ترياق الحدثعام

المتصيد الإلكتروني| Troll

ماشي يا أم الطرشة!

تعليق واحد كتبه أحدهم على إحدى منصات التواصل الاجتماعي على صورة ممثلة شهيرة، متنمرًا على ابنتها التي تعاني الصمم! 

بمجرد قراءة ذلك التعليق، يتبادر إلى ذهنك جملة واحدة… 

هل هذا تعليق يأتي من شخص طبيعي؟! أم مريض نفسي؟!
ومن هو المتصيد الإلكتروني؟

دعنا نتعرف إلى الإجابة في هذا الترياق…

وفي رأيك: هل مثل تلك التعليقات تكتب منهم بغرض الشهرة وجذب الانتباه؟ أم لأسباب أخرى؟!

التصيد الإلكتروني… ضريبة الشهرة!

في آخر إحصائية لاستطلاع الآراء على شبكات التواصل الاجتماعي، وجد أن ما يقرب من 25% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية عانوا من ويلات التصيد الإلكتروني. 

وصرح المغني الشهير “إيد شيران اعتزاله التواصل مع محبيه على منصة (تويتر)؛ لما لقيه من هجمات تصيد وقحة على صفحته الشخصية! 

قد يبدو لك الأمر -عزيزي القارئ- مبالغًا فيه، فما الضرر من بضع كلمات تكتب من خلف شاشة هاتف محمول؟! هل هي حقًّا مشكلة نفسية واجتماعية خطرة إلى هذا الحد؟!

الإجابة: بكل تأكيد “نعم”! 

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

لنضرب مثالًا بسيطًا لتأكيد الفكرة لديك… 

تخيل أنك تقف في سوق تجاري مع ابنك أو ابنتك، وفجأة ومن دون أي مقدمات أو أسباب، وجدت شخصًا ما يصرخ في وجهك ويهينك بكلمات مسيئة أمام الجميع!

حتمًا ستسأل نفسك: ما الذي يدفع هذا الشخص إلى مثل تلك الأفعال؟! 

هل تخيلت حجم المعاناة؟! 

اضرب ذلك المثال في ألف تعليق يومي لمرضى التصيد الإلكتروني، وأخبرني بالنتيجة النهائية لاستقرار صحتك النفسية!

ما هو التصيد الإلكتروني؟

من الممكن تعريف التصيد الإلكتروني أنه نوع من أنواع الخداع والإساءة على شبكات التواصل الاجتماعي، يشمل نشر تعليقات خبيثة ومهينة عن عمد بقصد استفزاز الآخرين وإهانتهم.

ما أهم صفات المتصيد الإلكتروني؟

في دراسة أجرتها الباحثتان الأستراليتان ناتالي سيست و”إيفيتا مارش” في الجامعة الفيدرالية بأستراليا، تحت عنوان الصفات الشخصية للمتصيد عبر الإنترنت“، استخدم “المعيار العالمي لقياس مستوى التصيد عبر الإنترنت” -أو ما يعرف بـ GAIT (Global Assessment of Internet Trolling) على ما يقارب 400 متطوع من الرجال والنساء؛ لمعرفة صفات المتصيد الإلكتروني، وكانت النتيجة كالتالي: 

  • نسبة التصيد الإلكتروني في الرجال أعلى من النساء.
  • المتصيد الإلكتروني يملك مستويات عالية من سمات الشخصية السيكوباتية.
  • المتصيد الإلكتروني لديه درجات عالية من النزعة السادية.
  • المتصيد الإلكتروني لا يملك أي درجة من درجات التعاطف تجاه الآخرين.
  • المتصيد الإلكتروني يشعر بالمتعة والفائدة -جائزة اجتماعية غير مباشرة- عند إيذاء الآخرين نفسيًّا.
  • المتصيد الإلكتروني يسعى إلى خلق بلبلة واضطراب على منصات التواصل الاجتماعي بأي شكل كان.

