المخدرات | أفعى تقتلك ببطء!

أتيت اليوم لأحكي لكم عن ابني (محمدًا)!
الذي منَّ الله عليه بالشفاء من إدمان المخدرات بعد أعوام من المعاناة، الآن فقط أشعر أنه عاد ابني كما كان سابقًا.
الأعوام الماضية كانت أشبه بكابوس ثقيل على النفس، في البداية لم أصدق أنه سقط فريسة لهذا السم؛ وأنكرت العلامات الظاهرة التي تعلمت عنها لاحقًا، ولكن للأسف بعد فوات الأوان.
لو كنت علمت؛ لكنت أنقذته سريعًا، ولهذا أحدثكم عن صفات متعاطي المخدرات لتعلموا ما لا تعلمون عن هذا السم.
ما أنواع المخدرات؟
في أثناء رحلة علاج ابني الطويلة، كان عليَّ أن أعرف أكثر عن المخدرات، فبدأت رحلتي بالبحث عن تعريفها، وهي: مواد كيميائية تتحكم في جسدك ووظائفه الداخلية، والأهم أن بعضها يمكنه أن يتحكم في وظائف عقلك لقدرتها على عبور حاجز الدم في الدماغ.
يعمل ذلك الحاجز بمثابة خط دفاع عن المخ ضد المواد الضارة.
تمتلك بعض الأدوية -وبخاصة المخدرة- القدرة على عبور ذلك الحاجز، والتأثير في المخ.
أنواع المخدرات
يندرج تحتها:
الأدوية المصروفة بوصفات طبية، والأدوية التي تصرف بدون وصفات طبية، والكحوليات، والنيكوتين، والأدوية غير القانونية.
مثال لذلك:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- استخدام الأدوية غير القانونية
بمعنى أنه مجرَّم تسويقها بطرق غير مشروعة بحكم القانون، مثل:
- المنشطات: الهرمونات الذكورية التي يستخدمها لاعبو كمال الأجسام في النوادي، والتي تعد غير شرعية في استخدامها لتضخيم العضلات لما لها من آثار سلبية.
- المواد المخدرة المتداولة في النوادي الليلية: مجموعة من المواد تحمل أسماء تجارية يتداولها رواد تلك النوادي بهدف الترويح عن أنفسهم.
لكنها أدوية خطرة للغاية وتؤثر في العقل والحالة المزاجية.
- الهيروين والكوكايين (الكوك): وهما بودرة بيضاء من مشتقات المورفين؛ تذاب في الماء وتستخدم بالحقن، أو تُسحب بالأنف مباشرة، أو عن طريق استنشاق الأدخنة المتصاعدة منها بتدخينها في أنابيب.
والهدف من كل تلك الطرق أن يصل المخدر إلى المخ بأسرع طريقة.
- تدخين الماريجوانا أو الحشيش.
- المستنشقات: مواد كيميائية تستنشق بالأنف حتى تحدِث التأثير المخدر على العقل، ويعد استنشاقها خطر للغاية وقد يسبب الوفاة.
هل سمعت عن “الكلة” من قبل؟
تشمل المستنشقات: سوائل الإذابة التي تتحول لغاز في درجة حرارة الغرفة مثل مزيل طلاء الأظافر ومواد اللصق “الكلة”، والغازات مثل غاز القداحات، وعبوات الرش مثل عبوات الدهانات.
- الميثامفيتامين (الميث): بودرة تشم بالأنف، أو تشكل في شكل حبوب تسمى (كريستالات) تبلع بالفم، أو تذاب في الماء وتحقن، أو تحرق ويستنشق دخانها.
- إساءة استخدام الأدوية الموصوفة بوصفات طبية
مثل مشتقات الأفيون، والمنومات، ومضادات القلق، وهي مواد قانونية تصرف عن طريق الطبيب.
ولكن يُساء استخدامها، كأن:
- تستخدم أدوية وصِفت لغيرك بإحدى الوصفات الطبية.
- تأخذ جرعة أكبر من الموصوفة.
- تستخدم الأدوية بطرق أخرى: مثل تكسير الأقراص وتذويبها بالماء وحقنها، أو طحنها وشمها.
- إساءة استخدام الأدوية غير الموصوفة بوصفة طبية
استخدام أدوية تعالج أمراضًا معينة بغرض الانتشاء. مثل استخدام بعض قطرات العين، وأدوية البرد والزكام، وشراب السعال، وبعض أقراص باسط العضلات، ومسكنات الألم.
تستخدم هذه الأدوية بجرعات كبيرة بغرض الوصول إلى النشوة وغياب العقل.
