الكذب عند الأطفال | لست بينوكيو!

“من يكذب تكبر أنفه”، هكذا قالت ابنتي بكل ثقة وهي تتحسس أنفها…

مـن منا لا يعرف أسطورة بينوكيو؟ من منا لا يستغلها ليشجِّع أولاده على قول الحقيقة والتمسك بها؟ وبالرغم من ذلك، فعندما يأتي النهار أجد ابنتي تتفانى في خلق كذبة جديدة، تُرى هل اعتادت الكذب؟ هل فات الأوان؟ أم أنها ما زالت صغيرة ويمكن تقويمها!

لا أعرف أين تكمن مشكلة طفلتي وعلاجها؟ لذلك كان لا بد أن أتوجه إلى مدرستها للتحدث مع المختصين عن كيفية التحكم في مشكلة الكذب عند الأطفال.

أكتب مقالي هذا لأطمئن كل أم تعاني مع طفلها، وأخبرها عن تجربتي مع ابنتي في كل ما يتعلق بالكذب، وعلاجه.

حقيقة الكذب عند الأطفال

يعد الكذب أول خلل سلوكي قد يمارسه الطفل، ويختلف تبعًا لاختلاف عمره؛ فكلما كان الطفل أكثر ذكاء، كان أكثر قدرة على إحكام كذبته. ولذلك صنف علماء النفس الكذب بأنه مرحلة مهمة في تكوين خبرات الطفل الحياتية واكتشافه للمجتمع، لكن الاعتياد عليه يؤثر بالسلب، فمن شب على شيء شاب عليه.

أسباب الكذب عند الأطفال

أسباب الكذب عند الأطفال كثيرة، ومنها:

• الدفاع عن نفسه أو إنكار مسؤوليته عن فعل ما، خوفًا من العقاب.
• لفت انتباه الأب أو الأم إليه، خصوصًا إذا كانوا لا يعدلون بين أبنائهم.
• شعوره بأنه أدنى من بعض أقرانه، فيحاول أن يتجمل.
• الغيرة الشديدة سواء من أشقائه أو أقرانه، والتي تدفعه للكذب أحيانًا.
• الالتباس بين الخيال والواقع.
• تقليد أحد أبويه أو معلميه.
• عدم الاستقرار الأسري. 
• الكذب كعرض لبعض الاضطرابات الشخصية، مثل: اضطراب الشخصية الحدية، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.

أنواع الكذب عند الأطفال:

مراحل تطور مشكلة الكذب عند الأطفال:

المرحلة الأولى

في عمر من سنتين إلى أربع سنوات.

في هذه المرحلة يكون الطفل غير واعٍ بأنه يكذب؛ إنما يلجأ إليه للحصول على ما يريد.

المرحلة الثانية 

في عمر من أربع إلى تسع سنوات.

يكذب الطفل هروبًا من العقاب، أو لتقليد أبويه، وهنا يكون الطفل واعيًا لكل ما يفعله.

المرحلة الثالثة

بعد عمر 9 سنوات.

يستطيع الطفل في هذا العمر التمييز بين الصدق والكذب جيدًا، ولكنه يلجأ إليه ليعوض نقصًا ما عنده، أو هروبًا من قسوة أبويه.

أعراض مشكلة الكذب عند الأطفال 

شعور الطفل الكاذب بالتوتر الشديد، وما يتبع ذلك من تغير في لغة جسده وعيونه، وهروبه من المواجهة.

 طرق كشف الكذب عند الأطفال في دقيقة واحدة

1. اسألي طفلك أسئلة طبيعية، مثل السؤال عن حالة الطقس، ولاحظي لغة جسده عند إجابته.
2. انتقلي للنقطة المرجوة بسؤال طفلك عن كذبته، وركزي على التغير في لغة جسده.
3. لاحظي لغة جسده وهو متوتر، مثل: اضطراب حركة يديه، كما أنه أحيانًا يخفي يديه خلف ظهره بحركة ملحوظة حتى يخفي قلقه.
4. التغير في تعبيرات وجهه، فيمارس طفلك بعض الحركات اللا إرادية، مثل: حركة رموش العين السريعة، ومحاولة عدم النظر إليك ليخفي توتره.
5. استمعي لصوته جيدًا، حتى تلاحظي التغير في نبرة وإيقاع صوته، وأحيانًا يقول جملًا غير مرتبة نتيجة ارتباكه.
6. سيحاول طفلك أن يغير القصة، أو يتحدث فيما يخص أشخاصًا آخرين، حتى يفصل نفسه من نسيج كذبته.
7. اطلبي من طفلك أن يكرر ما ذكره سابقًا، لأن الكاذب غالبًا ما ينسى كلامه.

الآن تأكدت أنه يكذب، فكيف تكون ردة فعلي تجاه ذلك؟ 

مشكلة الكذب عند الأطفال وعلاجها

كما رأينا أن الكذب في سن الطفولة ليس بالأمر الجلل، لكن التعامل معه بطريقة صحيحة يعدل سلوك الطفل. 

وبداية العلاج تكمن في معرفة نوع وسبب الكذب عند طفلك.

إليك بعض النصائح الهامة التي يمكن أن تساعدك لعلاج الكذب عند طفلك:

• استخدمي أسلوب الثواب والعقاب مع الطفل.
• تحدثي مع طفلك بحب وحنان وحاولي أن تتفهمي مشاعره ووضحي له ثقتك الشديدة فيه. 
• ابتعدي تمامًا عن أسلوب التحقيق معه.
• نمي الوعي الذاتي لديه، وساعديه لكي يفرق بين الصفات الخبيثة والحميدة.
• لا تلجأي إلى العنف أبدًا مع طفلك عند كذبه؛ فذلك يأتي بأثر عكسي.
• لا بد من التواصل مع المختصين إذا تفاقم الوضع.

 أفكار خارج الصندوق لتقويم طفلك

1.  تعليق لوحة بغرفته فيها نجوم كثيرة، وكلما كذب كذبة نزيل نجمة، ونشجعه بمكافأة مجزية إذا اكتمل الشهر واللوحة بها كل النجوم.
2.  تجميع مبلغ من مصروفه مع كل كذبة، ونعطيه في نهاية الشهر للفقراء.
3. نضع في غرفته صورته الشخصية، وكلما كذب علقنا الصورة بشكل مقلوب.

الوقاية من الكذب عند الأطفال

بعض الطرق للتعامل مع طفلك حتى لا يلجأ للكذب: 

• علمي طفلك أنه لا يوجد كذب أبيض، ولا يوجد شهر مخصوص للكذب، وإنما الكذب كله واحد.
• أعطي طفلك الثقة في نفسه عن طريق تصديق ما يقوله، ولا تراجعي كلامه.
• لا تطلبي من الطفل أن يعترف على إخوته أو يشهد على أحد.
• التزمي بمعايير الصدق أمام طفلك، واحكي دائمًا الحكايات التي تشجع على الصدق، والعواقب التي تترتب على الكذب.
• تجنبي العقاب الشديد أو غير المناسب لعمر الطفل، مع الحرص على العدل بين الأبناء.
• وفري لطفلك متطلباته المادية والمعنوية قدر المستطاع. 

في الختام…

نصيحتي لكِ عزيزتي الأم وأنتِ تحاولين إرشاد ابنك إلى الصواب أن تتحلي بالصبر، ولا تنسي كم كذبتِ في طفولتك، وتمنيتِ لو تجدين من يحتويك.

بقلم د. ياسمين عبد الرؤوف