يمكننا القول باختصار: 

إن المتصيد الإلكتروني لا يملك أدنى درجات الإنسانية أو التعاطف البشري، ويفهم تمامًا كيف يستطيع جرح الآخرين وإيذاءهم، وفوق كل ذلك لا يكترث لهم على الإطلاق.

وهنا يأتي سؤال مهم: 

هل من الممكن معالجة التصيد الإلكتروني؟ وكيف يمكن التعامل معه؟ 

علاج التصيد الإلكتروني… تعلم التعاطف! 

يقول معظم خبراء علم النفس إن الشخصية السيكوباتية لا يمكن علاجها، لكن على الرغم من ذلك لا يمكننا تصنيف المتصيد الإلكتروني على أنه شخص سيكوباتي يصل إلى درجة المريض النفسي؛ لذا فمن الممكن علاجه باستخدام إحدى الطرق التالية:

  •  نموذج “تخفيف الضغوط النفسية”: 

أثبت كفاءته وفعاليته في الحد من النشاط الإجرامي والعدوانية المجتمعية؛ إذ يعتمد في الأساس على مكافأة الفرد على كل فعل إيجابي ونافع للمجتمع (مكافأة مادية أو معنوية)، لتعزيز أسس الإيجابية والنفع لديه.

  • العلاج السلوكي المعرفي: 

من الممكن توصيف التصيد الإلكتروني على أنه درجة من درجات الإدمان على خلق الفوضى. 

تلك النوعية من الفوضى الإلكترونية التي يفضلها المتصيد لإشباع رغباته تحتاج إلى عناية خاصة من الطبيب النفسي، من خلال التحدث إلى المتنمر حول أفكاره السلبية وسلوكياته السيئة، وتوجيهه نحو طرق التفكير السليم، وجلسات العلاج الجماعي، ومراقبة أفعاله من أجل الحد من أي انتكاسة مفاجئة.

ما الأساليب الفعالة للتعامل مع التصيد الإلكتروني؟

في الوقت الحالي هناك بعض الطرق والأساليب التي بنيت على أساس دراسات نفسية لعلاج التنمر، أهمها: 

  • لا تعطِ المتصيد فرصة الاستمرار: 

إذا كان خَلق الفوضى المستمرة على شبكات التواصل الاجتماعي هو مكافأة المتنمر، فلزام عليك -عزيزي القارئ- الحد من انتشارها بتجاهل تعليقاته السيئة وعدم نشرها.

  • العقاب الرادع والوقتي: 

يقال: “إن مَن أمن العقاب أساء الأدب!” 

لذلك يستمتع المتصيد الإلكتروني بفكرة أن صفحته الشخصية غير معروفة ولا يمكن الوصول إلى بياناته الحقيقية؛ لذا لا بد من عقاب حتمي على مثل تلك التصرفات. 

لكن الأمر يعد صعبًا أو يكاد يكون مستحيلًا بعض الشيء نظرًا لصعوبة الحصول على معلومات حول حساب مزيف!

  • التشجيع على الإيجابية: 

كلنا معرضون للخطأ، لكن عندما نعتذر عن سوء أفعالنا، نود أن يقابَل ذلك بالود أو العرفان؛ لذا علينا تشجيع الأشخاص الذين يسعون إلى إصلاح أنفسهم من مشكلات التنمر وأن نمنحهم الشعور بالدعم من أجل الاستمرارية.

ختامًا…

هناك كم كبير من الكره والحقد المخفي على شبكات التواصل الاجتماعي! 

أشخاص متنمرون ومتصيدون هدفهم الفوضى وإيذاء الغير… 

ومن أجل تغيير نمط أفعالهم وتفكيرهم، لا بد في البداية أن نفهم طبيعتهم النفسية لنعرف أصل المشكلة.

وحتى نصل إلى تلك اللحظة، تذكر كلمات “المهاتما غاندي”:

«إذا قابلت الإساءة بالإساءة، فمتى تنتهي الإساءة؟!»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى