الطفل غير الاجتماعي | هل أحببتك أكثر مما ينبغي يا صغيري؟

“أحببتك أكثر مما ينبغي”
كان هذا عنوان الرواية التي أريد أن أقرأها من مكتبة زوجي، لكن مهلًا، هل من الممكن أن يكون حبي لصغيري هو السبب؟
السبب في تعلقه المفرط بي وبوالده، فهو يخشى الغرباء، ويتجنب اللعب مع الأطفال في نفس عمره!
الطفل غير الاجتماعي ظاهرة منتشرة لا يمكن التغافل عنها، فدعونا نبحر في أمواجها، ونصل إلى أعماقها.
ما بين الخجل والرهاب تأتي حقيقة الطفل غير الاجتماعي
هل أحسستِ يومًا بأن طفلك غير اجتماعي، بل يبدو منطويًا قليلًا، ويخاف الغرباء؟
من الجيد ملاحظة ذلك، لكن لا تقلقي، فهناك أطفال خجولون بطبعهم.
يقتصر الشعور بالخجل على مواقف معينة، يعود بعدها طفلك إلى طبعه المرح، وسرعان ما تزول هذه الصفة بتقدم العمر.
بينما يعد الرهاب الاجتماعي حالة نفسية مزمنة قد تصل لكونها مرضية، فالطفل المصاب به لا يستطيع التعامل في المواقف الحياتية الطبيعية، ويسعى دائمًا لتجنبها؛ ما يجعله منطويًا وحيدًا.
أعراض الطفل غير الاجتماعي

انتشر الوعي بين الأمهات عن ماهية نفسية أطفالهم.
فتراهم يبحثون عن أمراض تشتت الانتباه، والتوحد، والانطواء؛ في محاولة لمعالجتها منذ البداية.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
لذا سنشير في هذه الفقرة إلى بعض الأعراض التي قد تعد ناقوسًا للخطر:
- عدم قدرة طفلك على بدء محادثات مع الآخرين بمفرده.
- التحدث في مواضيع أخرى غير المثارة أمامه وصعوبة التفاعل معها.
- يسأل العديد من الأسئلة غير المناسبة.
- يكرر المعلومات التي تثيره دائمًا، مثل: التحدث عن شخص يحبه أو لعبة أو نشاط.
- لا يتفاعل مع ما يقوله الآخرون.
- لْا يفهم النكات أو الأشياء غير الصريحة.
- لا ينفذ ما يُطلب منه.
- يتحدث بسرعة وتوتر، وفي أحيان أخرى ببطء وعدم انتباه وتشتت.
- يُظهر اعتراضه عند محاولة تغيير سلوكه في موقف ما.
- يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره، مثل: الغضب، والفشل وخيبة الأمل.
- لا يستوعب عاقبة أفعاله.
- يتجنب المواقف الاجتماعية، ويميل للتواجد معكِ أو مع من يعرفهم من الأقارب فقط؛ ما يجعله انطوائيًّا أو أنانيًّا.
أسباب تزيد من احتمالية الخطر
- عوامل جينية: إذا كنت من الأشخاص غير الاجتماعيين، فقد يكون طفلك مثلك.
- البيئة الاجتماعية: قد يتعرض الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض للعنف المنزلي؛ ما يؤدي إلى تقليل ثقتهم في أنفسهم، وصعوبة تفاعلهم مع المجتمع.
- ضعف القدرة الذهنية: تؤثر سلبًا في التفاعل بين الوالدين والطفل؛ لذا هناك غالبًا علاقة بين الطفل غير الاجتماعي، وقدرته الذهنية.
- رفض الأقران: وُجد أن الأطفال الذين تعرضوا للرفض من أقرانهم، في أولى مراحل حياتهم عانوا مشكلات في التواصل الاجتماعي أكثر من غيرهم.
أسباب عدم تفاعل الطفل مع الآخرين

“طفلي يرفض اللعب مع الأطفال”
غالبًا تكون تلك شكوى الأمهات الأساسية؛ لذا ينبغي للوالدين التأكد من عدم وجود أي مشكلات نفسية أو عضوية تعيق استيعاب الطفل، وتؤخر درجة تفاعله مع أقرانه، ومن هذه المشكلات:
- مرض التوحد.
- فرط الحركة ونقص الانتباه.
- مشكلات البصر أو السمع.
- تأخر النطق.
هناك أيضًا بعض الأسباب المتعلقة بنمط المعيشة والبيئة المحيطة، مثل:
- ترك الطفل وقتًا أطول من اللازم أمام التلفاز، فالحد الأقصى ساعتان يوميًّا “كما نصت عليه الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال”.
- ترك الطفل وحيدًا فترات طويلة، وتجاهله، وقلة التفاعل معه.
- عدم وجود أشقاء للطفل.
- تأخر الذهاب إلى الحضانة قد يؤثر سلبًا في نشاط الطفل، ومهارات التفاعل لديه.
- المشكلات العائلية قد تزيد من خطر الإصابة بالمضاعفات لدى الطفل غير الاجتماعي.
كيف أجعل طفلي محبوبًا اجتماعيًّا؟

يرتبط طفلكِ بكِ أكثر من أي شخص آخر، لا سيما في أولى مراحله الحياتية، ومع ذلك يحتاج إلى أطفال آخرين.
في هذه الفقرة سنلقي الضوء على أهم النصائح التي تزيد من مهارات طفلك الاجتماعية، ومنها:
- احرصي على توفير بيئة مناسبة له من الأصدقاء، وادعيهم إلى المنزل؛ ليشاركوه العديد من الأنشطة.
- اصطحبيه إلى المنتزهات والحدائق؛ ليدرك أن الحياة ليست بالمنزل فقط، وأن هناك آخرين نتعامل معهم.
- اتركي له بعضًا من المساحة الخاصة.
- العبي معه ليستطيع فهم تبادل الأدوار، وكيفية اللعب المناسب بالألعاب المختلفة.
- أظهري له مشاعر الرفق، والرحمة مع الآخرين؛ فأنتِ مرآته التي يستمد منها آراءه ومشاعره.
- استخدمي العديد من القصص التفاعلية التي تذكر مواقف قد يتعرض لها، وتذكر أيضًا الرد المناسب؛ الأمر الذي يسهم في تطور أداء طفلك بصورة احترافية وسريعة.
- رددي أمامه العبارات التي تعزز ثقته بنفسه عند التعامل مع الآخرين، مثل:
- مرحبا أنا اسمي,,,,
- هل يمكنني اللعب معك؟
- هذا دوري.
- علمي طفلك مبدأ الخسارة وأنه ليس الفائز دائمًا؛ حتى لا يصبح أنانيًّا.
- إجراء مناقشة حول التنمر، فدائمًا ذكريه بأن التنمر ليس جيدًا وأنه بحاجة للتحدث إذا حدث ذلك.
ترياق التعامل مع الطفل غير الاجتماعي
- طرق الوقاية:
تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتقليل خطر إصابته بالعزلة، ينبثق منكِ، فأنتِ الحجر الأساسي للتعامل معه.
كل ذلك يلقي على عاتقك مسؤولية أفعاله وتصرفاته؛ لذا ننصحك:
- بالتحدث مع طفلك عن أخطائك، وكيفية التعامل معها، فذلك يُثري حصيلته من المهارات الاجتماعية.
- لا تذكري صفة الخجل أمامه، ولا تنعتيه بها.
- لا تنتقديه أمام الآخرين.
- شجعيه على إنجازاته الصغيرة.
- التدخل العلاجي:
قد يحتاج بعض الأطفال إلى الدعم العلاجي الواضح والصريح لتنمية مهارات الاتصال لديهم.
تختلف درجة التدخل العلاجي على مدى تطور حالة الطفل وصحته وعمره.
يشمل العلاج:
- الدعم النفسي من الطبيب المعالج والآباء.
- العلاج المعرفي السلوكي.
وختامًا…
طفلك أمانتك التي وهبها الله لكِ، فلا تترددي أبدًا في الاطلاع على كل ما يخصه نفسيًّا وتربويًّا، ولكِ في ذلك قسمنا “ترياق الطفل“.
بقلم د/ يمنى فتحي