النمو العقلي للطفل | سر الجمال في رجاحة العقل!

هل يوجد أسمى من مشاعر الأم تجاه طفلها؟!
تلك العواطف الصادقة التي شعرت بها (جميلة) أول مرة وهي تحمل جنينها.
بدأت (جميلة) تضحياتها من أول يوم، فتجنبت كل الأمور التي قد تؤثر سلبًا في النمو العقلي للطفل القابع في أحشائها.
تعلمت (جميلة) أن عليها أن تولي اهتمامًا بالغًا بعقل طفلها تمامًا كما تهتم بنمو جسده.
بعد الولادة، أمسكت (جميلة) بيد زوجها وهي تشير بسعادة كبيرة إلى رضيعها (راجح) – الاسم الذي اختارته له، فقديمًا قالت العرب: «لكل امرئ من اسمه نصيب!»…
وأحبت (جميلة) أن يكون نصيب طفلها رجاحة عقله.
قد لا يدرك بعض الناس مفهوم “النمو العقلي للطفل” كما أدركته (جميلة)؛ لذا سنلقي الضوء في هذا المقال على بعض النقاط المهمة لكل أم تريد أن ينشأ طفلها كما نشأ (راجح).
الحقائق العلمية عن النمو العقلي للطفل
يحرص العلماء على دراسة النمو العقلي للطفل لأهميته البالغة. وتعد الشهور الأولى في حياة الإنسان الأهم في تطور العقل.
وقد أثبتت الكثير من الأبحاث أن العقل يبدأ في التطور في أثناء فترة الحمل، ويستمر تطوره حتى عمر الثامنة بصورة أفضل وأسرع من مرحلة البلوغ.

يعد (جان بياجيه) -رائد علم النفس التنموي- أول من اهتم بالنمو العقلي للطفل في أوائل القرن العشرين؛ وقد طور نظريته الخاصة بـ “مراحل النمو العقلي الأربعة“.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
افترض (بياجيه) أن الأطفال يبنون معرفتهم الخاصة بناءً على خبراتهم، وأن لديهم القدرة على التعلم دون الحاجة إلى دوافع أو مؤثرات خارجية.
ما مراحل النمو العقلي للطفل طبقًا لنظرية بياجيه؟
- المرحلة الحسية الحركية
يبدأ الرضيع في هذه المرحلة التعرف إلى العالم المحيط، وإدراك بعض الأشياء بالتجربة والخطأ ثم بالتفاعل المستمر باستخدام بصره وسمعه.
تبدأ هذه المرحلة بعد العام الأول وتستمر حتى عمر السنتين.
تتعدد حاجات النمو العقلي للطفل خلال هذه المرحلة؛ فيميل إلى البحث والاستكشاف، ويكمن جمالها في القدرة الفطرية على التفكير.
- مرحلة ما قبل العمليات التنفيذية
يبدأ الطفل بعد الثانية من عمره في تعلم الكلام، وتتطور ذاكرته وقدرته على التخيل، ويتعامل الطفل مع ألعابه بذكاء أكبر.
تمتد هذه المرحلة إلى عمر السابعة، ويغلب على الطفل فيها طابع الأنانية؛ إذ يكون غير قادر على استيعاب وجهات نظر الآخرين.
- مرحلة العمليات التنفيذية الملموسة
يزداد النمو العقلي للطفل جمالًا في هذه المرحلة؛ فتقل أنانيته ويصبح أكثر منطقية في التعامل مع الأمور.
يتدرج نمو الطفل في هذه المرحلة من عامه السابع إلى عامه الحادي عشر.
وتسمى هذه المرحلة بذلك الاسم؛ لأن الطفل يتعامل مع المعلومات المتوفرة لديه بطريقة مادية ملموسة.
- مرحلة العمليات الشكلية
يقترب عقل الطفل في هذه المرحلة من عقل البالغين رويدًا رويدًا، فنجد أنه يستطيع فهم الرموز المجردة، والاستعانة بخبراته ومعارفه السابقة في وضع الفرضيات.
تبدأ هذه المرحلة من عمر 11 سنة وتمتد إلى سن البلوغ.
خصائص النمو العقلي للطفل
- من الولادة إلى 3 أشهر
يبدأ الطفل في التعرف إلى الوجوه والأشياء القريبة منه، ويستخدم تعبيرات وجهه للتفاعل مع البيئة المحيطة به.
يميز الطفل الأصوات ويتابع بعينيه حركة الأشياء.

- من 3 إلى 6 أشهر
بعد مرور ثلاثة أشهر من ولادته، يتجمل عقل الطفل بالقدرة على تقليد تعبيرات الوجوه، مع تمييز الوجوه والأصوات المألوفة له.
- من 6 إلى 9 أشهر
يستوعب عقل الطفل في هذه السن الفرق بين الجمادات والأشياء الحية، ويستطيع أن يميز أحجام الأشياء وبعدها عنه.
- من 9 أشهر إلى سنة
يرجح الباحثون أنه بعد مرور تسعة أشهر يصبح لدى الطفل القدرة على استكشاف العالم من حوله بشكل أكبر.
إذ يبدأ الطفل بالانجذاب إلى الصور، بالإضافة إلى التفاعل مع الأشياء والأصوات.
- من سنة إلى سنتين
يتطور النمو العقلي للطفل بسرعة فائقة بعد عامه الأول.
يميز الطفل في هذه المرحلة الفروق بين الأشياء المتشابهة، ويقارن بين الأشخاص وصورهم والأشياء ونظائرها في الصور.
وفي المرحلة ذاتها، ينطق الطفل بعض الكلمات، مثل: بابا، ماما، أنا، أنت.
- من سنتين إلى ثلاث سنوات
يعتمد الطفل على نفسه في العديد من الأمور بعد مرور سنتين من عمره.
ويكون لديه القدرة على القيام بإجراءات أكثر تعقيدًا، كاتباع توجيهات والديه أو لعب بعض الألعاب البسيطة.

- من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات
يبدأ النمو العقلي للطفل في التزايد؛ إذ يصبح قادرًا على التحليل والتواصل بشكل أفضل.
يزيد انتباه الطفل إلى التفاصيل، ويعي الفروقات بين الماضي والحاضر، مع القدرة الواضحة على الاستماع إلى ما يدور حوله وفهمه.
- من أربع إلى خمس سنوات
يستخدم الطفل الكلمات بوضوح بعد سن الرابعة، ويعد الأرقام ويحفظ الألوان.
تنمو لدى الكثير من الأطفال القدرة على رسم الأشخاص والأشياء في هذه المرحلة.

لم تتوقف (جميلة) عن الاطلاع والتعلم؛ لذلك فطنت إلى أن النمو العقلي للطفل لا يجب أن يسير بمفرده، بل ينبغي أن يكون بالتزامن مع النمو الانفعالي للطفل.
يكتسب الطفل بالتدريج القدرة على فهم المشاعر والتعبير عنها، ويظهر عليه معالم الحزن والسعادة ويعبر عن ذلك بالإيماءات والكلمات مع مرور الوقت؛ مما يساعده على إظهار ما بداخله للمجتمع المحيط به.
يعد النمو الاجتماعي للطفل نتيجة طبيعية لتطور الطفل تدريجيًّا، إذ يبدأ بعد عامه الأول إدراك البيئة المحيطة به -كما أشرنا-. من ثم يزداد تفاعله مع الأشخاص؛ مما يتيح له اكتساب مهارات التواصل الاجتماعي وتجنب مرض التوحد.
والآن، بعد أن انتصف (راجح) عقده الثاني، صار أول من تستعين به (جميلة) في تدبير أمورها، وأصبح خير جليس لأبيه رغم حداثة سنه… فكوني مثل (جميلة)، واجْعلي من طفلك راجحًا جديدًا.
بقلم د/ محمد طارق الظريف