تقلب المزاج الحاد | الأسباب والعلاج

ابتدأت كلامها قائلة: “أعاني من تقلب المزاج الحاد…
فأحيانًا أشعر وكأنني أطير فوق السحاب من فرط السعادة والفرحة…
وأحيانًا أخرى أشعر وكأني أحمل جبلًا من الأحزان والهموم فوق صدري، لدرجة أنني أفكر جديًا -حينها- في إنهاء حياتي والتخلص من معاناتي!”
انتهت كلماتها… لكن معاناتها لم تنتهي.
يا تُرى ما الأسباب وراء تقلب المزاج الحاد؟ وماهي طرق العلاج الفعالة؟
هذا ما سنعرفه سويًا عبر سطور هذا المقال…
تقلب المزاج الحاد
نمر جميعنا بحالات متباينة من الفرح والحزن بين الفينة والأخرى، ويظل هذا أمرًا طبيعيًا طالما لم يؤثر في حياتنا بصورة سلبية.
أما تقلب المزاج الحاد فأغلب ما يميزه أنه:
- يحدث بصورة متكررة وغير متوقعة.
- يعوق قدرة صاحبه على ممارسة المهام الحياتية المعتادة.
- تنتاب المريض -أحيانًا- أفكارٌ انتحارية في نوبات الحزن والاكتئاب.
- عادةً ما يكون مصاحبًا لبعض الاضطرابات والأمراض النفسية الأخرى.
- يكثر حدوثه لدى الأشخاص الذين يتناولون العقاقير أو المخدرات.
أسباب تقلب المزاج الحاد

في أغلب الحالات، يكون تقلب المزاج الحاد عرضًا لإحدى المشكلات الصحية الخطيرة، مثل: الاضطرابات النفسية، أو الإدمان، أو اضطراب الهرمونات، أو غيرها.
الاضطرابات النفسية التي تسبب تقلب مزاج حاد
تسبب العديد من المشاكل النفسية تقلبًا في المزاج، ويطلق عليها “اضطرابات المزاج”، وتشمل الآتي:
1- الاضطراب ثنائي القطب
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
في هذا الاضطراب، يترنح مزاج المريض بين نوبات من الاكتئاب وأخرى من الفرح والسعادة. جدير بالذكر أن هذه النوبات تحدث بضع مرات فقط في العام.
2- اضطراب دَورَوِيَّة المزاج (Cyclothymic Disorder)
هو نوع من اضطرابات المزاج، تتشابه أعراضه مع الاضطراب ثنائي القطب؛ إذ يعاني المريض نوبات من المزاج الجيد ونوبات أخرى من المزاج السيئ، لكن تلك النوبات تكون أقل حدة من مثيلاتها في الاضطراب ثنائي القطب.
3- الاضطراب الاكتئابي الشديد (Major Depressive Disorder)
وفيه يعاني المريض نوبات من الحزن الشديد، والتي تستمر لفترة طويلة نسبيًا. يطلق عليه أيضًا “الاكتئاب السريري”.
4- عسر المزاج (Dysthymia)
يُسمى الآن بـ “الاضطراب الاكتئابي المستمر”، وفيه يعاني المريض حالة مزمنة من الاكتئاب.
5- اضطرابات الشخصية
في بعض اضطرابات الشخصية، يعاني المريض تقلبًا حادًا في المزاج خلال فترات زمنية قصيرة نسبيًا.
6- تقلبات المزاج التخريبية (Disruptive Mood Dysregulation Disorder)
هذا الاضطراب خاص بالأطفال، وفيه ينتاب الطفل نوبات من الهياج والثورة، ليست متناسبة مع الموقف، ويصعب التحكم فيها.
وتحدث النوبات بصورة متكررة للغاية -تكاد تكون مستمرة طوال الوقت-.
ليست هذه الاضطرابات فقط، بل هناك أمراض نفسية أخرى ثبت ارتباطها بتقلب المزاج الحاد، مثل: الفصام، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
اضطراب الهرمونات وتقلب المزاج الحاد
يسبب تغير مستوى الهرمونات في الجسم تقلبات مزاجية، خاصةً الهرمونات التي تؤثر في كيمياء المخ.
لذا، نلاحظ أن المراهقين من الذكور والإناث، وكذلك النساء في فترة الحمل أو فترة ما بعد انقطاع الطمث أو في أثناء الدورة الشهرية، يعانون عدم استقرار المزاج.
حالات صحية أخرى تسبب تقلب المزاج الحاد
بعض الأمراض العضوية قد تسبب تقلبات المزاج.
ومن تلك الأمراض:
- الأمراض التي تصيب الرئتين.
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- أمراض الغدة الدرقية.
- الأمراض التي تؤثر في الجهاز العصبي.
سواء كان تقلب المزاج مرتبطًا بمشكلة صحية أو بأي عامل آخر، فهناك بعض المحفزات التي تزيد من حدوثه.
من ضمن هذه المحفزات:

- التوتر والضغط العصبي.
- النظام الغذائي الذي يتبعه المريض.
- نمط النوم.
- حدوث تغير كبير في حياة الشخص.
- تناول بعض الأدوية.
بعد أن ناقشنا أسباب تقلبات المزاج الحادة، دعونا نتساءل: “لماذا النساء أكثر عرضة للإصابة بتقلب المزاج؟”
أسباب تقلب المزاج عند النساء
تمر النساء في حياتهن بالعديد من الحالات الجسمانية والنفسية التي يمكن أن تسبب لهن تقلبات حادة في المزاج.
تشمل هذه الحالات ما يلي:
هي مجموعة من الأعراض تشعر بها النساء قبل نزول الطمث بأسبوع أو أكثر، وتشمل هذه الأعراض:
- تقلب المزاج.
- الإرهاق.
- آلام البطن.
- الاكتئاب.
- تغير الشهية للطعام.
أكثر من 90% من النساء يشعرن بتلك الأعراض في فترة أو أخرى من حياتهن، لكن حدة الأعراض تختلف من امرأة إلى أخرى، بل من شهر إلى آخر عند نفس المرأة.
لا يعلم العلماء سببًا محددًا لحدوث هذه المتلازمة، لكنهم يعتقدون أن اضطراب الهرمونات في تلك الفترة هو المسؤول الأول، إذ يرتفع مستوى هرمون الإستروجين كثيرًا قبل نزول الطمث بأيام، ثم يهبط بصورة حادة مفاجئة.
لذا، في أغلب الحالات تتحسن الأعراض تدريجيًا بمجرد نزول الطمث.
- اضطراب الهرمونات
ليس الإستروجين فحسب هو المسؤول عن تقلب المزاج الحاد لدى النساء، لكن هناك هرمونات أخرى كـ “هرمون الغدة الدرقية” يسبب نقص مستواه في الدم بعض الأعراض المزعجة للنساء، ومن ضمنها تقلبات المزاج.
- الضغط العصبي
النساء يحملن نفوسًا هشة، ويتأثرن سريعًا بما يحيط بهن من ضغوط ومشاكل. لذلك، فتعرضهن المستمر للتوتر والقلق يسبب لهن العديد من المشاكل النفسية، ومن ضمنها تقلب المزاج الحاد.
- الحمل

في فترة الحمل تتعرض النساء للعديد من التغيرات الهرمونية والجسمانية، وقد يسبب لهن ذلك تقلبات المزاج والاكتئاب وسرعة التأثر العاطفي وغيرها.
- البلوغ
فترة البلوغ هي فترة عاصفة من عمر الطفل، يتعرض فيها لكثير من التغيرات النفسية والعاطفية والهرمونية. لذا، من الطبيعي أن تشعر المراهِقة -في تلك الفترة- بتقلبات حادة في المزاج.
- فترة انقطاع الطمث
مرة أخرى يتعلق الأمر باضطراب مستوى الهرمونات في جسم المرأة وما يسببه لها من مشاكل عضوية ونفسية، فتكون النتيجة نوبات من تقلب المزاج الحاد.
- أسباب نفسية
إذا كانت المرأة تعاني من إحدى المشكلات النفسية، مثل: ثنائي القطب أو الاكتئاب أو غيرهما، فهذا يجعل فرصة حدوث تقلبات المزاج الحادة لديها كبيرة.
إذن… كيف يتغلب الرجال والنساء على نوبات تقلب المزاج الحاد؟
علاج تقلب المزاج الحاد
إذا كانت تقلبات المزاج لديك شديدة للدرجة التي تؤثر في حياتك وسلوكك بالسلب، فإن زيارة الطبيب أمر ضروري في تلك الحالة.
سيناقش معك الطبيب الأسباب المحتملة لهذا المزاج المتقلب، وسيتبع معك خطة علاجية بحسب ما يراه مناسبًا.
أما إذا كانت تقلبات مزاجك ما زالت في إطارها المعقول، ولم تعُق حياتك الطبيعية، فهناك بعض النصائح التي نقدمها لك، والتي من شأنها أن تساعدك على تعديل مزاجك وتخطي الأوقات السيئة بأقل خسائر ممكنة.
نصائح لتقليل تقلبات المزاج:
- احرص على وضع روتين ثابت لأنشطتك اليومية الحيوية، كالنوم وتناول الطعام.
- مارس الرياضة بانتظام.
- احصل على قسطٍ كافٍ من النوم.
- تناول غذاءً صحيًّا متوازنًا.
- ابتعد عن مسببات التوتر والقلق قدر الإمكان.
- احرص من وقت لآخر على ممارسة بعض التمارين التي تساعد على الاسترخاء، مثل تمارين التنفس.
- تعلم كيف تعبر عن نفسك وعن أحاسيسك ومشاعرك.
- احرص على مشاركة همومك وأحزانك مع من يهتم لأمرك.
في النهاية -عزيزي القارئ-، تقلبات المزاج من الأمور الطبيعية التي تحدث لجميع البشر في حياتهم، لكنها إن زادت عن الحد الطبيعي، فقد تدمر حياتك وتحولها إلى جحيم.
لذلك، احرص على الاهتمام بصحتك الجسدية والنفسية لكي تحافظ على استقرارك النفسي والعاطفي.