العلاج الأسري | أستمد منكِ كل قُوَّتي!

أسرتي… أستمد منك كل قوتي!
مررت بأزمة نفسية، أيام ثقال، كان المرض رفيقي، يسوقني إلى الانحدار والاكتئاب والانعزال، ثم إلى النهاية!
وإذا بيد حانية تمسك بيدي، وصدر رحب يحتويني!
أمي… حنانك لا يوصَف، أرتمي في حضنك الدافئ عندما تواجهني قسوة الحياة.
أبي… ظهرٌ أستند إليه، وأحتمي خلفه، فأشعر بالأمان.
إخوتي… جمعتنا الحياة بحلوها ومُرِّها، نتقاسم الضحك والبكاء فلا نشعر بالعناء.
شكرا لكِ أُسرَتي من أعماق قلبي؛ فأنتِ سِرُّ سعادتي!
كانت هذه رسالة شكر من إحدى الفتيات إلى أسرتها، وكانت تعاني الفصام، وقضت فترة من الوقت في العلاج النفسي، وكان لأسرتها دور كبير في مراحل علاجها.
ترياقنا اليوم عن مراحل العلاج الأسري، ودوره في تحسين الأداء الاجتماعي.
فهيّا لنقرأ هذا الترياق…
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ما هو العلاج الأُسَري؟
هو أحد أنواع العلاج النفسي، والذي يعتمد على اعتبار الأسرة هي وحدة العمل العلاجي، وليس الشخص المريض فقط، لأن الفرد المريض جزء من الأسرة، فتتأثر به ويتأثر بها. لذا، فإن الطبيب المعالج يتعامل مع الأسرة كلها.
يساعد العلاج الأسري على تقليل التوتر والتقلبات بين أفراد الأسرة، ويزيد من قدرة الأسرة على التكيف مع وجود أحد أفرادها يعاني اضطرابات نفسية، أو مشاكل في الصحة العقلية، أو الإدمان.
يُعَدُّ العلاج الأسري مفيدًا في حل المشاكل المرتبطة بالأسرة كلها، مثل: المرور بضائقة مالية، الطلاق، أو وفاة أحد أفراد الأسرة. أو مشكلة فرد واحد وتمس الأسرة، مثل: الإدمان، وتعاطي المخدرات، والفصام، وبعض المشاكل السلوكية عند الأطفال والمراهقين كالتحرش.
يهدف الإرشاد الأسري إلى تعزيز العلاقة بين أفراد الأسرة حتى التوصل إلى علاج المشكلة، ويقوم على عمل جلسات علاجية، قد تكون جلسات فردية، أو ربما تجمع كل أفراد الأسرة في جلسة واحدة.

فوائد العلاج الأسري
يهدف العلاج الأسري إلى:
- تحسين التواصل بين أفراد الأسرة، وطرق التعامل مع المشاكل الأسرية الخاصة.
- معرفة ديناميكية التعامل الأسري، وعلاقتها بعلم النفس المرضي.
- تصحيح السلوك الخاطئ للأسرة في حل المشكلات.
- يساعد أفراد الأسرة على فهم الاضطرابات النفسية التي يمُرُّ بها المريض النفسي والتكيف معها.
- العلاج الأسري هو وسيلة لحل مشكلة التواصل مع وجود فرق في الأجيال (بين الآباء والأبناء، أو في حالة تربية الأبناء من قِبَل الأجداد).
- يساعد كل فرد في الأسرة على معرفة نقاط قوته وضعفه، والتغلب على نقاط الضعف.
ما هي مراحل العلاج الأسري؟
إليك بعض النقاط التي يجب على الطبيب المعالج اتباعها، قبل تطبيق مراحل العلاج الأسري، وهي:
- تحديد العلاقة بين أفراد الأسرة، ومَنْ منهم أقرب للمريض.
- تشخيص الاضطرابات النفسية بين أفراد الأسرة.
- تقوية علاقة التعاطف والتواصل بين أفراد الأسرة وبين المريض.
- علاج وإزالة كل الحواجز والالتباسات وسوء الفهم بين أفراد الأسرة.
تنقسم مراحل العلاج الأسري إلى ثلاث مراحل رئيسية، هي:
المرحلة المبدئية
يقوم الطبيب المعالج بجمع كل المعلومات المتاحة عن الأسرة، وتحديد جلسة مبدئية لهم تُسمَّى “جلسة الاستيعاب”،
وفيها تشرح الأسرة مشكلتها ودوافعها لعلاج المشكلة، ويُقيِّم المعالج مدى ملاءمة العلاج الأسري، ويشرح لهم طبيعة وطريقة العلاج.
تُقيَّم العلاقة الأسرية، وتُقسَّم إلى ثلاثة أجيال -أو مراحل- وهم: الأبناء (أطفالًا أو مراهقين)، الآباء، والأجداد.
ثم تُتابَع تفاعلات الأجيال مع بعضها، لتعطي خلفية عن الوضع الذي تتعامل به الأسرة.
يرسم الطبيب المعالج خريطة هيكلية لتنظيم العلاقات بين أفراد الأسرة.

