الشعور بالدونية | أنت تستحق أفضل من هذا

كانت فتاة هادئة ومنطوية على خلاف أقراننا الآخرين في العمل.
ليست بارعة الحسن ربما؛ لكن هناك جاذبية ما في وجهها، وبريق من ذكاء في عينيها.
تعرفت إليها عندما دار بيننا حديث عابر مصادفة وهالني ما يخفيه صمتها!
أدركت أنني أمام شخصية تستحق أن تكون في مكان أفضل.
ومع الوقت أدركت أن الشعور بالدونية الذي يلازمها دائمًا هو التفسير الوحيد لكل تصرفاتها.
الشعور بأنها لا تستحق، الكثير من الفرص الضائعة بسبب انعدام رغبتها في المحاولة وغياب تقديرها لذاتها.
في هذا المقال، نتحدث عن مشكلة شديدة الخطورة تؤثر في حياة كثير منا، وهي الشعور بالدونية والنقص.
الشعور بالدونية وعقدة النقص
يُعرف الشعور بالدونية وعقدة النقص بأنه مزيج من عدة مشاعر مختلفة مثل: الخوف والنقص والاعتمادية وكره الذات وعدم الكفاية.
ترجع نشأة تلك المشاعرة عادةً إلى مرحلة الطفولة المبكرة؛ نتيجة لما يواجهه الأطفال من تحديات ومواقف بمواهب محدودة وغير مكتملة.
مع مرور الوقت وانتهاء تلك المرحلة، لا تختفي مشاعر الدونية؛ ربما تقل حدتها أحيانًا، وتظهر بقوة في أحيان أخرى.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ويختلف تأثير تلك المشاعر من شخص لآخر؛ ففي كثير من الأحيان تعد بمثابة محفز قوي يدفع الإنسان إلى تطوير نفسه.
بينما تمثل نفس المشاعر عند أشخاص آخرين عائقًا يمنعه من ممارسة حياته، إضافة إلى قائمة كبيرة من المشكلات النفسية التي تصاحبها.
هل أعاني عقدة نقص؟!
توجد كثير من العلامات التي تشير إلى أنك ربما تعاني الشعور بالدونية أو تسيطر عليك عقدة نقص.
من أشهر تلك العلامات:
- التركيز على الأفكار السلبية: تلك الأفكار التي تشعرك بالإحباط والاكتئاب وتجاهل النظر إلى نصف الكوب الممتلئ.
- الشعور الدفين والمستمر بالذنب والإحراج والعار، هذا بجانب جلد الذات.
- تفضيل العزلة والانطوائية والانسحاب من النشاطات الاجتماعية المختلفة والبعد عن الأهل والأصدقاء.
- التقليل الدائم والمتعمد من شأن الآخرين بدافع تبرير مشاعر فشله المستمر.
- استجداء عطف واهتمام الآخرين بادعاء المرض أو الاكتئاب.
- تجنب أي نوع من أنواع النشاطات التي تستوجب المنافسة أو أي نشاط يضعه في مقارنة مع الآخرين.
- إضاعة الكثير من الفرص التي من شأنها تغيير مسار حياته؛ وذلك نتيجة الخوف الشديد من اتخاذ أي مخاطرة أو استكشاف شيء جديد.
أسباب الشعور بالدونية
تتشارك العديد من العوامل والأسباب في تأصيل مشاعر الدونية لدى كثير من البشر، ومن أشهر تلك العوامل:
- عوامل أسرية:

تعد الأسرة مصدر الدعم الأول للطفل، ومن خلال مرآتها يرى نفسه ويكوِّن صورته الذاتية؛ فإما أن تكون سوية أو مشوهة!
لذلك؛ فالنشأة في كنف أبوين متحكمين أو شديدي الانتقاد ودائمي المقارنة بين أبنائهم والآخرين، تنمي الشعور بالدونية عند الطفل فيحملها بقية حياته.
عوامل مرضية:
تسيطر مشاعر الدونية على كثير من الأشخاص الذين يعانون بعض المشكلات أو الأمراض، سواء الجسدية أو النفسية أو العقلية، وخاصة في ظل تفشي التنمر، ومن أشهر تلك المشكلات:
- التأخر العقلي.
- فقدان السمع أو البصر.
- التلعثم.
- اختلاف شديد في الوزن أو الطول.
عوامل مجتمعية:
تؤثر القيم المجتمعية -خاصة تلك التي تتبناها وسائل الإعلام الخاصة- في طريقة رؤية الأشخاص لذواتهم وحكمهم على أنفسهم.
لهذا يمكن القول أن كل تلك المعايير المزيفة والمبالغ فيها التي تنشرها وسائل التواصل وقنوات الإعلام المختلفة سبب رئيسي في ظهور مشاعر الدونية.
بجانب هذا، فالمجتمعات التي يمارس أفرادها العنصرية والتمييز تعد بيئة خصبة لترعرع تلك المشاعر.
فمثلًا: تتسبب العنصرية ضد الجنس في تأصيل مشاعر الدونية عند المرأة، ويتسبب التمييز بناء على المستوى الاجتماعي والمادي في ظهور عقدة النقص عند الرجل.
هذا إضافة إلى العنصرية القائمة على الدين أو العرق.
التعرض لصدمة شديدة
تعد الصدمات بأشكالها المختلفة -جسدية أو عاطفية أو جنسية- التي نتعرض لها في حياتنا -خاصة في مرحلة الطفولة- من أهم أسباب الشعور بالدونية.
إذ تفقدنا تلك الصدمات ثقتنا في أنفسنا وفي قدراتنا، وتشوه صورتنا الداخلية؛ ففي كثير من الأحيان نلقي اللوم عليها ونغفل عن إدانة الجاني الحقيقي.
إن كنت تتساءل -عزيزي القارئ- عن كيفية التعامل مع شخص يشعر بالنقص لتنتقل إذًا للفقرة التالية.
كيفية التعامل مع شخص يشعر بالنقص

