الهلوسة – هذه الأحداث من وحي خيال المؤلف!

“أنا أرى صديقتي المتوفاة منذ خمس سنوات تقضي معي سهرات عديدة، نتسامر سوياً حول مغامراتنا البائتة، وأحدثها عن فكرة مشروعي الجديد.”
“فاجأني طبيبي النفسي بأن صديقي خالد ليس حقيقياً! لا أستطيع أن أثبت له وجوده، وطلبت منه حضور جلستي السابقة، لكنه لم يأتِ في الموعد أبداً.”
“يتحدث والدي كثيراً عن خيالاتٍ لا نراها، هو مصاب بشلل الرعاش، وينسى أحياناً أسماءنا ومن نكون.”
اليوم أحدثك عزيزي القارئ عن كل هذه المواقف، نُبحِر سوياً في عالم الخيال، ليس خيالاً لكتابة الروايات، ولا ضرباً من جنون، ونرى كيف يمكن لواقعٍ أن يكون مجرد فكرة.. وكيف لعقلنا أن يصدقها!!
في هذا المقال نتحدث عن الهلوسة، نكتشف أنواعها وأسبابها، وكيف يمكن علاجها، فتابع معي القراءة.
ما هي الهلوسة؟
هي حالة من تخيُّل وجود أشياء ليست حقيقية ولا تحدث في الواقع، لكن عقلك يصدقها.
وقد تشمل واحدة أو أكثر من حواسك الخمس، فقد ترى أشياء غير حقيقية، أو تسمعُ أصوات أشخاصٍ يُحدثونك ليس لهم وجود.
وتختلف أسباب الهلوسة، فقد تكون أحد أعراض بعض الاضطرابات النفسية، أو الأمراض الجسدية، أو عرضاً جانبياً لبعض الأدوية.
كذلك إن كنتَ مدمناً للكحوليات، أو تستخدم بعض المواد المخدرة، فهذا يزيد من فرص ظهور الهلاوس لديك.
فإن كنتَ تعاني بعض الهلاوس يا صديقي، فتعال نتحدث عن أنواعها وأسبابها، لتعرف إذا كنتَ تحتاج مساعدة طبية فتسعى لطلبها.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
أنواع الهلوسة
تتعدد أنواع الهلاوس لتشمل الحواس الخمس، وهي: السمع، والبصر، والشم، والتذوق، واللمس.
الهلوسة السمعية:
والتي تعد أشهر أنواع الهلوسة، فقد تتخيل فيها صوتاً يهمسُ بأذنيك ويخبرك بما عليك فعله، أو يحدثك بعض الأوقات.
فتجد هذا الصوت صديقك حيناً، وأحياناً أخرى يكون غاضباً عليك متحكماً فيك، يُملي عليك بعض الأوامر.
ومن الهلوسة السمعية أيضاً أن تسمع وقع خطواتٍ ليست موجودة، أو صوتاً متكرراً كصوت الساعة أو ضجيج أجهزة مُطفأة.
الهلوسة البصرية:
كأن ترى شخصاً في الغرفة لا يراه سواك، أو ترى وميضاً غير موجود، أو حشرة تتحرك على كتف شخص أمامك.
فتشمل الهلوسة البصرية رؤية أشياء أو أشخاص أو أنماطٍ بصرية ليست موجودة.

الهلوسة الشمية:
فتشُم روائح غريبة في ملابسك أو في المكان حولك، ولا يشمها سواك، ما قد يجعلك متوتراً بعض الشيء.
فقد تستيقظ من نومك في منتصف الليل وتشم رائحة غريبة، وربما تشم رائحة جيدة كروائح الورود.
الهلوسة التذوقية:
هنا تتوهم بوجود مذاق غريب في فمكَ -كأن تشعر بطعم معدني- والذي يظهر كأحد أعراض بعض الأمراض -منها الصرع-.
الهلوسة الحسية:
فتتوهم حركة أشياء بجسدك كأن تشعر بأن أمعاءك تتحرك، أو تتخيل سريان بعض الحشرات على جلدك.
أسباب الهلوسة
تتنوع أسباب الهلوسة، فقد تكون عرضاً جانبياً مؤقتاً لأدوية تسبب الهلوسة، أو تكون أحد أعراض حالة مرضية أو اضطراب نفسي، وغيرها من الأسباب المختلفة كما يلي:
حالات مرضية تظهر معها الهلوسة:
لن يخفى عليك الأمر كثيراً، فغالباً ستكون مررت بأحد نوبات الحمى، وصاحبها بعض الهلاوس التي يحكيها لك من حولك بعد استيقاظك.
لكن هناك حالات مرضية أخرى خطيرة تشيع معها الهلاوس، من أشهرها:
- الحُمَّى: فالهلوسة من أشهر الأعراض تكراراً معها خاصة في الأطفال وكبار السن.
- ألزهايمر: إذ يتغير تركيب الدماغ وتتأثر وظائفه، ما قد ينتج عنه الهلاوس، خاصة في المراحل المتقدمة من المرض.
- مرض الباركنسون: فيصاب ما يقرب من نصف المصابين به بالهلاوس البصرية خاصة.
- الصرع: فالتشنجات المصاحبة للصرع قد يصاحبها أحد أنواع الهلاوس، والتي تختلف باختلاف منشأ نوبة الصرع أو محل التضرر في الدماغ.
- الأورام الدماغية.
- السكتة الدماغية.
- الصداع النصفي: فكثيراً ما ترى بعض الأنماط البصرية أو بعض الوميض عندما يضرب الصداع النصفي رأسك.
الاضطرابات النفسية:
كثيراً ما تكون الهلاوس مصاحبة لاضطراب نفسي أو عقلي، وهذه بعض الاضطرابات التي قد تصاحبها الهلاوس:

- الشيزوفرينيا: فيعاني أكثر من 70% من مرضى الشيزوفرينيا أو الفصام هلاوس بصرية، وما قد يصل لـ 90% يعانون هلاوس سمعية. وقد يعانون أنواع الهلاوس الأخرى أيضاًً.
- اضطراب ثنائي القطب.
- اضطراب الشخصية الحدية.
- اضطراب كرب ما بعد الصدمة.
- الذهان.
- الاكتئاب أيضاً في بعض الحالات قد يصاحبه هلاوس.
تناول المواد المخدرة والكحوليات:
يعد تناول الكحوليات والمخدرات أحد أسباب الهلاوس البصرية والسمعية الشائعة، خاصة مع تناول كميات كبيرة منهم.
أدوية تسبب الهلوسة:
قد تكون الهلاوس عرضاً جانبياً لبعض الأدوية، منها:
- أدوية علاج الصرع.
- بعض مضادات الاكتئاب.
- أدوية علاج الذهان.
- أدوية علاج مرض باركنسون.
فلا تتردد في التحدث إلى طبيبك حول أي أعراض غريبة أو غير مرغوب فيها بعد تناولك تلك الأدوية.
قلة النوم:
بعض الأشخاص قد تصيبهم هلاوس إذا لم يحصلوا على قسطٍ كافٍ من النوم لمدة طويلة.
وهنا يكثر الحديث عن أهمية النوم الصحي، فإضافة لأهميته في بناء جسدك وسلامتك النفسية، فإنه يبعدك عن بعض الأمراض التي يمكن أن تنتج عن قلة النوم.
لذا لا تتهاون عزيزي القارئ في الحصول على قسط كاف من النوم يومياً.
حالات أخرى قد تسبب الهلاوس:
قد تحدث الهلاوس لبعض الأشخاص مصاحبة لحالات أخرى، مثل:
- الانعزال الاجتماعي؛ خاصة في كبار السن.
- فقدان السمع، أو البصر، أو وجود حالة مرضية تؤثر عليهما بدرجة ما.
- بعض الأمراض التي لا يُرجَى شفاؤها؛ كمراحل السرطان المتقدمة، أو الفشل الكلوي أو الكبدي، أو الإيدز.
إذ تتأثر حالة المريض النفسية بهذه الأمراض بشكل خاص، فقد تؤثر على اتزانه، أو تظهر بعض الهلاوس لديه.
كيف يتم تشخيص الهلوسة؟
إذا شككتَ في مرورك بهلاوس فاستشر طبيبك، وسيجري لك بعض الفحوصات للتأكد من حالتك. فيطلب تحليلا للدم أو البول، وربما تقوم بعمل أشعة مقطعية للدماغ.
وإن كان أحد أحبتك يعاني الهلاوس بدرجة كبيرة، فحاول ألا تتركه وحده أغلب الوقت، وأن تصحبه لزيارة الطبيب وربما تساعد في وصف حالته لطبيبه.
وحاول طمأنته وأن تكون بجواره طوال الوقت، فقد تدفعه الهلاوس إلى أن يؤذي نفسه.
علاج الهلوسة
يعتمد علاج الهلوسة بشكل رئيسي على تحديد سببها، وعليه يحدد طبيبك العلاج المناسب لك.
فإن ظهرت عليك كأحد الأعراض الانسحابية للإقلاع عن الكحوليات، فسيصف لك طبيبك بعض الأدوية التي تخفف عنك تلك الأعراض.
أو ربما يصف لك بديلاً دوائياً إذا كانت الهلوسة عرضاً جانبياً لأحد أدويتك.

أما الهلاوس السمعية أو البصرية المصاحبة لبعض الاضطرابات النفسية كالشيزوفرينيا، فسيساعدك طبيبك النفسي ببعض الخطوات العملية لعلاج تلك الهلاوس أو السيطرة عليها، أو يصف لك بعض الأدوية تبعاً لحالتك.
ويمكن علاج الهلوسة طبيعياً بهذه الطرق:
- الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم يومياً.
- ممارسة الرياضة؛ إذ تحسن من حالتك النفسية والذهنية.
- التخلص من العزلة، وعدم الاستسلام للوحدة.
- اتباع نمط حياة صحي قدر الإمكان.
- التوقف عن العادات غير الصحية كشُرب الكحوليات التي قد تسبب الهلاوس
هل يمكن علاج الهلوسة بالأعشاب؟
يفضل بعض الناس البحث عن طرق طبيعية للعلاج كاستخدام الأعشاب، وعلى الرغم من تأصل العلاج بالأعشاب في الثقافات القديمة، إلا أنه لا يمكن أن نعوّل عليه وحده في كثير من الأمراض.
لذا فالبحث عن علاج الهلوسة بالأعشاب لم يُظهر لي دليلاً علمياً كافياً لأنصحك به عزيزي القارئ، لكن يمكنك الاستعانة بالأعشاب إذا كانت تساعدك على الهدوء النفسي أو الاسترخاء.
وكما أخبرتك ففي بعض الأحيان يمكن علاج الهلوسة طبيعياً بتغيير نمط حياتك وتخفيف الضغط عن كاهِلك.
لكن إذا لاحظتَ استمرار الهلاوس لمدة شهور، أو سوء حالتك النفسية وتأثيرها على حياتك، فلا تتردد في طلب المساعدة الطبية.
أخيراً عزيزي القارئ، أعلم أن ما تشعر به قد يكون قاسياً عليك، فالصداقات المتوهَّمة، أو الرؤى الكاذبة قد تجعلنا نتوهم الجنون.
لكنك لست وحدك، فالهلوسة أمرٌ شائعٌ وتتعدد أسبابه كما رأيت. وما يهم الآن هو أن تطمئن، وتطلب المساعدة متى تحتاجها. ولا تقسُ على نفسك، ودعنا ننتظر نهاية خيالاتك سوياً، ونتقابل في قصة جديدة.