حل المشكلات | فن إدارة الأزمات

“لقد تأخرت، ما هي أسرع طريقة للوصول إلى العمل؟”…
“أين يجب أن أضع سيارتي؟”…
“إنه يوم ميلادها، أي هدية سأختار؟”…
يشكل حل المشكلات جزءًا كبيرًا من حياتك اليومية، ويعمل عقلك آليًا على حلها، وإن لم تدرك ذلك.
تعتمد المؤسسات على الأشخاص الذين يمكنهم التعامل مع المواقف الصعبة -أو غير المتوقعة- في مكان العمل، بالإضافة إلى تحديات الأعمال المعقدة.
ويقدِّر أصحاب العمل الأفراد الذين يمكنهم الوثوق بهم لتحديد الحلول، ثم تنفيذها بأسرع ما يمكن، وبفاعلية ودقة.
وبينما يقدِّر أصحاب العمل مهارات حل المشكلات، فهي مفيدة أيضًا في مجالات أخرى من الحياة، مثل بناء العلاقات واتخاذ القرارات اليومية.
في هذا المقال، ستتعرف إلى طريقة حل المشكلات التي تواجهك، وكيفية حل المشكلات بطريقة إبداعية. فتابع معنا، لتواجه مشكلاتك بحكمة وصبر…
ما هي المشكلة؟
تُعرَّف المشكلة على أنها “مسألة صعبة تتطلب حلًا، أو شيء يصعب فهمه، أو إنجازه، أو التعامل معه”.
نتعرض باستمرار لفرص في العمل أو المدرسة أو المنزل. ومع ذلك، يُفقَد كثير منها، أو لا يُستفاد منها بشكل كامل، وغالبًا ما نكون غير متأكدين من كيفية الاستفادة من هذه الفرص.
تود الحصول على المزيد من المقالات المجانية على ترياقي؟ اشترك الآن ليصلك كل جديد!
ومن طبيعة البشر ملاحظة المشكلات الصغيرة التي يسهل حلها والتركيز عليها، ولكن من الصعب جدًا العمل على المشكلات الكبيرة التي قد تسبب بعض المشكلات الأصغر.
لذلك، إذا واجهت مشكلة، اسأل نفسك: هل المشكلة حقيقية أَمْ مفتعلة؟ وهل هذه المشكلة حقا فرصة؟
مهارة حل المشكلات
في علم النفس المعرفي، يشير مصطلح “حل المشكلات” إلى العملية العقلية التي يمُرُّ بها الناس لاكتشاف المشكلات، وتذليل العقبات، وإيجاد أفضل الحلول الممكنة.
ونعني بالمشكلات كل المشكلات، من الصغيرة (مثل حل معادلة رياضية) إلى الكبيرة (مثل التخطيط لمستقبلك المهني).
ويقتضي ذلك تغيير الحالة التي عليها المشكلة إلى حالة جديدة تُسهِّل الوصول إلى الحل الملائم.
وتُعَدُّ مهارة حل المشكلات إحدى أكثر الوظائف الفكرية تعقيدًا، لأنها عملية معرفية عالية المستوى، تتطلب تعديل المهارات الأساسية والتحكم فيها.
عوائق حل المشكلات
“الصعوبات هي فرص لأشياء أفضل؛ إنها نقطة انطلاق لحلول أفضل. وكقانون طبيعي يحقق التوازن، عندما يُغلَق بابٌ، يُفتَح آخر”.
(بريان آدامز)
وصف الباحثون عددًا من العوائق التي يمكن أن تتداخل مع قدرتنا على حل مشكلة ما بسرعة وكفاءة، وأهمها:
- الثبات الوظيفي
وهو الميل إلى عرض المشكلات بالطريقة المعتادة فقط، مما يمنع رؤية جميع الخيارات المختلفة التي قد تكون متاحة للعثور على حل.
- معلومات غير ملائمة أو مضللة
عندما تحاول حل مشكلة ما، من المهم التمييز بين المعلومات ذات الصلة بالمسألة، والمعلومات غير ذات الصلة، والتي يمكن أن تؤدي إلى حلول خاطئة.
- الافتراضات
عند التعامل مع مشكلة ما، غالبًا ما يضع الناس افتراضات حول القيود والعقبات التي تمنع حلولًا معينة، وهذه الافتراضات قد لا تمت للواقع بصلة.
- حلول الماضي
يميل الناس إلى استخدام الحلول التي نجحت في الماضي -فقط- بدلًا من البحث عن أفكار بديلة. وبالرغم من كونها أداة مفيدة لحل المشكلات، إلا أنها تؤدي إلى عدم المرونة، مما يزيد من صعوبة إيجاد حلول فعالة.
العمليات العقلية في أثناء حل المشكلات
“غالبًا ما تكون صياغة المشكلة أكثر أهمية من حلها”.
(ألبرت أينشتاين)
مما لا شك فيه أن العقل هو أداة حل المشكلات، حيث يقوم بعدد من العمليات العقلية، وتشمل:
- إدراك المشكلة ووصفها.
- تخزين المشكلة في الذاكرة.
- النظر في المعلومات ذات الصلة، والتي تنطبق على المشكلة الحالية.
- تحديد الجوانب المختلفة للمشكلة.
استراتيجيات حل المشكلات واتخاذ القرارات
عمل علماء النفس على استنباط استراتيجيات مجربة لحل المشكلات، نلخصها في ما يلي:

الخوارزمية هي إجراء خطوة تلو خطوة، تنتهي إلى حل سديد.
بينما تضمن الخوارزمية إجابة دقيقة، فهي ليست -دائمًا- أفضل طريقة لحل المشكلات، إذ أنها ليست عملية في العديد من المواقف لأنها قد تستغرق وقتًا طويلاً.
- الاستدلال (Heuristics)
الاستدلال هو آلية استنتاج منطقي لفرضية تُعَدُّ صحيحة. وعلى عكس الخوارزميات؛ لا يضمن الاستدلال دائمًا الحل الصحيح.
لكن استخدامه يسمح للأشخاص بتبسيط المشكلات المعقدة، وتقليل العدد الإجمالي للحلول الممكنة إلى مجموعة أكثر قابلية للإدارة.
- التجربة والخطأ (Trial and Error)
يتضمن منهج التجربة والخطأ لحل المشكلات تجربة عدد من الحلول المختلفة، واستبعاد الحلول التي لا تجدي.
يمكن أن يكون هذا النهج خيارًا جيدًا إذا كان لديك عدد محدود جدًا من الخيارات المتاحة.
أما إذا كانت لديك خيارات مختلفة، فمن الأفضل لك تضييق الخيارات الممكنة باستخدام تقنية أخرى لحل المشكلات، قبل محاولة التجربة والخطأ.
- البصيرة (Insight)

في بعض الحالات، يمكن أن يظهر حل المشكلة كبصيرة مفاجئة.
وفقًا للباحثين، يمكن أن تحدث البصيرة لأنك تدرك أن المشكلة تشبه في الواقع شيئًا تعاملت معه في الماضي. ولكن في معظم الحالات، تحدث العمليات العقلية الأساسية التي تؤدي إلى البصيرة خارج نطاق “الوعي”.
خطوات حل المشكلات

يشير الباحثون إلى أن كل طُرُق حل المشكلات تتبع دورة محددة ذات خطوات متعاقبة، حتى وإن لم تُعرَف مسمياتها.
وليس من الضروري اتباع خطوات حل المشكلات بالتتابع؛ فمن الشائع تخطي إحداها، أو حتى الرجوع للخلف عدة مرات، حتى يمكن الوصول إلى الحل المطلوب.
تشمل الخطوات التالية تطوير استراتيجية حل المشكلات:
- تحديد المشكلة وتعريفها
على الرغم من أنها قد تبدو خطوة واضحة، إلا أن تحديد المشكلة ليس دائمًا بهذه البساطة التي تبدو عليها؛ فتحديدك -خطأً- لمصدر المشكلة يجعل محاولات حلها غير فعالة، أو غير مجدية.
- تشكيل استراتيجية
طوِّر استراتيجية خاصة لحل المشكلة، وسوف يختلف منهج هذه الاستراتيجية اعتمادًا على الموقف وتفضيلاتك الخاصة بك.
- تنظيم المعلومات
قبل التوصل إلى حل، تحتاج أولاً إلى تنظيم المعلومات المتاحة. حدِّد ماذا تعرف عن المشكلة، وما الذي لا تعرفه؛ فكلما توفر المزيد من المعلومات، كنت مستعدًا بشكل أفضل للتوصل إلى حل دقيق.
- تخصيص الموارد
ولأن الموارد محدودة، فقبل أن تبدأ في حل مشكلة ما، تحتاج إلى تحديد مدى أولويتها. فإذا كانت مشكلة مهمة، فمن المفيد تخصيص المزيد من الموارد لحلها. وإن كانت غير ذلك، فوفر مواردك لمعارك أكثر أهمية.
- مراقبة التقدم
يميل حل المشكلات الفعال إلى مراقبة التقدم في أثناء الطريق نحو الحل. فإذا لم يتحقق تقدم جيد نحو الوصول إلى الحل، فعليك إعادة تقييم منهجك، أو البحث عن استراتيجيات جديدة.
- تقييم النتائج
بعد الوصول إلى الحل، ينبغي لك تقييم النتائج لتحديد ما إذا كان هو أفضل حل ممكن للمشكلة.
قد يكون هذا التقييم فوريًا (مثل التحقق من نتائج مشكلة الرياضيات للتأكد من صحة الإجابة)، وقد يتأخر (مثل تقييم نجاح برنامج علاج بعد عدة أشهر من تلقي العلاج).
ولمعرفة كيف تواجه التحديات اليومية، اقرأ هذا المقال.
وتذكر يا عزيزي…
أن حل المشكلات في الوقت المناسب أمر ضروري. وأن الاعتماد على الذات واحد من أهم المهارات لمَنْ يحلون مشكلاتهم.
وأن حل المشكلات في مواقف العالم الحقيقي يتطلب قدرًا كبيرًا من الحيلة والمرونة، والفراسة والتفاعل المستمر مع البيئة.