توسيع العمل | Job Enlargement

في إحدى الندوات المنعقدة بغرض تطوير الأداء الوظيفي وتحسين كفاءة العمل، طرح المحاضر هذا السؤال على مديري الموارد البشرية الحاضرين بالندوة:
«ما أكثر المشكلات التي تواجهكم بعد فترة من الوقت مع الموظفين القدامى بالشركة؟»
ذكر الحاضرون عدة إجابات، انحصر معظمها في فكرة الملل الذي يشعر به الموظف بعد فترة من الوقت، بسبب أداء نفس المهام مرارًا وتكرارًا دون تغيير.
ولحل هذه المشكلة، عرض عليهم المحاضر فكرة توسيع العمل من أجل تحفيز الموظفين، لكنه وجد أن بعض الحاضرين لم يفهموا تحديدًا المقصود بالفكرة، بينما خلط آخرون بينها وبين إثراء العمل.
كانت هذه فرصة جيدة للمحاضر لكي يتحدث أكثر عن هذه الفكرة؛ ماذا تعني؟ وما مميزاتها وعيوبها؟ وما الفرق بينها وبين الإثراء الوظيفي؟
وهذا ما سنفعله نحن أيضًا في هذا المقال، فتابعوا معنا القراءة.
توسيع العمل
توسيع العمل (Job Enlargement) هو نوع من التوسع الأفقي للعمل.
ويعني إضافة مهام وظيفية جديدة على نفس المستوى من المهارة والمسؤولية، لكي يؤديها الموظف بجانب المهام الأساسية المسؤول عنها بالفعل.
لا يحتاج توسيع العمل بالضرورة إلى إعطاء الموظفين دورات تدريبية إضافية، لأن المهام المضافة إلى مسؤولياتهم تكون على نفس المستوى المهاري للمهام السابقة، أي: لا تحتاج إلى امتلاك الموظف مهارات أخرى بجانب المهارات التي يمتلكها بالفعل.
على سبيل المثال:
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!

فلنفترض أننا لدينا موظف خدمة عملاء في شركة ما، مسؤولياته هي التعامل مع استفسارات العملاء بالرد على مكالماتهم الهاتفية.
بعد عامين من تأدية نفس المهمة يوميًا، شعر هذا الموظف بالملل، يا تُرى ماذا يمكن أن يفعل مدير الموارد البشرية بالشركة ليستعيد هذا الموظف شغفه بالعمل؟!
إذا قرر مدير الموارد البشرية اتباع خطة توسيع العمل لهذا الموظف، ماذا يمكنه أن يفعل؟
فلنفترض أنه أضاف إلى مهام هذا الموظف مهمتين أخريين:
- الأولى: استقبال العملاء في الشركة والتفاعل معهم مباشرة.
- الثانية: إجراء مكالمات صادرة منه لجذب المزيد من العملاء إلى الشركة، من أجل توسيع نطاق العمل.
إذًا، أصبح لدى موظف خدمة العملاء ثلاث مهام مسؤولة منه، وقد لاحظنا أن المهام الجديدة لا تتطلب المزيد من المهارات،
بل كانت على نفس المستوى من المهمة الأصلية، التي وظفته الشركة للقيام بها في بادئ الأمر.
ما الغرض من توسيع العمل؟
ربما يسيء بعض الموظفين الفهم، ويظنون أن الغرض من الفكرة زيادة ضغط العمل عليهم، لكن هذا غير صحيح.
فالغرض الأساسي من هذه الفكرة تحفيز الموظفين، والقضاء على رتابة العمل والملل الذي يشعر به الموظف نتيجة لتأديته نفس المهام فترات طويلة؛ إذ يؤدي الملل الوظيفي إلى تقليل إنتاجية الموظف، والتأثير سلبًا في بيئة العمل.
يجب أن يتحدث مدير الموارد البشرية مع موظفيه حول أهمية هذه الخطوة لتحسين أدائهم الوظيفي، تجنبًا لسوء الفهم من قِبلهم.
توسيعُ العمل والتخصص
يعارض مفهوم توسيع العمل مبدأ التخصص.
فالتخصص يعني تقسيم المهمة الكبيرة إلى مجموعة من المهام الصغيرة، ويؤدي كل موظف على حدة مهمة من هذه المهام الصغيرة.
تهدف فكرة التخصص إلى زيادة دقة العمل وكفاءته، لكنها في الوقت ذاته تؤدي إلى زيادة الشعور بالملل.
أما فكرة توسيع العمل فتهدف إلى تبني أسلوب العمل المرن، الذي يسمح لموظف واحد تأدية أكثر من مهمة مختلفة.
سيقودنا ذلك إلى التحدث عن مميزات وعيوب توسيع العمل.
مميزات توسيعِ العمل (Job Enlargement)
تنطوي هذه الفكرة على عدة مزايا، من أهمها:
- يجعل الأعمال الوظيفية أكثر تنوعًا
كما أسلفنا الذكر، فكرة توسيع العمل تعني إضافة مهام وظيفية جديدة إلى وظيفة قائمة بالفعل، وهو ما يعني جعل هذه الوظيفة أكثر تنوعًا. فالتنوع من الأمور التي تساعد على إثراء العمل، وزيادة فرص الإبداع.
- يقلل من رتابة العمل

