الصورة الذاتية | كيف أرى نفسي

أشعر دائمًا بالتميز، وهذا الشعور يمنحني نشاطًا وقدرة على العطاء، ولكن أحيانًا ينعتني من حولي بالغرور، ولا أجد لهم مبررًا لذلك؛ فقد اعتدت دومًا على الثقة بنفسي وبقدراتي.
عزيزي القارئ…
هذا مثال إيجابي للصورة الذاتية، نحاول في ما يأتي تسليط الضوء على هذا الموضوع.
ما مفهوم الصورة الذاتية (Self-Image)؟
هي منظور شخصي أو صورة ذهنية لدى الشخص عن نفسه، وبعبارة أخرى: هي قاموس داخلي فيه خصائص هذا الشخص، مثل كونه ذكيًا أو جميلًا أو قبيحًا أو موهوبًا أو أنانيًا أو ودودًا…
تشكل هذه الخصائص صورة مجمعة، فيها نقاط القوة والضعف كما يراها الشخص في نفسه.
الفرق بين الصورة الذاتية ومفهوم الذات (Self-Concept)
يخلط كثير من الناس بين المصطلحين، ومعناهما متقارب جدًا مع فارق مهم؛ وهو: أن مفهوم “الذات” أوسع وأشمل (كيف يفكر الإنسان ويشعر ويرى نفسه).
أما “الصورة الذاتية” فهي جزء من مفهوم الذات تتعلق بكيفية نظر الإنسان إلى نفسه، عن طريق العناصر والأبعاد التي سنوردها لاحقًا.
الفرق بين الصورة الذاتية والهوية الذاتية (Self-Identity)
مفهوم الهوية الذاتية أوسع من مفهوم الصورة الذاتية أيضًا، ويعني: التكامل بين التصورات المختلفة للصورة الذاتية ودمجها معًا لتكوين الهوية الذاتية.
أهمية الصورة الذاتية

يمكن أن نرى أنفسنا بصورة واقعية أو بصورة مشوهة، وبناء على ذلك يمكن أن نصل إلى صورة ذاتية إيجابية أو أخرى سلبية.
وتؤثر نقاط القوة والضعف في صورتنا التي نحن عليها في الوقت الحاضر، ومع تلقي المعلومات باستمرار نقيم هذه الصورة على مستويات متنوعة:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- على مستوى الشكل الخارجي (كيف أبدو؟).
- علـى مستوى الأداء (كيف أقوم بالمهام المطلوبة؟).
- على مستوى العلاقات (ما مدى أهميتي في المجتمع؟).
وهنا تكمن أهمية الصورة الذاتية؛ فعن طريقها نعرف جيدًا مواضع قوتنا وقدراتنا، وعوامل ضعفنا وحدود إمكاناتنا.
وهذا يؤثر مباشرة في في طريقة تفاعلنا مع ما حولنا، فالصورة الذهنية الإيجابية تفجر الطاقات الجسدية والذهنية والاجتماعية والعاطفية.
وعلى النقيض من ذلك، تضعف الصورة الذهنية السلبية قدراتنا في شتى المجالات، وتؤدي إلى عدم الرضا ونقص الثقة بالنفس.
عناصر الصورة الذاتية وأبعادها

حيث إنه لا يوجد اتفاق واسع على إطار محدد للصورة الذاتية، ظهرت بعض المقترحات التي تشرح عناصرها وأبعادها، نذكر منها:
ما قدمته (سوزان أولتمان) التي تعمل لصالح إحدى كليات التعليم والتدريب المستمر بجنوب إفريقيا، إذ ذكرت في اقتراحها الذي طرحته عام 2014م ثلاثة عناصر للصورة الذاتية، وهي:
- الطريقة التي يفكر بها الإنسان عن نفسه.
- الطريقة التي يفسر بها الإنسان أفكار الآخرين عنه.
- الشكل الأمثل الذي يطمح إليه الإنسان ويهدف إلى تحقيقه.
أما أبعاد الصورة الذهنية فهي ستة أبعاد، وهي:
- البعد الظاهري: كيف يقيم الإنسان مظهره وشكله الخارجي.
- البعدُ النفسي: كيف يقيم الإنسان شخصيته.
- البعد الفكري: كيف يقيم الإنسان ذكاءه.
- البعد المهاري: كيف يقيم الإنسان مهاراته الاجتماعية والمهنية.
- البعدُ الأخلاقي: كيف يقيم الإنسان مبادئه وقِيمه.
- البعد الجنسي: شعور الشخص بانسجامه مع معايير المجتمع الذكورية أو الأنثوية.
كيف نطور صورتنا الذاتية؟
فيما يأتي بعض الأفكار والنصائح لتطوير الصورة الذاتية وتعزيز الثقة بالنفس:
1. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة
ليس بمقدورك تغيير كل شيء في آن واحد، ولهذا لا تخف من البدايات الصغيرة، وحدد لنفسك أهدافًا يسيرة قابلة للإنجاز وابدأ في تحقيقها.
2. لا تجلد ذاتك
تعلم كيف تتعامل مع صوت النقد الذاتي وتحوله إلى مصدر إلهام لتعزيز ثقتك بنفسك.
تعرف أفكارك السلبية وقاومها، وكلما سهل عليك تعرف تلك الأفكار سهل عليك تغييرها.
3. كافئ نفسك من آن لآخر
من المفيد أحيانًا التوقف لبرهة وإعادة استجماع النفس والتفكير في الأمور الإيجابية في شخصيتك؛ فهذا من شأنه زيادة ثقتك بنفسك ومساعدتك على تغيير السلبيات إلى إيجابيات.
4. ابذل ما تستطيعه من جهد
عندما ترى شخصًا ينشد الكمال فقد تشعر بالإحباط ويتأثر تقييمك لنفسك في المستقبل، ولكن هذا أمر طبيعي.
قدم أقصى ما لديك من مجهود، وكن سعيدًا بعد إنجازاتك، فهذا وإن كان أمرًا عابرًا إلا أنه يحسن صورتك الذاتية.
لا تفكر كثيرًا في الأمور التي لم تنجح في تحقيقها.
5. احذر الوقوع في فخ المقارنات
لكل واحد منا قدراته وإمكاناته وظروفه، وعندما يقارن المرء نفسه بالآخرين فإنه يقع فريسة تحديات قد لا يتمكن من مواجهتها والتغلب عليها.
{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، هناك دائمًا من هو أفضل منك في شيء ما؛ فمن الأفضل أن تقارن نفسك الآن بما كانت عليه في الماضي لتقيس مدى تقدمك، وبالتركيز على إنجازاتك يمكنك تحفيز نفسك لتحقيق المزيد.
6. تخير أصدقاءك ورفاقك
أحط نفسك دائمًا بالأشخاص الإيجابيين الذين يرشدونك إلى طرق النجاح ويدعمونك في تحقيق أحلامك.
عندما يقتنع الآخرون بإمكاناتك فسيكون من السهل عليك أن تقتنع أنت بنفسك.
7. لا تدع الكارهين يقفون في طريقك
ستجد دومًا من يحاول أن يعرقل تقدمك ويشعرك بعدم كفاءتك، فلا تعرهم انتباهك ولا تأبه بما يقولون، وذكر نفسك دائمًا بأنك قادر على تحقيق ما تصبو إليه.
8. ارتدِ ملابس تشعرك بالرضا عن نفسك
فهذا من شأنه تقوية الثقة بالنفس والشعور بالارتياح، وعلى الرغم من بساطته فإنه يصنع فارقًا كبيرًا، “إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَال”.
9. تناول غذاءً صحيًا
تناول الغذاء الصحي المتوازن يمكن البدن والذهن من الأداء الجيد؛ مما ينعكس إيجابيًا على صورتك الذاتية.
10. مارس الرياضة بانتظام
المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية -وإن كانت يسيرة كالمشي والهرولة وركوب الدراجات- تساعدك على تحسين صحتك الجسدية والعقلية، وتحسن حالتك المزاجية أيضًا.
11. احصل على قسط كافٍ من النوم
النوم الجيد مفيد من الناحية الجسمية والنفسية، ويشعرك بالرضا عن نفسك، ويساعد على تقليل التوتر وتجنب الاكتئاب وشحذ الانتباه.
12. افعل الأشياء التي تستمتع بفعلها
يميل الناس دومًا إلى ممارسة ما يبرعون فيه، إذ يشعرهم ذلك بالرضا عن أنفسهم.
وعندما تمارس ما تحبه فستشعر بالإنجاز، مما ينعكس على حالتك المزاجية ونظرتك إلى نفسك وإلى قدراتك.
13. أسدِ المعروف إلى الآخرين
عندما تعامل الآخرين بود فسوف تفكر في نفسك وتتعامل معها بود أيضًا، ليس من المهم أن يكون هذا المعروف كبيرًا ولكنه سيساعدك ويساعد الآخرين على الشعور بالرضا.
14. كن فخورًا بنفسك
لا يوجد في هذا الكون أحد يشبهك تمامًا، قد يشعرك هذا بشيء من التميز، وشعورك بالرضا عن ما لديك من قدرات يرفع روحك المعنوية ويدفعك إلى الأفضل دومًا.
لا يفوتنا في ختام هذا المقال أن نوجه رسالة إلى الآباء والمعلمين؛ فعليهم يقع الدور الأكبر في تكوين الصورة الذاتية للطفل منذ طفولته المبكرة، وبفضل توجيهاتهم وإرشاداتهم يتمكن الإنسان من تصحيح صورته الذاتية مدى الحياة… فاتقوا الله في الأمانة التي بين أيديكم!