القيادة التحويلية | مرحبًا بالتغيير والتطور

لطالما كان يحكي أخي عن عمله في إحدى شركات تطبيقات الهواتف حديثة العهد، والتي نشأت منذ عشر سنوات.
من أكثر المميزات التي جذبت أخي خلال فترة عمله بالشركة القادة الملتزمون بنهجٍ موحد وناجح في القيادة؛ وهو ما أدى بالشركة إلى منافسة كبار الشركات وتحقيق نجاحات منقطعة النظير.
يعتمد القائد منهم على بث الحماسة والشجاعة في قلوب الموظفين تجاه الوصول بالشركة إلى مستويات عالية من التطور.
لا يلجأ إلى فرض سياسته على الموظفين مثل معظم القادة، بل يعتمد على مهاراتهم ويسمح لهم بالإبداع ونشر كل ما لديهم من أفكار، ومناقشتها لتحقيق الصالح العام.
أوضح أخي أن النهج الذي تتبعه الشركة هو القيادة التحويلية.
مفهوم القيادة التحويلية يقوم على المشاركة في صنع القرار

تعد القيادة التحويلية أسلوبًا فريدًا من القيادة؛ إذ يشجع القادة الموظفين على التطور والالتفاف حوله؛ من أجل تحسين وضع الشركة للمنافسة القوية في سوق العمل، وليس فقط للاكتفاء بوضعها الحالي.
تعطي القيادة التحويلية للموظفين الرخصة في الإبداع وابتكار حلول للخلاص من المشكلات الحالية، مع النظر بدقة شديدة لوضع الشركة في السوق وما ستكون عليه مستقبلًا؛ ما يُفسر القيادة التحويلية وعلاقتها بالإبداع الإداري.
فضلًا عن هدف القيادة التحويلية في تطوير الشركة والتجديد من رؤيتها الحالية والمستقبلية، فإنها تؤهل الموظفين كافة إلى أن يكونوا قادة المستقبل من خلال التدريب والإرشاد المدعوم من القادة.
تاريخ نشأة القيادة التحويلية
ظهر مصطلح القيادة التحويلية في عام ١٩٧٣ على يد (جايمز داونتنون).
ثم تناوله (جيميز برنر) باستفاضة عام ١٩٧٨ موضحًا أن القيادة التحويلية ما هي إلا معاونة القادة والموظفين بعضهما لتطوير الشركة والوصول لمستويات متقدمة من الأخلاق والدوافع.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ثم في عام ١٩٨٥ سار الباحث (برنارد باس) على خطى (برنز)، وقدم نظرية باس للقيادة التحويلية.
تنشر هذه النظرية فكرة تأثير القادة في الموظفين وحثهم على التغيير والتطور من أجل الصالح العام، وفي نفس الوقت يكسب القادة ثقة واحترام وإعجاب الموظفين.
تثبت نظرية (باس) العلاقة بين القيادة التحويلية والالتزام التنظيمي لكل من القادة والموظفين.
أهم مكونات القيادة التحويلية
أشار (باس) إلى ٤ مكونات للقيادة التحويلية، تشمل:
١. التحفيز الفكري
ما يميز مفهوم القيادة التحويلية عن مفاهيم القيادة الأخرى هو استخدامها للتفكير والابتكار لإيجاد حلول فعالة وأفكار مختلفة من قِبَل الموظفين.
٢. الاعتبارات الفردية
لا يهتم القادة فقط بالمصلحة العامة للشركة، بل يحرصون على إنشاء علاقات داعمة بينهم وبين الموظفين من أجل تطويرهم شخصيًا، وفتح الباب لكل فرد للمشاركة في إخراج أفكار إبداعية.
٣. الدافع الملهم
إذ يتفاعل القائد مع الموظفين بكل حماسة وطاقة لنقل عاطفته ودوافعه؛ من أجل توجيههم إلى تحقيق الأهداف المشتركة.
٤. التأثير المثالي
عندما يكون القائد ذا تأثير فعال وحضور قوي، يراه الموظفون مثلًا أعلى يُحتذى به نتيجة لكسبه احترامهم وتقديرهم.
ونتيجة لذلك يميل الموظفون إلى تقليده والسير على نهجه، فيساندونه ويقدمون نجاحات غير مسبوقة.
ما صفات القائد التحويلي؟

