القيادة الديمقراطية | عندما تُلقى المسؤولية على عاتق الكل!

“منذ تعييني في شركتي الحالية من عامين وأنا أشعر بدوري المؤثر في قرارات الشركة وخطط أعمالها؛ فأنا في سوق العمل منذ ٧ أعوام، لكن هناك فرقًا بين شركتي الحالية والشركات التي عملت بها.
كل موظف في الشركة يساهم في طرح أفكاره وآرائه، للوصول إلى قرارات تعود بالنفع على الشركة. أما عن القادة، فهم يتمتعون بصدر رحب لكل الآراء، بل وينظمون عملية طرح الآراء لتأتي بأفضل نتيجة.
حقيقةً أفتخر بقرار انضمامي لشركتي الحالية، وأتمنى أن تكون المنافس الأقوى في سوق العمل بقدر اجتهادنا وإخلاصنا في عملنا”.
هذا ما قاله (عمر) لرئيسه في العمل معبرًا عن إعجابه بنظام القيادة، هذا النظام المتبع في الشركة التي يتحدث عنها (عمر) يُعرَف بـ”القيادة الديمقراطية”.
سنتناول سويًا مفهوم القيادة الديمقراطية، وأهم إيجابيات وعيوب القيادة الديمقراطية، وكيفية تطبيق القيادة الديمقراطية في المؤسسة.
مفهوم القيادة الديمقراطية… الاستفادة القصوى من كل فرد
تتمثل القيادة الديمقراطية في المساواة بين كافة الموظفين، والسماح لهم بالمشاركة في صنع القرار من خلال الإدلاء بأفكار واقتراحات تخدم الشركة.
يأتي دور القائد في تحفيز الموظفين على المشاركة الفعالة، وتنظيم جمع كافة الآراء، واختيار المناسب منها لمصلحة الشركة، أي في النهاية يكون القرار الأخير له.
للقيادة الديمقراطية مصطلحات أخرى، ألا وهي:
- القيادة المشتركة.
- القيادة المتكاملة.
- القيادةُ الموجهة.
هناك نوع من أنواع القيادة يشبه القيادة الديمقراطية في سياسته، ألا وهو القيادة التحويلية. للتعرف أكثر إلى القيادة التحويلية، اضغط هنا.
هل للقيادة الديمقراطية أماكن معينة لتطبيقها؟
يمكن تطبيق القيادة الديمقراطية في مختلف المؤسسات مثل الشركات الخاصة، والمنظمات غير الربحية، والمدارس، والحكومات.
لكن من الأفضل تطبيقها في مؤسسات يتمتع أفرادها بالمهارات اللازمة، ليتمكنوا من الإدلاء بأفكار ذات قيمة تُسهِّل على القائد أخذ القرار المناسب.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
من أهم هذه المؤسسات:
١.الشركات القائمة على الإبداع
مثل شركات الدعاية والتسويق، وشركات التكنولوجيا الحديثة، وشركات التصنيع.
تطبيق القيادة الديمقراطية يُحسِّن من إنتاجية الشركة، بل ويُخرج منها أفكارًا متميزة ومختلفة، خاصة إذا كان الموظفون ذوي كفاءة عالية.
٢.بيئة العمل القائمة على العلم الحديث
مثل الشركات الاستشارية، إذ تعتمد على عدد قليل من الموظفين، لكنهم ذوو قيمة تنافسية مرتفعة لتحقيق متطلبات العميل.
القيادة الديمقراطية سلاح ذو حدين
لكل نظام إيجابياته وسلبياته، دعنا -عزيزي القارئ- نبدأ بطرح إيجابيات القيادة الديمقراطية…
١.رفع إنتاجية العمل
يشعر الموظف في بيئة العمل الديمقراطية بأن مجهوده بارز وصوته مسموع، الأمر الذي يُحفِّزه على الأداء بشكل أفضل، وتطوير نفسه باستمرار.
٢.تنوع الأفكار
من أبرز إيجابيات القيادة الديمقراطية توافر بيئة خصبة من الأفكار المتنوعة، مما يُعطي مساحة للقائد في اختيار القرار الأصلح للشركة.
٣.خلق بيئة إبداعية
مع الاستمرار في القيادة الديمقراطية، تتسع مدارك الموظفين، إذ اعتادوا على الإتيان بأفكار رائعة بمنتهى الأريحية.
٤.ترسيخ فكرة العمل الجماعي
قضاء الموظفين وقتًا طويلًا سويًا -للعمل مع القادة، والتشاور حول القرارات المصيرية بالشركة- يوطد بينهم الثقة واحترام آراء وطُرق تفكير بعضهم بعضًا، ومن ثَمَّ، يصبحون أكثر مرونة في العمل الجماعي.
عيوب القيادة الديمقراطية
١.بطء عملية صنع القرار
نتيجةً لاشتراك عدد كبير من الموظفين في صنع القرار، يحتاج القائد لمدة ليست بقليلة للنظر في الآراء المطروحة حوله، وتنظيمها، واختيار الأنسب من بينها.
٢.عدم ملاءمتها في الأزمات
إذ يحتاج القائد إلى اتخاذ قرارات سريعة لحل الأزمة. وفي هذه الحالة، تؤخره القيادة الديمقراطية عن التصرف السريع والمناسب.
٣.قلة الخبرة
من أهم عيوب القيادة الديمقراطية عدم تواجد موظفين قادرين على الإدلاء بأفكار وآراء مبدعة، نتيجةً لقلة خبراتهم وضعف مهارات العمل لديهم.
في هذه الحالة، لا يفضَّل تطبيق هذه السياسة معهم؛ وإلا ستكون مضيعة للوقت.
٤.رفض بعض الاقتراحات
التفكير الطويل للإتيان بحلول وأفكار يحتاج لوقت وجهد كبير من الموظفين، وفي النهاية سيختار القائد فكرة واحدة لتنفيذها.
بعض الموظفين يصابون بالإحباط، ويُفضلون عدم المشاركة نتيجةً لرفض اقتراحاتهم، ما يؤثر سلبًا في عملية صنع القرار.
القيادة الديمقراطية والأوتوقراطية | وجهان متناقضان
عند المقارنة بين القيادة الديمقراطية والأوتوقراطية، ستجد أن لكل منهما سياسة مختلفة.
فالقيادة الأوتوقراطية تعتمد على قائد ذي شخصية قوية يلقي قراراته على الموظفين، وما عليهم سوى تنفيذها، فلا مكان لحماس الموظفين في عرض أفكارهم أو المشاركة في صنع القرار.
قد يبدو أن القيادة الأوتوقراطية نظام سلبي، لكن لديها فوائدها، إذ تلاقي نجاحًا واسعًا في الأزمات والشركات التي يفتقر موظفوها للكفاءة اللازمة والدوافع للمشاركة فى صنع القرار.
هناك أيضًا عقليات لا تتماشى إلا مع القيادة الأوتوقراطية، فلا تعرف معنى التشاور والإبداع.
أهم صفات القائد الديمقراطي

يتحمل القائد مسؤوليات كثيرة ما بين حثِّ الموظفين على التطور والابتكار في طرق تفكيرهم، وتأمل كافة الأفكار، واختيار فكرة منهم تناسب رؤية وأهداف الشركة.
حتى ينجح القائد في تطبيق القيادة الديمقراطية، ينبغي له أن يتحلى ببعض الصفات. وأبرزها:
١.نشر الثقة والاحترام المتبادل بين الموظفين
ما ينتج عنه تهيئة بيئة العمل لتبادل الخبرات، ومشاركة الأفكار الإبداعية بمنتهى الأريحية.
٢.التأكيد على الالتزام بالأخلاقيات المهنية
وذلك من خلال المساواة بين الموظفين، والسماع لآرائهم بحيادية شديدة دون الانحياز لأحد، مع اختيار الأفكار وفقًا لمصلحة الشركة، وليس إرضاءً لأحد.
٣.التمتع بكفاءة عالية
يحتاج القائد الديمقراطي إلى مهارات عالية لاستيعاب الكم الهائل من الأفكار المطروحة، واستخدام أفضلها بطريقة مميزة للرفع من مكانة الشركة، أو حل مشكلة ما.
٤.تفتح العقل واستيعاب الكل
قد تطرَح أفكار معارِضة لسياسة القائد، لكنه يتفهم كافة الأفكار، ويضع في الحسبان إذا كان الرأي المطروح سيفيده لاحقًا.
خطوات لتطبيق القيادة الديمقراطية في المؤسسة
١.تدوين كافة الأفكار المطروحة من كل اجتماع
تساعد هذه الخطوة على تكوين مرجِع قد يحتاجه القائد في المشاكل القادمة؛ فربما الأفكار المرفوضة الآن تكون حلولًا ممتازة في المستقبل.
٢.اختيار الموظفين الأكفاء في المكان الصحيح
وإلا فكيف ستكتمل عملية صنع القرار القائمة على أفكار الموظفين؟! ينبغي لكل مدير اختيار موظفيه بعناية، والتأكد من ملاءمتهم لسياساته.
٣.تنظيم عملية صنع القرار لتكون أكثر انسيابية
وهي نقطة مهمة تسهم على العثور على الأفكار بشكل أسرع. يمكن للقائد تنفيذ هذه النصيحة من خلال وضع قواعد -خلال الاجتماعات- تقلل من تشتُّت الموظفين في أثناء العصف الذهني.
٤.تحويل الأفكار المرفوضة إلى فرص مستقبلية
في كل مرة سيختار القائد فكرة واحدة ويرفض الباقي. وتجنبًا لإصابة الموظفين بالإحباط، ينبغي للقائد شكر كافة الموظفين على مجهودهم الفكري، ويخبرهم بأن أفكارهم المرفوضة ما هي إلا فرص مستقبلية مؤجَّلة.
القيادةُ الديمقراطية أسلوب متميز يزيد من إنتاجية الشركة، ويرفع من حماسة الموظفين نتيجةً لشعورهم بقيمتهم في صنع القرار. لكنه -في المقابل- يحتاج إلى كفاءة ومهارة منقطعة النظير في تطبيقه، وإلا ستنهار المؤسسة!