ترياق الحياة الصحية

السكتة الدماغية والزيارة المفاجئة!

لطالما كانت الزيارة المفاجئة غير مرحب بها من الكثيرين؛ إذ لم تكن في الحسبان. لكن ماذا إن كانت هذه الزيارة هي مرضٌ ثقيل، يؤثر في مخك -وربما على حياتك بأسرها- في غضون عدة ساعات فقط؟!

إنها السكتة الدماغية، إحدى أكثر الأمراض شيوعًا، والتي تحتاج لتدخل سريع جدًّا؛ لتفادي الضرر الدائم، أو موت خلايا المخ.

تحدث السكتة الدماغية نتيجة نقص وصول الدم للمخ، مما يؤدي إلى تلف خلاياه.

في هذا المقال، نبحث معًا في أنواع السكتة الدماغية، وأعراضها، وأسبابها، وكيف يكون التعامل معها، كذلك نتحدث عن علاجها، وإعادة التأهيل بعد الإصابة بالسكتة الدماغية، فتابع معنا القراءة.

ما هي السكتة الدماغية؟

يحتاج المخ إلى إمدادٍ متواصلٍ بالدم دون انقطاع، وتحدث السكتات الدماغية عندما ينقص أو يتوقف تدفق الدم للمخ، فينقص إمداد خلاياه بالأكسجين والمغذيات اللازمة لعملها.

ويحدث هذا النقص إما بتكوُّن جلطة في أحد الشرايين المغذية للمخ؛ فتقطع وصول الدم له، أو تسرُّب الدم منها نتيجة انفجار مفاجئ لأحد تلك الشرايين.

أنواع السكتة الدماغية 

هناك ثلاثة أنواع رئيسية للسكتة الدماغية، وهي:

أنواع السكتة الدماغية

السكتة الدماغية الإقفارية:

وهي الأكثر شيوعًا، وتحدث نتيجة انسداد أحد الأوعية الدموية المغذية للمخ بواسطة جلطة دموية، أو ترسبات دهنية.

السكتة الدماغية النزفية:

تحدث نتيجة انفجار أحد الأوعية الدموية وتسرب الدم منها؛ فيقل وصول الدم للخلايا، كما يسبب ضغطًا على الدماغ؛ فيؤدي إلى تلف أنسجته.

نوبات نقص التروية العابرة:

يمكن اعتبارها إنذارًا لحدوث سكتة دماغية فيما قريب، إذ تحدث نتيجة عدم وصول الدم بشكلٍ كافٍ، أو حدوث انسداد مؤقت لأحد الأوعية الدموية المغذية للمخ. 

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

وتأتي بنفس أعراض السكتة الدماغية، وتزول الأعراض وحدها دون علاج خلال عدة ساعات، فيعود مسار الدم لطبيعته. ويطلق عليها البعض “السكتة الدماغية المصغرة”. 

أعراض السكتة الدماغية

تظهر أعراض السكتة الدماغية بشكل مفاجئ ودون تحذير، إذ يستغرق الأمر عدة ساعات لحدوثه، ومن هذه الأعراض:

  • ارتباك وصعوبة مواصلة الحديث، أو صعوبة فهم ما يُقال لك.
  • صداع.
  • تشوش الوعي.
  • صعوبة تحريك أحد أجزاء جسدك، كوجهك، أو أحد ذراعيك، أو أحد قدميك؛ فغالبًا ما تؤثر الجلطة على أحد جانبي جسدك.
  • صعوبة المشي، وعدم توازن الحركة.
  • اضطراب الرؤية.
  • قد يحدث قيء.

وتختلف الأعراض في حدتها وتنوعها من شخص لآخر، لكنها تحتاج لتحرك سريع لتفادي الضرر الدائم لخلايا المخ أو موتها.

ومن المضاعفات الوارد حدوثها بعد السكتة الدماغية:

  • شلل أو ضعف بأحد جانبي الجسد.
  • صعوبة التحكم في المثانة أو الأمعاء.
  • الاكتئاب، وصعوبة التحكم في المشاعر.
  • قد تؤدي إلى ضرر دائم بالمخ.
  • قد تؤدي إلى الوفاة.

وتتأثر هذه المضاعفات بسرعة التحرك والتعامل مع السكتة الدماغية، فقد تحدث بشكل مؤقت، أو دائم.

ولتذكُّر الأعراض فهذه أهم علامات تخبرك بقدوم سكتة دماغية أو حدوثها، وأن عليك التحرك سريعًا:

  • الوجه: إذ يتأثر أحد جانبي وجهك فلا يتحرك عند التبسُّم.
  • الذراع: إذ تفقد القدرة على تحريك أحد ذراعيك عند رفعهما.
  • الحديث: إذ يصعب عليك فهم أو مواصلة الحديث.

فإن ظهرت عليك هذه الأعراض أو غيرها من السابق ذكرها فتوجه فورًا للمساعدة الطبية، حتى وإن اختفت الأعراض.

أسباب السكتة الدماغية

تختلف أسباب السكتة الدماغية تبعًا لنوعها، كما يلي:

أسباب السكتة الإقفارية:

تحدث نتيجة تكوُّن جلطة تمنع وصول الدم إلى أحد الأوعية الدموية المغذية للمخ، فتؤدي إلى الإقفار؛ وهو نقص وصول الدم الذي يحمل الأكسجين والمغذيات إلى المخ، مما يؤدي إلى موت خلاياه.

كما قد يكون سببها هو تصلب الشرايين الناتج عن تراكم الكوليسترول والدهون بالأوعية الدموية، وتحرك بعض أجزاء هذه الترسبات الدهنية، مما أدى إلى سد أحد الأوعية الضيقة.

أسباب السكتة النزفية:

تنتج عن إصابة أحد الأوعية الدموية بالمخ، كانفجارها نتيجة ضغط الدم المرتفع غير المنتظم، أو نتيجة إصابة بالغة بالجمجمة؛ أدَّت إلى حدوث نزيف بالمخ، مما يؤدي إلى تلف خلاياه، نتيجة وجود ضغط كبير عليها. بالإضافة إلى نقص الدم الواصل إلى تلك الخلايا، وقد ينتج عنها الوفاة في حالات كثيرة.

أسباب نوبات نقص التروية العابرة:

تشبه السكتة الإقفارية في كونها تحدث نتيجة جلطة تمنع وصول الدم إلى المخ بانتظام، قد يكون مصدرها القلب، أو أحد الشرايين المغذية للمخ.

وتُعد إشارة تحذيرية لاحتمالية حدوث سكتة دماغية في وقت قريب، إذ توضح الدراسات أن حوالي ثُلثِ من يعانون من هذه النوبات، تحدث لهم سكتة دماغية خلال عام إذا لم يتلقوا العلاج المناسب.

لذا عليك الانتباه، وطلب المساعدة الطبية إذا شعرت بأعراضها، حتى وإن تحسنت الأعراض وحدها بعد عدة ساعات؛ فقد تمتد هذه النوبات حتى أربع وعشرين ساعة فقط.

وكما فهمتَ من الأسباب السابقة، فهناك عدة عوامل قد تساعد على حدوث السكتة الدماغية، لذا دعنا نتحدث عنها عزيزي القارئ.

عوامل تزيد من احتمالية حدوث السكتة الدماغية

تصبح احتمالية تعرضك لسكتة دماغية أكبر إذا توافرت فيك العوامل الآتية:

  • السِّمنة أو زيادة الوزن.
  • التقدم في العمر؛ إذ تزيد نسبة حدوثها لمن هم أكبر من 55 عامًا.
  • ضغط الدم المرتفع.
  • زيادة الكوليسترول بالدم.
  • داء السكري.
  • وجود تاريخ بجلطات سابقة.
  • وجود تاريخ عائلي لأحد أقاربك من الدرجة الأولى أُصيبَ بسكتات دماغية.
  • الإصابة بنوبات نقص التروية العابرة.
  • الإصابة بأحد أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • كثرة الجلوس وإهمال النشاط البدني.
  • اتباع عادات غذائية غير صحية.
  • التدخين.
  • تناول الكحوليات أو المواد المخدرة.

اقرأ أيضًا: حقيقة الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي.

وكلما كان التحرك للمستشفى سريعا في حال الشعور بأي من أعراض السكتة الدماغية، تصبح فرصة علاجها أفضل.

علاج السكتة الدماغية

بعض السكتات الدماغية يمكن علاجها والسيطرة على الضرر الناجم عنها، أو إصلاحه مع الوقت، وبعضها الآخر يكون مميتًا أو يكون ضررها دائمًا.

