الطلاق | بين الأمل والوصم!

ليلةٌ مظلمة، وكأن كل هموم العالم اجتمعت لتمكث في قلبي بلا أدنى نية للخروج!
كل الوجوه حزينة؛ أمي، أبي، وإخوتي!
يعزيني الجميع وكأن عندي فقيدًا رحل من الدنيا إلى السماء!
أجل، إن عندي فقيد، لكنه رحل من دنياي أنا فقط، إلى سماء غيري!
يوم الطلاق، ذاك اليوم الذي أبى زوجي السابق إلا أن يجعل فيه ذكرى طيبة كعادته معي دومًا!
لم يُردني أن أحزن، بل مكث يخبرني أنني سأقابل مَنْ هو أفضل منه، سأقابل مَنْ يقدر على إسعادي أكثر منه!
كان زوجي شخصًا نبيلًا إلى أبعد حد، لكن ما استطعنا أن نكمل المسيرة معًا لاختلاف الطباع، ووصول المشكلات إلى الذروة في أغلب الأحيان.
أنا لا أدري إن كنتُ سأقابل مَنْ هو أفضل منه أَمْ لا، لكنني متيقِّنة أن قرار الطلاق كان قرارًا سليمًا لن يندم كلانا عليه أبدًا.
كان زوجي نبيلًا، لكن المجتمع لا يعرف عن النُبل ذرة، وقد حُول قراري الشخصي إلى وصمة عار!
والآن، دعنا نبدأ الرحلة بين ما كان، وما سيكون…
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
الطلاق وبداية الرحلة
الطلاق هو فسخ عقد الزواج بين الطرفين، يأتي قرار الطلاق وتأتي معه مشاعرٌ حزينة وإحباطاتٌ كثيرة، خاصةً في حالة إنجاب الأبناء.
لكنه يبقى الوسيلة التي يمكن أن يحصل بها كلا الطرفين على حريتهما في حال كثُرت النزاعات والإخفاقات، وانعدمت القدرة على حلِّها بعد كثيرٍ من المحاولات.
مع الطلاق تبدأ رحلة الطرفين على متن سفنٍ كثيرة، منها:
- الرحلة مع الذات، وطريق التعافي من صدمة الطلاق.
- الرحلة مع الأبناء، وكيف نحافظ على نفسيتهم من التأثر بقرار الطلاق.
- الرحلة مع المجتمع والوصم.
لن يكون الأمر سهلًا، لكنه ليس مستحيلًا؛ فقط يحتاج إلى بعض الوقت والصبر والاستمرارية في الطريق.
للمزيد: العلاقات العاطفية الفاشلة – ليست وصمة عار!
أسباب الطلاق

تعددت أسباب وأنواع الطلاق بتعدد واختلاف شخصيات وطبائع البشر، ولعلَّ من أكثر أسباب الطلاق شيوعًا ما يلي:
- فقدان الشعور بالأمان.
- الخيانة.
- انعدام المسؤولية.
- الصراعات والمشاحنات المستمرة.
- الفرق في المستوى الاجتماعي والمادي بين الطرفين.
- الإدمان؛ مثل: إدمان المخدرات، أو الكحول، أو الجنس.
- عدم الوفاق بين طبائع الطرفين.
ورغم كلِّ أسباب الطلاق، إلا أن قرار الطلاق لا يأتي فجأةً؛ بل إنه نتاج اجتهاداتٍ كثيرة غالبًا ما تبوء بالفشل والإحباط، حتى ينتهي المرء إلى مفترق طُرُق!
اقرأ أيضًا: العلاقات السامة – ألا تستحق الأفضل؟
الآثار النفسية للطلاق على الزوجين
صدمةٌ كبيرة تُخلِّف وراءها جُرحًا عميقًا يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ كي يُشفَى، إن للطلاق آثارًا نفسية كثيرة على الطرفين، ولعلَّ أبرزها ما يلي:
الطلاق والوصم
أجل، يُمسك المجتمع بعدسةٍ مكبرة، ينظر بها إلى الزوجين بعد الطلاق على أنهما ارتكبا جُرمًا وإثمًا كبيرا، رغم أنهما لم يتخذا هذا القرار إلا لتقليل الخسائر المحتملة!
إن المجتمع قادرٌ على إلصاق هذه الصفة “وصمةُ عارٍ” خاصةً بالنساء المطلقات، بلا أدنى تفكير في الأسباب الواقعة للطلاق.
لكن، عزيزتي المُطلَّقة وعزيزي المُطلَّق، لا تشعرا بالندم على قرار الطلاق عند الغضب من المجتمع، فقط امضيا في طريقكما بسلام.
أثر الطلاق على النساء
تعاني النساء بعض الأضرار بعد الطلاق، مثل:
- الشعور بالوحدة والألم والحزن.
- زيادة التوتر والضغط المجتمعي، واعتبار الطلاق وصمة عار.
- الشعور بالغضب والقلق المستمر.
- عدم تقبُّل المجتمع لها.
أثر الطلاق على الرجال
يمكن أن يُصاب الرجل ببعض الآثار النفسية نتيجة الطلاق، مثل:
- الشعور بالغضب والاكتئاب.
- الضغوطات المادية بسبب النفقات، والتي قد يضغط بها أهل زوجته السابقة عليه.
- قلة الإنتاجية بسبب ضعف التركيز.
- اللوم الزائد من المجتمع.
للمزيد: كيف يؤثر الطلاق نفسيًا على الأسرة؟
الطريق إلى طلاقٍ أقل ضررًا

يمكن أن نجعل خطوة الطلاق أيسر وأقل ضررًا، ويمكن أن نقلل فترة المعاناة والذكريات الحزينة، إذا حاول كلا الطرفين اتباع الآتي:
- تحدَّث مع شريك حياتك قبل الانفصال، وحاولا أن تناقشا كل ما تريدان في هدوء، وقللا الانفعال قدر الإمكان.
- فكِّرا في الطلاق على أنه بداية جديدة لحياةٍ أهدأ، وأنه ليس معركة تخوضانها بمجرد فسخ عقد الزواج.
- تحدَّثا إلى الأطفال بشكلٍ صريح ومنمَّق تبعًا لأعمارهم؛ فالنقاش المفتوح معهم قد يقلل من تأثير صدمة الطلاق.
- اعتنِ بنفسِك بعد الطلاق، وحاول ألا تدخل في دوامة الإحباط والاكتئاب.
- مارِس الأنشطة الرياضية، لِما لها من قدرة على التنفيس عن المشاعر المكبوتة، وتحسين الحالة المزاجية.
- اِذهب للتنزه مع أصدقائك، ومارِس بعض الهوايات المفضلة، مثل: القراءة، الرسم، أو الصيد.
- يمكنك الذهاب إلى الطبيب النفسي إذا شعرت أن الدائرة تضيق عليك والأحزان تلاحقك من كل جانب، ستكون هذه خطوةً جيدة للتعافي من الأمر سريعًا.
اقرأ أيضًا: الزواج السام – السير على قشور البيض!
ما هي حقوق المرأة بعد الطلاق؟
تحصل المرأة على بعض الحقوق بعد الطلاق من زوجها، مثل:
- المؤخَّر.
- بعض نفقاتها.
- نفقة الأبناء.
وفي مسألة حقوق المرأة بعد الطلاق، يجب أن تُراجع الزوجة المختصين في الأمر قبل مساءلة الزوج.
كيف تخبر طفلك بقرار الطلاق

أمرٌ مربكٌ ومقلقٌ أن تفكر في إخبار الأطفال بقرار الطلاق. لذا، لا بُدَّ من الإعداد الجيد لهذه الخطوة، وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك في الأمر:
- اُكتب في نقاط ما تريد أن تخبره لطفلك حتى لا تتلعثم أو تنسى أحد الأشياء الهامة.
- استخدِم نبرة الصوت الحنونة لا الحازمة.
- أخبِره الحقيقة تبعًا لعُمُره دون الدخول في تفاصيل لا تعنيه، ومن الأفضل أن تتفق مع الطرف الآخر على سببٍ معين للطلاق تخبرانه للطفل.
- حاوِل أن تستخدم طريقة الحوار المفتوح معه.
- أخبِره أنك تحبه مهما حدث، وأن الرابط الذي بينك وبينه لن يهتز أو ينقطع أبدًأ، حتى تؤكد له أن الأمر لن يؤثر في علاقتكما معًا.
- اِجعله يعرف التغيرات التي يمكن أن تطرأ عليه -مثل تغيير مكان الإقامة أو المدرسة وغيرها- حتى يستعد نفسيًا للأمر.
- لا تُسِئْ إلى الطرف الآخر أمام طفلك أو تُلقِ باللوم عليه فيما يحدث، بل تحدَّث عنه بشكلٍ جيد.
إن قرار الطلاق ما هو إلا نهايةٌ لبعض الأحداث وبدايةٌ لأحداثٍ جديدة، قرارٌ يصاحبه كثيرٌ من المتاعب والضغوطات من الأهل والمجتمع والحياة.
لكن بالنهاية، يتمكن كل طرف من البدء من جديد في علاقاتٍ أفضل، علاقاتٍ لا تؤثر فيه سلبًا؛ بل تمنحه الحياة!