسيًا.
  • عدم التلامس غير المبرر، كالطبطبة والحضن. 

وإذا تطلب الأمر فحص المريض، فلا يكون إلا بحضور ممرض من جنس المريض.

٢. احترام رأي المريض عند وضع الخطة العلاجية

وهو أحد أهم الإجابات عن سؤال: (كيف يتعامل الطبيب مع المريض بمهنية؟).

ففرض قرارات أو إجراءات على المريض دون استشارته والاستماع جيدًا لما يناسبه يجعله ينفر من العلاج النفسي.

إذا مررت بمواقف مع طبيبك يظهر فيها غضبه من إبداء آرائك، أو يقول أن وضع خطة العلاج من حقه وحده؛ عليك البحث فورًا عن طبيب آخر يتفهم دور المريض في وضع الخطة العلاجية.

٣. عدم تعجل الطبيب بإنهاء الجلسة

شعورك بأن الوقت هو آخر ما يفكر به الطبيب، وأن لك مطلق الحرية في الحديث عما يدور بداخلك دون تأفف الطبيب أو انزعاجه؛ يزيد من ثقتك فيه وارتياحك له.

يظهر ذلك واضحًا عن طريق:

  • سؤال الطبيب للمريض أسئلة مفتوحة؛ من أجل الحصول على إجابات شافية بها كل المعلومات.
  • تجاوب الطبيب معك في الحديث عن أنواع العلاج، مثل العلاج المعرفي السلوكي والعلاج بالتعرض والعلاج السلوكي الجدلي؛ وهدف كل منهم وآلية تنفيذه.

العلاقة العلاجية في العلاج النفسي لابد أن تكون مدعومة بـ “الثقة بين الطبيب والمريض”، وإلا لن يتحقق الهدف منها، بل ستكون عبئًا على المريض الذي يحتاج عونًا للخلاص من مشاكله النفسية.

وفي النهاية، أنصح (هبة) -وكل من يفكر مثلها- أن تخضع لجلسات العلاج النفسي مع اختيار طبيبها جيدا

المصدر
8 TIPS FROM A PSYCHIATRIC EMERGENCY NURSEHow Doctors Can Build Trust With Their Patients6 Questions to Ask a Therapist Before You Make It Official7 Signs Your Psychiatrist Is a Keeper
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى