تعرف إلى العنصرية الخفية وآثارها المجتمعية وكيفية مواجهتها

طلب مدير المبنى السكني من (دانيال) -الطالب الجامعي ذي البشرة السوداء- عدم الاستماع إلى الموسيقى باستخدام سماعات الأذن الخاصة به في أثناء تجواله في المبنى، زاعمًا شكوى السكان الآخرين منه…
ما المشكلة إذًا؟
لاحظ (دانيال) وجود شاب ذي بشرة بيضاء في المبنى ذاته، لديه مذياع وسماعات مماثلة، ومع ذلك لم يشتكِ المشرف منه قط!
فلنفتح الآن ملف “العنصرية الخفية”، هل يعترف بها المجتمع؟ وما تأثيرها في الصحة والتعليم؟ وكيف نحاربها؟
ما العنصرية الخفية؟
عند سماع كلمة “العنصرية”، فأول ما يخطر بالبال -غالبًا- هو تلك الصورة العلنية الصريحة لشُرطي يقتل شخصًا بسبب لون بشرته الأسمر أو عرقه المختلف، ولكن يوجد نوع آخر ماكر يدعى “العنصرية الخفية”.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
فماذا تعني؟
هي نوع من التمييز العرقي المتخفي في نسيج المجتمع، يتسم بأساليبه المراوغة أو السلبية، ويختلف اختلافًا كبيرًا عن العنصرية الصريحة.
من مظاهرها أن تُفسَّر القرارات -العنصرية- بطريقة عقلانية تجعل المجتمع أكثر استعدادًا لقبولها، ومن ثم تسبب تلك التحيزات العنصرية مشكلات كثيرة، تمَكن القامعين وتأكل حقوق المظلومين.
هل ينكر المجتمع وجودها؟
في العصر الحديث، ينكر معظم الأفراد وجود العنصرية العرقية، مع الاستمرار في الاحتفاظ بصورتهم الذاتية غير المتحيزة.
تمثل العنصرية الخفية مشكلة حقيقية، لأنها تتحدى مفهوم العنصرية الصارخة المتعارف عليه عالميًا.
خَلقت طبيعة العنصرية الخفية الغامضة مجموعة متنوعة من التفسيرات غير العرقية للعنصرية، لأن جميع الحالات المعاصرة تقع دون عتبات القصد الواضح وإيذاء الضحية، المرتبطة عادةً بالأشكال المتعارف عليها.
هل تسللت العنصرية إلى الرعاية الصحية؟

أشارت الأكاديمية الأمريكية لطب الأسرة (AAFP) إلى أن العنصرية نظام يصنف الناس على أساس العرق واللون والثقافة، لتخصيص السلع والموارد المجتمعية بشكل مختلف غير عادل، بينما تكافئ الآخرين دون استحقاق.
لقد أُضفيَ الطابع المؤسسي على العنصرية الخفية بطريقة تسمح بوضع أنماط وإجراءات وممارسات وسياسات داخل المنظمات التي تستغل الناس باستمرار، بسبب أعراقهم أو ألوانهم أو ثقافاتهم.
وأشارت أيضًا إلى تأثير العنصرية داخل مؤسسات تقديم الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، الذي شارك تاريخيًا في التمييز المنهجي بين المرضى على أساس العرق، الذي لا تزال آثاره قائمة حتى يومنا هذا.
فالمستشفيات والعيادات التي كانت مخصصة في السابق للأقليات العرقية ما زالت تعاني قيودًا ماليةً كبيرة، إلى جانب نقص الموارد والموظفين بشكل غير لائق.
هل تؤثر العنصرية في التعليم؟

يعترف المطلعون على السياسة عبر الخطوط الحزبية بوجود فجوات تعليمية، ومع ذلك فهم يتحدثون عن هذا الظلم بطرقٍ مختلفة للغاية.
على الرغم من تفاوت بعض الانتقادات من خلال العدسات الهيكلية، فإن آخرين يستخدمون خطاب العجز ويلقون باللوم على العائلات الملونة وعائلات الطبقة العاملة في النتائج التعليمية.
أجريت الدراسات بالاعتماد على مجموعة بيانات فريدة من المقابلات مع 50 من المطلعين على السياسة في ولاية واحدة من الولايات المتحدة، لقد وجد ثلاثة خطابات رئيسة تستخدم في تبرير عدم المساواة في التعليم، وكل منها استشهد بأسباب مختلفة، وهي:
1. عدم المساواة الهيكلية.
2. أوجه القصور المتصورة في الأسر والمجتمعات.
3. نقابات المعلمين.
استخدم المطلعون في السياسة إستراتيجيات خطابية خفية في كثيرٍ من الأحيان لتعزيز خطاباتهم، على سبيل المثال:
- أكدوا أن المتضررين سلبيًا من عدم المساواة يتسببون في عدم المساواة بطريقةٍ ما.
- تعزيز خطاب العجز عن طريق مزجه مع إستراتيجيات خفية أخرى.
- جعل اللامساواة تبدو طبيعية من خلال استخدام عدة إستراتيجيات فرعية، بما في ذلك التعتيم على هوية المتضررين من عدم المساواة.
سمحت هذه الإستراتيجيات لبعض المطلعين على السياسة بتقوية خطاب العجز، وتحويل الانتباه عن القضايا الهيكلية، وتمييز أنفسهم إيجابيًا في أثناء الترويج للأفكار العنصرية والطبقية.
وتشير هذه الدراسات إلى احتمالية تغيير السياسات لدعم المساواة في التعليم.
كيف نحارب تلك الظاهرة؟

- أولى الخطوات للقضاء على العنصرية هو فهم الامتياز الخاص.
إن التحقق من امتيازك واستخدامه في تفكيك العنصرية النظامية هما الطريقتان الأفضل لبدء هذه العملية المعقدة.
- افحص تحيزاتك الخاصة وفكر في مصادرها.
تذكَّر الرسائل التي تلقيتها عندما كنت طفلًا عن الأشخاص المختلفين عنك.
هذه التجارب تنتج القوالب النمطية والأحكام المسبقة وتعززها، ومن ثم تؤدي إلى العنصرية الخفية أو الصريحة.
- التعمق في تجارب ذوي البشرة الملونة ومشاعرهم.
من خلال دعم تجارب الآخرين والمشاركة في محادثات صعبة حول العرق والظلم، لا يمكننا خشية مناقشة الاضطهاد والتمييز خوفًا من فهمه بطريقة خطأ.
- تحدي أيديولوجية “عمى الألوان” .
عندما وصف الدكتور (مارتن لوثر كينج) الابن أمله في العيش في عالم مصابٍ بعمى الألوان، لم يكن يقصد أن نتجاهل العرق، فمن المستحيل القضاء على العنصرية دون الاعتراف أولًا بالعرق.
كونك مصابًا بـ”عمى الألوان” يجعلك تتجاهل جزءًا مهمًا من هوية الشخص، وترفض المظالم الحقيقية التي يواجهها الكثير من الناس نتيجة العرق.
يجب أن نرى اللون المختلف، ونعمل معًا من أجل الإنصاف والمساواة.
- إنكار “النكات” أو التصريحات العنصرية.
إذا لم تكن مرتاحًا أو تشعر بالخوف من المواجهة، فحاول كسر عملية تفكيرهم وطرح الأسئلة، على سبيل المثال:
«هذه النكتة ليست منطقية بالنسبة لي، هل يمكن أن توضحها؟».
- اكتشف كيفية عمل شركتك أو مدرستك مع منح الفرص للأقليات.
- أنفق أموالك بطريقة مدروسة.
تعرف إلى ممارسات الشركات التي تستثمر فيها أموالك، والجمعيات الخيرية التي تتبرع لها.
- اعتمد نهجًا متعدد الجوانب في جميع جوانب حياتك.
تذكر أن كل أشكال الاضطهاد مرتبطة ببعضها، لا يمكنك محاربة شكل من أشكال الظلم وتجاهل الأشكال الأخرى.
وأخيرًا…
بعد أن تناولنا جميع جوانب العنصرية الخفية، وتأثيرها المجتمعي، وكيفية محاربتها؛ نذكرك بأنه بالعمل معًا سنصل إلى الإنصاف والمساواة.
كتبته: شروق جمال الدين إسماعيل حامد