المرحلة الثانوية
هي مرحلة تنفيذ العلاج الفعلية، على حسب أسلوب العلاج الذي يُرشِّحه الاستشاري الاجتماعي، وتستلزم عدة جلسات
علاجية مع أفراد الأسرة، تستمر إلى عدة أشهر.
دور العلاج النفسي الأسري في علاج بعض المشاكل النفسية:
- العلاج الأسري للفصام:
يهدف العلاج الأسري إلى تعريف الأسرة بحالة الفصام، وتحسين التواصل بين أفراد الأسرة والمريض،
مع زيادة قدرة الأسرة على إدارة الأعراض السلبية للفصام، وتقوية المشاعر العاطفية تجاه المريض.
ويُنصَح بتقليل نظرات الغضب والانفعال الموجَّهة للمريض، ومحاولة إعطائه بعض المهام الحيوية بالتدريج،
لتسهيل عودته لحياته الطبيعية بعد انتهاء مرحلة العلاج.
- العلاج الأسري للإدمان:
يساعد المعالج الأسري الأسرة على تحديد مهارات جديدة للمدمن، ومحاولة تدريبه عليها. هذا يساعده على إخراج
جزء كبير من طاقته في أداء هذه الأنشطة، مما يقلل من توتر المدمن في فترة انقطاعه عن تناول المخدرات.
غالبًا ما تنشب المشاجرات بين المدمن ووالديه لاعتراضهم على سلوكه غير الطبيعي، وكل هذا بدافع القلق والخوف
عليه. لكنه لا يرى سوى أنها تحكمات وتعسُّف من والديه، فيكون دور المعالج -خلال جلسات العلاج- تصحيح المفاهيم
الخاطئة، وتحسين العلاقة بين الوالدين والابن المدمن.
الإدمان مرحلة خطر تحيط بالأسرة كلها ولا يمكن حلها بالتعصب والعنف؛ لكنها تحتاج إلى خطة مرتَّبة للعلاج،
ولا تنجح إلا بالتعاون بين أفراد الأسرة والطبيب المعالج، لمساعدة المدمن على تخطي هذه المرحلة.
- العلاج الأسري وفقدان الشهية العصبي:
تَوفير بيئة أسرية قويمة يساعد مرضى فقدان الشهية العصبي على استعادة شهيتهم لتناول الطعام، وتعويض فقد الوزن.
يُقسَّم العلاج إلى ثلاث مراحل: تعويض الفقد من الوزن، مرحلة التحكم في تناول الطعام، وأخيرًا، مرحلة الحفاظ على
وزن صحي؛. لذا، يوصِي الاستشاري الأسري بمتابعة الانتقال بين هذه المراحل.
المرحلة النهائية
هي المرحلة الأخيرة من العلاج، وقد تحتاج إلى جلستين تُراجَع فيهما الأهداف الأولية المحددة في المرحلة الأولى،
وتقدِّم الأسرة للمعالج الأسري الأهداف التي تم تحقيقها.
يصف الطبيب المعالج بعض المهام الواجب على الأسرة اتباعها فيما بعد، وذلك لتفادي حدوث انتكاسة للمريض بعد فترة العلاج.
أساليب العلاج الأسري
١. العلاج الأسري الهيكلي (Structural):
يقوم على تقوية نظام الأسرة، وسيطرة الوالدين على وضح حدود مناسبة للأبناء (الأطفال والبالغين)، ووضع قواعد ومهام لكل أفراد الأسرة.
ويقوم هذا النوع من العلاج بخلق نوع من التوازن بين أفراد الأسرة؛ فلا يكون للأب دور السيطرة على الأمور كلها
أو للأم فقط، فكل فرد يقوم بدوره.
٢. العلاج الأسري البوينيان (Bowenian):
سُمِّيَ بنظام “بوينيان” نسبةً إلى الطبيب (بوين) الذي تعمَّق في دراسة مرض الفصام، وكان من المُعتقَد أن سببه هو
وجود مشاكل في العلاقة بين الأم والطفل، لكن (بوين) أرجع السبب إلى وجود المشاكل بين الطفل وأفراد الأسرة كلها.
ويقوم نظام بوينيان على طريقتين:
- طريقة التثليث: ويُقصَد بها إشراك طرف ثالث؛ إما لمجرد الفضفضة، أو للاستشارة في حل المشكلة.
وقد يكون الطبيب المعالج (الاستشاري الاجتماعي) هو الطرف الثالث الذي يساعدك في إيجاد طُرُق فعالة للتواصل
مع الأسرة، ووضح حدود مناسبة لما يزعجك أو يضايقك.
- طريقة التمايز: وتعتمد على تعديل الشعور العاطفي داخلك تجاه أحداث قاسية من حولك، وتحرير ذاتك من
هذه الصراعات، ومواجهة الآثار السلبية بينك وبين أسرتك.
٣. العلاج الأسري الاستراتيجي (Strategic):
هو حل مثالي وسريع لمعظم المشاكل الأسرية، ويعتمد على تحديد كل المشاكل والأهداف المراد الوصول لها.
يضع لك المعالج الأسري خطة بالمهام والواجبات لكل أفراد الأسرة، هذه المهام تعزز وتقوي وسيلة التواصل بين أفراد الأسرة، وتتميز بشيء من الخصوصية لأن هذه الخطة وُضِعَت خصيصًا لأسرتك.
٤. العلاج الأسري النظامي (Systemic):
هذا النظام يصف مشاكل الأسرة على أنها نابعة من العقل الباطن، كما يشير إلى فهم وتحديد المقصود من سلوكيات الأفراد داخل الأسرة. لذا، فهو يقدم منظورًا جديدًا للقضايا والمشاكل الأسرية.
لذا، نوصي دائمًا بالعلاج الأسري -أو الاستشارة الأسرية- لأنه شكل من أشكال العلاج المناسب للقضايا التي تؤثر في صحة الأسرة كلها، ولها نتائج فعالة لتفادي الآثار السلبية الناتجة من الأمراض النفسية.
موفقة يا دكتور ??