العناد بين الزوجين

الزوجة: سأخرج اليوم مساءً لشراء فستانين وحقيبة وحذاء وبعض الأغراض الأخرى.
الزوج: ليس معنا نقود كافية هذا الشهر لكل هذه المشتريات.
الزوجة: كلا، فأنت قد أعطيتني مبلغًا منذ أسبوعين وسأشتري به ما أريد.
رفض الزوج متحججًا بأنه سيحتاج هذا المال لشراء كتاب وبعض أدوات يريدها، أصرت الزوجة على رأيها في عنادٍ شديد وباءت محاولات الزوج لإقناعها بالفشل، وكذلك أصر هو على رأيه.
صمتت الزوجة هنيهة وهي تبدو متحفزة، ثم…
ـ أنت رفضت زيارتي لأهلي من قبل وكذلك رفضت أن تشتري لي فستانًا أعجبني الشهر الماضي؛ إذن فسأنفذ اليوم ما أريده.
تمتم الزوج بعبارات غاضبة عن عناد المرأة وأنانيتها، وخرج من المنزل غاضبًا.
الحقيقة أن كليهما كذلك وأن المعضلة هي تبادل العناد بين الزوجين وليس عناد المرأة وحدها، فكلاهما يحاول فرض سيطرته على الآخر.
دعونا نعرض أضرار العناد بين الزوجين، ومن ثم نبحث عن حل مشكلة العناد بين الزوجين.
ما العناد؟
العناد هو إحدى السمات الشخصية التي تتمثل في المقاومة التي يبديها الشخص تجاه ما يواجهه، وتشمل مقاومة التغيير وكذلك رفض آراء الآخرين.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
يكون الرفض في جميع الاتجاهات: أي في الحياة الشخصية والعمل والمنزل، ليصل الأمر إلى الحياة الزوجية أيضًا؛ ولذلك، يعد العناد صفة مدمرة لجميع العلاقات الاجتماعية.
سمات الشخص العنيد
- الأنانية (تفضيل الذات على الجميع).
- الغرور الشديد.
- الفخر بالإنجازات الشخصية.
- الصرامة والشدة في المعاملات.
- الإصرار على أن يكون هو صاحب الكلمة الأخيرة.
وللأسف، فإن الغرور والشعور القوي بأهمية وصحة رأيه يمنعانه من الانتباه لما يسببه من متاعب للآخرين، ومن ثَم انهيار علاقاته الاجتماعية.
العناد بين الزوجين

يكون المنزل على صفيح ساخن بسبب العناد بين الزوجين؛ نظرًا للمشكلات التي تندلع مع اتخاذ كل قرار.
فعندما يكون أحد الزوجين عنيدًا؛ حتمًا سيصر على تنفيذ رغباته بغض النظر عن رأي الآخر، ضاربًا بعرض الحائط أي مصلحة غير مصلحته الفردية.
فهو لا يكترث بتفهم آراء الآخرين؛ نظرًا لتزمته ورغبته في إبداء وجهة نظره وتنفيذها، ويأتي تفهمه -إذا حدث- متأخرًا جدًا.
يشعر شريك الحياة غير العنيد بالإجهاد مع مرور الوقت ويبدأ في الابتعاد العاطفي عن شريكه ويقل التواصل بينهما.
يتمادى الطرف العنيد في حدته وانتصاره لرأيه مع تنازل الطرف الآخر عن رأيه في مواجهته مما يُعجل بهدم بيت الزوجية.
وفي حالات أخرى، يرد الطرف الآخر بشكل أكثر حدة؛ فيتحول المنزل إلى شعلة من النار.
هناك صور متعددة لحالات العناد بين الزوجين ولكنها تصل جميعًا إلى نفس الحالة.
تأمل معي هذه الحالات:
- صَمْت أحد الطرفين خلال تحدث الطرف الآخر ثم تجاهُل جميع ما قاله وتنفيذ رأيه فيما بعد.
- سيطرة أحد الطرفين على الآخر وأخذه بزمام الأمور دائمًا والعناد الصريح.
- الشريك العنيد الذي يستمع للحديث دون نقاش أو تقديم استجابة من أي نوع.
تعطي هذه الحالات للطرف الأهدأ فكرة واحدة، ألا وهي: إنه شخص غير مرغوب فيه ورأيه لا يهم شريكه إطلاقًا، أو إنه دائمًا على خطأ.
سبب العنادِ بين الزوجين
إن العناد بين الزوجين ليس موجهًا تجاه شريك الحياة تحديدًا، بل إنه صفة في شخصية أحدهما أو كليهما، ثم يدخل الزوج (أو الزوجة) لبيت الزوجية بعناده وحدته.
ويرتبط العند بالأنانية لدى العديدين، ويكونان -العند والأنانية- من ضمن السمات الأساسية للشخصية.
ولكن قد يكون سبب العناد بين الزوجين مكتسبًا بعد الزواج لمسببات، مثل:
- حزم وعناد أحد الطرفين مما يضطر الطرف الآخر للعناد والرفض المتكررين.
- الاضطرابات الأسرية نتيجة الخلافات أو ضعف ذات اليد.
- الخلافات مع أهل الزوج أو الزوجة.
- المعاملة السيئة للشخص في أثناء طفولته، أو التدليل المفرط وإجابة جميع طلباته.
- الرغبة في إثبات الذات أمام الغير.

