حاجات الطفل النفسية | ماذا تريد ابنتي؟

“أنت أمٌ قاسية!”
“فاجأتني صغيرتي بعبارتها الصادمة تلك. جاءت إليَّ تشكي من أخيها كعادتها، وتبكي. وعندما رفضت احتضانها -بسبب انشغالي في الأعمال المنزلية-، كان هذا ردها.
أنا لم أقصر في حقها، فكل ما تطلبه من طعام أو شراب أو ملبس أو ألعاب متوفر. لديها منزل نظيف مرتب، وطعام ساخن لكل وجبة، فماذا تريد أكثر؟”
تلك حال كثير من الأمهات، لا يعرفن أن حاجات الطفل النفسية، أهم لديه أحيانًا من الطعام.
أتت الأم المسكينة إليَّ باكية، تجر جسدًا أُنهك من أعمال المنزل، وتحمل روحًا ثكلى من كلمة ابنتها.
أعددت العدة لمساعدتها…
فتابعوا معي لتعرفوا كيف ساعدتها!
حاجات الطفولة… ماذا يريد طفلي؟
عزيزتي الأم المنهكة…
هل ترغبين أن تربي أبناءك بتوازن، فلا تقصير ولا تفريط؟
دعيني أوضح لك أن طفلك بشر. لذا؛ لديه حاجات أساسية مثل كل الناس، وإلى جانبها حاجات الطفولة المميزة لهذه المرحلة الفريدة في عمره.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
إذًا؛ ما حاجات الطفولة؟
1- حاجات أساسية
- المأكل والمأوى. ككل البشر يحتاج طفلك إلى الطعام، والشراب، والمسكن. “أساسيات” قد لا يقدر بعض الآباء على توفيرها لرقة حالهم، فالحمد لله عليها.
- الأمان الجسدي. الأطفال -بطبيعة الحال- ضعاف جسديًّا، ولا يستطيعون حماية أنفسهم. لذا؛ يلجأون لآبائهم ليكونوا مصدر الحماية من الخطر.
ويلٌ لآباء صاروا الخطر الذي يهدد أطفالهم، كما نرى من أشكال العنف الجسدي في بعض الأسر.
- الأمان العاطفي والحب. لا يستوعب عقل الطفل المشكلات الصغيرة، فيصاب بالإحباط ويسارع بالبكاء؛ لذا، يجب أن يلقى الحب غير المشروط من والديه ليشعر بالأمان، وينضج عقله دون مشكلات نفسية.
- الاستقرار الأسري داخل أسرة تفهمه وتحترمه، وفي ظل والدين متوافقين، عَرفا أصول التربية السليمة.
- التعليم الجيد. لا يقصد به المدارس باهظة التكاليف، بل يقصد به التعليم في حدود الإمكانيات المتاحة، مع دور الوالدين في تعليم الطفل مهارات الحياة الأساسية.
2– متطلبات النمو
من حاجات الطفولة المميزة، حاجة طفلك لدعمه في أثناء نموه العاطفي والنفسي والاجتماعي، ومساعدة طفلك على بناء مهارات عديدة، منها:
- مهارات اجتماعية. ليتمكن من الاندماج في المجتمع بشكل سليم، ويوصل أفكاره ورغباته. لذا؛ قدمي له قدوة حسنة في مهاراتك الاجتماعية، فطفلك يتعلم منك.
- مهارات ذاتية. علمي ابنك كيف يحقق سعادته، ويتحمل صعوبات الحياة، وينمي قدرته في حل المشكلات.
- مهارات العمل. أعدي ابنك لوظيفة المستقبل، ليس باختيارها له، بل علميه كيف يختارها ويعرف أنها مناسبة له.
- مهارات الانضباط الذاتي. ليس بالقوانين الصارمة ينصلح الأطفال، بل بإيقاظ ضمائرهم كرقيب على أعمالهم. علمي ابنك كيف يرى الحق حقًّا ويتبعه، وكيف يرى الباطل باطلًا ويتجنبه.
لتحقيق حاجات الطفولة، يحتاج طفلك إلى أن تقسمي وقتك وجهدك في كل تلك الجوانب، فليس بالطعام وحده يحيا الإنسان.
حاجات الطفل النفسية والاجتماعية

تتنوع حاجات الطفولة -كما رأيتِ-، لذا؛ نلقي بعض الضوء على بعض تلك الحاجات التي قد تلهينا عنها الحياة؛ ألا وهي حاجات الطفل النفسية والاجتماعية.
إشباع تلك الحاجات يسهم في تنشئة أطفال أسوياء على كل الأصعدة، ولكن إهمالها أو التغاضي عنها يضر بمشاعر الطفل ونموه النفسي والاجتماعي.
حاجات الطفل الاجتماعية
مثل: تعلم المهارات اللازمة للتواصل مع الآخرين، وحل المشكلات، وتعلم الأخلاق.
يتعلم الطفل تلك المهارات بالتفاعل مع أسرته، فتنمو لديه تلك المهارات وتتحسن مع الوقت.
اهتمي بحاجات طفلك الاجتماعية، بتنمية بعض المهارات الاجتماعية، التي منها:
1– مهارات التواصل الجيدة
مائدة الطعام والحديث المشوق، كم اشتقت لهذا التجمع الأسري!
لا تدعي الحياة تلهيك عن الحديث مع طفلك والاستماع له، فهذا ينمي مهارات التواصل لديه.
كذلك تُسهم المدرسة أيضًا في تنمية مهارات التواصل لدى الطفل، فيتأثر بالأطفال والمدرسين من حوله.
2– حل المشكلات
لا تطعمني سمكة، بل علمني كيف أصطادها!
قدمي لطفلك النصح بخصوص المشكلات التي يواجهها، واتركي لعقله العنان ليفكر في حلها، ثم ناقشي معه تلك الحلول وإمكانية تطبيقها.
تؤدي المدرسة أيضًا دورًا في تنمية مهارات حل المشكلات لدى الأطفال.
3– تعلم الأخلاق
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
لا تتركي المجتمع يعلم أخلاقه لطفلك، بل علميه أنتِ أخلاقك، وكوني قدوته الصالحة.
لكم نشتكي أن أطفالنا تعلموا سلوكًا سيئًا من شخص ما أو أصبحوا يقلدون تصرفات آخر، فأين نحن من القدوة الصالحة، والأخلاق الحميدة المعِينة لأطفالنا على شق طريقهم السليم في هذه الحياة!
الحاجات النفسية للطفل وكيفية إشباعها

لا يستطيع عاقل أن ينكر أن الحب أهم حاجات الطفل النفسية، أن يشعر الطفل بحبك غير المشروط له فلا يتعلق ذلك بشكله أو تصرفاته أو مستواه العقلي والدراسي.
وإلى جانب الحب غير المشروط، توجد بعض الحاجات النفسية للطفل التي يجب الاهتمام بها، ومنها:
1– الحاجة إلى توجيه حياته والسيطرة عليها
وظيفتنا كآباء أن نعطي الطفل مفاتيح الحياة ونتركه يطرق الأبواب ويجرب تلك المفاتيح بنفسه.
وذلك رغبةً في إنشاء طفل قوي نفسيًّا، لا يلعب دور الضحية، ولا يجهل من أين تأتيه ضربات الحياة فينهار تحتها!
أشبعي تلك الحاجة بتحقيق التوازن التربوي، بدون تسلط زائد أو حماية زائدة. زودي طفلك بالنصائح، وأطلقي يده في الحياة، وأكدي له أنك تحبينه وتدعمينه مهما حدث.
2- الحاجة إلى حماية احترام الذات
من أهم حاجات الطفل النفسية بعد الحب، حماية احترامه لذاته؛ فتحطم احترام الطفل لذاته يؤدي إلى معاناته النفسية التي ربما تتطور إلى عِلل نفسية يصعب حلها.
أشبعي حاجته لاحترام الذات؛ وذلك بتقليل الانتقاد الموجه إلى شخصه، وأوضحي له أن نقدك موجَّه لسلوكه وتصرفاته وليس له! كذلك قللي العبارات السلبية كلما تسنى ذلك واحرصي على توجيهه بعبارات إيجابية.
3- الحاجة للمتعة وتجنب التوتر
فِطرةٌ جُبل الإنسان عليها، فنحن بطبعنا نحب الاستمتاع بالحياة وتجنب التوتر.
من المهم أن تعلمي طفلك تأجيل رغبته في المتعة، وتجنب الألم، وأن يتعلم الامتنان لما لديه. يعلمه هذا ألا يشعر بالتوتر عند عدم حصوله على مكافأة لحظية، وأن السعادة قد تأتي متأخرة.
4- الحاجة للملاذ العاطفي الآمن “التعلق”
حاجة الطفل للملاذ الآمن ومعرفته بوجود من يخفف عنه في الأوقات العصيبة، يجعله يهدئ من توتره سريعًا عندما يجد الأمان في ملاذه هذا، ومن ثَم يعاود نشاطه من جديد.
أشبعي رغبة طفلك في الملاذ الآمن، بأن تكوني متاحة له نفسيًّا وجسديًّا عندما يشعر بالتوتر أو التهديد أو الخطر، ليعلم أنه ليس بمفرده فيتعلم كيف يهدأ بسرعة.
بعد أن تعرفنا إلى بعض الحاجات النفسية للطفل وكيفية إشباعها، نتعرف إلى بعض الآثار السلبية المترتبة على عدم إشباع حاجات الطفل النفسية وغيرها.
نتائج عدم إشباع حاجات الطفل النفسية

نرغب كثيرًا في إسعاد أطفالنا، ونبذل قصارى جهدنا في إشباع رغباتهم.
ولكن، هل نفعل ذلك لأننا نعوض نقصًا بداخلنا من طفولتنا؟
ذلك النقص جعلنا نشعر بنتائج عدم إشباع حاجات الطفل؛ فبسبب اختلاف شخصيات الأطفال ومدى تأثرهم بمحيطهم، تختلف نتائج عدم الإشباع لرغباتهم؛ بين طفل يتأثر بشدة ويعاني نفسيًّا، وطفل لا يتأثر لدرجة كبيرة.
نتائج إهمال حاجات الطفل النفسية عديدة، منها:
- الاكتئاب والتوتر.
- اللا مبالاة والفشل.
- فرط النشاط وأحيانًا العنف.
- قلة الثقة بالنفس، والانسحاب من العلاقات والصداقات.
- تجنب التقارب العاطفي.
عزيزتي الأم الواعية….
تقسيم وقتك بنجاح بين حاجات الطفل النفسية وحاجاته الأخرى، يساعدك على إحداث توازن بين حاجات أطفالك وبين رغباتك الشخصية.
تذكري أن أطفالك يحتاجون أمًّا سعيدة، وليس أمًّا منهكة طوال الوقت.
لا تقدمي تضحيات لم تطلب منك، وبعدها تلومين الآخرين على عدم تقديرك! خططي لحياتك بوعي، وازرعي البهجة في نفسك؛ لتثمر في أطفالك.
نتمنى لك أمومة سعيدة وواعية!