
هل تذكر ما كان يحدث عندما يأتي الضيوف إلى المنزل وكنت تتوارى عن الأنظار؟! عندما كانت والدتك تذهب بك إلى حفل الأصدقاء! وعندما تحدثت عن مشروع التخرج!
أجل، كنت تتصبب عرقا، يدك بالكاد تمسك بالهاتف كي تنسى من حولك، ودقات قلبك سريعة كأنما كنت في سباق سيارات عنيف!
إن كنت لا تعرف ما يدعى هذا فدعني أخبرك! إنه الرهاب الاجتماعي الذي يحول بينك وبين إقامة علاقات ناجحة مع من حولك، يسبب لك التوتر، بل قد يمنعك عن تحقيق أهدافك.
حقيقة الرهاب الاجتماعي
يعد الرهاب الاجتماعي أحد أنواع الاضطرابات النفسية التي تسبب القلق من التواجد بين الناس في أي مكان خوفا من نظرات الآخرين، أو التحدث معهم، أو حتى سؤالهم عن أي شيء.
يختلف الرهاب الاجتماعي عن الخجل في بعض المواقف، الرهاب الاجتماعي هو حالة متقدمة ومستمرة لفترات طويلة.
بينما الخجل هو شعور مؤقت حينما ينتهي يمكن للفرد أن يعود إلى مواصلة حياته والحديث مع الناس بشكل طبيعي.
متى يشعر المرء بالرهاب الاجتماعي؟
توجد العديد من المواقف التي تحفز حالة الرهاب الاجتماعي داخل الشخص وتجعله يود أن يترك المكان بأي شكل كان مثل:
- التواجد في تجمعات مثل زيارة الأقارب، أو الأصدقاء، أو الذهاب إلى حفل شواء.
- التحدث إلى أشخاص جدد.
- البدء في أي نقاش.
- الذهاب إلى العمل أو المدرسة.
- إلقاء كلمة أو محاضرة أمام الآخرين.
- تناول الطعام مع العائلة.
- المشاركة في أي نشاط جماعي.
- التحدث عبر الهاتف.
- الذهاب لمقابلة عمل.
أسباب الرهاب الاجتماعي
تختلف أسباب الرهاب الاجتماعي من شخص لآخر ومن الطفل الصغير إلى الشاب اليافع، لكن توجد بعض الأسباب المشتركة مثل:
- العوامل الوراثية: يمكن للفرد أن يكون عرضة بشكل أكبر للرهاب الاجتماعي إذا كان إحدى أفراد العائلة يسلك هذا النهج.
- مؤثرات الطفولة: يمكن أن يؤثر تعرض الطفل إلى التنمر من بعض الأشخاص إلى إصابته بالرهاب الاجتماعي وفقدان الثقة في نفسه، مثل التنمر على لونه، أو شكله، أو ملابسه، أو أي شيء آخر خاص به.
كذلك الاعتداء الجنسي يمكن أن يحطم نفسية الطفل إذا لم يجد الدعم المعنوي اللازم والمناسب بعده.
يمكن أيضا للصراع بين أفراد الأسرة خاصة الوالدين وتسلطهم أن يولد عند الطفل حالة من العزلة وعدم الرغبة في مقابلة الآخرين بل وفقدان الثقة فيهم.
- الاضطرابات العضوية: يمكن أن يؤدي اضطراب بعض الهرمونات مثل السيروتونين أو الزيادة في نشاط اللوزة المخية -وهي أحد أجزاء المخ المسئولة عن الاستجابة للقلق والخوف- إلى ظهور هذه الحالة.
أعراض الرهاب الاجتماعي

توجد الكثير من الأعراض التي تصيب المرء عند التعرض لأحد المواقف الاجتماعية مثل:
- احمرار الوجه.
- سرعة ضربات القلب.
- زيادة الشد العضلي والتأهب.
- التوتر.
- التعرق الشديد.
- الشعور بالارتجاف.
- الارتباك وفقدان القدرة على التركيز.
- الغثيان.
- تقلصات المعدة.
- سرعة التنفس.
- الإحساس بالدوار.
مضاعفات الرهاب الاجتماعي
يمكن للاضطراب النفسي الذي يسببه الرهاب الاجتماعي أن يحدث أثرا كبيرا ليس فقط على الفرد نفسه بل على حياته الاجتماعية وطموحاته في المستقبل مثل:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- فقدان الثقة بالنفس. اطلع على: الثقة بالنفس ولعبة المرايا
- قلة تقدير الذات.
- الشعور بالإحباط والاكتئاب. اطلع على: هل يمكن علاج الاكتئاب بدون دواء؟
- شحن العقل بالأفكار السلبية.
- الحساسية الشديدة تجاه النقد.
- ضعف مهارات التواصل مع الآخرين.
- العزلة وتجنب إقامة علاقات اجتماعية.
- تراجع الجانب الوظيفي.
- قلة الإنجاز.
- الاتجاه لتناول المخدرات أو الكحول.
- ظهور ميول انتحارية.
قد يبدو الأمر مخيفا لكن لا تقلق، كما يمكنك أن تعالج الصداع ببعض أقراص الباراسيتامول، يمكنك أن تعالج رهاب المجتمع بطرق أخرى، وأول خطوة في العلاج هي تشخيص الحالة.
تشخيص الرهاب الاجتماعي
يتضمن التشخيص الآتي:
- الفحص الجسدي للتأكد من عدم وجود أي مشكلة عضوية تتسبب في الحالة.
- تقييم المواقف التي يحاول الشخص تجنبها.
- تقييم الأعراض التي يصاب بها خلال هذه المواقف.
يتأكد الطبيب المعالج من وجود حالة الرهاب الاجتماعي عن غيرها بالأعراض التالية:

- الشعور الدائم بنوبات الهلع والقلق قبل مقابلة الأشخاص.
- استمرار القلق إلى الحد الذي يفسد العلاقات الاجتماعية والحياة اليومية.
- الخوف الدائم من مخالطة الناس خشية الإحراج أو التنمر.
- محاولة تجنب المواقف الاجتماعية التي تسبب التوتر.
- الخوف والقلق غير المبرر.
علاج الرهاب الاجتماعي
يبدأ الطبيب المعالج بعد التشخيص والتأكد من وجود الرهاب الاجتماعي في العلاج. ينقسم علاج الرهاب الاجتماعي إلى ثلاثة أقسام:
العلاج النفسي
يتبع الطبيب في علاج الرهاب الاجتماعي منهج العلاج المعرفي السلوكي، يبدأ في التحدث مع المريض عن طرق مختلفة للتفكير في المواقف، فبدلا من أن تعتقد أن الناس ينتقدونك، يمكنك القول إنهم يقدمون إليك النصح لتكون في وضع ألطف.
فمثلا عندما يخبرك أحدهم أن ثيابك رائعة لكن تحتاج إلى إضافة بعض الألوان، هم بالفعل يرونك رائعا ولكن ستكون أجمل إذا ارتديت الأزرق الداكن مع الأبيض الناصع.
كذلك يساعدك الطبيب على فهم طرق مختلفة للاستجابة في المواقف الاجتماعية، فيمكنك أن تبتسم في أثناء إلقاء المحاضرة بدلا من أن تتصبب عرقا. أنت تلقي معلومات هامة والجمهور يستمع برحب وسعة.
العلاج وسط مجموعات الدعم المعنوي

يجد المريض في هذه المجموعات من يعانون من الرهاب الاجتماعي مثله، مما يقلل من إحساس القلق لديه، ويساعده الحديث معهم في التغلب على خوفه من النقد أو حكم الآخرين عليه.
يمكنك قراءة مقال: العلاج الجماعي.. لست وحدك!
العلاج بالأدوية
يتضمن علاج الرهاب الاجتماعي بالأدوية ثلاث أقسام:
- العلاج بمضادات القلق: يعد العلاج بمضادات القلق من أقوى أنواع العلاج فهو يعمل على تقليل القلق والتوتر على الفور، لكن لا يمكن تناول هذه الأدوية لفترة طويلة لأنها قد تسبب تعود الجسم مما يفقده الاستجابة لها لاحقا.
- العلاج بمضادات الاكتئاب: يمكن أن يستخدم الطبيب بعض مضادات الاكتئاب في العلاج. تبدأ فعاليتها في علاج الرهاب بعد عدة أسابيع.
- العلاج بحاصرات مستقبلات بيتا: تستخدم حاصرات مستقبلات بيتا للتقليل من الأعراض المصاحبة للرهاب الاجتماعي مثل سرعة ضربات القلب والتعرق الشديد.
الوقاية من الرهاب الاجتماعي
يمكنك الوقاية من الرهاب الاجتماعي إذا لاحظت بداية أعراضه باكرا وإليك بعض النصائح:
- حاول متابعة التغيرات الاجتماعية في حياتك بشكل منتظم، وأسباب التوتر والقلق، وكذلك حالتك النفسية.
- نظم وقتك قدر الإمكان حتى لا تقع تحت دائرة التوتر المستمر.
- استشر الطبيب إذا أحسست أن معدل القلق بدأ يزداد بشكل غير مبرر.
- حاول التقليل من المشروبات المنبهة مثل الشاي والقهوة قدر الإمكان.
- خذ قسطا كافيا من الراحة والنوم. اقرأ: النوم الصحي.
- حاول ممارسة بعض التمارين الرياضية بشكل منتظم خاصة تمارين اليوجا والتأمل.
- خصص وقتا للاستمتاع بإحدى الهوايات مثل الرسم أو الكتابة بعيدا عن ضغوطات الحياة.
أجل، يمكن للرهاب الاجتماعي أن يصيبك بالقلق، والعزلة، والتراجع الوظيفي، أو حتى تدهور العلاقات الاجتماعية، لكن لا تدعه يأخذ الكثير من وقتك بعد الآن، يمكنك التحكم في التوتر عن طريق تحديد أسبابه، وطلب المساعدة الطبية في حلها، والتفكير في الأمر بمنظور مختلف، وتقليل أسباب التوتر، وتناول الأدوية الخاصة. حسنا، لنرك في الخارج قريبا يا صديق.