الفرق بين القيادة والتسلط

– لا لم أعد أحتمل، أظنني سأترك العمل بنهاية الشهر الحالي…
= ماذا حدث؟ مديرك مجددًا؟!
– وهل هناك غيره! لا أعرف ماذا يجني مما يفعله بتسلطه وتحكمه في كل صغيرة وكبيرة، أظنه لا يعي أي شيء عن الفرق بين القيادة والتسلط.
أنا لا أستطيع العمل في مثل تلك الأجواء، أجتهد كثيرًا لإيجاد أفكار جديدة وفي النهاية لا يعنيه ما بذلته، أشعر كأنني أحترق وظيفيًا ولم تعد لديَّ قدرة على الاستمرار…
مرحبًا بك عزيزي القارئ، هل يمثل الموقف السابق جزءًا من مشاعرك تجاه مديرك في العمل؟ أو ربما أنت المدير وتود تحسين مهاراتك القيادية؟ إذًا أنت في المكان الصحيح! في هذا المقال، نتحدث عن الفرق بين القيادة والتسلط، ما القيادة الأوتوقراطية، وما متطلبات القيادة وأهميتها ومصادرها وأهدافها، فهيا بنا…
ما هي السُلطة؟
تعني كلمة “السُلطة” القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها، وهي قد تُكتَسب أو تُمنَح أو تؤخذ بالقوة. فعلى سبيل المثال؛ يمتلك مديرك في العمل السلطة لتعيينك أو التخلي عنك، كذلك تمتلك أنت السلطة لاتخاذ قرار الاستمرار في العمل أو التوقف.
لذا؛ تعني السلطة الحق في استخدام القوة، لكنها لا تعني القوة في ذاتها. فقد يَستخدم شخصٌ ما القوة دون حق، فيستولي على ما ليس له.
اقرأ أيضًا: أثر ضغوط العمل في الأداء الوظيفي
ما هي القيادة؟
يمكن توصيف القيادة بأنها صفة شخصية بعيدًا عن العمل، فقد يكون أخوك قائدًا في أثناء توزيع الأدوار في اللعب، أو عند المساعدة في مهام المنزل.
فالقدرة على توجيه الأشخاص وقيادتهم تعطي صاحبها القوة والسلطة، لكنه ليس بحاجة إلى استخدامها دائمًا، لأن قوته المكتسبة توصله إلى نتائج تفوق القيادة المتسلطة، وقد تؤهله لتولي منصب قيادي؛ إذ يصبح القائد الجيد مديرًا جيدًا في الأغلب.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
اقرأ أيضًا: كيف تصبح المدير الأفضل في 7 خطوات
ما الفرق بين القيادة والتسلط؟
استخدام السلطة بصرامة، على الرغم من كونه اختيارًا متاحًا، فإنه يفقد صاحبه كثيرًا من التعاطف من أعضاء فريقه، فيظهر الفرق بين القيادة والتسلط واضحًا جليًا كما يأتي:
- كونك مديرًا متسلطًا يضمن تنفيذ قراراتك كما تُحب، لكنه لا يضمن لك تفاني وإخلاص موظفيك أو حُبهم لك.
- ما دمت تهمل الأخذ برأي أعضاء فريقك، يُفقِدك التسلط كثيرًا من الأفكار الإبداعية لديهم.
- النقطة السابقة توضح نمطية بعض أساليب الإدارة، ما قد يعوق تطور مجموعتك أو مؤسستك، ويُفقِدك القدرة على مواكبة احتياج السوق.
أهمية القيادة

تظهر أهمية القيادة في تأثير قائد الفريق في مجموعته، فكونك قائدًا جيدًا لا مديرًا متسلطًا يؤدي إلى:
- التمتع بتأثير أقوى في أعضاء فريقك، نتيجة سماتك الشخصية التي تُقوِّي الروابط بينكم.
- سهولة تأقلم الأشخاص في المجموعة، إذ يشعرون بترحيب وقُرب منك.
- تحفيز الدافع الذاتي لدى الأشخاص للنجاح.
- الثقة بالنفس والرغبة في تطوير الذات، فرأي كل فرد في المجموعة مسموع ويؤخذ به.