يتمتع القائد التحويلي بالكاريزما القوية والذكاء الاجتماعي؛ وهو ما يجذب حوله الموظفين ويقنعهم بفكره.
من أهم سمات القائد التحويلي:
- التحلي بالمصداقية والحماسة والنشاط في أثناء عرضه لفكرته.
- يجسد المعايير الأخلاقية داخل المنظمة، ويحث الموظفين على نهجها، لتطبيق القيادة التحويلية والالتزام التنظيمي.
- يوفر دوافع الولاء للشركة للموظفين بجانب حرصهم على مصالحهم الشخصية.
- يعزز بيئة العمل برؤية واضحة ومعايير وأولويات للالتزام بها من أجل هدف مشترك.
- يدعم الموظفين بالتدريبات اللازمة والإرشادات، لكن في نفس الوقت يسمح لهم باتخاذ القرارات وتحمل مسؤولية التخطيط لمستقبل الشركة.
- يهتم بالتواصل والتعاون مع الموظفين في طرح أفكارهم، وتحقيق قيمة القيادة التحويلية وعلاقتها بالإبداع الإداري.
خطوات لتطبيق القيادة التحويلية في مؤسستك؟
١. طرح رؤية ملهمة
يحتاج الموظفون إلى سبب قوي ومهم للإيمان به ومن ثَم البدء في تنفيذه؛ لذلك تحديد رؤية واضحة ذات منظور إيجابي مستقبلًا يجذب الموظفين إليك.
٢. تحفيز الموظفين على الاندماج في رؤيتك
من الخطوات التي تحتاج إلى مهارات الإقناع والحماسة لنقل عواطفك ودوافعك إلى الموظفين.
ابدأ برواية قصة واقعية عن فكرتك لإشعال حماس الموظفين، اربط بين رؤيتك وأهداف الآخرين وقدراتهم للوصول إلى نقطة مشتركة.
لا تنسَ -عزيزي القارئ- أن معرفتك بأنواع التحفيز المختلفة تسهل عليك جذب مختلف أنواع التابعين لك.
٣. الإشراف على تنفيذ الرؤية
لكي ينفذ الموظفون رؤيتك بنجاح، ضع كلًا منهم في دوره الخاص به مع قياس نتيجة عملهم وتحديد أهداف قصيرة المدى لتكون بمثابة حافز للاجتهاد.
لا تنسَ أن تكون نموذجًا أخلاقيًا وعلميًا يُحتذى به، وأن تكون متاحًا لأي استفسارات لهم لضمان تنفيذ رؤيتك كما خُطط لها.
٤. بناء علاقات مبنية على الثقة والاحترام
تحتاج هذه النقطة إلى ذكاء في بناء علاقتك بكل فرد منهم من خلال فهم احتياجاته وأهدافه، ومساعدته على التطور المهني من خلال تدريبات دورية.
فبذلك تبني علاقة ودية طويلة الأمد تمكنك من كسب ثقتهم، وتضمن لك تأييدهم في أي فكرة تطرحها عليهم.
القيادة التحويلية والتبادلية… ما الفرق؟
القيادة التبادلية هي نظام يعطي كامل الصلاحية للقائد في إلقاء الأدوار على الموظفين وما عليهم سوى التنفيذ.
فلا مكان للإبداع أو إبداء أي اقتراحات من قِبَل المرؤوسين.
أما عن الموظفين، فكل ما يحفزهم هو المكافآت المادية ويهابون من الخصومات؛ أي ليس لديهم ولاء واضح أو عاطفة تجاه الشركة.
تهدف القيادة التبادلية إلى الحفاظ على طبيعة العمل ثابتة وبمكاسبها المتوقعة من خلال الالتزام بنظام روتيني.
مما سبق، يتضح أن القيادة التبادلية عكس القيادة التحويلية من خلال الأهداف والتطبيق.
لكن هذا لا يعني عدم فائدتها، بل لها أماكن عمل تطبقها وتستفيد منها بشكل ملحوظ.
على سبيل المثال، تُطبق القيادة التبادلية في المؤسسات الحازمة التي لا تسمح بالتجديد والابتكار؛ فهي ملتزمة بالقوانين واللوائح والتدرج الوظيفي.
من أبرز هذه المؤسسات: المؤسسة العسكرية، والمدارس والجامعات، وبعض الشركات.
أما القيادة التحويلية، تثبت كفائتها في الصناعات سريعة التغير، المعتمدة على الإبداع من أجل الوصول إلى أفكار متجددة تمكن الشركة من الصعود إلى قمة الجبل.
من أهم هذه المؤسسات: شركات الاتصالات والتكنولوجيا، وشركات التسويق الالكتروني، وشركات الدعاية.
هل القيادة التبادلية والتحويلية مكملان لبعضهما؟
على الرغم من تباعد القيادة التبادلية عن القيادة التحويلية في الأهداف وطرق تعامل القادة مع الموظفين، فإن المؤسسة الواحدة قد تستخدم كلًا منهما في فترات مختلفة.
إذا كانت المؤسسة في مرحلة ما ليس لديها رؤية واضحة، ولا تقف على أرض صلبة ومهددة بالانهيار، فهي بحاجة إلى القيادة التبادلية؛ قائد قوي الشخصية يفرض ثقافة معينة على الموظفين للوصول إلى المستوى المطلوب.
أما في حالة استقرار نفس الشركة وتطلعها للمنافسة من خلال إتاحة الفرصة لاختيار أفكار خارج الصندوق، فهي بحاجة للانتقال إلى القيادة التحويلية.