تأثير الألوان على الدماغ

أغمض عينيك، وتخيل معي أن كل ما حولك تراه باللون الأسود والأبيض.
تخيل وردة متفتحة، تخيل شجرة، أو طاووسًا باللون الأسود والأبيض.
هل كان الأمر طبيعيا؟
يا الله… لمجرد التخيل أحسست بضيق في نفسي!
ماذا لو كانت الدنيا حولك سوداء وبيضاء كما كان التصوير قديمًا.
هل فكرت يومًا في قيمة الألوان وفائدتها؟
هل فكرت في تأثير الألوان على الدماغ وعلى شخصية الإنسان؟
ما رأيك أن نأخذ جولة في عالم الألوان ونتعرف إلى علم النفس اللوني؟
هيا بنا…
تأثير الألوان على الدماغ
العين هي جهاز الرؤية؛ فنحن نرى الأشياء بأعيننا، وتصل الصورة إلى الدماغ عن طريق النهايات العصبية في شبكة العين، مما يؤدي إلى إدراك الصورة.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
تصل الصورة إلى الدماغ بنفس لونها، ويكون للون تأثير على الجهاز العصبي اللا إرادي؛ فيُحفز العاطفة ويؤثر على النشاط الهرموني، وتحدث التفاعلات الفسيولوجية والنفسية مع اللون.
والمقصود هو وجود آلية فسيولوجية ثابتة توضح أن اللون والضوء يؤثران على الحالة المزاجية، ومعدل ضربات القلب، واليقظة والنوم.
على سبيل المثال، يؤثر ضوء الشمس في الصباح (ضوء الشمس مكون من سبعة ألوان، منها الأزرق والأخضر) على أعصاب العين، فتبعث إشارة إلى منطقة تحت المهاد في الدماغ (hypothalamus) -الجزء المسؤول عن التنظيم الذاتي للجسم، وإفراز الهرمونات المنظمة للنوم والجوع ودرجة الحرارة- والتي تحفز إفراز هرمون الكورتيزول الذي يُحفز الاستيقاظ.
مع اختفاء ضوء الشمس في المساء يقل الضوء الأزرق/ الأخضر؛ مما يؤثر على الغدة النخامية (hypothalamus) فيُفرز الميلاتونين الذي يجلب النعاس.
ما هي سيكولوجية الألوان؟
هل سبق لك أن أُصِبتَ بالتوتر في بعض الأماكن؟ أو شعرت بالراحة في أماكن أخرى؟ كل هذا تُفسره سيكولوجية الألوان، ويقصد بها دراسة تأثيرات الألوان في عواطفنا وحالتنا النفسية، وعلى أساسها قسم علماء النفس الألوان إلى قسمين:
١. التأثير النفسي للألوان الباردة
الألوان الباردة غالبًا نراها في الطبيعة، مثل: لون البحار والنباتات، وتُسمَّى “الألوان الباردة” لأنها غالبًا داكنة مرتبطة بالعتمة، مثل: اللون الأزرق والأخضر والبنفسجي.
توفر الألوان الباردة الهدوء والاسترخاء والراحة، وتُستخدَم غالبًا في غرف النوم والمستشفيات ومكاتب العمل.
٢. التأثير النفسي للألوان الدافئة
الألوان الدافئة تظهر في لون الشمس والنار، لذلك تُسمَّى “الدافئة”، مثل: الأحمر والأصفر والبرتقالي.
تبعث الألوان الدافئة البهجة والنشاط والتحفيز، كما لُوحِظ أن مزج الألوان (الأحمر، والأصفر، والبرتقالي)
يزيد الإحساس بالجوع وتفتُّح الشهية. لذا، غالبًا تُستخدَم في المطاعم.
ولا يُفضَّل استعمالها في غرف النوم وأماكن العمل؛ فهي تظهر مشاعر الغضب والكره.
ولذلك استخدمت كثير من الشركات عِلم النفس اللوني كوسيلة للتسويق والإعلان عن استثماراتها،
كما استخدمت الألوان لتميزها عن منافسيها في السوق كعلامة مميزة للشركة.
ولأن أول ما تقع عينك عليه هو اللون قبل قراءة الكلام، اعتمدت الشركات على جذب العين باللون المميز لها؛
فبمجرد أن ترى اللون، يرتبط بذهنك اسم الشركة.

تأثير الألوان على النفس
معرفتك بتأثير الألوان على النفس تساعدك كثيرًا على تحديد اللون المناسب لغرفة نومك، أو مكتبك، أو اختيار اللون المميز لشركتك الذي يتناسب مع نوع نشاطها. كما تساعدك في ارتداء اللون المناسب لحالتك المزاجية.
لكن تأثير الألوان على النفس مرتبط أيضًا بالطابع الثقافي لكل بلد؛ فقد يعبر اللون الأبيض عن الحزن في بعض الثقافات.
لذا، نوضح بعضًا من تأثير الألوان على النفس:
- اللون الأبيض:
يدل اللون الأبيض على النقاء والبراءة والنظافة، كما في فساتين الزفاف وملابس الأطفال. وأحيانًا يعبر عن الشعور بالفراغ.
- اللون الأسود:
لون حاد يعبر عن السلطة والقوة وتشعر معه بالشدة، ويُستخدَم في الملابس للترقيق والتنحيف.
ويُستخدَم أيضًا كرمز للموت والحداد في بعض الثقافات.
- اللون الرمادي:
لون محايد بين الأبيض والأسود، يجمع بين الشدة والرخاوة.
- اللون الأحمر:
من الألوان الدافئة المثيرة للمشاعر. يدل على الحب، والرومانسية، والدفء، والحياة، والطاقة.
ويمكن أن يثير المشاعر المتعارِضة، ويزيد ضربات قلب الشخص ويجعله متحمِسًا. يرمز أيضًا إلى الدم والعنف.
- اللون البرتقالي:
يعبر عن النشاط والحيوية والحماس، ويُستخدَم للإثارة والتغير، لكن ليس بقوة اللون الأحمر، وهو وسيلة رائعة للتسويق للمنتجات.
- اللون الأصفر:
لون دافئ يعبر عن النشاط والحماس والتفاؤل، ويشعرك بالسعادة والعفوية. مرتبط بالضحك والأمل ولون الشمس.
يحفز الجوع ويُستخدَم في صور الوجبات والمطاعم. وأحيانًا يعبر عن الغضب والحقد والكره.
- اللون الأخضر:
لون سهل للعيون، من الألوان الباردة، يعبر عن النمو والصحة والمال، يدل على الطبيعة، وتشعر معه بالهدوء والطمأنينة والانسجام.
- اللون الأزرق:
هو لون الهدوء والراحة النفسية، ويدل على الحكمة والعقل، لا يحفز الجوع ولا يفتح الشهية.
يُفضَّل غالبًا في تصميمات الشركات، وتصميمات المواقع الاجتماعية (مثل فيسبوك وتويتر).
- اللون الأرجواني:
يعبر عن الازدهار، والحكمة، والغموض، والإبداع. يُستخدَم غالبًا في منتجات التجميل.
- اللون الوردي:
لون أنثوي، يشعرك بالمرح والرومانسية والرقة والحنان، وهو بطبيعته لون لطيف وساحر.
- اللون البني:
يرمز إلى الاستقرار والدعم، يذكِّرك بالأرض، يشعرك بالدفء والراحة والأمان.

عِلم الألوان والطاقة
ينقسم اللون الأبيض إلى سبعة ألوان فرعية، كل منها له طول موجي وتردد خاص به.
هذا التردد يصنع بداخلنا طاقة في اتجاه عاطفة أو شعور معين؛ فبعض الألوان يمكن أن نشعر معها بالسعادة أو الحزن، وغيرها تشعرنا بالجوع أو الاسترخاء والهدوء.
لذا، استُخدِمَت طاقة الألوان في العلاج من بعض الأمراض، وهو ما يُعرَف بـ”العلاج بالألوان” أو “الكروم”.
تعتمد فكرته على تسليط لون مناسب على منطقة معينة من الجسم، وتعمل اهتزازات اللون على تحسين المزاج والصحة العامة.
تختلف درجات الألوان المستخدَمة في جلسة العلاج بالألوان على حسب نوع المرض الذي تعالجه؛ فمثلًا:
تُستخدَم الأضواء الزرقاء والبنفسجية كمضادات للالتهاب، ومهدئات، وفي علاج التوتر.
كما يُستخدَم اللون الأخضر لتقليل الطاقة السلبية في الجسم، والضوء الأبيض والأصفر يحفز الجهاز اللمفاوي.
أما الضوء الأحمر فيُستخدَم في التنشيط والإثارة، ولا يُفضَّل استخدامه في حالات الانفعال والتوتر.
لكن هذه الفوائد غير مثبتة علميا، فلا توجد دراسات كافية لبيان فائدة العلاج بالألوان، فلا يمكن استخدامه بدلا من العلاجات الأخرى، ولا يمكن تعميمه على جميع الحالات.

الألوان عالم جميل. إذا أحسنَّا فهم اختيار الألوان، حققنا جزءًا كبيرًا من راحتنا النفسية. كما أنها قد تكون إحدى وسائل العلاج الجديدة التي يمكن استخدامها في تخفيف حدة بعض الأعراض النفسية، مثل: القلق والتوتر.