أولًا: الاستماع الجيد
ربما يكون أكثر ما يفتقد إليه شخص يشعر بالنقص وجود من يستمع إليه ويتفهم مشاعره؛ لهذا فخطوة الاستماع الإيجابي في غاية الأهمية.
حاول تطبيق خطوات الاستماع الإيجابي معه، وهي:
- الاستماع الجيد والانتباه لما يقول، ومحاولة البعد عن أي مشتت في أثناء ذلك.
- التركيز على مشاعره وما يقوله بدلًا من البحث عن ردود مناسبة له.
- تجنب إصدار أي نوع من أنواع الأحكام، والتحلي بالصبر قدر الإمكان.
ثانيًا: إظهار التعاطف
إن أولى الخطوات التي عليك معرفتها عند التعامل مع شخص ما تسيطر عليه مشاعر الدونية والنقص، هي الاستماع له والتعاطف معه دون محاولة إثبات العكس… كيف؟!
فعندما يخبرك أحدهم عبارات تشبه “أنا رجل سيئ ولا أستحق” لا تجادله أو تحاول نفي ما يقول… فقط أظهر تعاطفك وإقرارك بمدى صعوبة ما يشعر.
ثالثًا: الاحتواء والتشجيع
إن التجارب السلبية التي أدت إلى ظهور عقدة النقص عند الرجل، أو الشعور بالدونية عند المرأة أو الطفل، تورث داخل نفوسهم مشاعر الإحراج والخوف الذي يمنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
لهذا يمكن أن تكون مهمتك هي مساعدتهم على التخلص من خوفهم، وإشراكهم في تجارب أخرى إيجابية تعيد لهم ثقتهم الضائعة وتكسبهم خبرات جديدة.
رابعًا: البحث عن علاج
تعد تلك أهم الخطوات في رحلة التعافي من مشاعر الدونية والنقص والعودة لممارسة الحياة، وسنشرحها بالتفصيل في الفقرة التالية.
علاج الشعور بالدونية عند الطفل والمرأة والرجل

تؤدي جلسات العلاج النفسي دورًا مهمًّا في علاج الشعور بالدونية وتعديله، خاصة جلسات العلاج المعرفي السلوكي؛ وذلك عن طريق:
- اكتشاف الملابسات والمواقف التي أدت إلى غرس مشاعر الدونية لدى المريض، مثل: الصدمات النفسية، أو نقص المهارات الاجتماعية.
- إعادة صياغة الأفكار والمعتقدات السلبية والخاطئة المترسخة داخل عقلية هذا الشخص واستبدال أخرى إيجابية بها.
- تعزيز الثقة بالنفس واحترام الذات وتحسين الصورة النفسية عن طريق تعليمهم مهارات مختلفة.
العلاج الدوائي:
تعد مشاعر الدونية سببًا مهمًّا من أسباب ظهور بعض الأمراض النفسية مثل: الاكتئاب والقلق المفرط.
لهذا؛ ففي بعض الحالات يلجأ الطبيب إلى وصف بعض الأدوية المضادة للاكتئاب لعلاجه، مثل: مثبطات امتصاص السيروتونين المختلفة.
في الختام، أود أن أخبرك -يا صديقي العزيز- أن كل ما تحتاج إليه هو أن تحب ذاتك أكثر، وأن تشمل روحك بلطف أكثر، وأن تنظر لنفسك بعطف وفخر واعتزاز؛ فأيًا كان شكلك أو عرقك أو دينك أو جنسك أنت صنع الله أحسن الخالقين.
انا تلميذة، ابقى صامتة في القسم و منعزلة عن باقي الزملاء،اشعر بالدونية، لا أشارك في القسم رغم انني اعرف الإجابة، تنتابني افكار سلبية كأنني سأتعرض للإحراج وأبدو بمظهر مخجل، أتجنب اللقاءات ، أضيع الفرص و كل هذا بسسب خوفي ، ماهو الحل ؟