- زيادة التفكير الإبداعي، والوصول إلى أفضل النتائج من العمل الجماعي.
وغيرها من النتائج المادية والمعنوية المؤثرة في بيئة العمل. لكن هل يعني هذا أن السلطة أمر سيئ على الإطلاق؟!
بالطبع لا، قد يكون هناك تطبيق خاطئ لمفهوم السلطة من مدراء كثيرين، كذلك قد لا يعي البعض الفرق بين القيادة والسلطة، فيظن أنهما أمر واحد.
لكن أحيانًا تكون السلطة ذات أهمية كبرى، خاصة في المؤسسات الضخمة مثل المؤسسات العسكرية، أو الهيئات التنظيمية التي يصعب معها الاستماع إلى آراء المجموعة كافة، أو تحتاج إلى قرارات سريعة.
القيادة الأوتوقراطية
تعني القيادة الأوتوقراطية التحكم الفردي في جميع القرارات دون العودة إلى المجموع، فيتخذ القائد الأوتوقراطي قراراته بناءً على توجهاته وأحكامه الشخصية، ولا يعير آراء الآخرين انتباهًا.
قد لا تناسب هذه الطريقة كثيرًا من الأشخاص -خاصة المبدعين-؛ إذ يجدون صعوبة في مقاومة تجاهل آرائهم التي قد تكون صحيحة في كثير من الأحيان، والالتزام بما يصدره القائد من قرارات.
فتظهر سمات القيادة الأوتوقراطية في:
- الفصل الواضح بين قائد الفريق وبين أعضائه.
- وجود نظام صارم وهيكل متماسك للعمل.
- امتلاك القائد وَحدَه القوة والكلمة العليا في الفريق.
ومع ذلك تكون هذه الطريقة هي الأنسب في بعض المؤسسات كما ذكرنا سابقًا.
أهداف القيادة
تختلف أهداف القيادة من شخص لآخر، النقاط الآتية تعد من أشهر أهداف القيادة لدى أغلب الناس:
- بناء علاقات أقوى بالآخرين.
- تطوير مهارات الاستماع الفعال.
- التدرب على اتخاذ قرارات بذكاء.
- زيادة الثقة بالنفس.
- زيادة مهارة تنظيم الوقت.
- التأقلم على التغيير.
- التدريب على تهذيب النفس والالتزام.
- تحمل المسؤولية.
مصادر القيادة

كما تختلف أهداف القيادة، تختلف كذلك طريقة كل شخص في القيادة، فطريقتك توضح كيف يراك أفراد مجموعتك، وإلى أي مدى يحترمونك، وما مصدر هذا الاحترام؛ أهو امتلاكك القوة والسلطة فقط، أم غير ذلك؟!
وتشمل مصادر القيادة خمسة مصادر، وهي:
- القوة الشرعية: إذ تمتلك قوتك من وجودك في منصبك، كأن تكون مديرًا لمجموعة ما، وفي حال ترقي أحد أعضاء مجموعتك إلى مركز أعلى منك، تفقد مصدر قوتك تجاهه.
- قوة المكافأة: تستطيع تحفيز فريقك بعرض المكافآت والحوافز، لكن لا تجعلها مصدرك الوحيد لاكتساب احترام الموظفين لك.
- القوة القسرية: حينما تهدد الموظفين بالعقاب في حال الإخفاق، سيرتعب الجميع منك، ويحاولون إرضاءك، ليس حبًا لك؛ إنما خوفًا من بطشك، واعتبارك تهديدًا مستمرًا لهم بالخصومات أو العقاب أو ربما فقد الوظيفة.
- قوة المرجع: وهي عندما يثق فيك مرؤوسوك فتكون مرجعًا لهم لأخذ رأيك ومشاورتك في أي أمر، وهي من أفضل مصادر القيادة؛ إذ لا تزول بتركك المنصب، بل تستمر بطِيب علاقتكم.
- قوة الخبرة: وهي القوة الناتجة عن اكتساب خبرة واسعة، ليس في منصبك فقط، إنما في وظائف باقي أفراد مجموعتك، ويمكنك اكتسابها بالبحث عن فرص التدريب لتعطيك ثقة وقوة وتكسبك احترام أعضاء فريقك.
