الصرع عند الأطفال | أوجعتَ قلبي يا صغيري!

كان عُمر صغيري لا يتعدى أربع سنوات عندما أصابته أول نوبة في حياته، كان حينها يلعب مع أقرانه في الحديقة، وفجأة سقط أرضًا وتشنَّج!
انخلع قلبي حين رأيته، وأصاب والده الهلع، هرعنا به إلى أقرب مستشفى، وبعد رحلة الفحوصات الطويلة، أخبرنا الأطباء أن فلذة كبدنا مصاب بالصرع!
الآن -وبعد مرور مدة ليست بالقليلة- خففت الأدوية التي يتناولها صغيري من حدوث النوبات، وعلَّمنا الطبيب كذلك ما يجب علينا فعله عند حدوثها، لكن السؤال الذي ما زال يُلح على ذهني: “هل سيشفى طفلي من الصرع تمامًا؟!”
الصرع عند الأطفال من المشكلات الصحية الشائعة التي تقض مضجع العديد من الأسر.
يا تُرى، ما أسبابه؟ وما طرق علاجه؟
والسؤال الأهم: هل يشفى الطفل من الصرع في المستقبل؟!
هذا ما سنجيبكم عنه في السطور القادمة.
الصرع عند الأطفال
الصرع هو اضطراب يصيب الدماغ، ويعاني المريض فيه نوبات تشنجية متكررة، وهو واحد من أكثر اضطرابات الجهاز العصبي شيوعًا، ويصيب الأطفال والبالغين على حد سواء.
كيف تحدث النوبات التشنجية؟

يتكون الدماغ من مجموعة من الخلايا العصبية، التي تتواصل فيما بينها عن طريق الإشارات الكهربائية.
يصاب المريض بنوبة تشنجية إذا حدث خلل ما في الإشارات الكهربائية التي تصل الخلايا العصبية بالدماغ بعضها ببعض.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
وتختلف أسباب هذا الخلل الكهربائي، فقد يحدث نتيجة لـ:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- ارتفاع مستوى السكر في الدم أو انخفاضه.
- ارتجاج في المخ.
لكن، إذا أصيب الطفل بنوبتين أو أكثر دون سبب معروف، فهذا يعني أنه -على الأرجح- مصاب بمرض الصرع.
أسباب الصرع عند الأطفال
أسباب الصرع عند الأطفال ليست معروفة، ولكن يعتقد العلماء أن هناك بعض العوامل التي قد تساعد على نشأة هذا المرض.
من ضمن العوامل التي تساعد على نشأة مرض الصرع عند الأطفال:
- اضطرابات النمو، ومن ضمنها التوحد.
- الجينات: تنتقل بعض أنواع الصرع وراثيًا.
- الإصابة بحمى شديدة في الطفولة أدت إلى حدوث تشنجات.
- الإصابة ببعض الأمراض المعدية، مثل: الالتهاب السحائي.
- إصابات الرأس.
- أورام الدماغ.
- نقص الأكسجين في أثناء الولادة، أو قبلها.
- ضعف التغذية في أثناء الحمل.
اقرئي هنا عن التغذية المناسبة للحامل.
أنواع الصرع عند الأطفال

يوجد نوعان رئيسان من نوبات الصرع عند الأطفال؛ نوبات بؤرية ونوبات معمَّمة.
أولًا: نوبات الصرع البؤرية
يطلق عليها أيضًا “النوبات الجزئية”، وتصيب جانبًا واحدًا فقط من الدماغ.
قبل حدوث التشنجات، يشعر الطفل بمجموعة من الأعراض التي تنذر بقرب حدوث النوبة.
تشمل هذه الأعراض:
- تغيرات في السمع، أو الرؤية، أو الشم.
- أحاسيس غير اعتيادية، مثل: الخوف، أو النشوة، أو شعور الديجا فو.
تؤثر النوبات البؤرية تحديدًا في مجموعة معينة من العضلات، مثل: عضلات الأصابع، وعضلات الساقين.
عادةً، لا يفقد المريض وعيه عند إصابته بهذه النوبات، ولكنه يشعر كما لو كان متجمدًا، إذ يظل قادرًا على سماع ما يدور حوله وفهمه، لكنه يعجز عن الاستجابة له أو التفاعل معه.
قد يشعر المريض أيضًا ببعض الأعراض الأخرى عند حدوث هذه النوبات، مثل:
- الغثيان.
- شحوب الجلد.
- التعرق.
ثانيًا: نوبات الصرع المعمَّمة
تؤثر هذه النوبات في جانبي الدماغ، وعادة ما تسبب فقدانًا للوعي.
يشعر الطفل -غالبًا- بعد هذه النوبات بالنعاس والإرهاق.
وتشمل نوبات الصرع المعمَّمة:
- نوبات الصرع الارتخائية: وهي نوبات مفاجئة يفقد فيها الطفل السيطرة على عضلاته، وعادةً ما يسقط أرضًا، لذا تُسمى أيضًا “نوبات السقوط”، وتستمر هذه النوبة غالبًا نحو ست عشرة ثانية.
- الصرع الرمعي العضلي: وفيه تحدث اهتزازات قصيرة مفاجئة للعضلات، وتستمر نحو ثانية أو ثانيتين، ولا يفقد فيها المريض الوعي.
- النوبات التوترية الرمعية: وتسمى أيضًا “نوبات الصرع الكبير”، وهي من أكثر الأنواع شيوعًا. وفيها يتقلص أولًا جسد الطفل وأطرافه، ثم يتمدد، وبعد ذلك يرتجف وينتفض. وتستمر النوبة من دقيقة إلى ثلاث دقائق.
- الصرع الصامت (أو الصرع الصغير): يحدث هذا النوع عادةً في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربع سنوات وأربع عشرة سنة، وتستمر النوبة أقل من عشر ثوانٍ.
أعراض الصرع الصامت عند الأطفال
يصيب هذا النوع الأطفال أكثر من البالغين، من علاماته المميزة أن يبدو الطفل في أثناء النوبة وكأنه يحدق في الفراغ بضع ثوانٍ، ثم يعود بعدها سريعًا إلى المستوى الطبيعي من الانتباه.
تشمل أعراض الصرع الصامت عند الأطفال:
- توقف الطفل فجأة عن الحركة دون أن يسقط.
- مصمصة الشفاه.
- ارتعاش الجفون.
- حركات المضغ.
- فرك الأصابع.
الصرع عند الأطفال أثناء النوم
يصاب بعض الأطفال مرضى الصرع بنوبات تشنجية في أثناء نومهم، وتسمى “النوبات الليلية”.
تؤثر هذه النوبات في جودة النوم الذي يحصل عليه الطفل، وتسبب له شعورًا بالإرهاق والتشوش في اليوم التالي.
أعراض الصرع عند الأطفال أثناء النوم:
- الصراخ، وإصدار أصوات غريبة.
- تصلب الجسد.
- التبول اللا إرادي في الفراش.
- الانتفاض، والارتعاش.
- عض اللسان.
- السقوط أرضًا من الفراش.
- الاستيقاظ المفاجئ دون سبب.
غالبًا ما يُظهر الطفل بعد النوبة الليلية سلوكات غريبة غير معتادة، ويكون مرتبكًا، وربما لا يدرك ما حدث.
علاج الصرع عند الأطفال

يعتمد علاج الصرع عند الأطفال على الأدوية، ويمكن أن يلجأ الأطباء عند فشل العلاج الدوائي إلى وسائل أخرى، مثل اتباع بعض الأنظمة الغذائية أو التدخل الجراحي.
أدوية الصرع عند الأطفال
يستخدم الأطباء أنواعًا مختلفة من الأدوية المضادة للصرع، للتحكم في أعراض المرض.
جدير بالذكر أن هذه الأدوية تعمل على منع حدوث النوبات، لكن إذا حدثت النوبة بالفعل فليس بإمكانها إيقافها.
يصف الطبيب الدواء المناسب للطفل حسب حالته، وسنه، ومدى استجابته للعلاج.
من أهم أدوية الصرع عند الأطفال:
- فينوباربيتال: من أقدم الأدوية المستخدمة في علاج مرض الصرع عند الأطفال وأكثرها أمانًا.
قد يسبب للطفل في بداية تناوله بعض الأعراض الجانبية -مثل النعاس-، ولكن هذه الأعراض تتلاشى تدريجيًا بمجرد اعتياد الجسم على الدواء.
- حمض الفالبرويك: من الأعراض الجانبية الشائعة له زيادة الشهية للطعام واكتساب الوزن، لكنه قد يسبب أيضًا بعض الأعراض الخطرة، مثل: الفشل الكبدي.
تزداد احتمالية حدوث هذه الأعراض الخطرة في الأطفال الأقل من عامين، أو الذين يتناولون أدوية أخرى بجانب حمض الفالبرويك.
- فينيتوين: من أعراضه الجانبية: زيادة نمو النسيج اللثوي، وزيادة نمو الشعر في وجه الطفل وجسمه.
- كاربامازيبين: يجب أن يجري الأطفال الذين يتناولون هذا الدواء فحوصات دم دورية، لأنه قد يسبب انخفاضًا شديدًا في عدد كرات الدم البيضاء، مما يجعل الطفل أكثر عرضة للعدوى والمرض.
ما مدة علاج الصرع عند الأطفال؟
تعتمد مدة علاج الصرع عند الأطفال على توقف حدوث النوبات التشنجية، وغالبًا ما يوصِي الطبيب بالتوقف التدريجي عن تناول الأدوية المضادة للصرع إذا مر على الطفل من سنتين إلى خمس سنوات دون حدوث أي نوبة تشنجية.
إذن…
هل يشفى الطفل من الصرع نهائيًا؟
لا يحتاج العديد من الأطفال إلى العلاج الدوائي طوال حياتهم، إذ يشفى بعضهم تمامًا عندما يصل سن البلوغ، لكن قد يحتاج آخرون إلى الاستمرار في تناول الأدوية طوال حياتهم لمنع حدوث النوبات التشنجية.
في النهاية -عزيزي القارئ- ندرك تمامًا ما تشعر به من خوف وقلق على طفلك المصاب بمرض الصرع، لكن فلتعلم أن التدخل المبكر لعلاجه قد يساعد الطفل على الشفاء التام منه مع الوقت.
فاحرص على اتباع إرشادات الطبيب بدقة، ولا تهمل في إعطاء طفلك الدواء.
مع تمنياتنا لطفلك بالشفاء العاجل!