الذاكرة الكاذبة False memory | خيالات أم حقيقة!

هل سبق لك أن شعرت أنك قد نسيت مفاتيح السيارة في المنزل، وقد ذهبت بالفعل تبحث عنها هناك، بينما هي موجودة في جيبك؟
وهل سبق لكِ أن جال بخاطِرِك أن والدتكِ قد سألتك أمرًا ولم تفعليه، وشعرتِ بالذنب، بينما هي لم تسألكِ أصلًا في الحقيقة؟!
ثم هل مررت بتجربة سابقة ظننت فيها أن شخصًا ما قد سرق محفظتك، بينما هو لم يفعل أبدًا؟!
أو هل تناولت علاجك في هذا الصباح؟ أم أنك تخيلت أنك تناولته فعلًا؟!
إن كنت ممن يعانون تخيل بعض الأشياء والأفعال دون أن يكون لها أي أساس من الصحة، فأنت تمتلك الذاكرة الكاذبة!
ما هي الذاكرة الكاذبة False memory؟
إنَّ الذاكرة هي جزء الدماغ المسؤول عن تذكر الأحداث التي يمر بها المرء، قريبة كانت أم بعيدة.
يستقبل المرء المعلومات فيسجلها المخ في ذاكرة المدى القصير، ثم تمر إلى ذاكرة المدى الطويل إذا صحبتها خبرة انفعالية كبيرة.
لكن في حالة الذاكرة الكاذبة أو ما يعرف بالإنجليزية ب False memory يعمل العقل على اختلاق مشاهدَ وأحداثًا تبدو حقيقية جدًا بالنسبة له، بينما لا وجود لها في الواقع!
مثلما تظن أنك قد نسيت إغلاق باب المنزل عند خروجك، لكنك في الحقيقة قد أغلقته.
قد تتطور الحالة إلى حد الوصول للإصابة بمتلازمة الذاكرة الكاذبة.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
للمزيد: فقدان الذاكرة الرجعي Retrograde amnesia
ما هي متلازمة الذاكرة الكاذبة؟
إن متلازمة الذاكرة الكاذبة أو False memory syndrome هي قدرة العقل على اختلاق أحداثٍ غير واقعية من بعض المعطيات الحقيقية.
يمكن أن تحدث بسبب بعض الخبرات الانفعالية السيئة والمحزنة منذ أيام الطفولة، مثل: العنف الجسدي أو الجنسي.
يمتلك هؤلاء الأشخاص بعض الذكريات المأساوية الصادمة عن واقعهم الماضي، والذي بدوره يؤثر في سلوكهم الحاضر.
يحاول هؤلاء الأشخاص اختلاق واقع جديد حول ذكرياتهم القديمة، واقع لا يمت للواقع بأي صلة!
ويعد أحد الأمثلة الشهيرة على هذا الأمر هو محاولة بعض الأطباء النفسيين استعادة ذكريات بعض الأشخاص.
استخدم الأطباء في هذه الأثناء تقنيات العلاج النفسي، مثل: التأمل والتنويم المغناطيسي في محاولة لإيجاد تلك الذكريات المنسية.
غالبًا ما تكون هذه الذكريات مأساوية أو تشير إلى عنف جسدي أو جنسي في أثناء مرحلة الطفولة، والذي أدى بدوره إلى جعلهم يكونون في عقولهم أحداثًا غير حقيقية وصورة خيالية لما قد حدث!
إن هذه الذاكرة الكاذبة تتخطى مرحلة السهو أو النسيان الذي يمكن أن نتعرض له جميعًا، فقد يصل الأمر إلى وضع أخطر.
مثل أن تظن أن شخصًا ما قد ارتكب جريمة قتل، وترشد الشرطة إليه، بينما هو لم يفعل شيئًا!
الفئة الأكثر عرضة لظهور الذاكرة الكاذبة
- الشهداء على الجرائم: لا تعد شهادة الأشخاص الذين رأوا ارتكاب الجريمة دقيقة أو شاملة لكل ما حدث.
يرجع هذا إلى مرور مدة من الوقت على حدوث الجريمة، تجعلهم ينسون التفاصيل، أو محاولة العقل في إكمال ما لم يره في المشهد، من وحي خياله!
- الأشخاص الذين تعرضوا للصدمة أو الاكتئاب أو التوتر الشديد.
- المصابون باضطراب الوسواس القهري: لا يثق هؤلاء الأشخاص في ذاكرتهم، لذلك يكررون نفس الفعل مرات عدة.
هؤلاء أكثر عرضة لتكوين خيالاتٍ عن أشياءٍ فعلوها أو لم يفعلوها!
- كبار السن: مع تقدم العمر، تقل قدرة العقل على الاحتفاظ بالتفاصيل الدقيقة، وتتلاشى الأحداث شيئًا فشيئًا.

اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن علاج التوتر والقلق النفسي
أسباب الذاكرة الكاذبة
يوجد عدة أسباب تحفز ظهور الذاكرة الكاذبة، مثل:
اقتراح الذكريات
عندما يحاول شخصٌ ما أن يذكرك بما حدث في أمرٍ معين، يمكن أن يختلق عقلك سيناريو مختلفا للمشهد الذي حدث.
فمثلًا: إذا كنت شاهدًا على جريمة قتل، وحاول المحقق أن يسألك عن لون القناع الذي كان يرتديه المجرم.
المحقق: هل تذكر لون القناع الذي كان يرتديه المجرم؟ هل كان أحمر اللون؟
هنا يحاول عقلك جاهدًا أن يتذكر لون القناع، فيتخيل شكل القناع في أثناء المشهد، ثم تقول: لا، أعتقد أنه كان أسود اللون وليس أحمر.
والحقيقة أن المجرم لم يكن يرتدي قناعًا بالأساس!
المعلومات الخاطئة
إذا تلقى الفرد معلومات خاطئة بشأن أحد الأحداث، واعتقد أنها حقيقية بالفعل، يمكن لعقله أن يختلق ذكرى جديدة تربط المعلومات الخاطئة بالحقيقية.
الخلط بين الأمور
إذا تلقى الفرد معلومات مختلفة عن عدة أحداث في نفس الوقت، يمكن أن يحاول عقله ربطها جميعًا لتكوين ذكرى واحدة جديدة ومختلفة.
المشاعر
تمتلك المشاعر تأثيرًا قويًا في طريقة تخزين الذكريات في المخ.
و يمكن للمشاعر السلبية أن تؤدي بالمرء إلى زيادة تكوين الذكريات الكاذبة بشكل أكبرَ من المشاعر الإيجابية.

تشخيص الذاكرة الكاذبة
يسعى الباحثون إلى قياس مدى نشاط المخ في أثناء عملية استرجاع الذكريات، وكيف يتمكن المرء من رؤية ذكريات وصور وأحداث كاذبة.
وقد توصلوا إلى أنه كلما زادت الذاكرة البصرية عند الفرد، زادت قدرته على تخيل الأحداث.
نصائح للتعامل مع الذاكرة الكاذبة
قد يبدو الأمر صعبًا أن يكون لديك ذكريات لا تعرف إن كانت صوابًا أم خطأ!
لكن يمكنك فعل بعض الأشياء لتحسين الوضع، والحفاظ على صحة الذاكرة، كالتالي:
- استخدم مدونة لتسجيل الأحداث التي تشعر أنه يمكنك نسيانها أو التشتت حيالها.
- اصنع صندوق الذكريات، وضع به عدة أوراق، كل واحدة منها تحوي أحد الذكريات الخاصة بك بكل التفاصيل.
- قلِّلْ تناوُلَ السكرِ الأبيضِ قَدْرَ الإمكان، لأنَّ تناولَ السكرِ الأبيضِ يؤثرُ في القدراتِ الإدراكيَّة، ويسبِّبُ ضَعْفَ الذاكرة.
- تناوَل الأطعمةَ الغنيةَ بالأوميجا 3 الذي يساعِدُ على تحسينِ الذاكرة، خاصةً عِندَ كبارِ السن.
- مارِس التمارينَ الرياضيةَ بانتظام.
- تناوَل الأطعمةَ الغنيةَ بمضاداتِ الالتهابِ ومضاداتِ الأكسدة، مِثل: الخضرواتِ والفاكِهَة، التي تقلِّلُ مِن خطرِ الإصابةِ بمشكلاتِ الذاكرة.
- خصِّصْ وقتًا لمُمارَسةِ تمارينِ الاسترخاء، مِثل: اليوجا أو التأمل، التي تقلِّلُ التوترَ وآلامَ الجِسمِ وتحسِّنُ الذاكرة.
- احصلْ على قسطٍ كافٍ مِن النَّوم، فقد أثبتَت الأبحاثُ أنَّ قلةَ النومِ تسبِّبُ اضطرابًا في الذاكرة، وعلى الصعيدِ الآخر، فالنومُ السليمُ يؤدِّي إلى ذاكرةٍ قويَّة.
- يمكنُ أنْ تُستخدَمَ بعضُ الألعابِ العقليةِ مِثل الأحاجي والكلماتِ المُتقاطِعَةِ مِن أجلِ تنشيطِ الذاكرةِ والحالةِ الإدراكيةِ بوجهٍ عام.
- حاوِل التقليلَ مِن تناوُلِ الكربوهيدرات لأنَّها تؤدي إلى مشكلاتِ الذاكرة.
- حافِظْ على مستوى فيتامين د في جِسمِكَ في المُعدَّلِ المناسِب، لأنَ نقصَه يؤدي إلى عدةِ مشاكل، منها: ضعفُ الحالةِ الإدراكيَّة.
للمزيد: الاسترخاء – Relaxation | أبطئ قليلًا!
أجل، تعد مشكلة الذاكرة الكاذبة أمرًا صعبًا لبعض الأشخاص، عندما تظن أنك فعلت أمرًا وأنت لم تفعله، أو العكس!
لكن يمكنك تدوين كل شيء تشك في نسيان تفاصيله في مدونتك الخاصة حتى تستطيع التعامل مع الأمر.

حسنا، سأذهب إلى النوم الآن بعدما أنهيت المقال.
لكن المقال لم ينتهِ بعد!
يا إلهي، هل أنا أيضًا مصابة بمتلازمة الذاكرة الكاذبة؟!