أضرار العناد بين الزوجين

- فقدان القدرة على التفاهم والتواصل بين الزوجين.
- شعور الطرف الأضعف بالإحباط المتكرر؛ الأمر الذي يصل به إلى الصمت ثم الاكتئاب.
- اشتعال الخلافات باستمرار مما يجمد العَلاقة بين الزوجين.
- الانفصال بالطلاق، أو الانفصال العاطفي بين الزوجين داخل المنزل.
- اضطرار الطرف الأهدأ للتنازل عن رأيه دائمًا والاستسلام تجنبًا للخلافات؛ وهو ما يجعله غير راض عن حياته.
- يحل الملل على الحياة الزوجية بسبب المواقف الحادة المتكررة.
حل مشكلة العناد بين الزوجين
يصبر شريك الحياة غير العنيد على شريك حياته مدة من الزمن محاولًا إصلاحه تارَة ومتجاهلًا عناده تارةً أخرى.
يتعرض بيت الزوجية لزلازل وانهيارات ويكون الانفصال وشيكًا، ولكن يظل الأفضل هو البحث عن حل مشكلة العناد بين الزوجين وخاصةً بعد وجود أطفال.
يحتاج الشخص الأكثر هدوءًا إلى اتباع بعض النصائح للتعامل السليم والسيطرة على العناد بين الزوجين بشكل عقلاني هادئ.
إليك بعض طرق علاج العِناد بين الزوجين
- التنفس العميق للسيطرة على الغضب في حالة مواجهة عناد الطرف الآخر.
- عرض الرأي والتعبير عن النفس والاحتياجات بوضوح أمام الطرف الآخر.
- طلب احترام المشاعر والطلبات المادية والعاطفية، وتوضيح العواقب النفسية للعناد التي تصيب الطرف غير العنيد.
- رؤية الأمر من وجهة نظر الشريك، فعندما يفهم أحدهما سبب تعنت الآخر سيقل تبادل العناد بين الزوجين.
- النقاش الهادئ بين شريكي الحياة هو أهم وسيلة لعلاج العناد بين الزوجين. الهدف هو محاولة الوصول لحل وسط بين الرأيين بواسطة عرض جميع الأفكار ووجهتي النظر؛ يسمح هذا بانتهاء المشكلة بتنازل أحدهما -عن رضا- عن رأيه أو الوصول لفكرة وسط بين الفكرتين.
- إذا وصل الأمر للنزاع الشديد فلا بد من أخذ استراحة من المواجهات والخلافات الشديدة؛ إذ يجب على أحد الطرفين الابتعاد قليلًا للوصول للهدوء ولالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأفكار.
- أحد طرق تقليل أضرار العناد بين الزوجين هو الدخول في مفاوضات بين الزوجين شبيهة بما يخوضه السياسيون من مباحثات ومفاوضات.
يساعد هذا على تقريب وجهات النظر وتقليل الهوة بينهما.
- من المؤكد أن التعبير عن الحب والمودة للطرف الآخر يقلل من حدة الخلافات والعناد بين الزوجين.
- استخدام الذكاء في اختيار الوقت المناسب للنقاش ومحاولة الوصول لحل وسط بين الطرفين.
- يبقى بعد ذلك محاولة الاندماج مع الشخص العنيد والتعايش معه، مع تجنب المواقف التي تثير العناد والمشكلات.
ملخص العناد بين الزوجين
لكل فرد من الزوجين طبيعة شخصية مستقلة، وتغييرها ليس بالأمر الهين؛ لذا وجب على كلٍّ منهما احترام الآخر.
ثم يأتي بعد ذلك توضيح الحب والتقدير، مع التنبيه الهادئ لما يثير التحفظات أو الضيق.
إن الحديث الصريح بين الزوجين يسمح بطرح حلول ترضي الطرفين وتقلل الفجوة التي يصنعها الخلاف.
يجب رؤية الجانب المضيء في الشخصية العنيدة من أجل الحياة الهادئة.