لماذا تعلمت عن كل هذا؟
لأن معرفة نوع المخدر الذي يدمنه المدمن هام للغاية في تحديد نوع وطريقة العلاج، والمعرفة قوة ونور في هذا الطريق المظلم الطويل!
علاقة تعاطي المخدرات والإدمان

هل كل تعاطٍ للمخدر يسبب الإدمان دومًا؟
تعاطي المخدرات: هو استخدام المواد المخدرة القانونية أو غير القانونية بطريقة غير صحيحة. وذلك عندما تأخذ جرعات أكبر من المعتاد من أدويتك، أو تستخدم الأدوية الخاصة بشخص آخر، أو تستخدم المخدر لتقليل التوتر والشعور بالانتشاء وتجنب الواقع.
ولكن الفرق أنه يظل بإمكانك تغيير تلك العادة وإيقافها.
بينما الإدمان: مرض عقلي مزمن، يجعلك غير قادر عن التوقف عن تعاطي المخدر، ويجبرك على تناولها باستمرار، مهما كانت الخسائر المادية والعاطفية والشخصية، ومهما سببت من مشكلات لمن حولك، ورغم معرفتك للأضرار ورغبتك في التوقف فإنك لا تستطيع الإقلاع عن تعاطيه.
كذلك يسبب التعاطي المستمر للمخدرات في تغييرات كيميائية بالمخ، تجعله يعتمد كيميائيًّا على المادة المخدرة، بل أحيانًا تحتاج إلى زيادة الجرعة للحصول على نفس التأثير السابق.
إذًا تعاطي المخدرات والإدمان دوامة تسحبك للأسفل؛ فكلما تعاطيت المادة المخدرة يزيد الإدمان ويستمر.
العوامل المؤدية لدخول دوامة الإدمان
كما اتفقنا أنه ليس كل متعاطٍ مدمنًا، وهذه ليست دعوة لتجربة المخدر، بالتأكيد لا.
تختلف عقولنا في الاستجابة للمخدرات، وبالتأكيد لا تستطيع التنبؤ كيف سيستجيب دماغك للمخدر. إذًا؛ هناك عوامل تجعلك معرضًا للوقوع في الإدمان إذا تعاطيت المواد المخدرة، منها:
- العوامل الوراثية: وجود شخص مدمن في عائلتك، يجعل من الممكن أن تسقط أنت أيضًا فريسة للإدمان عند تعاطي المخدر.
- التعاطي المبكر للمخدرات: عند تعاطي المراهقين للمخدرات في مراحل مبكرة من حياتهم، يؤثر في نمو عقولهم، والتركيب الكيميائي للمخ؛ الأمر الذي يجعلهم معرضين للإدمان في الكبر.
- مشكلات نفسية كامنة: مثل الاكتئاب، والتوتر، وضعف التركيز.
تجعلك تلك المشكلات أكثر تعرضًا للإدمان؛ إذ يشعرك تعاطي المواد المخدرة بتحسن أعراض مرضك النفسي.
- مشكلات في العلاقات الاجتماعية: سواء في المنزل، أو العمل، أو المدرسة. تعاطي المخدر يقلل التوتر الناتج عن المشكلات ويبعد عقلك عنها.
ولأن المشكلات لا تنتهي؛ فدوامة الإدمان لن تتوقف!
- صحبة السوء: تجرك في طريق تعاطي المخدرات والإدمان الذي لا تعرف هل لك منه عودة أم لا.
صفات متعاطي المخدِرات

لكل أب وأم، قبل أن تندموا مثلي على ابني؛ انتبهوا لظهور أي من صفات متعاطي المخدرات على أولادكم.
تحركوا فورًا وتقربوا منهم فربما أنقذتموهم قبل فوات الأوان.
هذه الصفات مثل أنه:
- يغير أصدقاءه كثيرًا، ولا يحسن اختيارهم فهم دومًا صحبة سيئة.
- يحب البقاء منفردًا في غرفته.
- يفقد اهتمامه بأشيائه المفضلة، مثل التوقف عن ممارسة رياضته أو هوايته المفضلة.
- يتوقف عن العناية بنفسه؛ فيبدو دومًا رث الهيئة ولا يبالي.
- تظهر عليه أعراض التعب والحزن الشديد.
وأحيانًا يكون على النقيض تمامًا؛ فتظهر عليه الحيوية ويتحدث بسرعة كبيرة.
تحدث هذه التغيرات بسرعة غير معتادة!
- يأكل كثيرًا، أو يأكل أقل من المعتاد.
- ينام في مواعيد غريبة، ما يجعله ينسى مواعيد هامة.
- يعاني مشكلات مستمرة في المدرسة مع زملائه ومعلميه.
نصيحة أخرى أوجهها لأي شاب أو مراهق يجرب تعاطي المخدرات آملًا أن تجعله يساير الموضة، ويجاري أصدقاءه. هل تعلم صفات متعاطي المخدرات التي تدق لك جرس إنذار أنك على طريق الإدمان؟
- تنتابك الرغبة في تعاطي المخدر كل يوم، وأحيانًا أكثر من مرة يوميًّا.
- تأخذ جرعات أعلى في كل مرة للوصول لنفس حالة الانتشاء.
- لا تستطيع التوقف، وتستمر في التعاطي مهما كانت المشكلات.
- تكذب، وتسرق من والديك ومن كل من حولك.
- يصبح المخدر والحصول عليه محور حياتك كلها!
- تشعر بالتعب الشديد عند محاولة التوقف.
عندها قف مع نفسك واطلب المساعدة.
هل تعلم أن أضرار المخدرات متعددة؟! ليس فقط على صحتك ونفسيتك وجسدك، ولكن تضر من حولك من أسرتك وأقربائك وأصدقائك، وتؤذي المجتمع ككل.
تعاطي المخدر والإدمان ليس حرية شخصية، إذ تتوقف حريتك عندما تتعارض مع حرية الآخرين.
دعني أعرفك على دور المخدرات وأثرها على المجتمع.
المخدراتُ وأثرها على المجتمع

تتعدد نتائج المخدرات على نواحٍ مختلفة في المجتمع، منها:
- انتشار الأمراض المعدية
وبخاصة: الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبة، والسل، والتهاب الكبد الوبائي سي، وغيرها. تعد هذه الأمراض من أضرار المخدرات على صحة المدمن، ولكنها أيضًا تؤثر في المجتمع ككل، لماذا؟
- لأنها أمراض معدية ينقلها المصاب لغيره.
- تؤثر في إنتاجية الفرد وقدرته على العمل.
- تكاليف العلاج الباهظ الثمن، والذي يستمر فترة طويلة.
- التأثير في صحة المواليد، وزيادة ظاهرة أطفال الشوارع
الأم المدمنة تلد أطفالًا غير مكتملي النمو العقلي والجسدي، أو تؤثر المواد المخدرة لاحقًا في نموهم.
وقد يتخلى الآباء المدمنون عن أطفالهم لعدم قدرتهم على رعايتهم، فتزداد ظاهرة هروب الأطفال من المنازل، وبقائهم في الشوارع بلا مأوى، وقد يفعلون أي شيء من أجل لقمة العيش.
- انتشار العنف والجريمة
تعد نتيجة شديدة الخطورة من نتائج المخدرات، إذ يعرض أمن وسلامة أفراد المجتمع للخطر. فتنتشر جرائم السرقة للحصول على ثمن المخدر، وجرائم العنف والنهب، وجرائم القتل.
- زيادة حوادث الطرق
يعجز المدمن عن التحكم في نفسه سواء تحت تأثير المخدرات، أو عند احتياجه إليها. فيصعب عليه التحكم والقيادة الآمنة؛ مهددًا حياته وحياة الآخرين على الطرقات.
- فقدان القدرات البشرية وتعطل الاقتصاد
المدمن عالة على مجتمعه؛ فعدم قدرة المدمن على العمل وكسب رزقه بسبب احتياجه المستمر إلى المخدر، يخسر على أثرها المجتمع طاقاته البشرية، ويتعطل الاقتصاد وعجلة الإنتاج.
- أضرار المخدراتِ على الأسرة
لا يتحدث عن النار إلا من اكتوى بها!
أنت لا تفقد ابنك فحسب، بل تتعرض لأشياء لا تتخيلها من عنف وضرب، وسرقة وكذب.
تعيش يوميًّا خوف أنك ستسمع خبر وفاته أو القبض عليه، بل تصل أحيانًا لتمني ذلك للتخلص منه! تخاف من نظرات المجتمع لك، ويبتعد عنك القريب قبل الغريب.
لو أفضت الحديث عما أصاب ابني (محمد) من المواد المخدرة، لن أتوقف أبدًا.
نصيحتي لكم كآباء، اقتربوا من أبنائكم ولا تدعوهم فريسة أمام المخدرات والإدمان، وإذا حدث وسقطوا في براثنه، اصبروا وصابروا فإن الأمل في الله لن ينقطع أبدًا؛ إلا إذا تملك اليأس منكم.
عافانا الله وإياكم، وعافى أبناءنا وأبناءكم.