تربية الأبناء | السبيل لنجاح غَرْسِك الأغلى!

“حتمًا ستُفْسِدين طفلكِ بهذا الدَّلاَلُ المُفْرِط!”.
“انظر إليه كيف يعامل طفله، ما أَقْساه من رجل!”.
“يا لهذا الطفل المسكين! لا أحد يُعيره انتباهًا، سيظل يبحث عن الاهتمام والحب خارج أسرته، وربما يضيع!”.
لطَالما سمعنا تلك العبارات التي تحمل في طياتها بعض الآراء المختلفة لتربية الأبناء؛ فهناك مَنْ يُدلل طفله للغاية، وآخر يقسو بلا هوادة، وثالث لا يهتم من الأساس.
وما بين إفراط وتفريط في أساليب التربية المختلفة، يصاب الكثير من الأبناء بالتِيه في دروب الحياة. لذلك، كثرت الأبحاث والدراسات عن أساليب تربية الأبناء لعِظَمِ تلك المهمة.
إليكم في هذا الترياق: ماهِيَّة التربية، وأنماطها المختلفة، وأهم الأساليب الخاطئة في التربية.
ما هي تربية الأبناء؟
تُعَدُّ تربية الأبناء أعظم المهام على الإطلاق، بل وأصعبها، إذ يستمر الآباء في تلك المهمة طيلة حياتهم. وتشتمل التربية على:
- توفير الاحتياجات الأساسية للأبناء (الطعام والشراب واللباس).
- الحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية.
- توفير الحب والدعم، والحماية والأمان.
- تعليم الأبناء وتعزيز المهارات الفكرية.
- إكساب الأبناء المهارات الاجتماعية المختلفة.
- مساعدة الأبناء على تكوين المعتقدات والآراء، وتحديد الأهداف.
العوامل المؤثرة على تربية الأبناء
تختلف أساليب التربية من أسرة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، لكن تتشابه العوامل المؤثرة في التربية. وأهم هذه العوامل هي:
- المعتقدات الدينية التي تؤمن بها الأسرة.
- المستوى التعليمي والاجتماعي والمادي للأسرة.
- مدى استقرار العلاقة الزوجية بين الأبوين.
- عدد الأبناء في الأسرة.
- الرفاق والأصدقاء.
- المؤسسات التعليمية التي يلتحق بها الأبناء.
- دور العبادة ووسائل الإعلام.
أنماط تربية الأبناء
حدد علماء التربية والاجتماع أربعة أنماط أساسية للتربية، نستعرضها فيما يلي:
1.النمط الموثوق (الديمقراطي)
يعتقد خبراء التربية بأن ذلك النمط هو الأفضل والأكثر فَاعِليَّة في أساليب تربية الأبناء الصحيحة، ولكنه يتطلب الكثير من الوقت والجهد والصبر. ويتبع آباء ذلك النمط التالي:
- بناء علاقات وثيقة وإيجابية مع الأبناء.
- وضع توقُّعات ملائمة لقدرات أبنائهم.
- إرساء قواعد حازمة وحدود واضحة.
- استخدام أساليب إيجابية لضبط السلوك السلبي وتعزيز السلوك الإيجابي.
يتميَّز أبناء ذلك النمط بالآتي:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
- القدرة على تحمل المسؤولية وحل المشكلات.
- التمتع بالصحة النفسية والسعادة.
- الثقة بالنفس، وتقدير الذات، والانضباط.
2.النمط التسلُّطي (الصارم)

“لأنني قلت ذلك”، تُعَدُّ تلك الجملة الأشهر لآباء هذا النمط، إذ يتسمون بديكتاتورية الحِوار مع أبنائهم. ويتصف آباء ذلك النمط بالتالي:
- بناء علاقات جافة مع أبنائهم، تفتقر إلى التعبير عن الحب والمودة.
- وضع آمال كبيرة على عاتق الأبناء تفوق قدراتهم.
- إرساء قواعد صارمة وعقوبات حادة.
- توقع الطاعة العمياء من الأبناء.
آثار ذلك النمط على الأبناء:
- يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب.
- الميل إلى الكذب والقسوة والعنف.
- الانخراط في السلوكيات الخاطئة (كالتدخين ومرافقة أصدقاء السوء).
3.النمط المتساهل (حرية بلا حدود)
يُوصَف آباء ذلك النمط بأنهم أصدقاء لأبنائهم أكثر من كونهم آباء لهم، إذ يتبعون الأساليب التالية:
- التعبير عن حبهم لأبنائهم بطُرق مبالَغ فيها.
- عدم وضع قواعد وحدود واضحة.
- التدليل المفرط لأبنائهم، والاستجابة لجميع مطالبهم.
- التغاضي عن السلوكيات الخاطئة، وعدم توجيه الأبناء للسلوكيات الصحيحة.
يتصف أبناء ذلك النمط بالآتي:
- تدني المستوى الأكاديمي.
- عدم القدرة على تحمل المسؤولية.
- كونهم أكثر عرضة لتعاطي الكحوليات والمخدرات.
4.النمط المهمل (غير المشارك)

“أقل القليل”، أدق ما يمكن استخدامه لوصف ذلك النمط، إذ يتصف آباء ذلك النمط بالتالي:
- بناء علاقات هشة مع أبنائهم، تفتقر إلى الاهتمام والرعاية.
- منح الحرية الكاملة لأبنائهم طَالما أنهم لا يسببون الضرر لهم.
- الشعور بعدم المبالاة تجاه الأبناء، وتأخر الاستجابة لمطالبهم.
- انعدام القواعد والتوقُّعات، ودعم الأبناء.
آثار ذلك النمط على الأبناء:
- يصبحون أكثر عرضة للقلق والاكتئاب.
- فقد الثقة بالنفس، وقلة تقدير الذات.
- عدم القدرة على التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
التربية السليمة وأثرها على الأبناء
على الرغم من تَعَدُّد أنماط التربية التي يتبعها الآباء، إلا أن هناك بعض المهارات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها جميع الآباء من أجل تربية سليمة لأبنائهم. ومن أهم هذه المهارات:
- الحب والمودة: إظهار الحب غير المشروط وتقديم الدعم الدائم قادر على تنشئة أبناء سعداء، لديهم ثقة بالنفس وتقدير للذات.
- التحكم في الانفعالات والتعامل مع الضغوطات: تُعَدُّ قدرة الآباء على التحكم في انفعالاتهم مؤشرًا جيدًا على عملية التربية السليمة، إذ تساهم في تعليم الأبناء ضبط النفس والصبر.
- مهارات العلاقات الاجتماعية: إن قدرة الآباء على خلق علاقات اجتماعية صحية تجعل الأبناء أكثر تفهمًا وتسامحًا وتقديرًا للآخرين.
- الاعتماد على النفس والاستقلالية: لا بُدَّ من تشجيع الأبناء على الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس، وذلك لتربية أبناء قادرين على مواجهة صعوبات الحياة.
- إدارة السلوك: تجنب أساليب العقاب السلبية كالضرب والتوبيخ، واستخدام أساليب إيجابية كالتحفيز لضبط السلوك السيئ وتعزيز السلوك الإيجابي؛ فهذا يساعد على خلق علاقات وثيقة مع الأبناء.
بعض الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء
- التفريق في المعاملة بين الأبناء، والمقارنة بينهم.
- المبالغة في الثناء على الأبناء.
- اعتماد التوبيخ والضرب كوسائل للعقاب.
- الحماية المُفْرِطة للأبناء ومنعهم من استكشاف العالم من حولهم.
نصائح لتربية الأبناء

يبذل الآباء قصارى جهدهم من أجل تنشئة أبناء يتمتعون بالصحة النفسية والجسدية الجيدة، وقادرين على إدارة حياتهم وترك أثر إيجابي في المجتمع. وفيما يلي بعض النصائح من أجل تربية إيجابية للأبناء:
- احرص على تربية الأبناء على الأخلاق الحميدة، كالصدق والأمانة.
- تجنب السخرية منهم، وانتقاد أفعالهم أمام الآخرين.
- خصص بعض الوقت لهم لممارسة الأنشطة المفيدة.
- الإصغاء لهم، ومناقشة أفكارهم ومشاعرهم.
- كن قدوة حسنة لهم.
وختامًا، عزيزي القارئ…
إن الأبناء زينة الحياة الدنيا، استمتع بهم ومعهم، واعلم جيدًا أن رحلة تربيتهم في هذه الآونة الصعبة أشبه بالمحاربة في مختلف الجبهات!
استعِن بالله، وتحلَّ بالصبر والمرونة والهدوء، وتَحَرَّ أساليب التربية السليمة من أجل رحلة ممتعة معهم.
بقلم/ ناريمان عاطف