
الأطفال هم اللبنة الأساسية للمجتمع ونواته، فتنشئة طفل صحيح جسديََا وسوي نفسيََا هي بداية تقدم الأمم وازدهارها.
ولأن الصحة النفسية عند الأطفال لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية؛ نكتب لكم هذا المقال مساهمين ولو بالقليل في تسليط الضوء عليها ونشر الوعي بكل ما يخصها فتابعونا.
الصحة النفسية للأطفال والمراهقين
يعتقد معظم الآباء والأمهات أن مسؤليتهم تقف على حدود توفير مستلزمات الحياة المادية من مأكل ومشرب ورعاية صحية وجسدية.
ويتجاهل الكثير منهم -عن غير وعي- إشباع الاحتياجات النفسية لأطفالهم. ومع مرور الوقت وتزايد الضغوطات داخل المجتمع وظهور وانتشار الأمراض النفسية المختلفة عند الأطفال قبل الكبار، بدأ ازدياد الوعي بأهمية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين.
إن الاهتمام بالصحة النفسية عند الأطفال يجعل منهم أفرادا أسوياء قادرين على التعامل مع المشاكل التي تواجههم بشكل سليم.
كذلك فإنه يمنحهم الشجاعة للتعامل مع ما تلقيه الحياة على عاتقهم بين الحين والآخر.
قواعد الصحة النفسية للطفل
توجد العديد من القواعد والاحتياجات الأساسية اللازم توافرها لضمان سلامة الصحة النفسية عند الأطفال.
تعرف هذه القواعد باسم قواعد الصحية النفسية للطفل وهي:
العائلة هي كلمة السر

وجود محيط أسري وعلاقة مبنية على الحب والتقبل بين الطفل وعائلته يعد من أهم القواعد التي تبنى عليها سلامة الصحة النفسية عند الأطفال.
تقدير الذات
مساعدة أطفالكم على حبهم لأنفسهم وتقديرهم لذواتهم يجعل منهم أشخاصا أكثر قدرة على مواجهة الحياة.
يكون ذلك عن طريق غمرهم بالحب الدائم وغير المشروط بإنجازاتهم، ومساعدتهم على اختيار أهداف واقعية يمكن تحقيقها.
يمكن تحقيق ذلك أيضًا بتذكيرهم بمجهوداتهم المبذولة حتى في حالة فشلهم، وأخيرََا التأكيد على أن الفشل ليس نهاية المطاف.
الاستماع إلى الأطفال وتقدير مشاعرهم

التحدث بشكل دوري مع الأطفال حول يومهم والاستماع باهتمام لمشاكلهم وتقدير مشاعرهم هو بداية الطريق إلى صحة نفسية سليمة للطفل.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
توفير بيئة آمنة وإيجابية
وهي من أهم شروط و قواعد الصحة النفسية عند الأطفال.
حق اللعب والاستمتاع بالحياة
حق الترويح عن النفس مكفول لجميع الأطفال بلا استثناء. فالهدف الأساسي في تلك المرحلة هو استكشاف العالم المحيط.
تساعد مشاركتكم لأطفالكم في وقت اللعب على توطيد علاقتهم بكم.
حل المشاكل مهارة يجب تعلمها
مهارة حل المشاكل هي أحد أهم المهارات التي تساعد الطفل مستقبلََا؛ يمكنكم مساعدتهم عن طريق اقتراح عدة حلول وترك الخيار الأخير لهم.
العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للطفل
هناك العديد من العوامل المؤثرة في الصحة النفسية للطفل ويمكن تقسيمها إلى:
عوامل إيجابية تؤثر على الصحة النفسية عند الأطفال:
- وجود أسرة محبة، مترابطة، وداعمة للطفل.
- توفير رعاية صحية جيدة.
- تناول وجبات صحية متوازنة.
- ممارسة رياضة بشكل منتظم يضمن حالة نفسية مستقرة.
- امتلاك حياة مليئة بالمرح والسعادة.
- توفير بيئة آمنة للطفل.
- إتاحة الفرصة لممارسة هواية محببة للطفل.
- تقبل الطفل وإحاطته بالحب غير المشروط.
عوامل سلبية تؤثر على الصحة النفسية عند الأطفال:

تعد هذة العوامل بمثابة محفزات للإصابة بالأمراض النفسية على المدى البعيد ومنها:
- وجود تاريخ مرضي نفسي لأحد الأبوين.
- التعرض لصدمة عصبية شديدة مثل موت شخص قريب للطفل.
- تعرض الطفل لانتهاك جسدي أو جنسي.
- تعرض الطفل للتنمر بصفة مستمرة من قبل أقرانه في المدرسة.
- التغير الجذري في البيئة المحيطة بالطفل مثل انفصال الأب والأم أو الانتقال لسكن أو مدرسة مختلفة.
- التعرض للتمييز نتيجة لاختلاف الجنس أو العرق أو الدين.
- وجود مرض جسدي لدى الطفل يمنعه من ممارسة أنشطته الحياتية بشكل طبيعي لمدة طويلة.
- الوجود في بيئة غير مناسبة لنمو طفل سليم جسديََا ونفسيََا نتيجة للفقر أو التشرد.
علامات تعد بمثابة جرس إنذار لوجود خلل في الصحة النفسية عند الأطفال
توجد ضبابية كبيرة حول اكتشاف مشكلة في الصحة النفسية للطفل، وذلك لصعوبة التمييز بين التغيرات النفسية الطبيعية الناتجة عن تطور الطفل ونموه، وبين وجود خلل نفسي ما.
تزداد تلك المشكلة تعقيدََا في مرحلة المراهقة المشهورة بوجود تقلبات كبيرة في الحالة المزاجية بين الحين والآخر.
لا يستطيع الأطفال أيضََا التعبير عن مشاعرهم أو الدوافع وراء تغير السلوك الطارئ لهم بخلاف البالغين.
وتتمثل تلك العلامات في:
- ظهور حالة من الحزن الشديد والمستمر لمدة أسبوعين متواصلين أو أكثر.
- الانعزال عن الحياة الاجتماعية وتجنب الاختلاط مع الأصدقاء.
- تغير جذري وغريب في سلوك الطفل وحالته المزاجية.
- تغير في العادات الغذائية للطفل.
- فقدان في الوزن.
- وجود صعوبة في النوم أو النوم لفترات طويلة كنوع من أنواع الهروب من الواقع.
- ضعف في التركيز.
- فقدان الطاقة وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة.
- ظهور صعوبات في التعلم وانحدار في المستوى التعليمي.
- كثرة الأسئلة حول الموت والحديث عنه.
- محاولة إيذاء النفس أو التفكير في الانتحار وتعد تلك العلامة هي أخطر العلامات وضوحََا على وجود خلل في الصحة النفسية عند الأطفال.
أشهر الأمراض النفسية المنتشرة بين الأطفال والمراهقين
على عكس المعتقد فإن انتشار الأمراض النفسية لا يقتصر على المراحل المتقدمة من العمر، بل على العكس، يبدأ أحيانََا ظهور العديد من الأمراض النفسية في سن صغيرة، مهددةََ سلامة الصحة النفسية عند الأطفال.
من أشهر تلك الأمراض:
- الاكتئاب (depression):
ازدادت نسبة الإصابة بالاكتئاب بين الأطفال في العقود الأخيرة، وتنتشر بنسبة أكبر في مرحلة المراهقة عن الطفولة.
- اضطراب القلق العام (generalized anxiety disorder):
التغيرات المفاجئة التي تحدث بين فترة والأخرى تشكل أحيانََا خطرا على الصحة النفسية عند الأطفال، مسببةََ له القلق الشديد.
مثل القلق الناتج عن بدء مرحلة الدراسة أو الانتقال من مكان لآخر.
- اضطراب ما بعد الصدمة (post traumatic stress disorder):
يحدث هذا النوع من الخلل في الصحة النفسية عند الأطفال بعد حدوث صدمة شديدة مثل التعرض للانتهاك الجسدي أو الجنسي.
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (attention deficit hyperactivity disorder):
يعد هذا الاضطراب من أكثر الأنواع شيوعًا وانتشارًا بين الأطفال. يجد الطفل صعوبة في الحفاظ على انتباهه وتركيزه لمدة طويلة هذا بجانب سلوكه المندفع ونشاطه الزائد عن الحد. تؤثر كل تلك الأعراض على صحته النفسية حيث تقل قدرته على التعلم ويقل معها أداؤه الدراسي ويفقد مع الوقت ثقته في نفسه.
- اضطرابات الطعام (eating disorder):
إن تغير سلوك الأكل سواء فقدان الشهية أو النهم الشديد هو من مؤشرات وجود خلل ما في الصحة النفسية عند الأطفال.
تشتهر الإناث بهذا المرض عن الذكور، وهو له تبعات خطيرة على الصحة الجسدية في المستقبل.
- اضطراب طيف التوحد (autism spectrum disorder): ما يواجهه مرضى التوحد من عدم القدرة على التواصل الجيد مع المجتمع يسبب له العديد من المشاكل النفسية.
في الختام نذكركم بأن الاستمتاع بصحة نفسية جيدة في الطفولة يضمن لك صحة نفسية جيدة عند الكبر.
الصحة النفسية عند الأطفال هي مسؤولية الأبوين بشكل أساسي.
الاستماع للأطفال وتقدير مشاعرهم والتعامل معها بجدية هو أساس سلامة الصحة النفسية عند الأطفال.
المرض النفسي لا يفرق بين كبير وصغير.
كلما كان اكتشاف أي خلل في الصحة النفسية عند الأطفال أسرع كلما كان التعامل معها أسهل.
وصمة العار التي ستصاحبك كأب لا يهتم بصحة طفله النفسية هي أشد خطورة من وصم المجتمع لطفلك لإصابته بمرض نفسي.
طلب المساعدة من متخصص واللجوء إلى الطبيب هو حل لا يمكن إغفاله.
اقرأ أكثر: متى أحتاج إلى طبيب نفسي؟