حب الذات وكيفية الوصول إلى السلام الداخلي

كيف ترى نفسك في المرآة كل صباح؟
بماذا تخبرها؟
هل أنت راضٍ عن وزنك أو مظهرك وكيف تبدو؟
وماذا يتبادر إلى ذهنك عند سماعك مصطلح حبِّ الذات؟
إذا كانت إجابتك على هذا السؤال هي الأنانية أو النرجسية، فاسمح لي أن أقول لك أنك مخطئ تمامًا، وربما حان الوقتَ لتفهمَ ذاتك وتقدّر احتياجها، وتفهمَ دورك تجاه هذه النفس البشرية التي ميزها الله عن سائر المخلوقات.
سيحدثك هذا المقال عن المقصود بحب الذات، وكيف يكون حب الذات المفرط؟ وما هي المعوقات التي تقف حائلًا بينك وبين نفسك؟ وكيف تحقق هذا الحب؟
فتابع القراءة.
ما هو حب الذات؟
حب الذات هو حالة من تقدير النفس، فتكون على دراية بما تشعر به تجاه نفسك، وتتعامل مع نقاط قوتك بشكل أفضل وكذلك تحترم نقاط ضعفك، وتتقبل نواقصك، وتسلك كل السبل لتحقيق السلام النفسي.
أمَّا الأنانية فهي حب النفس الزائد الذي يصل إلى الغرور والتعالي، وهي صفات غير مرغوب بها وليست مقصد الحديث هنا.
أهمية حب الذات
نتعرض كل يوم لكمٍ هائل من ضغوط الحياة، ونعاني من المسؤوليات التي تثقل كاهلنا، وقد نتأثر سلبًا برأي أحدهم تجاهَ مظهرنا أو أي عمل نقوم به، فيعكّرُ صفو يومنا.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ونادرًا ما يكون لدينا الوقت للجلوس والتفكير بأنفسنا، بل ربما ننظر في المرآة ولا نحب ما نراه.
لا يعرفك أحد أكثر من ذاتك، تعرف جيدًا مشاعرك وما يجول بخاطرك، لذا فتأثيرك على نفسك أقوى من أي شيء آخرَ في بيئتك.
فإذا كان هناك شخص يعاملك بسوء فربما تأمل أن تتخلصَ منه وتخرجَه من حياتك بلا رجعة، لكن ماذا لو كان هذا الشخص هو أنت؟!
معوقات حب الذات

قبل أن نتحدث عن الأدوات التي تساعدك على حب الذات، دعنا أولًا نتجول داخل أنفسنا، ونبحث عن المعوقات التي تحول بيننا وبين حبها، سواء كنا مدركين لتلك المعوقات أم لا.
السعي للمثالية
لا يختلف اثنان على أنه لا أحدَ مثالي تمامًا، وأن الكمال صفةُ ألوهيةٍ فقط، ومع ذلك فإننا على مستوى اللاوعي نسعى دائمًا إليه، فنحاول أن نكون: الأم المثالية، والزوجة المثالية، والأب المثالي وكذلك الموظف المثالي.
فالساعي للمثالية يريد أن يفعل كل شيء على الوجه الأمثل، فتصبحُ أبسط الأخطاء غيرَ مرغوب فيها وتُشعره بالإحباط، وهذا يقودنا إلى المعوق الثاني واللصيق بحب المثالية أيضًا.
جلد الذات
دائما ما يقولون إن الأخطاء هي فرص للتعلم، فيكون انتقاد الشخص لنفسه مفيدًا عندما يحاول التغلب على نقاط ضعفه أو عاداته غيرِ المرغوب فيها، ولا ضررَ من ذلك.
ولكن ماذا لو أصبح انتقاد الذات حاجزًا يمنع صاحبه من المخاطرة أو الإيمان بقدراته الخاصة؟
وغالبًا ما يميل الأشخاص الذين ينتقدون أنفسهم بهذه الطريقة إلى بناء تقديرهم لذاتهم على تصورات الآخرين وما يشعرون به تجاههم.
وقد ينظر هذا الشخص إلى النجاح على أنه فشل، فعلى سبيل المثال يحصل الطالب على 98% في اختبارٍ ما ولا زال يشعر بالفشل، إذ يكون لديه اعتقاد راسخ بأن أي شيء أقلَ من الدرجة النهائية يشكل فشلاً.
السعي لإرضاء الجميع
قد يسعى بعض الأشخاص إلى إرضاء الآخرين طوال الوقت حتى ولو على حساب أنفسهم، وقد يرجع هذا السلوك إلى الطفولة.
فعلى سبيل المثال إذا نشأ الطفل في بيئة دائمة الانتقاد، قد يتولد لديه شعور بأنه غير كافٍ، فيلازمُه هذا الشعورُ عندما يكبر وتجده يسعى دائمًا إلى إرضاء الجميع حتى وإن كان هذا ضدَّ قناعاته الشخصية.
كيف تحقق حب الذات؟

يمكنك تحقيق حب الذات من خلال بعض الممارسات التي يمكنك اتباعُها وتكرارُها حتى تعتاد عليها، منها:
الاهتمام الجيد بنفسك
تتكون الذات البشرية من أربع جوانب أساسية وهي النفس والعقل والروح والجسد، وتغذية كل جانب منهم ينعكس بشكل مباشر على صحتنا النفسية.
ودعني هنا أسألك سؤالًا وفكِّر فيه مليًا؛ ما هي الرسائل التي توصلها لجسدك كل يوم؟ لا تعجب يا صديقي فالطريقة التي تعامل بها جسدك ما هي إلا رسائل توصلها له.
لكي تتضحَ لك هذه الفكرة دعني أسألك هل تفعل أشياء بسيطة مثل شرب كوب من العصير على جرعة واحدة بسبب تأخرك عن موعد هام؟ هل تربط الحذاء كل صباح على عجل وأنت على الدَّرج؟
ماذا سيكون رد فعلك إذا وجدت ضيفك يفعل هذا الأمر في أثناء زيارته لك، هل ستتركه، أم ستحضر له كرسيًا حتى يفعل ذلك على مهل؟
فكما أن ضيفك هامًا، فجسدك أولى بهذا الاهتمام.
أطفئي التلفاز، أو أغلقي الهاتف لتتمتعي ببعض التركيز في أثناء ترطيب بشرتك أو تدليك قدميك، ومتّعي جسدك ببعض رفاهية الزائرين.
قد تعجب من كلامي، لكن صدقني هذه الأفعال البسيطة التي لن تكلفك إلا بضع ثوان؛ عندما نفعلها ونحن مدركين لها فإننا نبعث رسائل لأجسادنا أنها تستحق الاهتمام والعناية.
ويتحقق الاهتمام بالجسد كذلك بالحرص على تناول الغذاء الصحي، وممارسة الرياضة بصورة منتظمة، وكذلك الحرص على نيل القسط الكافي من النوم.
اقرأ أيضًا عن: تأثير الرياضة على الصحة النفسية.
كن إيجابيًا

تحدث إلى نفسك دائما بإيجابية، ولا تسمح للأفكار السلبية أن تنال منك حتى في أصعبِ الظروف، فإذا واجهت مشكلة في عملك، لا تقل: “أنا لست ذكيًا بما يكفي للتعامل مع هذا الموقف”، بدلاً من ذلك قل لنفسك “هذا موقف صعب، لكن لدي القدرة على التعامل معه”.
إذا عاملتِ ابنك بقسوة في موقف ما؛ لا تحدثي نفسك آخر اليوم بأنك أم فاشلة ولا تسمحي للشعور بالندم أن يتملككِ، حدثي نفسك أنه يجب أن تتحكمي بغضبك وأنك ستكونين أكثر هدوءًا في المرة المقبلة.
اسأل نفسك في كل موقف سلبي يمر بك عن الشيء الجيد والإيجابي بهذا الموقف، فممارسة الإيجابية من أهم المقومات التي تعزز حب النفس.
ولا يعني ذلك أنك لن تشعر بالحزن أو الإحباط أحيانًا، ستمر عليك لحظاتٌ من القلق والضيق وهذا أمرٌ طبيعي، لكن المشكلة تكمن في أن تدع تلك المشاعر تطول أكثر من اللازم لتمنعك من المضي قدمًا، وتقف عائقًا أمام ما يمكنك تحقيقه.
تخلص من العلاقات المؤذية
الهدف من العلاقات الإنسانية هو تحقيق الأمان والأنس والاهتمام، إذا كان هناك أي شخص ممن حولك يسبب لك الإحباط، أو يشكل عبئًا نفسيًا بدلًا من الراحة؛ فربما تحتاج لأن تُخرجه من حياتك.
ولا تحط نفسك إلا بأشخاص يحبونك ويشجعونك باستمرار، فالحياة قصيرة جدًا وعليك أن تعيشها بسلام.
افعل شيئًا تجيده

ممارسة هواية مفضلة هي المتنفس لتفريغ طاقتك السلبية والتخلص من ضغوطاتك وهمومك اليومية، فالأشخاص الذين يملكون هواياتٍ ويمارسونها بانتظام هم أكثر سعادة ومرحًا، وبالطبع يتمتعون بقدر كبير من مشاعر حب الذات.
اخرج من منطقة الراحة الخاصة بك وجرّب شيئًا جديدًا، فليس هناك أقوى من الشعور الذي تحصل عليه عندما تدرك أنك حققت شيئا لم تكن تعتقد أنه يمكنك فعله من قبل .
ركن السلام

حدد لنفسك مكانًا تلجأ إليه عندما تشعر بالضيق والحزن، مكانًا تشعر فيه بالاطمئنان سواءً كان خارج المنزل أو حتى مقعدًا في البيت، بعيدًا عن التلفاز أو الهاتف أو الأطفال، استرخِ، وركز على أنفاسك وصفِّ ذهنك من أفكارك، أنت وفقط.
معاملة الجميع بالحب والاحترام
يجب دائمًا أن نعامل الجميع بالطريقة التي نحب أن يعاملونا بها، وبالطبع معاملة الجميع بالحب والاحترام تجعلنا نشعر بالسعادة والرضا عن أنفسنا.
وهذا لا يعني أن الجميع سيردون لك المعاملة بالمثل، ولكن تذكر دائمًا أن هذه مشكلتهم وليست مشكلتك.
لا تجعل الصور تخدعك
لا تقارن نفسك بالآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ترى الصور التي تعكس الحياة على أنها النعيم بذاته وترى الجميع سعيدًا، فيصيبُك الاكتئاب وعدم الرضا عن حالك.
هذا العالم الموازي خادع جدًا ولا يبين الصورة كاملة، كن واقعيًا واعلم أنه لا يوجد على هذه الأرض من يتمتع بالسعادة في كل لحظة، تعرف لماذا؟
لأننا جميعا بشر؛ نرتكب أخطاءً وتمر علينا جميع المشاعر الجيدة والسيئة وهذا أمر جيد. فاسمح لنفسك أن تكون إنسانًا.
وتذّكر أن حب الذات يتطور مع الوقت، إنه فعل تحتاج لممارسته يوميًا، ويمكن أن يستغرق عمرك جله لإتقانه، لذا اصبر على نفسك ولا تقس عليها وكن أولَ الداعمين لها في الأوقات الصعبة.
جزاكم الله خيرًا ، مقال مفيد بالنسبة لي.
مقال يؤدي الى الطريق الهادئ للسلام الداخلي وماينقصه هو العمق الروحي وربط الفعل العملي بالمشاعر المترتبة على دلك ومدى المنفعة على ارض الواقع…. نتمنى ان تعطوا مقالا المرة القادمة وشرح دقيق لبعض الافعال المؤدية كجلد الدات والسعي الى المثالية وممعناها وكيف يراها معضم افراد المجتمع.. لانه باختلاف فهم الكلمة يختلف فهم المعنى.