المشاعر عند الأطفال | ركز مع ابنك!

قالت (منى) لابنها: “يجب أن تتوقف الآن عن لعب البلايستيشين وتدخل إلى غرفتك حالًا للنوم.”
رفض الابن وأصرت الأم… واندلعت المعركة…
صارت الأم تصرخ والابن يبكي، وكلٌّ منهما متشبثٌ برأيه.
انتابت الابن نوبة من الغضب والصراخ الهستيري، وحطم الكثير من ألعابه في أثناء ثورة غضبه.
ما أنواع المشاعر عند الأطفال؟ وما أهمية التعبير عنها؟ وكيف نتفهم المشاعر السلبية عند الأطفال؟ وكيف نتعامل معها؟
المشاعر عند الأطفال
يمر الطفل في يومه بالكثير من المواقف التي تستثير فيه أحاسيس مختلفة -كالكبار تمامًا-، ولكننا نلاحظ مبالغتهم في التعبير عنها.
فالسعادة عندهم مفرطة، والغضب عاتٍ، والحب شديد… وهكذا؛ لذا يجب علينا التعامل معهم ببساطة وهدوء وتقبل لهذه المشاعر البكر النقية.
ويمكننا ببعض الصبر والهدوء أن نتفهم المشاعر عند الأطفال ونستوعبها ونتعامل معها بالأسلوب الأمثل، فنبتسم لفرحتهم الشديدة ونتناقش معهم عند غضبهم ونبحث عن حلول لمشكلاتهم.
فالأطفال فلذات أكبادنا، ونحن مسؤولون عن صحتهم البدنية والنفسية؛ لكي نخرجهم أسوياء ونافعين.
مزايا تفهم المشاعر عند الأطفال
- تساعد ألعاب التعبير عن المشاعر على تفريغ المشاعر السلبية عند الأطفال وإلغاء تأثيرها، وكذلك على تقريب الوالدين إلى عالم طفلهما الخفي.
- تمتد فائدة تفهم المشاعر عند الأطفال إلى توطيد العَلاقة بين الأبوين والطفل؛ إذ تسمح ببناء جسور الثقة وفتح قنوات للتواصل.
- يؤدي التحاور والتواصل بين الأبوين وطفلهما إلى تيسير استقبال الطفل لتعليمات أبويه وتفهمها، وكذلك يسهل على الأبوين تفهم انفعالات الطفل.
- يتحسن الأداء الدراسي للطالب بوضوح.
- يتمكن من الحفاظ على علاقاته بأصدقائه وأهله وشريك حياته فيما بعد.
- تتحسن الصحة العقلية والبدنية للطفل؛ لشعوره بالهدوء والاستقرار النفسي.
- تزداد ثقة الطفل في نفسه، ويشعر بأن صورته الذاتية جيدة أمام نفسه والآخرين.
- تقل الاضطرابات السلوكية عند الأطفال الذين يتحدثون عن مشاعرهم أو يتخلصون منها أولًا بأول.
التعبير عن المشاعرِ عند الأطفال
من مننا لم يسمع بعضًا من هذه الجمل والكلمات الشهيرة:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
“اصمت… لا أريد أن أسمع صوتك”، “توقف عن البكاء… امسح دموعك وادخل غرفتك”… إلخ؟!
تؤدي هذه الكلمات إلى اضطراب المشاعر عند الأطفال؛ مما يؤثر فيهم نفسيًّا وسلوكيًّا، نتيجة لمنعهم من إخراج مشاعرهم في الوقت المناسب.
ويجب علينا تفهم أن التعبير عن المشاعرِ عند الأطفال ليس بالضرورة أن يكون مماثلًا لطريقتنا نحن الكبار.
مثل:
- ضرب الطفل لإخوته نتيجة شعوره بالحزن من درجاته المنخفضة.
- صمت الطفل تعبيرًا عن رفضه الطعام أو المذاكرة.
لذا؛ لا بد من الحديث مع الطفل حول السبب الحقيقي لتصرفاته، وتقديم الحلول المناسبة.
اضطراب المشاعر عند الأطفال
إليك بعض علامات اضطراب المشاعر عند الأطفال:
- وجود صعوبات في التعلم دون وجود سبب واضح، مثل: الاضطرابات الحسية والعقلية.
- عدم القدرة على الاحتفاظ بالعلاقات الاجتماعية بالأهل أو الأصدقاء.
- إبداء سلوكات لا تتناسب مع المشاعر والمواقف التي يمر بها.
- علامات الحزن أو الاكتئاب.
قمع الآباء المشاعرَ عند الأطفال

يحرص الآباء على راحة أطفالهم وصحتهم وتعليمهم، ولكن يجب أن يكون هذا ضمن حدود عدم الإضرار بنفسية هؤلاء الزهور.
ولكيلا يكون كلامنا قاسٍ؛ فيجب أن نوضح أن الآباء لا يتعمدون إيذاء أطفالهم، ولكنهم يشتدون في سطوة قراراتهم في بعض الأحيان مما يؤدي إلى إحباط المشاعر عند الأطفال.
يحدث هذا بصور متعددة، نذكر منها:
- العقاب: أن يُعاقب الأب ابنه بزعم الخوف عليه.
مثال: أنت محروم من اللعب مع القطة مدة أسبوع.
- الحفاظ على سلامة الطفل: بأن يفرض الأبُ رأيه على الطفل رغبةً في الحفاظ على صحته ولكن دون مراعاة رأي الطفل ومشاعره.
مثل: سأطرد القطة من المنزل لتبقى خارجًا ولا تؤذيك مطلقًا، فلا تخشَ منها شيئًا.
- تقديم الوعظ: بأن يقدم الأبُ النصيحة لابنه بحدة، بدعوى أنه يعلمه الأخلاق والسلوكات المنضبطة.
مثل: “كيف تفعل هذا الخطأ؟!”، “أنت لم تتصرف بشكل سليم”، “أنت مخطئ، وأنا لم أكن لأفعل هذا إذا كنت مكانك”…
- إنكار المشاعر على الطفل: بأن يحاول الأبُ إقناع طفله بألَّا يشعر هذا الشعور أو ذاك.
مثل: “أنت لم تُخطئ، وليس لك أن تشعر بالذنب”، “يَجِبُ ألاّ تشعر بالحزن لوفاة جدك؛ فأنت لا تزال صغيرًا”…
تنمية المشاعر عند الأطفال

يستطيع الآباء تنمية المشاعر عند الأطفال بمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم، باتباع النصائح الآتية:
- فهم تعبيرات الطفل عن طريق كلماته ولغة جسده وطبقة صوته ونظراته… إلخ.
- عدم النظر بسطحية إلى تصرفات الطفل، وبالأخص إذا كانت خارجة عن المألوف بالنسبة إلى الطفل.
فربما يلجأ الطفل إلى سلوك عدواني أو إلى الابتعاد عن الجميع؛ بسبب شعور دفين بالحزن أو الغضب أو التوتر.
- مساعدة الطفل على معرفة اسم الشعور الذي لا يستطيع معرفته أو التعبير عنه، بإعطائه مترادفات تصلح لوصف ما يشعر به.
- مدح الطفل والاستماع له بإنصات عندما يدلي بمكنونات صدره، وكذلك تشجيعه على هذا.
- يمكن استخدام الصور والملصقات لتوضيح ما تشير إليه ملامح الوجه، مع تسمية هذا الشعور.
يمكن أيضًا استخدام أفلام الرسوم المتحركة لنفس الغرض.
مثال:
عرض صورة لوجه مبتسم ثم وصف الملامح، مع ذكر أن هذا يعبر عن الفرح، وإعطاء مثال لما يسعد هذا الشخص، كالآتي:
“انظر إلى هذا الطفل، شفتاه تبتسمان وعيناه متسعتان ويرفع يديه عاليًا… لا بد أنه سعيد لأنه سيخرج في نزهة.”
- يتعلم الطفل التعبير عن مشاعره بمراقبة الكبار ومتابعة ردود أفعالهم إزاء المواقف المختلفة؛ لذا فلا يغلبنك الانفعال والغضب فتأتي بتصرفات عنيفة، مثل: ضرب شخص أو تحطيم أدوات.
المشاعر السلبية عند الأطفال

يمر الأطفال بنفس التجارِب التي يمر بها الكبار، مهما حاول الآباء حمايتهم من المواقف التي تحمل لهم مشاعر حزينة.
ومهما اجتهد الأبوان في ذلك، فلا بد من أن يحدث ما يعرضهم لمشاعر الغضب من الزملاء أو الحزن لكسر ألعابهم.
وبذلك تظهر بعض المشاعر السلبية عند الأطفال، مثل: الحزن والحرمان والغضب، ويجب علينا مساعدتهم على التعامل مع هذه المشاعر.
- يجب ألا يأخذ الأبُ انفعال الطفل بشكل شخصي، بل أن يتفهم الضغط الذي يشعر به طفله.
- أثبتت الدراسات أن إتاحة الفرصة للحديث حول المشاعر تمنع اضطراب المشاعر عند الأطفال.
- لا بد من احترام مشاعر الطفل التي يبديها وعدم تجاهلها، وكذلك عدم معاقبته على السلوكات التي أتاها عند حزنه أو غضبه.
- البحث مع الطفل عن حلول لمسببات حزنه أو غضبه، مثل: المذاكرة للحصول على درجة أعلى أو التدريب للوصول إلى مركز رياضي متقدم.
- بث روح التفاؤل والثقة بالنفس في الطفل؛ لكيلا تنهار صورته الذاتية أمام نفسه.
- تجنب الديكتاتورية في اتخاذ القرارات ضد الطفل، بمعنى: اختيار حلول وسَط بين آراء الآباء والطفل ما دامت لا تضر.
ألعاب التعبير عن المشاعر
لا بد من السماح للأطفال بالتعبير عن مشاعرهم والإفصاح عنها منعًا للكبت وتراكم الخبرات والتجارب السلبية في حياتهم؛ لذا وجب على الآباء إتاحة الفرصة لأبنائهم لكي يخرجوا ما يشعرون به إلى السطح.
ولكن، ماذا إذا كان هذا الطفل لا يتحدث كثيرًا؟ أو أنه يهاب التحدث خوفًا من العقاب أو خشية الاستهزاء به؟
يحتاج هذا الطفل إلى التحايل من الوالدين باستخدام ألعاب التعبير عن المشاعر.
هناك الكثير من الطرق للتشجيع على الإدلاء بما تموج به المشاعر عند الأطفال، نعرفك عليها:
إبداء التعاطف:
مثل: “أنا أشعر بك وأهتم لأمرك وأتفهم مشاعرك”.
تأييد مشاعر الطفل:
مثل: “إن لك الحق في الشعور بهذا” أو “لا بد لمن مر بنفس موقفك أن يشعر بنفس إحساسك”.
تسمية الشعور للطفل:
مثل: “أنت تشعر بالقلق، إنه الشعور الطبيعي قبل الاختبارات”.
الإنصات:
مثل: “أنا أستمع إليك” أو “أنا أنظر إليك وأريدك أن تحادثني”.
إظهار الفضول:
مثل: “ما الذي تشعر به؟ أنا مهتم بمعرفة إحساسك”.
حث الطفل على الحديث:
يستخدم الأبُ هنا الأسئلة المفتوحة؛ لإتاحة الفرصة كاملة للطفل للحديث، على غرار: “أخبرني عن ما تشعر به، أنا أريد أن أعرف إحساسك الحالي بالضبط”.
وننهي مقالنا بنصيحة
طفلك هو قطعة منك فعامله كما تحب أن تُعامل، ابذل مجهودًا في فهم مشاعره واحترامها وتعلم كيفية التعامل مع المشاعر عند الأطفال بالطرق العلمية من أجل تربية طفل ذي نفسية سوية وشخصية إيجابية منتجة.