اقرأ أيضًا: سعادة الموظفين| سر الإنتاجية في العمل
متطلبات القيادة
لتكون قائدًا جيدًا، تحتاج إلى الانتباه إلى أهم متطلبات القيادة، التي من بينها:
الإخلاص:
تُرى كيف يشعر أعضاء فريقك إذا كنت تتدخل في كل تفصيلة صغيرة في عملهم؟ سيشعرون أنهم بحاجة إلى رقيب دائم، فبالطبع سيخطئون!
من الحكمة أن تترك لموظفيك مساحةً لاتخاذ قرارات لن تؤثر سلبًا في المجموع، دون مراقبة وتدخل مستمر؛ فهذا يكسبهم الثقة بأنفسهم، ويرفع مستوى الفريق ككل.
اللطف:
“باللطف تُمتَلَك القلوب”، لا تنس أن وجودك في موقع القيادة وامتلاك السلطة يمكّنك من إعطاء مكافآت وعلاوات مقابل العمل الجيد، لكن الاعتماد على هذه الوسيلة لن يكون كافيًا لتحفيز الفريق طوال الوقت، بل قد يتحول الأمر إلى تراخٍ وكسل في حال الإحباط من الحصول على تلك المكافأة!
لكن معاملة الجميع بلطف تضمن تحفيز فريقك بكلمة طيبة أو فعل جيد، فالنفس البشرية تميل إلى من يعاملها بود دائمًا، وبه تستطيع امتلاك احترام الناس والتزامهم.
الثقة:
ثق بأعضاء فريقك ليثقوا بأنفسهم، ليس هناك طريقة أفضل من هذه لزيادة مستوى ثقتهم. أعطهم الفرصة لاتخاذ قرارات والإخفاق والتفكير في حلول، أعطهم المساحة الكافية للتجربة، فهذا ما ينمي الحافز الداخلي لتطوير قدراتهم.
الصبر:
نعم، تحمل فكرًا خاصًا بك كقائد لتحقيق أهداف المجموعة، لكن أفراد تلك المجموعة مختلفون عن بعضهم وعنك بالتأكيد؛ لذا قد يكون من الجيد أن تصبر على محاولاتهم المختلفة في تحقيق الأهداف، أو تجربة طريقتهم الخاصة. وتصبر أيضًا على إخفاقاتهم في سبيل الوصول إلى الهدف المرجو، وستصلون جميعًا في النهاية، لكن مع معنويات مرتفعة وثقة أكبر في النفس.

الدعم المعنوي:
يحتاج أعضاء فريقك أحيانًا إلى الاطمئنان، وإلى سماع بعض التحفيز في مواجهة العقبات. تأكد من تقديم الدعم المعنوي لأفراد المجموعة إذا كنت ترغب في زيادة الروابط بينكم.
الاحترام:
يصعب على أي شخص الاستمرار في عمل ما بتفاني إذا شعر بالإهانة أو الاستخفاف به، فما دام ليس مضطرًا ماديًا للاستمرار في العمل، لا يمكنك الحفاظ على ولائه ووجوده مع إظهار عدم الاحترام له.
التوجيه:
من مقومات القيادة أن تجد قائد الفريق في وسط المجموعة، لا يكتفي بإصدار التوجيهات والأوامر، بل يجرب بنفسه ويتعاون مع أعضاء مجموعته. لذا تأكد من تقديم التوجيه اللازم عند الحاجة إليه بطريقة ملائمة.
أخيرًا عزيزي القارئ، مهما كان مصدر قوتك أو نمط قيادتك، تذكر دائمًا أنه ما دام عملك لا يقتصر على الآلات فقط، فأولى بك السعي إلى اكتساب حب موظفيك واحترامهم، ومحاولة بناء علاقات قوية معهم؛ فبها تصل إلى أفضل النتائج في بيئة العمل وتتجنب كثيرًا من المشكلات، كذلك يزيد رصيد علاقاتك، وهو الأولى والأبقى!