ويختلف علاج السكتة الدماغية تبعًا لنوعها، كما يلي:

علاج السكتة الإقفارية:

يعتمد علاج السكتة الإقفارية على إزالة الجلطة وإعادة سريان الدم إلى الخلايا بشكلٍ كافٍ، عن طريق أخذ مسيلات للدم، ومذيبات للجلطة على الفور، مثل: منشط البلازمينوجين النسيجي؛ إذ يجب تناولها في أول ثلاث إلى أربع ساعات من حدوث الجلطة.

وفي بعض الحالات يتم إجراء عملية توسعة للشرايين المسدودة، بإدخال قسطرة لإزالة الجلطة أو الخثرة، وقد تُستخدَم دعامة لمنع ضيق الشريان مجددًا. ويتم إجراؤها أيضًا في خلال الست ساعات الأولى من الإصابة.

وعلى المدى الطويل يصف لك طبيبك بعض الأدوية للحفاظ على سيولة الدم، وتجنب التعرض للجلطات مرة أخرى. 

كما ستحتاج للسيطرة على عوامل الخطورة عن طريق الإقلاع عن العادات الخاطئة، واتباع عادات صحية جديدة.

علاج السكتة النزفية:

يركز العلاج هنا على السيطرة على النزيف، وتقليل الضغط على خلايا المخ. 

فيبدأ العلاج بتناول أدوية تقلل من الضغط على المخ، وتتحكم بضغط الدم المرتفع بالجسم، لمحاولة تفادي حدوث تشنجات أو انقباض للأوعية الدموية بالمخ.

وفي حالة تناول أي أدوية من مسيّلات الدم، أو مضادات التجلط، مثل: الوارفارين والكلوبيدوجريل، يتم إيقافها على الفور، مع تناوُل أدوية تُعاكس تأثيرها.

كما قد تحتاج لإصلاح الضرر الناتج بالأوعية الدموية المنفجرة، بإجراء جراحة لتدعيم تلك الأوعية، أو ربطها إن أمكن.

إعادة التأهيل بعد الإصابة بالسكتة الدماغية

يحتاج المصاب بالسكتة الدماغية إلى إعادة التأهيل بعد الإصابة، إذ تُعد حدثًا فارقًا في حياة المصاب بها على الصعيد البدني والنفسي. وتشمل إعادة التأهيل:

جلسات العلاج الطبيعي:

لاستعادة الحركة وتناسقها في الأجزاء المتضررة من الجسم إذا لم يكن الضرر دائمًا. قد يكون الأمر شاقًّا في البداية لكنه سيتحسن مع الوقت.

جلسات نطق وتخاطب:

وذلك لاستعادة القدرة على فهم ونطق الكلام. حاول أن تتحلّى بالصبر والإصرار، وربما يساعدك الاسترخاء ومحاولة إيجاد طرق بديلة للتواصل على التحسن بشكل أسرع.

العلاج الوظيفي:

حيث تحتاج لاستعادة القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية، مثل تناول الطعام والشراب، والاستحمام، والقراءة، وغيرها.

جلسات العلاج النفسي:

لتخطِّي الوقع النفسي للإصابة والتغير الناتج عنها، فقد تُصاب بالاكتئاب بعدها، لذا يكون العلاج النفسي ضروريًّا جدًّا.

الدعم النفسي من الأقارب والأصدقاء:

يشكل الدعم من الدائرة المقربة فارقًا كبيرًا بعد الإصابة بالسكتات الدماغية، لذا لا تتردد في مشاركة ما تحتاجه بوضوح معهم، وتقبل المساعدة منهم.

أخيراً عزيزي القارئ، بالتحرك السريع لطلب المساعدة، والتدخل الطبي في الوقت المناسب، والحرص على إعادة التأهيل بعد الإصابة كجزء تكميلي ضروري للعلاج، يصبح من الممكن استعادة حياتك بشكل طبيعي، تبعًا لدرجة إصابتك، فتفاءل خيرًا ولا تستسلم!

المصدر
Everything you need to know about strokeEverything You Need to Know About StrokeStrokeStrokeStroke
اظهر المزيد

د. آلاء عمر

آلاء عمر، صيدلانية، أم، وكاتبة محتوى طبي، أهدف إلى إيصال المعلومة الطبية للقارئ بسهولة وزيادة الوعي الطبي لدى الناس. مهتمة بمجال الصحة النفسية وما يخص الطفل والمرأة طبياً. مؤمنة بقدرة الإنسان على اكتساب الوعي والتغيير الإيجابي للإرتقاء بمستوى حياته للأفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى