ترياق الحدثعام

اليوم العالمي للغة العربية

إن الذي ملأ اللغاتِ محاسنًا .. جعل الجمال وسره في الضاد

يحتفل العالم في يوم الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، أو لغة الضاد كما يقولون، أكثر لغات العالم انتشارًا، إذ يتكلمها ما يزيد عن أربعمائة مليون فرد في كل أنحاء العالم.

دعنا نتحدث عن جمال اللغة العربية في هذا الترياق…

وأخبرنا في “تِرياقِي” عن أجمل بيت شعر قرأته، ولأي شاعر كان؟

نشأة اللغة العربية ومكانتها

تُعَدُّ اللغة العربية من أقدم اللغات المعروفة على وجه الأرض. وعلى الرغم من قِدمها، إلا أنها تمتاز بخصائص تجعلها متفردة ومختلفة عن باقي اللغات لِما تحتويه من: تراكيب، ألفاظ، صرف، نحو وأدب.

كما أنها تُعَدُّ أُمًّا لمجموعة اللغات المعروفة باللغات الأعرابية (التي نشأت في شبه الجزيرة العربية). وفي العصر الحديث، أطلق علماء اللغة اسم “اللغات السامية” على السلالات اللغوية التي ترجع إلى اللغة الأم، ومن أهمها لغة الضاد.

أول من أطلق هذه التسمية هو العالم النمساوي (شلوترز) في عام 1781م، ورغم عدم وجود دليل قطعي على أولية اللغة العربية، إلا أن أغلب وأدق الروايات نادت بأنها أصل اللغات، حيث شرف الله -عز وجل- اللغة العربية تشريفًا كريمًا لم تحظَ به أي لغة من قبل؛ فلقد نزل القرآن الكريم باللغة العربية، وكذلك نزل الوحي على نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- باللغة العربية، ولا تُقام الصلاة أو تُؤدى إلا باللغة العربية، فما أعظم لغتنا وما أجملها! تحمل لنا نفحات الثواب والسكينة في جنبات دين الإسلام الحنيف!

لماذا يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية؟

في إطار التعاون المشترك بين دول العالم أجمع، ومن أجل تعزيز تعدد اللغات وتنوع الثقافات بين جدران منظمة الأمم المتحدة، اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي قرارًا للاحتفال بكل لغة من لغات الأمم المتحدة الست. ومن ثَمَّ، تقرر -بناءً عليه- الاحتفال بيوم 18 من ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية، بعد صدور قرار بإدخالها ضمن اللغات الرسمية والمعتمدة للعمل من قِبل الأمم المتحدة.

كما أن الغرض الأساسي من هذا اليوم هو تنمية الوعي بتاريخ اللغة وأصلها وتطورها عبر القرون، لرؤية مدى جمالها وأهميتها كأم وأصل لكل لغات العالم.

هل الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ضرورة أم ترفيه؟

في ظل التطور التكنولوجي المستمر، وانتشار منصات التواصل الاجتماعي المختلفة في كافة أنحاء العالم، والاستخدام المكثف للغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الحية، كل ذلك أدى إلى تغييرات جذرية في أصول اللغة العربية، وأصبحت تلك اللغات وسيلة أساسية وعملية في التواصل الاجتماعي والتعليم الأكاديمي.

تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

ونتيجة لهذا التحول المحوري، صارت هناك حاجة مُلِحَّة وضرورية للحفاظ على اللغة العربية الفصحى من خلال جعلها متوافقة مع المشهد الثقافي العالمي المتغير، وليست مجرد لغة قديمة عفا عليها الزمن واقترب مصيرها من درجة الاضمحلال والانتهاء!

جمال اللغة العربية الفصحى

اكتسبت اللغة العربية رونقًا خاصًا في كتابتها، أو التحدث بها، أو في كونها لغة القرآن الكريم. دعنا نسرد لك بعضًا من مميزات اللغة العربية الفصحى: 

  • المترادفات (الترادف): لكل كلمة في اللغة العربية أكثر من مرادف بفروق لغوية بسيطة، تضفي هذه الفروق الجمالية والإبداع، فمثلًا: كلمة (الحب) لها أكثر من أربعة عشر مرادفًا تختلف من حيث الدرجة؛ فهناك الهوى، الهيام، الشوق، وغيرها من الألفاظ.
  • المحسنات البديعية: مثل الجناس، السجع، التورية، الطباق، وغيرها من المحسنات التي تكشف عن جمال اللغة العربية وفصاحتها.
  • الشعر والنثر: تمتلئ القصائد الشعرية -القديمة منها أو الحديثة- بعديد الكلمات والأبيات الشعرية البديعة التي تجعل اللغة العربية مميزة وفريدة، كل ذلك يُعرَف بمصطلح “اللغة الشعرية”، وهو مصطلح شامل يُطلَق على بناء الجملة الشعرية نحويًا وصوتيًا، وتثير في القارئ نوعًا من اللذة والنشوة ومتعة الاكتشاف لخبايا اللغة العربية الجميلة.
  • مرونة اللغة العربية وتناسقها: تحتوي اللغة العربية على آلاف المفردات اللغوية، وتضم جذورًا متناسقة للأسماء والأفعال.
  • الإعراب: وتلك خاصية منفردة، حيث تتميز اللغة العربية بمزية الإعراب دونًا عن باقي اللغات، فتتغير معاني الكلمات وفهم المراد من الجمل على حسب تغير الحالة النحوية.

لكن مع كل تلك الميزات، نجد بعض المشكلات، أشهرها متلازمة التحذلق اللغوي…

متلازمة التحذلق اللغوي

إذا كنت تعاني شعورًا بالغضب الشديد أو الانزعاج عند قراءة نصوص لغوية تحوي أخطاءً إملائية أو نحوية، فمن الوارد أنك تعاني متلازمة التحذلق اللغوي.

يمكننا تعريفها طبيًا كالتالي:

متلازمة التحذلق اللغوي (Grammar Pedantry Syndrome): هي اضطراب مرتبط بالوسواس القهري، حيث يشعر المصاب بهذا الاضطراب برغبة دائمة في تصحيح جميع الأخطاء النحوية والإملائية للآخرين.

أثناء قراءة مقال ما، أو تصفح الأخبار على الإنترنت، أو الاستماع إلى الراديو، لا بُدَّ أن تجد خطأً لغويًا أو نحويًا بسيطًا. أغلبنا يمُرُّ عليهم مرور الكرام، ولا يبدون أي اهتمام يُذكَر. لكن هناك مَنْ يصيبهم الضيق الشديد عند اكتشاف ذلك الخطأ وعدم تصحيحه، الأمر أشبه بوسواس قهري، وسواس يُسمَّى “متلازمة التحذلق اللغوي”.

أغلب الأشخاص الذين يعملون كمدققين لغوين أو محررين يعانون متلازمة التحذلق اللغوي.

آراء المستشرقين في اللغة العربية

دعنا نسرد لك في “تِرياقِي” بعضًا من آراء العلماء المستشرقين في جمال اللغة العربية الفصحى: 

  • المستشرق الفرنسي (رينان): “من أغرب المُدهِشَات أن تنبت تلك اللغة القومية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحارى عند أمة من الرُّحَّل”.
  • المستشرقة الألمانية (زيفر هونكه): “كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد؟! فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى تحت سحر تلك اللغة”.
  • الكاتبة والأكاديمية اليابانية (ماري أوكا) قالت أنها تشعر بالحزن والحنين كلما قرأت قصيدة عربية عن الغزل، نظرًا لغناها بأفعال العشق وجمالية التعبير عن الحب، لأن اللغة اليابانية لا تحتوي إلا على لفظ واحد للحب.

ختامًا…

اللغة العربية كالعود؛ إذا عزفت على أحد أوتاره، رنت لديك جميع الأوتار وخفقت، ثم تحركت في أعماق النفس إلى ما وراء حدود المعنى المباشر مثيرةً في النفس شعورًا بالراحة واستمتاعًا بالجمال!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى