الغضب عند الأطفال | ساعد طفلك كي يتحكم في غضبه

أدعى (أسامة)، أنا أب لثلاثة أطفال…
وليس خفيًا على أحد أن تربية الأبناء ليست مهمة سهلة على الإطلاق، والجهد المبذول في تربية ثلاث شخصيات مختلفة تمامًا يحتاج الكثير من الصبر والمرونة.
يولد كل طفل بشخصية منفردة تمامًا، والأسلوب التربوي الذي نجح مع طفل ليس بالضرورة أن يفلح مع الآخر.
أعي ذلك جيدًا، ولكن المشكلة أن ابني الأوسط -والذي يبلغ من العمر سبعة أعوام- سريع الغضب، ولا يستطيع التحكم بانفعالاته!
يختلق المشكلات بينه وبين أخيه الأكبر وأخته الصغرى…
فتارة يعتدى عليهما بالضرب، وتارة يكسر ألعابهما؛ فيقرران اللعب بدونه، مما يسبب المزيد من الاحتقان والغضب بينهم.
أنصحه كثيرًا بالتخلي عن هذا السلوك العنيف مع إخوته، لكن دون جدوى!
لم يقتصر الأمر على الأسرة فقط، بل امتد إلى المدرسة أيضًا؛ إذ يشكو معلموه من سلوكه معهم وافتعاله المشكلات المتكررة مع أقرانه.
ونصحني الاختصاصي النفسي بالمدرسة بضرورة عرض طفلي على طبيبٍ نفسي، لأنه ربما يعاني اضطرابًا نفسيًا ما.
فما مفهوم الغضب عند الأطفال وعلاجه؟ وما الطريقة المثلى للتعامل مع نوبات الغضب عند الأطفال؟ وهل تعد الاضطرابات النفسية من أسباب الغضب عند الأطفال؟
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
هذا ما سنتعرفه في هذا المقال، فتابع معنا القراءة.
الغضب عند الأطفال
يعاني معظم الأطفال نوبات غضب وإحباط عندما لا يتمكنون من الحصول على شيء يريدونه، أو يطلب منهم أمر لا يرغبون بفعله.
لكن عندما يتكرر هذا السلوك، أو يتطور إلى التعدي والعنف ضد الآخرين، يخرج من كونه مجرد سلوك عادي، بل ويجب حينها التقصي عن الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك وعلاجها.
أسباب الغضب عند الأطفال
تكمن الخطوة الأولى لعلاج الغضب عند الأطفال في معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك واستيعاب المحفزات المؤدية إليه.
هناك العديد من أسباب الغضب عند الأطفال، مثل:
الخوف من الانفصال

يحتاج الطفل الصغير إلى الشعور بالأمان، والأم بالنسبة له هي مصدر أمانه وكل عالمه؛ فإن لم يجدها أمام ناظريه، يصيبه الهلع ويبدأ بالصراخ حتى تأتيه.
الاحتياجات البيولوجية
لا يستطيع الأطفال التعبير عن احتياجاتهم البيولوجية خاصة في الصغر، فمثلًا: انخفاض نسبة السكر بالدم بسبب الجوع وكذلك الحاجة إلى النوم والرغبة في تغيير الحفاض؛ كل هذا يُعد من أسباب الغضب عند الأطفال التي ربما يغفل عنها بعض الناس.
الطفل شديد الحساسية
هناك أطفال مفرطو الحساسية بطبيعتهم، ينزعجون من المحفزات الخارجية، مثل: الضوضاء، أو الزحام والأصوات العالية، أو الملابس الخشنة على بشرتهم…
يمكن أن يؤدي ذلك إلى انفجارات غضب تكون غير واضحة بالنسبة إليك.
الشعور بالعجز
يضع كثير من الآباء عبئًا على الطفل، فالطفل ذو الخمس سنوات ليس لديه وقت كاف للعب في أيامنا هذه!
لأن جدوله اليومي مزدحم بالدراسة، والفروض المنزلية، وممارسة ألعاب رياضية تكون عادة من اختيار الآباء بغض النظر عن تفضيلات الطفل.
وقد يزدحم أيضًا بالكثير من الأمور الأخرى التي يظن الآباء أنها مهمة بالنسبة إلى الطفل، والحقيقة إن هذا الضغط يولد شعورًا بالعجز؛ يخرجه طفلك بشكل نوبات متكررة من الغضب.
لا يجب أن تكون القراءة والكتابة على رأس أولوياتك في سنوات الطفل الأولى، فكل ما يحتاجه هذا الصغير هو اللعب الحر في الطبيعة والاستكشاف دون ضغوط.
وكذلك تعرض طفلك للتنمر بسبب أقرانه أو المحيطين به؛ يخلق شعورًا بالعجز والإحباط يعبر عنه بالغضب.
المشكلات الأسرية
كثرة وجود خلافات أسرية داخل المنزل تخلق شعورًا بالخوف وانعدام الأمان لدى الأطفال، وتكون ردود أفعال الأطفال داخل الأسرة الواحدة متفاوتة؛ فتجد طفلًا يتسم سلوكه بالانطواء، وآخر يثور غضبًا ويختلق المشكلات خارج المنزل.
للمزيد اقرأ: أثر الخلافات الزوجية على الأولاد | كفاكما شجارًا!
صعوبات التعلم
عندما يتصرف طفلك بعنف، ويصاب بنوبات من الغضب والإحباط المتكرر في أثناء وجوده في المدرسة أو عمل فروضه المنزلية؛ فانتبه، ربما يعاني طفلك أحد صعوبات التعلم وانت لا تعلم!
اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة
يجد الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة صعوبة في الامتثال للتعليمات والتوجيهات من قبل المعلمين أو داخل الأسرة، وكذلك الانتقال من نشاط إلى آخر.
ما يدفعهم إلى الانفعال السريع وعدم السيطرة على مشاعر الغضب.
اضطراب طيف التوحد
يعد اضطراب التوحد أحد أسباب الغضب عند الأطفال، إذ يحتاج الطفل إلى روتين ثابت في حياته اليومية حتى يشعر بالأمان.
وأي تغير بسيط في هذا الروتين قد يسبب له إزعاجًا شديدًا، فيخرج على هيئة نوبات غضب حادة.
للمزيد اقرأ: التوحد عند الأطفال.. سامحيني لأني مختلف.
علاج الغضب عند الأطفال

عندما لا يمتلك الأطفال القدرة على التعبير عن احتياجاتهم في سن مبكرة، فنوبات غضبهم بين الحين والآخر مقبولة؛ ما دمنا قد استبعدنا أي اضطراب نفسي أو سلوكي.
أما عندما يصل الطفل إلى سن يستطيع فيه استيعاب كلامك وتوجيهاتك، فيجب عليك أن تساعده كي يتحكم في غضبه ويتخلص منه بطريقة صحية.
أولى خطوات علاج الغضب عند الأطفال الانتباه إلى التغيرات الجسدية التي تحدث داخل جسم الطفل قبل حدوث النوبات الانفجارية.
افتح حوارًا مع الطفل في وقت يكون فيه هادئًا، واسأله: “هل تعرف ما هي ردود أفعال أجسادنا عند الغضب؟”.
اطلب منه في المرة القادمة للغضب ملاحظة الآتي:
- زيادة ضربات القلب.
- ارتفاع معدل التنفس.
- الضغط على الأسنان وقبضة اليدين.
- تشنج العضلات.
- ألم بالمعدة.
بعد تحديد هذه العلامات، علمه بعض الأدوات التي قد تساعده إحداها على التنفيس عن غضبه، مثل:
- التنفس بعمق وبطء شديدين.
- العد حتى الرقم عشرة.
- الابتعاد عن الموقف أو الشخص الذي يزعجه.
- ممارسة أي نشاط فيزيائي -مثل الجري أو القفز بالحبل- بضع دقائق.
- التحدث مع شخص يحبه عندما ينزعج.
- يمكن توجيه الأطفال ذوي السن الأكبر إلى ممارسة عبادة دينية، مثل: الصلاة أو الاستغفار.
كيف تتعامل مع طفلك عندما يغضب؟

إذا كانت نوبات الغضب غير عدوانية فحاول تجاهلها قدر الإمكان، ولا تحاول إجباره على التوقف؛ لأن إبداء انتباهك وانزعاجك منه قد يشجعه على زيادة حدة غضبه.
أما إذا سلك الطفل سلوكًا عدوانيًا وبدأ بالضرب أو العض أو تكسير الأشياء، فهنا لا بد من التدخل الفوري لإيقاف الطفل.
وإليك هذه النصائح:
- حافظ على هدوئك
مهما احتد غضب ابنك، حاول السيطرة على مشاعرك؛ لأنك عندما تصرخ في وجهه إما أن يسكت خوفًا أو يزداد حدةً وعدوانية.
وبالطبع كلتا الحالتين ليستا الخيار الأفضل لك كمربي!
يجب أن تكون نموذجًا جيدًا لطفلك يتعلم منه كيف يتحكم في غضبه.
- إياك والاستسلام
يتمتع الأطفال بقدر عالٍ من الذكاء، وسيجرب كل الوسائل التي تجعلك توافق بالنهاية على طلباته.
نذكر مثالًا تعرض له معظم الآباء، وهو عندما تذهب للتسوق بصحبة طفلك، ورغب بشيء ثم رفضت شرائه. ماذا سيحدث؟
غالبًا سينزعج الطفل وربما يبدء بالصراخ والبكاء، وقد ترضخ لصراخه خوفًا من الإحراج أمام الآخرين.
ولكن اعلم أنك بذلك تشجعه على الاستمرار على هذا السلوك، وتوصل له رسالة أن الصراخ يحقق له ما يريد.
- امدح السلوك الجيد
نقع كثيرًا في فخ الانتقاد المستمر، نصب تركيزنا على السلبيات، ونوجه الكثير من الأوامر والنواهي:
«لا تفعل هذا!»
«لا يمكنك ذلك!»
«هذا التصرف غير مقبول!»…
وقد ننسى مدح الطفل عندما يفعل شيئًا إيجابيًّا، أو عندما يجتهد ويحاول التحكم في انفعالاته.
لا تقسُ على ابنك، وتذكر أن التوجيه يجب أن يقدم بالحب. امدحه على جهوده ومحاولاته في التغيير، حتى تعزز ثقته بنفسه.
- استشر طبيبًا نفسيًا
إذا لم يتخلَّ طفلك عن هذا السلوك بعد كل هذا، فقد حان الوقت لاستشارة طبيبٍ نفسي، حتى يتمكن من تحديد المشكلة ومعرفة الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك وعلاجها.
اقرأ أيضًا: ما هي أساليب معالجة الاضطرابات النفسية عند الأطفال ؟
وبعد أن تعرفنا أسباب الغضب عند الأطفال وعلاجه، أنصحك بشدة بزيارة الجزء الخاص بـ”ترياق الطفل” على موقعنا، ستجد الكثير من الكبسولات التربوية التي ستحتاجها -بالتأكيد- في أثناء رحلتك مع أبنائك.
نعم، تربية الأطفال ليست بالمهمة السهلة، لكن الاستعانة بالله والمعرفة والبحث المستمر هم زاد هذه الرحلة.