تأثير الكحول على الحامل | جنينك أمانة في رحمك

أعزائي القراء…
يواجه الجميع في تلك الأيام حربًا مرهقة مع عدو خفي، رغم أشهر مضت، لكنه ما زال غامضًا.
جائحة تهاجم العالم بأسره، لكن لا شك في وجود فئات أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا، مثل: كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والحوامل.
رغم القلق، لكن علينا التعامل وأخذ الكثير من الحيطة والإجراءات الاحترازية، والتي منها استخدام الكحول لتطهير الأيدي والتعقيم، خاصة في الأوقات التي لا يتسنى فيها استخدام الماء والصابون خارج المنزل.
في مقالي هذا، سأتحدث عن تأثير الكحول على الحامل؛ فهي في مرحلة حرجة، تواجه جائحة وتعاني بسبب الحمل.
سنتعرف إلى أضرار الكحول على الحمل، وتأثيره إما بالتناول أو عند استخدامه كمطهر.
إن الحمل مرحلة تتطلب الصمود والامتناع عن كثير من العادات الخاطئة خوفًا على صحة الجنين، لأنه يتأثر بما تتناوله الأم من طعام أو شراب أو أدوية، وخاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، حيث يكون النمو الجنيني والتطور سريعًا.
تدور بأذهان الكثير من الحوامل استفسارات مقلقة، مثل:
ما تأثير الكحول على الحامل؟
هل استخدام الكحول المطهر للحامل ضار؟
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
هل تعقيم اليدين باستخدام المطهرات المحتوية على الكحول يمكن أن يؤثر في الجنين بامتصاص الكحول عن طريق الجلد أو استنشاقه عند تطايره في أثناء استخدامه؟

الكحول المطهر للحامل
يعرف الجميع أن شرب الحامل للكحول يؤدي إلى امتصاصه من المشيمة، ووصوله إلى دم الجنين مسببًا أضرارًا جسيمة له.
وُجِد أن استخدام الكحول موضعيًا يتسبب في امتصاصه بالجلد واستنشاقه بالأنف، مما يؤدي إلى وصوله بكميات ونسب في الدم تختلف وتقل كثيرًا عن شربه، ولكن هل لذلك تأثير ضار؟
يُعَدُّ غسيل الأيدي بالماء والصابون أفضل طُرق النظافة والحد من انتشار العدوى، ولكن هي وسيلة غير متاحة باستمرار أو في كل المواقف، بالإضافة إلى انتشار أوبئة مثل فيروس كورونا.
أدى ذلك للُّجوء إلى استخدام مطهرات اليدين التي تحتوي على كحول بنسبة 60% على الأقل، كما أن استخدامها لا يمكن الاستغناء عنه لدى مقدمي الخدمة الطبية.
تتكون معقمات ومطهرات الأيدي من أنواع مختلفة من الكحول، مثل: الميثانول، والأيزوبروبيل، والإيثانول (أكثرهم استخدامًا، ويُعرَف أيضًا بـ”الكحول الإثيلي”).
وتختلف الكحولات في درجة سميتها وتأثيرها في جسم الإنسان. لكن هل استخدام تلك المطهرات آمن وفعال، ولا يضر استخدامه لفترات طويلة، خصوصًا للحوامل والأطفال؟
أوصت منظمة الغذاء والدواء بتقديم إجابة لتلك التساؤلات. لذا، أُجرِيَت كثير من الدراسات والأبحاث للتأكد من إمكانية استخدام الكحول المطهر للحامل والأطفال بعد أن وجدت الأبحاث الحديثة أن نسب المكونات المطهرة في دم وبول المستخدمين أكثر مما كان يُعتقَد، ربما بسبب امتصاصه عبر الجلد واستنشاقه.
من أسباب القلق بشأن ذلك الأمر أن الكحول الإيثيلي -والذي تتكون منه المشروبات الكحولية- موجود في معقمات اليدين، وقد ذكر أحد العلماء أن الجسم لا يمكنه التمييز بين امتصاص الكحول عن طريق الشرب أو غسل اليدين.
لذا، إن مُنِع شخص من تناول الكحوليات، فعليه ملاحظة ما تحتويه معقمات الأيدي، وغسول الفم، ومستحضرات التجميل.
أظهرت بعض الدراسات أن مستويات الكحول التي تصل إلى الدم -عن طريق الامتصاص من الجلد أو الاستنشاق من الأنف- ضئيلة جدًا، ولا تسبب أي خطر على صحة المرأة الحامل وجنينها.
تأثير شرب الكحول في الحامل

حرم ديننا الحنيف الخمر، فشرب الكحول ضار لشاربه والمحيطين. ورغم معرفة الجميع بأضرار الكحول على شاربه، أثبتت دراسات أن المحيطين به يعانون أيضًا، لِما يواجهونه من سوء المعاملة والتصرفات غير المسؤولة.
ولكن دعوني أتناول تأثير الكحول في الحمل من الناحية الطبية، والتي تؤكد لنا جانبًا من حكمة الله في تحريم الخمر.
إن تناول الكحوليات -إضافة إلى أنه يذهِب العقل، ويتبع ذلك كثير من المحرمات والمشكلات والكوارث- له الكثير
من الأضرار على صحة الشارب؛ فإذا كان شاربها امرأة حامل، أدى ذلك إلى ضرر بجنينها بالإضافة إلى ضررها.
ما تأثير الكحول على الحامل؟
تأثير شرب الكحول في الحمل لا يختلف كثيرًا عنه في الأوقات الأخرى؛ فهو ضار للشارب، ويمكن أن يصيب المرأة الحامل ما يصيب غيرها. يبدأ ضرر تناول الكحول من أول رشفة، ويتراكم تأثيره، وتتعدد الأضرار، مثل:
- نسبة كبيرة من حالات الوفاة بسبب أمراض الكبد تكون ناجمة من الكحوليات، وذلك لإصابتهم بما يعرَف بـ”تليف الكبد”.
- تناول الكحول يكون سببًا في نسبة كبيرة من وفيات بعض البلاد بعد التدخين والسمنة.
- يعرض تناول الكحول إلى أمراض أخرى، مثل سرطانات الفم، والبلعوم، والمريء، والحنجرة، والكبد، والثدي.
- تناول الكحول في مرحلة المراهقة والشباب يؤثر كثيرًا في الصحة البدنية والعقلية.
- إضرار الجهاز العصبي المركزي، ويؤدي الإفراط والتناول المزمن للكحول إلى تلف دائم في الدماغ.
- إضرار الجهاز الهضمي، ويؤثر في هضم الطعام مما قد يسبب سوء التغذية.
- التأثير الضار في القلب، والرئتين، والدورة الدموية.
- الإفراط في تناوله يؤثر في الجهاز المناعي.
رغم كارثية تناول الكحول وضرره، لكن أن تضري جنينكِ بيدكِ واختياركِ أمر يستدعي الصمود أمام رغبات ستكلفكِ الكثير مستقبلًا.
عليكِ الامتناع تمامًا عن تناول الكحول في أثناء فترة الحمل؛ فهل من أجل استرخاء زائف لأيام -زادت أو قلت تُحمِّلين نفسكِ وابنك مشقة قد تصل لعمره كله؟!
أُجرِيَت الكثير من الأبحاث والدراسات بشأن تناول الكحول في أثناء الحمل وتأثيره وأضراره، وذلك بسبب عدم قدرة بعض الأمهات في مجتمعات مختلفة على التوقف عن تناوله في أثناء حملهن.
تنكر كثير من السيدات تناولهن الكحول في أثناء حملهن، وذلك لشعورهن بالذنب إذا تسببن في إيذاء أطفالهن،
وإلقاء اللوم عليهن فيما يلحق بالطفل من ضرر، أو خوفًا من وصمة عار تلاحقهن، فتحجب الأم معلومات خوفًا من إدانتها.
وهناك أمهات لا يعرفن أنهن حوامل في وقت مبكر، فلا يستطعن تذكر كميات ولا توقيت التناول، وبالتالي لا يمكن توقع تأثير الكحول في الحمل.
ما هي كمية الكحول الآمن تناولها أثناء الحمل؟

إن تناول الحامل الكحول في أثناء الحمل يضر بالجنين أيًا كانت كميته؛ ذلك لأنه يمر من دم الأم إلى دم الجنين
من خلال المشيمة والحبل السري، ويبدو ذلك كما لو أن طفلك شرب الكحول.
قد يتسبب ذلك في تأخر وضرر في نموه، وقد يؤثر في المخ والأعضاء الأخرى، ويمكن أن يتسبب في مشكلات خطيرة.
رغم أن بعض الأطباء والخبراء يصرحون أن الخمر قد لا يؤذي طفلكِ إذا تناولتِه بكميات قليلة، لكن منهم مَنْ ينصح بالامتناع تمامًا عن تناول الكحول إذا كنتِ تخططين للحمل، أو كنتِ حاملًا بالفعل.
في خلال عقود ماضية، عدة دراسات وأبحاث أثبتت أن الإفراط في الكحول في أثناء الحمل يسبب تشوهات خلقية وتأخر عقلي.
لكن لا توجَد أدلة أو دراسات توضح أثر الكميات القليلة، أو تحدد مستوىً آمنًا لتناوله، وما زالت مخاطر الشرب الخفيف أو المعتدل غير واضحة.
وكشفت دراسات أخرى أن القليل من تناول الكحول في الحمل يهدد بولادة مبكرة وطفل صغير.
إن اختلاف تأثير تناول الكحول في أثناء الحمل على الجنين يكون بسبب إنزيم في جسم الإنسان يكسر الكحول.
هناك نساء لديهن نسبة أعلى من ذلك الإنزيم، لكن إذا تناولت الحامل الكحول ولديها مستوىً منخفض من ذلك الإنزيم،
فإن ذلك يجعل الجنين أكثر عرضة للأذى لبقاء الكحول في جسدها لفترة أطول.
لذا، كان من الصعب التنبؤ بتأثير الكحول على الحامل.
ما هي أضرار الكحول على الحمل؟

أُجرِيَت كثير من الدراسات بذلك الشأن، واختلفت النتائج وتباينت لوجود متغيرات كثيرة في ذلك الأمر، منها:
- كمية شرب الكحول.
- اختلاف أوقات تناول الكحول خلال مدة الحمل؛ فقد لا تعرف المرأة بحملها وتكون قد تناولت الخمر،
ويمكن أن يختلف تأثير التناول باختلاف فترة الحمل. - مستوى إنزيم تكسير الكحول في جسم الحامل.
يختلف تأثير الكحول في الجنين من مشكلات بسيطة إلى شديدة، ويُعرَف ذلك التأثير بـ”اضطراب طيف الكحول الجنيني”، ويتسبب في مشكلات جسدية وعقلية قد تستمر مع الطفل طيلة عمره، ويمكن أن يكون تأثير الكحول
في الجنين كالآتي:
- إن مخ الجنين في تطور مستمر خلال فترة الحمل. لذا، شرب الكحول -ولو بكمية ضئيلة- قد يؤثر في خلايا
مخ الجنين والتطور الإدراكي والسلوكي، حتى لو اعتقد بعض الأطباء عكس ذلك. - قد تظهر ملامح مميزة لوجه الطفل عند سن عامين أو ثلاثة أعوام، مثل: رأس صغير، وعينين ضيقتين، ووجه مسطح.
- مشكلات النمو، حيث يظل الأطفال الذين تعرضوا إلى الكحول قبل ولادتهم أصغر من الأطفال الآخرين في نفس العمر.
- مشكلات التعلم، والسلوك، وفرط النشاط.
- عيوب خلقية، ومشكلات في القلب أو الكلى أو العظام.
- قد يؤدي الإفراط في تناول الكحول في أثناء الحمل إلى الإجهاض، أو الولادة المبكرة، أو ولادة جنين ميت.
- متلازمة الكحول الجنينية: وهي أخطر اضطرابات طيف الكحول الجنيني.
ما هي متلازمة الكحول الجنينية؟ وما أسبابها؟
تم اكتشاف ما يُعرَف بـ”متلازمة الكحول الجنينية”، وهي حالة غير مرئية ولا يمكن تشخيصها.
في رحم الأم، يكون كبد الجنين غير مكتمل النمو. لذا، لا يمكنه تكسير الكحول أو التخلص منه. وعليه، يضر الكحول أجهزة جسم الطفل الأخرى.
أكثر الأوقات خطورة هي الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، حيث بداية تَكَون المخ وتطوره، ويستمر ذلك التطور خلال الثلثين -الثاني والثالث- أيضًا، فتستمر الخطورة.
تزداد أعراض متلازمة الكحول الجنينية سوءًا كلما كبر الشخص، وتشتمل على: عيوب جسدية، ومشكلات عصبية، واضطرابات في السلوك.

عزيزي القارئ…
لا يوجَد علاج لتقليل آثار الكحول في طفلك أو التخلص منها، وكل ما على ذويه فعله هو رعاية الطفل ومساعدته، ودعمه دراسيًا، وتدريبه على المهارات الاجتماعية، واستشارة المتخصصين لمساعدة الأسرة والطفل.
تحتاج المعاملة مع ذلك الطفل لمزيد من الصبر؛ فقد يعاني تلك المشكلة مدى الحياة. لذا، ننصح كل أم أن تفكر قبل أن تضر جنينها وتحيل حياته إلى عذاب دائم!
امتنعِي بإرادتكِ عن تناول الكحول، لتحافظي على طفلكِ سليمًا وبخير!