في الأعمال شديدة التخصص، قد يجد الموظف نفسه يؤدي المهمة نفسها أكثر من عشر مرات في الساعة، لمدة ثماني ساعات متواصلة.
بالطبع سيسبب ذلك حالة من الملل مع الوقت، وهو الأمر الذي سيوثر سلبًا في إنتاجية الموظف وفي حبه لبيئة العمل،
ومن ثَمَّ قد يؤثر في ولائه للعمل نفسه.
اقرأ هنا عن طرق زيادة الإنتاجية في العمل.
بدلًا من ذلك، تركز فكرة توسيع العمل على إشراك الموظف في عملية الإنتاج بمراحلها المتعددة من البداية إلى النهاية؛ من أجل القضاء على الملل، وحتى يستطيع الموظف أن يرى نتاج عمله المباشر على تقدم العمل.
- يساعد على النمو الوظيفي
لا شك أن إسناد المزيد من المهام إلى الموظف يساعده على اكتساب مهارات جديدة ومتنوعة، إضافة إلى زيادة خبرته في مجال العمل، وهو الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى تقدمه المهني، وتحسين سيرته الذاتية.
- يمنح المزيد من الاستقلالية للموظف
توسيع نطاق العمل المسند إلى موظف ما يمنحه قدرًا من الحرية في التعامل، ومن ثَمَّ الشعور بالاستقلالية، وزيادة الإحساس بالمسؤولية تجاه إنجاز هذا العمل بأفضل صورة ممكنة.
والآن دعونا نناقش بعض عيوب هذه الفكرة.
عيوب توسيعِ العمل
توسيع فكرة العمل على عدة مهام وظيفية في نفس الوقت تحمل بعض العيوب.
من ضمن هذه العيوب:
- انخفاض الكفاءة
عندما يؤدي الموظف عملًا واحدًا محددًا كل يوم، سيزيد ذلك -مع الوقت- من كفاءته وسرعته في أدائه، وهذه هي الفكرة التي يقوم عليها التخصص.
أما العمل على عدة مهام في نفس الوقت قد لا يعطي للعمل نفس القدر من الكفاءة والدقة التي يعطيها التخصص.

قد يؤدي توسيع مهام الموظف إلى زيادة ضغط العمل عليه، ما قد يؤدي في النهاية إلى شعوره بالاحتراق الوظيفي،
وعدم قدرته على تأدية مهامه بالصورة المطلوبة.
بالطبع سيؤثر ذلك سلبًا في نفسية الموظفين، وفي حبهم لبيئة العمل.
- زيادة التكاليف
في بعض الأحيان، قد يحتاج الموظفون إلى بعض التدريبات الإضافية لتمرينهم على أداء المهام الجديدة، وهو الأمر الذي قد يزيد العبء المالي على الشركة.
ما الفرق بين الإثراء الوظيفي وتوسيع العمل؟
يخلط بعض الناس بين فكرة إثراء العمل وتوسيع العمل، دعونا نناقش الفرق بينهما.
يمكن تعريف الإثراء الوظيفي على أنه إعادة هيكلة رأسية لوظيفة ما، وتلجأ إليه المؤسسات غالبًا للحفاظ على ولاء موظفيها وانتمائهم لها، وجعلهم يشعرون بأهميتهم واستحقاقهم، وبثقة الشركة في أدائهم.
إذن، فالإثراء الوظيفي هو شكل من أشكال الترقية للموظف؛ إذ يضاف إليه مهام ومسؤوليات جديدة كانت من اختصاص من يشرف عليه في السابق.
من مميزات هذه الفكرة:
- تنمية مهارات الموظفين، وتحسين أدائهم الوظيفي.
- زيادة معدل تحقيق الرضا الوظيفي.
- تقليل رتابة العمل.
- تقليل تحكم الرؤساء في عمل الموظفين، ما يعطي فرصة أكبر لهم في اتخاذ القرارات؛ وهو الأمر الذي يؤدي إلى توفير الوقت،
وزيادة شعور الموظف بالمسؤولية تجاه العمل.
توسيع فرص العمل
يرى بعض الأشخاص أن فكرة توسيع العمل ستؤدي إلى تقليل فرص العمل التي توفرها المؤسسة، لأن الموظف أصبح يؤدي مهامًا متعددة، كان من الممكن أن يؤديها غيره.
بالرغم من ذلك، فإن توسيع فرص العمل داخل المؤسسة هو أمر ضروري لتقدمها، ودليل على قوتها وازدهارها.
يمكن تحقيق ذلك عن طريق إنشاء عمل جديد داخل مؤسسة قائمة، أي: توسيع نطاق عمل المؤسسة، والاستعانة بموظفين جدد لديهم مهارات مميزة، يمكنها أن تضفي جديدًا إلى العمل القائم بالفعل.
ختامًا نقول، إن القضاء على الملل وتحفيز الموظفين من الأمور المهمة للغاية، التي يجب أن يحرص عليها القائمون على العمل،
من أجل تحقيق الرضا الوظيفي وزيادة الإنتاجية.
يمكن تحقيق ذلك بعدة طرق منها فكرة توسيع العمل، ولكن يجب أن يختار مديرو الموارد البشرية الطريقة التي تناسب كل موظف على حدة، إذ ربما لا تناسب هذه الفكرة جميع الأشخاص، وقد تسبب عبئًا إضافيًا عليهم.